كان الوصول إلي السلطة، والاستيلاء علي الحكم هدف الإخوان الأول والأخير.. منذ نشأتهم قبل 85 عامًا وحتي اليوم.. وإلي آخر لحظة في حياتهم إن قدر لهذه الحياة أن تمتد.. وفي سبيل هدفهم ذاك ينسون الرطانات التي ملأوا بها الدنيا.. وينسون الدين.. ويغفلون عن كل ما هو إسلامي.. بل ويسعون تحقيقًا لتوجهات الآخرين ولهدم رمزه وهو الأزهر الشريف.. بكل ما يمثله.. ومن ثم فلم يلتفت الإخوان لما يجري خلال السنوات الأخيرة، وما يدبر للمنطقة التي تعتبر المركز الاساسي للعالم الاسلامي.. فلم نقرأ لإخواني رأيًا، أو تحليلاً، أو حتي تعليقًا علي ما يدبر بليل.. بل وافقوا، وتواطأوا، وخانوا.. وقبلوا بالتدجين، والدخول في الفخ.. وإعلان تبنيهم لكافة الأهداف المعلنة والخافية.. في مقابل تمكينهم من السلطة تحت رعاية أمريكا وتوابعها.. لتنفيذ ما يخططون له.. لم يحدث ذلك أو شيء منه رغم آلاف البحوث التي صدرت والتي مازالت تصدر حتي اليوم، وبعد اليوم.. فالأمر ليس مجرد مؤامرة.. ولكنه تحوير لمسار الكون في المنطقة.. وتغيير الثابت والموروث، وما يتبعه.. وهو كثير يتعلق بالأديان والثقافات والتربية والوعي والتعليم، والحاضر والمستقبل.. مما يتوجب معه علي المفكرين والباحثين وأصحاب الرأي متابعة الأمر ودراسته بدقة.. خاصة أنه يعود بعد كل ضربة، يقظًا يعرف طريقه.. ووراءه قوي لا قبل لأحد بها.. لا تنام ولا تهدأ.. وهدفها الأول.. الأمن القومي العربي.. في يناير 2003 وقف كولن باول وزير الخارجية الأمريكية وقتها أمام مؤسسة التراث 'هيرتيج فاونديشين' ليعلن عن عزم بلاده القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية في بلدان الشرق الأوسط.. وأشار إلي ما يمكن أن تقوم به منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن.. خاصة أن واشنطن تعد برامج تربوية لتعزيز دور المرأة في المجتمع.. وعلي الفور نشطت ماكينة الاعلام الغربية تكرس للاحباط وفقدان الأمل.. قالت: إن العالم العربي بلغ نهاية التدني في مجال التنمية البشرية.. فهو مجتمعًا يترجم سنويًا حوالي '330' كتابًا أجنبيًا أي ما يعادل 'خُمس' ما تترجمه دولة مثل اليونان.. وأن هناك 50 مليون عربي سوف يدخلون سوق العمل في العقد القادم، وعشرة ملايين طفل في سن الالتحاق بالمدارس ولا توجد تلك المدارس.. وهناك 65 مليونًا لا يحسنون الكتابة والقراءة، وظهر الانفعال علي وجه 'كوندوليزا رايس' مستشارة الأمن القومي الأمريكي.. وصرخت: من أجل ذلك فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد 'تحرير العالم الاسلامي، ونشر الديمقراطية في ربوعه، وتغيير الأنظمة السياسية العربية'.. وفي الوقت الذي كان فيه كهنة الإخوان ومغامرو التنظيم الدولي يمارسون أنواع الخنوع والاذعان للأوامر والتعليمات الأمريكية.. وأولها الحفاظ علي أمن إسرائيل في مقابل معاونتهم، ودعمهم للوصول إلي السلطة، حتي تتاح لهم الفرص لتنفيذ ما تعهدوا بتنفيذه.. والوفاء بما وعدوا به.. وعاهدوا أسيادهم عليه.. في ذات الوقت كانت أمريكا ودول الغرب التابعة تمارس كل أنواع الضغط علي الدول العربية والاسلامية لتغيير وتعديل المناهج الدراسية، وسياسة التعليم بحيث لا تتعارض مع 'القيم والمفاهيم التي تنطوي عليها الثقافة الأمريكيةوالغربية!!' ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طالبت أمريكا بما هو أخطر.. إلغاء التعليم الديني، والمدارس الدينية، لأنها كما يري الأمريكيون الرسميون معامل لتفريغ العناصر المعادية للحضارة الغربية.. !!.. ولعل ذلك ما يفسر موقف الإخوان من الأزهر 'جامعا وجامعة'. ولعلنا لم ننس بعد أول اجتماع يعقده مرسي في جامعة القاهرة.. عندما خرج الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ووفد هيئة كبار العلماء، وممثلو جامعة الأزهر بعد أن اكتشفوا أن أحدًا لم يخصص لهم المكان اللائق كسائر الهيئات المدعوة.. إلي جانب الازدراء الواضح، ومحاولات اثارة المشاكل داخل مؤسسات التعليم الأزهري والتي اشتعلت بعد سقوط الإخوان.. وقامت عناصر بالاعتداء علي المشايخ الكبار، وأعضاء هيئات التدريس.. وحرق مباني الجامعة، وتراث الأزهر.. وذاكرة الجامعة، أو رسائل الدكتوراه والماجستير. ولا نعتقد أن أحدًا يمكن أن يتصور أن الإخوان فقدوا عقولهم فجأة.. وتعذرت عليهم التفرقة بين الحق والباطل.. وأنهم أغلقوا عقولهم دون نداء الحق والواجب.. وصموا آذانهم فلم يعودوا يسمعون سوي صوت المصالح الأنانية الضيقة.. وعجزوا، عقلاً وسمعًا وبصرًا عن رؤية المخاطر التي تحيط بالاسلام.. بل إن نهجهم، ودأبهم، وقناعتهم.. يسجلها لهم التاريخ عبر 85 عامًا.. يتغافلون عما لا يريدونه، وما لا يمثل لهم مصلحة أو مكسبًا ويغمضون أعينهم، ويغلقون عقولهم وقلوبهم عما يحاك لأعز ما يملك الانسان: العقيدة والمبدأ.. وفي ذات الوقت يحفرون الأرض ويريقون الدماء.. ويحرقون.. ويخربون.. بحثًا عن مصلحة أو مكسب.. دون أن يرمش لهم جفن.. ولم يكن من الممكن لجماعة هذا دأبها أن تبقي أو تستمر.. لأنها ضد كل الشرائع والقيم.. وضد التاريخ.