ارتفاع الأسهم الأوربية وسط تفاؤل بمصير الفائدة الأمريكية    محافظ مطروح: استقبلنا 3.3 ألف طن قمح بصومعة الحمام    مصدر رفيع المستوى: الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    محافظ المنوفية يعلن جاهزية المراكز التكنولوجية لبدء تلقى طلبات التصالح غدا الثلاثاء    محافظ الغربية يتابع استمرار الأعمال بمشروع محطة إنتاج البيض بكفر الشيخ سليم    ارتفاع الأسهم الأوروبية بقيادة قطاع الطاقة وتجدد آمال خفض الفائدة    وزير فلسطيني: مكافحة الفساد مهمة تشاركية لمختلف قطاعات المجتمع    من يعيد عقارب الساعة قبل قصف معبر كرم أبو سالم؟    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    بالأرقام والتفاصيل.. خطة لتحويل "مناخ" بورسعيد إلى حي أخضر    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    6 عروض مسرحية مجانية في روض الفرج بالموسم الحالي لقصور الثقافة    «شقو» يحقق 62 مليون جنيه إيرادات في شباك التذاكر    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    بعد نفي علماء الآثار نزول سيدنا موسى في مصر.. هل تتعارض النصوص الدينية مع العلم؟    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    انتصار السيسي: عيد شم النسيم يأتي كل عام حاملا البهجة والأمل    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    طريقة عمل سلطة الرنجة في شم النسيم    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الناصر.. والعياط
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 27 - 07 - 2012

عندما اعتلي د.محمد مرسي منصة قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة في ذلك اليوم المشهود آخر يونية 2012، كانت الأضواء تغمر المكان، وهمهمات الزحام تدمدم كموجات تعلو وتهبط.. والتصفيق الحاد يحاول أن يضع نهاية للموقف حتي يتيح للرئيس الجديد هدوءًا ليقول ما يريد.. وحملق د.مرسي أمامه ولكن الأضواء وانعكاساتها كانت تعانده.. فصنع من كفيه مظلتين فوق حاجبيه ونظارته ودقق النظر.. كان الصف الأمامي يعمر بالأهل والشيوخ وخيرة الأحباب، فالشيخ القرضاوي يتصدر المشهد، يحيط به المرشد العام الحالي للإخوان، وسلفه.. ويحف بهما ابن المرشد الأول وبقية وجهاء الجماعة يتقدمهم د.الكتاتني الذي كان رئيسًا لمجلس الشعب المنعدم ومعه أعضاء الشعب والشوري من أكثرية الإخوان.. وكأن من نظم القاعة وأدارها أراد أن يضرب بقواعد البروتوكول عرض الحائط.. ويلقي في روع الكافة أن القاعة قاعتهم، والجامعة جامعتهم.. وكل البلد لهم.. ومن حكم في ماله ما ظلم..
وتجول د.مرسي ببصره في المكان.. فشعر بدفء العشيرة وافتر ثغره عن شيء يشبه الابتسامة.. وانطلق متحدثًا، كانت كلماته عادية تنم عن مشاعر تحقق حلم بعيد.. ووجلت ملايين القلوب علي امتداد مصر مخافة أن يكرر ما قاله في ميدان التحرير وبين حشود الإخوان المنقولة من جميع المحافظات، عندما تحدث عن تاريخ الإخوان باعتباره مجمل تاريخ مصر التي حير تاريخها العالم وعلماء التاريخ والاجتماع.. وقد مر الرجل مرور الكرام علي عقود القرن الماضي ابتداء من الثلاثينيات والأربعينيات حتي انتهي من الخمسينيات فتوقف للحظة وقال: والستينيات وما أدراك ما الستينيات.. فتقابلت ملايين النظرات في كل بقعة من مصر، ودوي التصفيق في ميدان التحرير.. ومر الموقف دون أن يلتفت إليه الشباب، وربما حظي ببعض الاهتمام من الجيل الأكبر.. أما الذين عاصروا وشاركوا وعرفوا الحقائق من مصادرها، ورأوا بعضها رؤية العين.. وكانوا جميعًا خارج القاعة بالطبع كما كانوا بعيدًا عن ميدان التحرير.. يتوزعون في مدنهم وقراهم وأعمالهم واهتمامات سنوات آخر العمر.. فقد اغرورقت عيونهم بالدمع.
كان من تأثروا لغمر ولمز فترة الستينيات يدركون الهدف والمقصد وهو غمز ولمز ثورة 23 يوليو 1952 وقائدها جمال عبد الناصر.. ولم يكن بينهم من يتصور أن يحدث ذلك من رجل وُلد مع الثورة ونما معها وفي ظلها وتمتع بما أرسته من قيم وتقاليد وأعراف. ما كان له ولنا وللملايين غيرنا أن يتمتعوا بها لو لم يفجر عبد الناصر ثورته.. ويعلن انحيازه الإنساني للفقراء الذين كان هو نفسه واحدًا منهم - مع رتبته ووضعه الاجتماعي - لأنه لم ينسَ أصله، ولم ينسلخ من طبقته وظل حتي رحيله واحدًا من زمرتهم..
• • •
لم يكن محمد محمد مرسي عيسي العياط قد أكمل عامه الأول عندما قامت ثورة يوليو.. طفلا وحيدًا لأسرة فقيرة لا يملك عائلها - مثل غيره من العشرات والمئات والآلاف والملايين في قرية العدوة ومركز ههيا بالشرقية وكل ربوع مصر وقتها - غير جهد عمله، يبذله مرغمًا في تفاتيش الأسرة المالكة، ودوائر الحاكمين، ووسايا الإقطاعيين.. وكانت الأرض الزراعية في العدوة وغيرها من قري مركز ههيا ملكًا خالصًا للملكة فريدة الزوجة الأولي لفاروق، وكان يطلق عليها تفتيش الفريدية.. وعلي تلك الأرض وفيها كان يعمل كل فقراء المنطقة من الفلاحين المعدمين من شروق الشمس حتي غروبها دون أي حقوق أو التزامات قِبل التفتيش ومالكته الملكة ومسلسل التابعين والخدم من رجال الإدارة والمسئولين الحكوميين.
• • •
كان جمال عبد الناصر يدرك ذلك كله.. ويشعر بمرارة لا حدود لها من ذلك التسلط البشع علي الفقراء واستغلال قوة عملهم دون أي اعتبار لهم كبشر لهم حقوق ومشاعر ومتطلبات.. أدرك ذلك من حياة أسرته التي لم تكن تختلف كثيرًا عن حياتهم، ومعايشته من خلال التنقل مع والده الذي كان يشغل أقل درجات الوظائف في البريد.. ومن ثم بدأ ذلك الإدراك ينمو معه ويتخذ اشكالا من الفهم والتحليل ورد الظاهرة إلي أسبابها، ومعرفة الكثير عن الاستعمار والإقطاع والاستغلال والتسلط.. كما عرف الكثير عن الثورات والعدل الاجتماعي والزعامات التاريخية وحركات الشعوب وتاريخ العالم، ولأن الجرح كان مؤلمًا.. فقد كان أول قراراته بعد 43 يومًا من قيام الثورة موجهًا إلي هؤلاء الفقراء الذين جعلوا منهم عبيدًا للأرض يروونها بالدم والعرق والعافية التي لا تدوم.. فكان قانون الاصلاح الزراعي في 9 سبتمبر عام 1952 الذي نص علي تحديد الملكيات الزراعية وتوزيع فائض الأرض علي الفلاحين الفقراء، الأجراء المعدمين العاملين بالأرض نفسها.. كان القانون بمثابة واجهة حقيقية للثورة الاجتماعية، ووثيقة تاريخية لتحرير الفلاح المصري.. شملت 200 ألف أسرة تضم مليون مواطن قال لهم عبد الناصر إن العمل واجب وشرف وحياة شريطة ألا يكون سخرة أو عبودية واستغلالا.. وكان القانون قاطعًا، جامعًا مانعًا يترجم توجه عبد الناصر وألمه مماكان.. قالت بنوده: تسلم الأرض لمن آلت إليه من فقراء الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين، وتسجل باسم صاحبها بدون رسوم.. ثم تتكون بحكم القانون جمعية تعاونية زراعية ممن آلت إليهم الأرض المستولي عليها في القرية الواحدة ومعهم من لا يملكون أكثر من خمسة أفدنة فيها.. ثم.. توزع الأرض المستولي عليها في كل قرية علي صغار الفلاحين بحيث تصبح لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن فدانين ولا تزيد علي خمسة أفدنة تبعًا لجودة الأرض.. ويشترط فيمن توزع عليه الأرض أن يكون مصريًا بالغًا سن الرشد لم يصدر ضده حكم في جريمة مخلة بالشرف، وأن تكون حرفته الزراعة.. وتكون الأولوية لمن كان يزرع الأرض فعلا مستأجرًا أو مزارعًا.
كان القانون بما أحاط به من ملابسات وتداعيات صيحة أطلقها عبد الناصر 'ارفع رأسك يا أخي فقد مضي عهد الاستعباد' ورفع الفلاح المصري رأسه فعلا.. وانتصبت قامته، فقد استرد أرضه وأرض أجداده التي اغتصبت.. أصبح مالكًا بعد أن كان أجيرًا.. وأمسك مقاديره بيديه يزرع وينتج ويجني ثمار عمله.. بعد أن انهارت أمام عينيه جحافل الإقطاع وغيلان الأسرة المالكة وخدمها وأتباعها.. ولم يكن قانون الإصلاح الزراعي هو الإجراء الواحد الوحيد.. فقد تلازمت معه قوانين وإجراءات ثورية علي رأسها: مجانية التعليم، الاهتمام بالصحة.. وجميع الإجراءات التي تضع الفقراء في مقلة العين وسويداء القلب.. وارتفعت ملايين الأيدي الخشنة إلي عنان السماء ومعها ملايين الحناجر تلهج بالدعاء لجمال عبد الناصر، وتعده بالسير معه ومن خلفه إلي نهاية المشوار الذي يسعي لبلوغه.. لن يمنعهم عن ذلك مانع.. ولن يحول بينهم وبينه حائل.. وصوته يتدفق في أرواحهم واسماعهم 'أيها الفلاحون.. أيها العمال.. أيها الكادحون.. البلد أصبحت بلدكم.. المزارع مزارعكم.. المصانع ملك لكم.. الاقتصاد الوطني درع وحماية لكم.. احذروا أن يضيع كل ذلك.. احذروا الضلال والتضليل.. احذروا الخديعة وأهل الخداع.. اللهم قد بلغت.. اللهم قد حذرت.. اللهم فاشهد'.
• • •
خاض عبد الناصر معارك حامية منذ الأيام الأولي للثورة.. معارك في مواجهة القوي المتشبثة بمواقعها القديمة، ونفوذها المهدد بالزوال.. وفلاسفتهم من أهل الاقتصاد والسياسة والقانون ومعهم الاستعمار الذي لم يكن عبد الناصر قد أزاحه عن كاهل الوطن بعد.. وقد تأججت تلك المعارك بعد أن قال كلمته التي مازالت تدوي في سمع التاريخ: 'السبيل الوحيد للقضاء علي الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي في الزراعة هو تحديد الملكية، وتوزيع الأرض علي الفلاحين، وإقامة جمعيات تعاونية للملاك الجدد، وفي الوقت نفسه زيادة الرقعة الزراعية وتوزيع الأرض علي الفلاحين'.. كانت القوي المعادية للإصلاح الزراعي بكل تداعياته وأهدافه تسعي لإعداد قانون مضاد يعتمد علي الضرائب التصاعدية التي تكاد تُفقد كبار الإقطاعيين الجزء الأكبر من عائدات الأرض الزائدة.. واستمع عبد الناصر بهدوئه المعروف وتركيزه الخارق.. وقال لهم إنه لا يريد جمع زكاة من الإقطاعيين والمستغلين ليوزعها علي الفلاحين المعدمين، حتي لو تم ذلك بقانون، لأن القانون يمكن أن يتغير بجرة قلم.. بل يريد أن يعيد الاعتبار للفلاح الفقير في المكان نفسه الذي عمل فيه أجيرًا.. وتم تسخيره من قِبل الإقطاع.. يريد مواطنًا جديدًا.. مالكًا لا أجيرًا.. يريد مواطنًا يعرف حقوقه وحقوق أسرته.. لا يربي أولاده بعقلية الأجير.. ولكن بعقلية السيد الحر.. وعندما انهمرت دموع الفلاحين الفقراء الذين ظُلموا كثيرًا.. واهتزت أجسادهم بالنشيج الحار كان جمال عبد الناصر يبشرهم 'سيأتي يوم قريب.. سترونه بأنفسكم عندما يتقدم من بينكم واحد من أبنائكم.. أبناء الفلاحين والعمال.. ليتولي حكم مصر'.. ومن المؤكد أنهم لم يستوعبوا كل ذلك وقتها.. واعتبروه من أماني الزعيم المحب لهم، الطالع من بينهم.. ولعل من بقي منهم علي قيد الحياة يدرك صدق نبوءة الزعيم.. وأكثرهم عاش مقدماتها.. ولم نر نحن وهم واحدًا من أبناء الفلاحين والعمال يتقدم لحكم مصر.. بل رأينا أكثر من واحد.. أولهم من فاز بها.. محمد محمد مرسي عيسي العياط ابن الأسرة الريفية الفقيرة في قرية العدوة مركز ههيا وقد ملكها عبد الناصر فدانين ونصف الفدان من تفتيش الفريدية.. ثانيهم حمدين ابن الحاج عبد العاطي صباحي صياد السمك بالمنزلة وأبنائه الاثني عشر.. وهو يستمع مع زملائه من كادحي الزرق اليومي لولده حمدين يناقش رئيس الجمهورية أمام الملأ ويقارعه الحجة ويحذره من الانقلاب علي مشروع جمال عبد الناصر.. ثم عبد المنعم أبوالفتوح الذي كان والده عاملا بكلية العلوم بجامعة القاهرة بينما هو قد انتُخب رئيسًا لاتحاد طلاب الجامعة ووقف منتصبًا في مواجهة رئيس الجمهورية يحاججه ويناقشه ويغلظ له في القول، وبينما فقد الرئيس صبره ظل عبد المنعم موضوعيًا هادئًا.. وباتت مصر والعالم العربي يومها يتحدثون عما جري.. ثم خالد علي المحامي الشاب وابن الفلاح البسيط في ميت يعيش يناطح أكبر الرءوس في البلد.. بحجته ووعيه وشجاعته وانحيازه للفقراء.. وأبوالعز الحريري العامل الحقيقي.. ومثلهم جميع المرشحين لمنصب الرئاسة الذين لم يكن بينهم سليل عائلة إقطاعية أو حفيد باشا سابق.
• • •
لقد قُدر للمرحوم محمد مرسي عيسي العياط 'والد الرئيس' أن يمتد عمره لخمسة وثلاثين عامًا بعد ثورة يوليو 1952، وأن يري ثمار الثورة تجنيها أسرته.. فيري ولده البكر يشق طريقًا مغايرًا لطريق والده ومن خلفه أشقاؤه الأربعة بعد أن قررت الثورة مجانية التعليم في جميع مراحله كنوع من إعادة توزيع الثروة والسلطة والمعرفة بشكل عادل.. فالديمقراطية التي فهمها عبد الناصر لم تكن تعني حرية إطلاق اللسان، وفوضي الرطانات.. ولم تكن تعني فقط قيام الناس بانتخاب البرلمان ورئيس الجمهورية.. ولكنها تعني خلق المواطن القادر علي الإنتاج والعمل والصمود..
ومن ثم كانت مجانية التعليم خطوة علي الطريق لتأكيد أن الديمقراطية الاجتماعية هي البديل الأنبل للديمقراطية الليبرالية 'إن جاز التعبير'، والتي لم تحقق نجاحًا في بلدان العالم الثالث، وظلت الديمقراطية الاجتماعية لا تعني حرية المواطن فقط وإنما أيضًا الحق في السلطة والثروة والمعرفة.. وقد جاوزت ثورة عبد الناصر نسبة 75٪ من الاستيعاب لمرحلة التعليم الإلزامي.. وارتفع عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من 1.6 إلي 3.8 مليون، وعدد تلاميذ المدارس الإعدادية والثانوية من 250 ألفًا إلي مليون ونصف المليون.. بينما قفز عدد طلاب الجامعات من 40 ألفا إلي 213 ألف طالب وطالبة، وقد أضافت حقبة جمال عبد الناصر 'الستينيات' عشر جامعات انتشرت في أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات.. كما شهدت إنشاء مراكز البحث العلمي وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وتطوير المستشفيات التعليمية.. لأن جمال عبد الناصر كان يدرك أن التعليم عملية اجتماعية شاملة لا تقف عند قرار المجانية، إذا لم تتوافر المدارس في كل قرية وهو ما حرص علي توفيره، إلي جانب حرص الأسرة علي التعليم وهي الثقافة التي سعي لترسيخها.. ومن ثم لم يكن غريبًا أن يتلقي 'محمد محمد مرسي عيسي العياط'.. تعليمه الأساس بمدرسة قريته العدوة الابتدائية عام 1959، ثم المرحلة الإعدادية في مدرسة المركز 'ههيا الإعدادية' عام 1965، ومنها إلي الثانوية في الزقازيق عام 1968 ليلتحق عام 1971 بكلية الهندسة جامعة القاهرة ليحصل منها علي بكالوريوس هندسة الفلزات بتقدير امتياز عام 1975 ويعين معيدًا بالكلية نفسها، ثم يسافر إلي أمريكا ليحصل علي الدكتوراه ويعود منها مدرسًا بهندسة الزقازيق عام 1985، ليري والده يرحمه لله بعينيه كل ما وعد به جال عبد الناصر متحققًا.. وليرحل بعدها بعامين مؤمنًا محتسبًا.. شاكرًا لأنعم لله، وقد ترك أولاده الأربعة في رعاية شقيقهم الأكبر ذي الحول والطول، أستاذ الجامعة، العالم الذي يشار إليه.. وميراثهم من ثورة يوليو فدانان ونصف الفدان من أجود أطيان الملكة فريدة.. وقبل ذلك وبعده رأس مرفوع وكرامة لا تُمس.. كانت الفترة من بعد حصوله علي البكالوريوس عام 1975 حتي حصوله علي الماجستير وترقيته إلي مدرس مساعد عام 1979 فترة حاسمة في حياته.. فقد شاء السادات أن يلعب بالنار ويستعين بالإخوان والجماعات والتنظيمات التي ترفع شعارات إسلامية ليكونوا سنده في معركته ضد اليساريين والناصريين دون أن يدري الكثير عن تلك الجماعات والتشكيلات ومن وراءها ومَن يفكر لها.. وكان الفساد الذي بدأ مع حكمه قد ساد واستشري.. وضجًَّ الناس من العنت والظلم.. فكانت انتفاضة 18، 19 يناير 1977 بداية تعرف مدرس الهندسة المساعد علي فكر الإخوان.. لينضم إليهم رسميًا عام 1979 ويتزوج ويسافر لاستكمال تعليمه في الولايات المتحدة في العام ذاته 1979.
ولا يدري أحد ما قاله قادة الإخوان في تلك الفترة لمرسي، وهو الذي لم يعش فترة حكم جمال عبد الناصر بشكل واعٍ. ولم يشهد شيئًا من الصراع بين الثورة والإخوان، حيث كان آخر صدام بينهما ما عرف بقضية سيد قطب عام 1965 حيث كان مرسي مازال تلميذًا في مدرسة ههيا الإعدادية.. ولم يكن هناك تنظيم سياسي لثورة يوليو.. فقد تحلل الاتحاد الاشتراكي رغم قصوره علي يد السادات، وكانت منظمة الشباب الاشتراكي التي قامت بتربية كوادر سياسية مازالت فاعلة حتي اليوم قد تبخرت هي الأخري واتخذت كوادرها جانب المعارضة لنظام السادات.. ولم يكن ممكنا لمدرس الهندسة المساعد أن يشكل فكرًا خاصًا به من فراغ ليرد به علي الفكر الإخواني الزاحف والمسلط عليه.. أو حتي يقيس به مدي صلاحيته.. مع أن عناصر المقارنة والرد كانت متوافرة.. ومتمثلة فيه هو نفسه.. كأثر من انجازات ثورة يوليو.. وجمال عبد الناصر الذي كرّس الوعي الجمعي لمفهوم وثقافة الحرص علي التعليم من خلال مجتمع يعرف أولوياته جيدًا.. ويستجيب لشعار مجانية التعليم وقد استكمل أدواته فتدافع الأباء لإلحاق أبنائهم بالمدارس التي شيدتها الثورة.. وكانت النتيجة جيشًا من الكوادر المتخصصة في كل المجالات، وقامات علمية شامخة تخرجت في مدارس الثورة ومجانية التعليم، وشهد لها العالم ومنحها جوائز نوبل.. ومما لا يمكن نسيانه ما قاله أحمد زويل في احتفال منحه جائزة نوبل: 'لولا مجانية التعليم لما تمكنت من اتمام تعليمي' ثم: 'لقد تلقيت تعليمًا محترمًا في زمن جمال عبد الناصر' وقال ك - لامًا مشابهًا مجدي يعقوب، وذهني فراج، وفاروق الباز، ومئات غيرهم ممن احتضنهم العالم واعترفوا صراحة بسياسة عبد الناصر التي سعت لإنتاج كوادر من العلماء والخبراء في مختلف التخصصات.. وفي وقت قصير.. وعرف كيف يحقق الاستفادة القصوي منهم.. فكان الأكاديميون في الجامعات ومراكز البحوث هم الذين أقاموا المؤسسات الصناعية الكبري.. وقد حرص عبد الناصر علي إرسال البعثات إلي دول العالم ليعود المردود لمصر عددًا كبيرًا من العلماء والخبراء الذين ساهموا في بناء السد العالي والمصانع والشركات والمؤسسات وأداروها.. وأصبحت مصر بفضلهم تمتلك قاعدة صناعية ضخمة قوامها 1200 مصنع للصناعات الثقيلة والاستراتيجية والتحويلية ومعدل تنمية حقيقيًا يزيد علي 7٪ واكتفاء ذاتيًا من المحاصيل الزراعية وعدم وجود ديون خارجية.
• • •
لا يدري أحد علي وجه التحديد ما قاله قادة الإخوان خلال السبعينيات لمدرس الهندسة المساعد 'محمد محمد مرسي عيسي العياط' ابتداء من عام 1977.. وما الذي يقولونه له الآن وقد أصبح أحمد أعمدتهم.. وقائدًا متفردًا بينهم علي مستوي الواقع والتاريخ.. وإن كان الظن الغالب أنهم قالوا له ما لا يملون من تكراره.. عن صراع الثورة معهم وتنكرها لهم وهم صنّاعُها.. وعن 'تمثيلية المنشية' عام 1954، وافتراءات النظام الناصري علي مفكر بحجم سيد قطب وجماعته عام 1965، أما عن ثورة يوليو ومن دبر لها وقادها فالتاريخ متاح للكافة، وفيه من الأدلة والوثائق ما يدحض كل كذب وافتراء، وموقف عبد الناصر والضباط الأحرار من الأحزاب السياسية والتنظيمات السرية والإخوان علي وجه التحديد قبل الثورة معروف وموثق سواء في الدراسات التاريخية أو في أدبيات زعماء الإخوان.. ومذكرات القادة المعروفين.. أما بالنسبة ل 'تمثيلية المنشية' التي لا يمل الإخوان من ترديدها مع ما تشي به من دلالات ليست في صالحهم.. وكذلك قصة سيد قطب.. فقد تم كشف الغطاء عن كل ذلك تمامًا ومن سنوات.. وإن كنت أذكر زيارتي قبل شهر للأستاذ محمد فريد عبد الخالق أحد الرموز التاريخية للإخوان أمد لله في عمره.. وقد حدثني عما جري عام 1954 وعلمه بأن إخوان إمبابة بقيادة المحامي هنداوي دوير يدبرون لاغتيال جمال عبد الناصر، فذهبت إليهم من تلقاء نفسي وناقشتهم في الأمر مطولا، وضيّقت عليهم الخناق حتي سمعت منهم التظاهر بالعدول عن الفكرة برمتها.. ولم يكن ذلك غير خدعة دفعوا ثمنها، أما عن سيد قطب فقد علم بما يدبره مع جماعته وأولهم عبد الفتاح إسماعيل.. يقول الأستاذ فريد: فشددت الرحال إليهم في حلوان وناقشتهم طويلا.. وخدعوني هم أيضًا.. وفي السجن همس إليّ عبد الفتاح إسماعيل بأنهم خدعوني وظلموني وظلموا أنفسهم.. وتنكروا لحرصي علي الجماعة وعليهم أيضًا.
ولعل الوقت والظروف لم يسعفاه بقراءة مذكرات زعماء الإخوان وقادة التنظيم السري.. ولم يتيسر له قراءة مذكرات د.عبد العزيز كامل القطب الإخواني تلميذ ورفيق المرشد المؤسس 'في نهر الحياة' الذي قدم له د.محمد سليم العوا.. وتأكيده أن المرشد الأول كان يري الشوري غير ملزمة له.. كتب ذلك صراحة ودافع عنه وسري هذا منه إلي من حوله.. وكانت البيعة ترجمة لذلك الفهم حيث تتم علي أساس 'السمع والطاعة والكتمان' والمعني أن تكون الأوامر محل تسليم وهو الخطر الذي أصاب جسم الإخوان بأخطر الإصابات.. فجَّرت سنوات العنف والدماء أفعالا وردود فعل وسحبت وراءها ذيولا وحفرت أخاديد، ومزقت أحياء وفتحت معتقلات باتساع لم تعرفه مصر من قبل.
ومن أخطر ما جاء في مذكرات د.عبد العزيز كامل تلك المواجهة التي كان من شهودها بين المرشد والمؤسس والسندي رئيس التنظيم السري وكل منهما يتهم الآخر بقتل القاضي أحمد الخازندار.. إلي آخر ما جاء في المذكرات ومنها رسالة المودودي التي حملها مولانا ظفر الأنصاري للمرشد الثاني محذرًا من عواقب العنف واستخدام السلاح 'ولازلت أذكر هذا الموقف في بيت المرشد ومولانا ظفر يتحدث إليه بصوته العميق وإخلاصه ويقدم خلاصة تجاربهم.. ولكن سرعان ما ضاع الصوت المخلص وسط ضجيج الإخوان' وكان ذلك قبل أحداث 1954.. وأحداث ووقائع كثيرة لا يدري أحد أسباب حجبها عن الناس وإخفائها عن الرأي العام الذي يحتاج إليها بشدة في كل وقت لمقاومة البهتان وبؤر الأكاذيب والعمل السري وما ينجم عنها من كوارث.
• • •
عندما تقدم د.محمد محمد مرسي عيسي العياط باتجاه المنصة التي أعدها له الإخوان في ميدان التحرير، أسرع صفوت حجازي لاستقباله ثم هوي علي يده يقبلها ويعلن بصوت مخنوق بالعبرات أن 'الرئيس سيعيد أمجاد صلاح الدين وسوف يؤمنا في المسجد الأقصي بعد تحريره' وتعالت الهتافات التي تحولت إلي صراخ يدوي في فضاء الميدان.. ومرسي ينتظر الهدوء ليقول كلمته ويؤدي اليمين الدستورية في غير موضعها.. أمام الميدان كما وعد.. في ذلك المناخ المتوتر والملتبس ارتجل الرجل كلمته فشرّقت وغربت وجاءت فيها تلك العبارة عن الستينيات.. وقد شعرت الأغلبية الغالبة التي تضع ثورة يوليو 1952 وجمال عبد الناصر في موضع خاص من الذاكرة والتاريخ بالأسف الشديد لما جري.. وكان مبعث أسفهم أن الرجل وُلد مع الثورة وعاش وتشكل في رحابها ثم إنه بالمقاييس الأكاديمية رجل علم يتعين عليه أن يقلِّب الأمور علي جميع وجوهها ويعرضها لاختبارات المصداقية.. حتي يتبين له الرشد من الغي، ويعرف الحق من الباطل.. قال العقلاء: 'ما كان له أن يقول ذلك، وما توقع أحد منه ذلك القول لأن القاعدة تقول إن من استفاد من خيرات الوطن في مرحلة ما يصبح منحازًا تلقائيا إلي السياسات التي أنصفته.. وهو نوع من الالتزام والوفاء للمجتمع'.. وقال من آلمتهم الجملة 'إنها سواء قيلت عن قصد أو جاءت عفوًا فهي تؤكد انحيازه التام للإخوان أكثر من انحيازه لأي فكرة أخري'.. ويؤكدون أن عقله الباطن هو الذي دفعه ليقول ذلك.. لأنهم في الإخوان يقدمون التنظيم علي الدولة ويقدمون مصلحة التنظيم علي مصلحة الدولة.. وعندما أعلن أنه سوف يعمل علي استكمال مسيرة الثورة كان يعني أنه سيعمل علي استكمال مسيرة الإخوان.. وقال آخرون إن الجملة تؤكد جحودها بالنسبة لإيجابيات الستينيات التي كان هو نفسه من نتاجها والتي استطاع في ظلها وعبر ذروة مجد الناصرية مواصلة تعليمه والانطلاق إلي آفاق من العلم والتحقق الاجتماعي الذي أوصله إلي ما هو فيه.. وأبدي غير هؤلاء وهؤلاء الأسف لأن الرجل يبدأ حكمه بتصفية الحسابات مع ثورة يوليو وعبد الناصر ويمارس النزعة الانتقامية ليس من الناصرية فقط ولكن من مصر كلها.. وربما كان ذلك شعورًا عامًا لدي الإخوان عبر عنه د.خالد عبد القادر عودة عندما اعتبر فوز مرسي بالرئاسة نوعًا من الوفاء بالثأر ومناسبة لتلقي العزاء في والده بعد 58 عامًا من رحيله.. وقال آخرون أكثر حماسًا: 'إن الشعب لن يغفر له جحوده.. فعبد الناصر رمز لا يمكن تعويضه ولا يمكن القبول بإهانته'..
والحقيقة أن مشكلة د.مرسي الحقيقية لا تكمن في المعارضة أو الاتجاهات الفكرية وتبايناتها.. وليست في المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وليست في القوي السلفية التي تتحفز للاستقلال.. إلي آخر ما يمكن أن يرد علي قائمة المشكلات التي يتحسب منها.. وإنما تكمن مشكلته الحقيقية في الإخوان أنفسهم وفكرهم الذي يزداد جنوحًا وعنادًا ومراوغة.. وصعوبة الانعتاق منهم مهما تعددت التصريحات والتعهدات والبيانات.. فهم يتلبسون الوضع كاملاً ولن يتركوا ثقب إبرة لغيرهم.. وقد أفسد عليهم الانغماس في العمل السري كل شيء ووقف حجر عثرة أمام إمكانية التطور وممارسة العمل السياسي الحقيقي، فمازالوا حتي اليوم يديرون المظاهرات العدوانية.. ويمارسون الاعتداء علي خصومهم ومطاردتهم في الشوارع مع الهتاف 'حرية وعدالة.. والمرسي وراه رجالة' وهي كارثة محققة وفاجعة يحمل وزرها الإخوان والحكم الجديد عندما يهبط نظام الحكم في مصر إلي هذا الدرك..
أما الهجوم علي الستينيات وما تعنيه فهو أمر يخدش ادعاء مرسي بأنه رئيس لكل المصريين.. ونوع من عدم الوفاء لكل ما جري في مصر ونقلها نقلة نوعية لم يكن يحلم بها أحد، وللفلاحين والعمال الذين تحرروا وامتلكوا مصيرهم.. ولأسرته نفسها ولوالده عليه رحمة لله، ومشاعره الفطرية الخالصة تجاه ثورة يوليو.. وجمال عبد الناصر وبصحة العلاقة بينهما مازالت قائمة كمستند تاريخي في إقرار الذمة المالية للرئيس نفسه '10 قراريط أرض زراعية و40 مترًا في منزل الأسرة بقرية العدوة مركز ههيا شرقية'.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.