يعتبر الفول المدمس ' الفول المصري ' من أقدم البقوليات في مصر، إذ يرجع تواجده إلي العهود الفرعونية القديمة، ومن أدلة ذلك هو ذكره بالقرآن بسورة البقرة عندما طالب بنو إسرائيل سيدنا موسي بأن يطلب لهم من الله أطعمة من التي تنتجها الأرض معترضين علي الطعام الواحد المتميز في جودته وهو طعام السماء الذي كان ينزل عليهم يوميا من طيور المن والسلوي، وبسبب جحدهم للنعمة قال لهم سيدنا موسي أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير ولأنهم ليسوا أهل للنعمة التي أنعم الله بها عليهم أمره الله أن يجعلهم يهبطوا مصر بعد خروجهم منها ليجدوا الأطعمة التي يطلبونها وهي مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ومنها كان الفول ضمن البقوليات التي كانت تشتهر بها مصر ويقصد بها ليس البقول فحسب ولكن يقصد بالبقول أيضا كل نبات له ساق كالخس والفجل، والكرات والجرجير إضافة إلي الفول والحلبة والبازلاء والفاصوليا واللوبيا وغيرها من بقوليات السبع حبات التي ارتبطت منذ القدم بالعادات المرتبطة بدورة الحياة كالميلاد والوفاة والأعياد عند المصريين. وكلمة فول حسب موسوعة الويكيبديا هي كلمة فرعونية قديمة، وكلمة مدمس كلمة قبطية ومعناها المضمور تحت الأرض ويرجع تاريخه لآلاف السنين عند المصريين، وهو عبارة عن أحد البقول الغني بالبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية مثل الحديد والفوسفور، ويحتوي علي سعرات حرارية لاحتوائه علي البروتينات والدهون والنشويات والألياف فيعتبر بذلك بديل عن تناول اللحوم، ومن وظائفه الكثيرة أنه يقاوم التوتر والإجهاد الذي يصيب الجسم، كما أنه مفيد للكبار لأنه خافض لضغط الدم لحفاظه علي نسبة السكر المعتدلة به، ويقلل نسبة الكولسترول بالدم أيضا، كما أنه يحدث حالة من الانتشاء والسعادة بعد تناوله بسبب المزاج الخاص الذي ينتاب الجسم ناهيك عن أنه يحتوي علي عناصر هامة تقوي المناعة في الجسم ضد الأمراض المختلفة، ويكافح بسبب أليافه وقشوره الإمساك الذي يصيب الجسم وتناوله بالطماطم والبصل والزيت والطحينة والخبز يجعل منه وجبة كاملة يجعل الجسم قادر علي الصيام دون الإحساس بالجوع أو المشقة أو الضعف ولهذا فلم يكن غريبا علي المصريين الذين أحبوا تلك النعمة وحافظوا علي تناولها عبر قرون طويلة مضت وطوروا خلالها طرق عديدة لطهيه ومنها تدميسه بطرق تقليدية ظلت منتشرة بأحياء القاهرة إلي وقتنا هذا بما يسمي المدمسة، ثم يضاف إليه الزيت العادي أو الحار مع إضافة الملح والليمون أو الطحينة وهو الطبق التقليدي المحبب إلي المصريين الذين يتناولونه طوال العام في فطورهم وأحيانا في الغداء والعشاء، أو يضاف إليه البيض بالسمن فيسمي فول بالبيض، أو فول بالصلصة، أو يضاف إليه السلطة الخضراء فتعطيه نكهة خاصة فاتحة للشهية، أو يصنع به الفلافل ' الطعمية المصرية الشهيرة داخل البيوت والمطاعم المصرية وتؤكل بجوار طبق الفول، أو صناعة ما يسمي بالبصارة وهي أكلة مصرية تصنع من الفول المفصص مع إضافة الملوخية المجففة والثوم وتؤكل مع الفلفل المخلل والبصل والجرجير، أو يدخل في إعداد طبق الفول النابت وهي أكلة مصرية شهيرة وقديمة وتعتبر من الأكلات المحببة والمقدسة عند المصريين وفيها يتم وضع الفول في الماء ثم وضعه في شاشة لمدة ثلاثة أيام حتي ينبت ثم يتم غليه بالماء ويضاف إليه تخديعة البصل مع السمن ويتم اكله وشرب مائه, كما يتم عمل ما يسمي بفتة النابت وتعتبر من الأكلات المرتبطة ببعض الأعياد والموالد الدينية لدي الطرق الصوفية ويأكل بجوار الدقة، أو تناوله أخضر ويسمي بالفول الحيراتي ويؤكل بجوار أصناف الأجبان المصرية المختلفة. يتميز الفول المدمس بطعمه الرائع ونكهته الخاصة وهو يؤكل في البيوت وله مطاعم خاصة ويباع خلال عربات الفول التي تنتشر في الأحياء الشعبية بالقاهرة والمدن المصرية ويؤكل مع السلطة أو الطرشي والبصل الأخضر والطماطم والفلفل الذي يعرض علي عربات الفول الخشبية الملونة والمكتوب عليها بعض الآيات وعادة ما يجتمع من حولها الناس من كل حدب وصوب وعلي اختلاف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية ووظائفهم وبخاصة عند أماكن التجمعات في ساعات الصباح الأولي للإفطار حتي أصبح لتلك الشهرة وهذا الإقبال طبق الأغنياء أو الفقراء أو ما يسميه المصريين في بعض الطبقات بمسمار البطن أو لحم الفقراء. وفي شهر رمضان يقبل المصريون علي شرائه بعد آذان العصر من خلال العربات والمطاعم المختلفة من أجل تناوله مع الزبادي في وجبة السحور التي لا يكاد منزل مصري يخلو منه كطبق رئيسي في شهر رمضان، وقد تغني به العديد من أشهر المطربين القدامي في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي كما لحن له الكثير من الملحنين فنجد الأغنية الشهيرة للمطرب عبد العزيز محمود بياع الفول، ثم في الأوبرت الشهير قربت الشمس تودعنا التي احتوت علي مقطوعة موسيقية وأدائية لمحمد رشدي تخص طبق الفول، ثم الديوتو الشهير للفنانة صباح والفنان فؤاد المهندس ' أنا صايم ' وغيرها من الألحان ونداءات الباعة التي تبرز ما للفول من قيمة في أطعمة المصريين وبخاصة قيمته وأهميته بشهر رمضان.