عندما يهاجر المصريون خارج الوطن رغبة منهم في النجاح واكتشاف المجهول بدافع التغيير إلي ما هو أفضل وعدم الاستكانة واليأس مع الظروف الصعبة التي تواجه الشباب في مصر بعد إنهاء دراساتهم، وبسبب الجد والكفاح يسافر الكثير منهم إلي خارج البلاد، وبعد الوصول إلي بلاد المهجر فإن طاقاتهم الجبارة تظهر وتقوي من خلال إرادة فولاذية تصبر وتتحمل وتكد وتعرق وتتغلب علي المحن والشدائد التي تواجههم وبخاصة في البلاد الغربية التي تكثر بها المعوقات التي يمكن أن تهزم هذا المهاجر الوافد، ولكن مع العزيمة والمثابرة يحقق البعض منهم نجاحات متميزة تتخطي الواقع لوصولها وبتوفيق الله إلي مكانة مرموقة في البلد الذي تعيش فيه وتصبح تلك الشخصية في مصف الكبار في العديد من المجالات، ومثل تلك الشخصية المصرية تستحق منا الوقوف عندها وذلك عندما نذكرها وننوه عن نجاحها لكي تكون مثالا يحتذي وبخاصة أمام الكثير من الشباب المصريين الجادين الذين يبحثون عن النجاح وخوض التجربة من أجل غد أفضل، وكان من هؤلاء المصريين الناجحين رجل الأعمال المصري / الأستاذ محمود نصار الذي التقينا به وسألناه عن قصته مع الغربة فقال أثناء دراستي الجامعية عام 1983 فكرت مع ثلاثة من شباب قريتي وهي ميت بدر حلاوة محافظة الغربية السفر إلي فرنسا، ولم نتمكن من الحصول علي التأشيرة في حينه لصعوبتها ولكن مع الإصرار حصلنا علي تأشيرة إلي أسبانيا وعلمنا أن مهمة الدخول إلي فرنسا صعبة لأنه يجب علينا تخطي الحدود بين بلدين، ثم سافرنا وبخطة ما وصلنا إلي برشلونة ومنها عبر القطار إلي آخر نقطة حدودية لأسبانيا وهي قرية بربو وعندها نزلنا من القطار وسعينا لتخطي الأرصفة لتلافي شرطة الحدود الأسبانية ولكننا تعثرنا وتم القبض علينا ورجعنا إلي برشلونة وفشلت المحاولة رغم أنه كان بيننا وبين أول قرية فرنسية واسمها بوربونيوا خمس دقائق بالقطار داخل نفق أعلي الجبال ويسمي البرانس ويبلغ ارتفاعه حوالي 350 متر ومحاط بالبحر في الكثير من جوانبه، وفي برشلونة غلب علينا الحزن وعشنا في حديقة لأيام طوال ولم نجد ما نأكله غير العيش الناشف والجبن القديمة التي لم يدم حالها طويلا بعد نفاذها، ثم اتصلنا ببعض من أبناء قريتنا بفرنسا وتمكنوا من إرسال رجل أسباني لنا استطاع بسيارته نقلنا إلي الحدود الأسبانية ولنفس القرية التي قبض فيها البوليس علينا، وكان هذا الرجل مرشد لنا تسلق هذا الجبل وتسلقناه معه وواجهتنا صعوبات جمة لأننا لم نعرف هذه الرياضة من قبل وكانت دماؤنا تنزف من الصخور والنباتات الشوكية التي كبلتنا أحيانا وكنا نزحف ولولا الإصرار والعزيمة لفشلنا في هذا الصعود القاتل حتي وصلنا القمة ووجدنا غرفة بها بقايا ملابس وأحذية الباليه تشير إلي مرور كثير من المهاجرين خلالها ثم هبطنا الجبل وأخذنا سيارة من الحدود بسبب خوفنا إلي باريس وكلل الله رحلتنا بالنجاح بعد أن عملت لعامين ثم رجعت مصر للدراسة بكلية الآداب قسم جغرافيا ثم أنهيت دراستي وخدمتي العسكرية ورجعت لفرنسا بتأشيرة هذه المرة وخلالها تعرفت علي زوجتي السيدة / كرستين نصار ، وبمساعدة بعض الأصدقاء تم الزواج وقدمت الدوسيه من أجل الحصول علي أوراق وتم الحصول عليها بتوفيق من الله وكانت زوجتي منة الله لي لأنه معها فتحت أمامي الأرزاق وحصلت علي الجنسية الفرنسية وبدأت في الكد والعمل الفردي في مجال المعمار حتي أسست شركة صغيرة في البداية ونجحت بسبب إخلاصي واحترامي لقوانين البلد التي أحيا فيها، ولم أنسي أسرتي خلال تلك الفترة وكان دعائهما لي وبخاصة والدتي لا ينقطع وكانت رحمها الله توصيني دائما بتقوي الله، وفي عام 1992 وفقت في أخذ عمل في مدينة كبيرة عن طريق مناقصة عامة وتمكنت بعون الله في إتمام عملي بكفاءة واقتدار، وكانت هذه البداية نحو النجاح والانطلاق الحقيقي الذي دفعني لأن أطور شركتي التي فرضت نفسها حتي نلت إعجاب الشركات والدولة الفرنسية وبدأت في التعامل معهم ومع أكبر البنوك والدخول في عمليات إعمار كبيرة تبدأ بشراء الأراضي ثم بناء الأبنية الحديثة عليها وطرحها علي شكل مكاتب وشقق وفيلات حتي وصلت لأن أصبح شركة كبري من أكبر الشركات التي تمنح الأعمال والمناقصات، وأكثر ما ألمني في حياتي برغم هذا النجاح هو وفاة والدتي رحمها الله في شهر أكتوبر 2011، وقد وصتني قبل رحيلها بأن أكون خير سند وعون للمحتاج وأن أكون صادق الوعد دائما، وأن أؤدي حقوق الله وأحافظ علي نعمته لكي يهبني تلك النعمة، كما أوصتني بالإخلاص وصلة الرحم، ولهذا فأنا أمشي بالوصية وأحب أهل قريتي واحترم فيها الصغير قبل الكبير وأسعي دائما إلي لم شمل الأسرة وأحب الإعمار في كل مكان أعيش فيه، وقد قمت هنا بفرنسا مع مجموعة من الأصدقاء المصريين بتأسيس جمعية تسمي الجمعية الفرنسية المصرية للتعاون والتنمية نسعي من خلالها إلي فتح آفاق جديدة في الاقتصاد بين البلدين، واستقبلنا خلالها قضاة مصر الذين يعتبرون رموز الوطن وأعمدة الدولة في مصر ونسعي من خلال أفكارهم لترسيخ فكرة العدل الاجتماعي والسعي إلي تحقيقه والاهتمام بالطبقات الفقيرة والكادحة في مصر، كما نسعي أيضا إلي إنشاء قري جديدة مدعمة بالنواحي الأمنية مع الاهتمام بإنشاء مدارس صناعية لتأهيل الشباب وتعليمهم بعض المهن والحرف ليتمكنوا بالعمل والمهنة من عيش حياة كريمة، كما نحاول من خلال تلك الجمعية من إظهار صورة مصر الحضارية علي نحو أفضل بفرنسا لتشجيع استثمار الشركات الأجنبية وجلبها إليها، ومن أهم الأمور التي أدخلت السعادة إلي قلبي هو أن رزقني الله ببناتي الثلاث الأولي وهي سونيا البنت الكبري وهي بالمراحل النهائية بكلية الطب، والثانية لورا بالثانوية العامة، وجولي البنت الأخيرة بالصف الأول الإعدادي، ثم والدتهم التي ساندتني في مشوار حياتي وتحب وتعشق مصر وتبالها نفس الحب الذي أحمله لها ودائما ما تهتم بكل أحوالها كبلدها تمام، والأكثر من ذلك أنها تهتم بأدق التفاصيل لدرجة قلقها الشديد علي مشكلة سد النهضة بأثيوبيا وتخشي من الخطر الذي يمكن أن يهدد مصر وتدرك جيدا معني النيل بالنسبة لها وبالنسبة لحضارتها وبالنسبة للمصريين، وعن عادات وتقاليد زوجته يقول الأستاذ نصار بأنها كريمة وتحب عائلتي وترحب بأصدقائي هنا من المصريين لحبها وحفاظها علي العادات والتقاليد الأصيلة. ثم يستطرد قائلا الحمد لله علي كل حال لأن الله نجاني من الكثير من الصعاب ومازلت أري نعمه التي لا تحصي من حولي ولهذا فأنا أعطي مما أعطاني الله ولا أنتظر الشكر من أحد، ولا أحب رغم نجاحي في مصر واستصلاحي للكثير من الأراضي المثمرة التي أوجدت الكثير من فرص العمل للكثيرين لا أحب الظهور الإعلامي لأني اعتبره نقصا في تكوين الشخصية وأحب أن ينطق عملي ويفصح عني لأني لا أحب الكلام عن نفسي، وأتمني أن ينجح غيري ويحقق أكثر مما حققت ولهذا لا أبخل أبدا بالنصيحة أو بمساعدة الآخرين لفتح أبواب المستقبل أمامهم بكل ما أملك، وعن مصر الآن بعد الثورة ووسط هذا المعترك السياسي يقول الأستاذ نصار أننا نحمد الله بأن مصر من خلال القوات المسلحة ورمزها المشير عبد الفتاح السيسي رجعت لنا مرة أخري وتم انتشالها مع إرادة الشعب في اللحظات الأخيرة ونحن الآن نسير وفق خطة طريق موفقة من خلال رئيس جدير بالاحترام وحققنا دستور مشرف راعي حقوق كل المصريين واهتم بكرامتهم، وقمنا الآن بإجراء الانتخابات الرئاسية خارج الوطن بصورة حضارية متميزة عما سبق وقمت باختيار الرئيس السيسي لأنه رجل هذه المرحلة رغم احترامي للسيد حمدين صباحي بسبب الظروف المحيطة بمصر وبسبب المخططات الغربية وخطورة التنظيم الإرهابي الدولي ولن يفيد إلا البطل الذي قضي علي كل هؤلاء في 30 يونيو، ولا يخيفنا ما يحيكه الغرب ضدنا وما يفعله الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول لأننا سنمضي قدما لاستكمال مسيرة ثورتنا ونحقق مطالبنا، وأري أنه خلال العام 2014 سوف نضبط الأمور السياسية للدولة بعد الانتخابات البرلمانية ويتحقق الأمن والاستقرار وعندها ستبدأ الانطلاقة الصاروخية للاقتصاد المصري الواسع الآفاق وسوف تعود معه الأموال العربية وترجع إلي مصر لأنها ستشكل قوة اقتصادية في القريب العاجل لأنها تملك الموارد والخطط والثروات كما أنها تتميز بأنها قوة استهلاكية كبيرة وكل ذلك كما نفهم نحن هنا أن الغرب يسعي وراء المال والاقتصاد أينما وجد وعندها لا يهتم بالأمور السياسية، كما أن مصر وخلال الخمس سنوات القادمة سوف تدخل في مصاف الدول الكبار علي مستوي الاقتصاد والاستثمار الذي ستسعي إليه مصر سريعا، ولهذا يجب علينا جميعا في الداخل والخارج أن ننسي الكراسي والمناصب الزائلة وأن نساعد قدر ما نستطيع وطننا ومساندة رئيسها القادم بكل ما نملك لأن تلك اللحظة هي بالفعل لحظة العطاء ويجب أن نشحذ الهمم والطاقات لذلك، وأما عن الدول الغربية فإنها عندما تري مصر بعد الاستقرار تتحرك نحو الأفضل فإنها لابد أن تجد مكانها داخل قطارها الاقتصادي وسوف تعود مجبرة إلينا وإن شاء الله سوف يتحقق ذلك ونحمد الله علي ما نحن فيه الآن برغم كل الظروف المحيطة أمامنا، ولهذا يجب علينا مساندة الوطن قدر المستطاع، وعلي كل مصريين الخارج ألا يبخلوا بأموالهم وخبراتهم ودمائهم عن الوطن في تلك الظروف وأنا متأكد أن مصر بقيادة المشير السيسي والجيش والشرطة وكل مؤسسات الدولة سوف تصل مصر بنا إلي كل ما نتمناه ونأمله لنا ولها وأختم قصة كفاحي تلك بتوجيه الشكر لدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت علي وقوفهم معنا في تلك المحنة، وأما أنا سأقدم كل ما أستطيع لوطني وأعمل علي أن ينجح أولادي هنا ويتفوقوا من أجل أن يهدوا نجاحهم وجهودهم إلي مصر ثم ختم حديثه قائلا لا تقلق فإن مصر سوف تعود وبقوة إن شاء الله.