طرحت المجموعة العربية خلال مؤتمر عام 2015 لمراجعة معاهدة منع الانتشار النووي، والذي عقد في نيويورك من 27 أبريل إلي 22 مايو 2015، مبادرة هدفت من خلالها تنفيذ قرار الشرق الأوسط الصادر عن مؤتمر مراجعة المعاهدة في 1995. ونص هذا القرار، الذي تستهدف المجموعة العربية تنفيذه، علي إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط من خلال المطالبة بعقد مؤتمر دولي يدعو إليه السكرتير العام للأمم المتحدة، وتشارك فيه الدول الأعضاء في الشرق الأوسط، وبحيث يترك للدول الأعضاء حرية اتخاذ قرارها في المشاركة في هذا المؤتمر إن ارتأت ذلك علي أن تشارك فيه أيضًا الدول الراعية للقرار وهي : الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وروسيا. وطالبت المبادرة العربية سكرتير عام الأممالمتحدة أن يعقد هذا المؤتمر خلال ستة أشهر من تاريخ انتهاء أعمال مؤتمر المراجعة التي اختتمت أمس 22 مايو الجاري، وبحيث يطلق المؤتمر عملية تفاوضية ممتدة بين دول المنطقة التي توافق علي حضور المؤتمر، وبحيث تنتهي هذه العملية التفاوضية إلي اتفاق الدول علي إعداد معاهدة إقليمية ملزمة قانونًا يتم بمقتضاها إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، بما يدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، ويخلصها من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد البشرية بأسرها، وبما يتفق مع ما تنص عليه بنود معاهدة الانتشار النووي التي تطالب بإنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية، وأسوة بالعديد من النماذج الناجحة التي استطاعت أن تخلي منطقتها من الأسلحة النووية سواءً في أفريقيا 'معاهدة بليندابا' أو في أمريكا اللاتينية 'معاهدة تلاتيلكو' أو في جنوب آسيا 'معاهدة راراتونجا'. ويشير المحرر الدبلوماسي لوكالة أنباء الشرق الأوسط الي أنه ورغم حصول المبادرة العربية علي موافقة الدول الأعضاء في المؤتمر بل وتحمسها لهذه المبادرة باعتبارها لا تطالب سوي بعقد مؤتمر علي غرار العديد من المؤتمرات التي تعقد تحت رعاية الأممالمتحدة، إلا أن دولاً محدودة للأسف كالولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا رفضت هذه المبادرة، وأصرت علي تضمينها بعض المشروطيات بحيث تكون قادرة علي تأجيل عقد هذا المؤتمر أو إنهاؤه إن هي أرادت، الأمر الذي كان محل استغراب وتحفظ العديد من الدول التي أبدت عدم ارتياحها من الازدواجية وتطبيق معايير مختلفة لموضوع يرتبط بأمن واستقرار الشرق الأوسط. وتساءل الرأي العام المصري عن دوافع اتخاذ مثل هذه المواقف غير المبررة وغير المنطقية في وقت دقيق تشهده منطقة الشرق الأوسط ويتطلب دون شك أن يتحمل المجتمع الدولي مسئولياته وبكل وضوح لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، كما تساءل عن الأسباب الحقيقية التي تدفع بعض الدول إلي تضمين المبادرة العربية مشروطيات لضمان السيطرة علي العملية التحضيرية لعقد المؤتمر بل والمؤتمر ذاته وهو ما نستغربه بل ونرفضه باعتباره لا يعكس ما تردده هذه الدول من أنها حريصة علي تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ويؤكد المحرر الدبلوماسي للوكالة أن مصر والدول العربية مجتمعة سعت علي مدار أربعة عقود لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. وكانت الدول العربية قد وافقت عام 1995 علي التمديد اللانهائي لمعاهدة منع الانتشار النووي علي أساس أن يكون في مقابل ذلك قرار صادر عن مؤتمر المراجعة يطالب بإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، إلا أنه علي الرغم من مرور 20 عاما علي صدور هذا القرار، فإن بعض الدول الراعية للقرار تقاعست عن القيام بأداء مسئولياتها في تنفيذه، والأكثر من ذلك أنها أضاعت فرصًا حقيقية لرفضها للمبادرة العربية والتي كانت الأقرب لاعتمادها في المؤتمر الذي أنهي أعماله أمس.