أكد إعلان شرم الشيخ الصادر عن القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين، في شرم الشيخ، محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي. وشدد الاعلان علي أن التأييد العربي التاريخي للقضية الفلسطينية سيظل قائما حتي يحصل الشعب الفلسطيني علي كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية ووفقا لمبادرة السلام العربية. ودعا الاعلان إلي ضرورة صياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، مع الاحتفاظ بكافة الخيارات المتاحة، بما في ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومي العربي، والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا. وطالب المجتمع الدولي بدعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، وشدد علي ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية. وفيما يلي نص إعلان شرم الشيخ: نحن قادة الدول العربية، المجتمعين في الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية علي مستوي القمة في مدينة شرم الشيخ يومي 28و29 من مارس الجاري والتي كرست أعمالها لبحث التحديات لمجابهتها بما يحفظ وحدة التراب العربي ويصون مقدراته وكيان الدولة، والعيش المشترك بين مكوناته في مواجهة عددا من التهديدات النوعية وهو الامر الذي يتطلب تضافر جهودنا واستنفار امكانياتنا علي شتي الاصعدة، السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية: إذ نؤكد اعتزازنا بجامعتنا العربية في الذكري السبعين لإنشائها، فإننا نجدد التزامنا بمقاصد الزعماء والقادة المؤسسين، من ضرورة توثيق الصلات بين الدول الاعضاء، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، ومحافظة علي تراثها المشترك، والتي تجسدت في ميثاق جامعة الدول العربية 1945. وإذ ندرك أن مفهومنا للأمن القومي العربي ينصرف الي معناه الشامل، وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، من حيث قدرة الدول العربية علي الدفاع عن نفسها وحقوقها، وصيانة استقلالها وسيادتها وسلامة اراضيها، وتقوية ودعم هذه القدرات من خلال تنمية الامكانيات العربية في مختلف المجالات، استنادا الي الخصائص الحضارية والجغرافية التي تتمتع بها، وأخذًا في الاعتبار الاحتياجات الامنية الوطنية لكل دولة، والامكانيات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية التي تؤثر علي الامن القومي العربي. وإذ نستشعر أن الأمن القومي العربي قد بات تحت تهديدات متعددة الابعاد، فبنيان الدولة وصيانة اراضيها قد اضحيا محل استهداف في اقطار عربية عديدة، ونتابع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة في المنطقة العربية بمشروعات هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرع القضايا العربية من مضامينها وتمس في التنوع العرقي والديني والطائفي، وتوظفه في صراعات دموية برعاية اطراف خارجية ستعاني نفسها من تدمير كل موروث حضاري كان لشعوب المنطقة دور رئيسي في بنائه، فضلا عن التحديات التنموية والاجتماعية والبيئية، وازاء كل ما يحيط بالأمن القومي العربي من تهديدات وتحديات في المرحلة الراهنة تهدد المواطنة كأساس لبناء مجتمعات عصرية تحقق الرفاهية والازدهار لشعوبها كي تستعيد الأمة العربية مكانتها المستحقة، فإننا: نؤكد التضامن العربي قولا وعملا في التعامل مع التطورات الراهنة التي تمر بها منطقتنا، وعلي الضرورة القصوي لصياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، ونجدد تأكيدنا علي أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن اجابات علي الاسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن في هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البيئية وتنقية الاجواء. نجدد تعهدنا بالعمل علي تحقيق إرادة الشعوب العربية في العيش الكريم، والمضي قدما في مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة، وصون الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة العربية، وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وندرك اهمية تلك الأهداف كأدوات رئيسية وفاعلة تصون منظومة الأمن القومي العربي، وتعزز انتماء الانسان العربي، وفخره بهويته. ندعو المجتمع الدولي إلي دعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، كما نشدد علي ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، والتعاون القضائي، والتنسيق العسكري، مشددين علي حتمية الشمولية في الرؤية الدولية في التعامل مع الارهاب، دون انتقائية أو تمييز، بحيث لا تقتصر علي مواجهة تنظيمات بعينها، وتتجاهل أخري، خاصة أن كافة تلك التنظيمات يجمعها نفس الاطار الأيديولوجي، وتقوم بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والمقاتلين والسلاح فيما بينها، ونؤكد في هذا الاطار رفضنا الكامل لأي ربط لتلك الجماعات، أو ممارساتها بالدين الاسلامي الحنيف. ندعو كافة المؤسسات الدينية الرسمية في عالمنا العربي إلي تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها نحو التصدي للأفكار الظلامية، والممارسات الشاذة، التي تروج لها جماعات الإرهاب، والتي تنبذها مقاصد الأديان السماوية، وندعوها إلي العمل علي تطوير وتجديد الخطاب الديني بما يبرز قيم السماحة والرحمة وقبول الاخر، ومواجهة التطرف الفكري والديني ودحض التأويلات الخاطئة لتصحيح المفاهيم المغلوطة تحصينا للشباب العربي، كما نشدد في هذا السياق علي دور المثقفين والمفكرين العرب والدور الرئيسي لوسائل الإعلام العربية والقائمين علي المنظومة التعليمية في العالم العربي، بما يستهدف نشر قيم المواطنة والاعتدال. ندرك أن التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا نحتاج إلي استرسال في التوصيف بقدر الحاجة إلي اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لها، وقد تجلي ذلك بشكل ملموس في المنزلق الذي كاد اليمن أن يهوي إليه، وهو ما استدعي تحركا عربيا ودوليا فاعلا بعد استنفاد كل السبل المتاحة للوصول إلي حل سلمي ينهي الانقلاب الحوثي ويعيد الشرعية، وسيستمر إلي أن تنسحب الميليشيات الحوثية وتسلم أسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا. إذ نجدد تأكيدنا علي محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي، فسيظل التأييد العربي التاريخي قائما حتي يحصل الشعب الفلسطيني علي كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية ووفقا لمبادرة السلام العربية. أما في ليبيا فقد أورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2001 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا اثر انتشار وسيطرة قوة معادية لمفهوم الدولة الحديثة علي مناطق ليبية، فضلا عن تدخلات قوي خارجية تسعي لتوجيه مستقبل الشعب الليبي. كما يعاني العراق منذ عام 2003 من عمليات إرهابية ممنهجة أثرت سلبا علي قدرته في بسط سيطرته علي كامل أراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلا عن عنف في سوريا أنتج تطرفا، حوّلها إلي ساحة لصراعات إقليمية ودولية بالوكالة ما أفضي إلي غياب دور الدولة ومؤسساتها عن ربوع البلاد، وعدم قدرتها علي حماية شعبها والحفاظ علي سيادتها ووحدة أراضيها. نتعهد أن نبذل كل جهد ممكن وأن نقف صفا واحدا حائلا دون بلوغ بعض الأطراف الخارجية مآربها في تأجيج نار الفتنة والفرقة والانقسام في بعض الدول العربية علي أسس جغرافية أو دينية أو مذهبية أو عرقية حفاظا علي تماسك كيان كل الدول والعيش المشترك بين مواطنيها في إطار الدولة الوطنية الحديثة التي لا تعرف التفرقة أو تقر التمييز. نعقد العزم علي توحيد جهودنا والنظر في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية لصيانة الأمن القومي العربي في مواجهة التحديات الراهنة والتطورات المتسارعة، خاصة تلك المرتبطة بالممارسات الإجرامية لجماعات العنف والإرهاب والتي تتخذ الدين ذريعة لوحشيتها. ونؤكد في هذا السياق احتفاظنا بكافة الخيارات المتاحة، بما في ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومي العربي، والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا، وفقا لميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع المشترك، والشرعية الدولية وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال اليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادر عن هذه القمة. نؤكد ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وعلي انضمام إسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وكذا علي إخضاع جميع المرافق النووية لدول منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك إيران لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. نؤكد في هذا الإطار أن تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي، بما في ذلك استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبري، وتحقيق الأمن الغذائي ومبادرة السودان في هذا الشأن وكذلك التنمية المستدامة، والاستغلال الأمثل للموارد، وتضييق الفجوة الغذائية العربية، والإدارة المستقبلية للموارد المائية تحقيقا للأمن المائي العربي. نعرب عن شكرنا العميق لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ولشعبها العظيم علي حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ولحكومة جمهورية مصر العربية بمؤسساتها المختلفة علي دقة التحضير للقمة العربية والتنظيم المحكم والإدارة الجيدة لأعمالها، كما نتوجه بالشكر لمعالي أمين عام جامعة الدول العربية ومسؤولي الامانة العامة علي ما أبدوه من حرص وبذلوه من جهد لإنجاح اعمال القمة.