أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    «التعليم» تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية «بنين و بنات»    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    رسالة قرينة الرئيس السيسي للمصريين في عيد شم النسيم    يستفيد منه 4 فئات.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    أسعار سبائك الذهب BTC اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    أسعار الجمبري اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة بالتزامن مع فصل الربيع    «الري»: حدائق القناطر الخيرية تفتح أبوابها أمام زوار أعياد الربيع وشم النسيم    اقتراح برغبة لإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة مع عيد شم النسيم    في ظل مخاوف الاجتياح.. الأونروا: لن نغادر مدينة رفح    الرئيس البرازيلي: التغير المناخي سبب رئيس للفيضانات العارمة جنوبي البلاد    رئيسة المفوضية الأوروبية: سنطالب بمنافسة "عادلة" مع الصين    إيران تدرب حزب الله على المسيرات بقاعدة سرية    دقيقتا صمت مع صفارات إنذار.. إسرائيل تحيي ذكرى ضحايا المحرقة    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    "أنا حزين جدا".. حكم دولي يعلق على قرار إلغاء هدف الزمالك وما فعله حارس سموحة    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    تفاصيل القبض على عصام صاصا مطرب المهرجانات بتهمة دهس شخص والتسبب في وفاته بالطالبية    عيد الأضحى 2024: متى سيحلّ وكم عدد أيام الاحتفال؟    أشجار نادرة وجبلاية على شكل الخياشيم.. استعدادات حديقة الأسماك لشم النسيم    "هزار تحول لخناقة".. شاب يمزق جسد صديقه في سوهاج    توافد المواطنين على حدائق القناطر للاحتفال بشم النسيم .. صور    حمادة هلال: جالي ديسك وأنا بصور المداح الجزء الرابع    نور قدري تكشف عن تعرض نجلها لوعكة صحية    اليوم ذكرى ميلادها.. كيف ابتكرت ماجدة الصباحي «السينما المتنقلة»؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    «الرعاية الصحية» تطلق فعاليات المؤتمر العلمي الأول لفرعها في الإسماعيلية    عصير سحري تناوله بعد الفسيخ والرنجة.. تعرف عليه    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    البحيرة: رئيس كفر الدوار يتابع الاستعدادات لبدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    "ماتنساش تبعت لحبايبك وصحابك".. عبارات تهنئة عيد الأضحى المبارك 2024 قصيرة للأحباب    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحمد سامي: كنا قادرين على الفوز ضد الزمالك بأكثر من هدف والبنا لم يكن موفق    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسبب أزمة المرور وضيق العيش.. 'الحنطور' يغادر القاهرة

علي طول الكورنيش يقفون بجوار بعضهم، يتباهون بالعربة الملكية والحصان 'ملك الصنعة' يبحث عنهم كل زائر إلي القاهرة، لكن تبدل الحال وأصبح الهم يشغل البال فمن مطاردات رجال المرور إلي انخفاض السياحة وتدهور الأحوال، لم يبقٍ أما 'الحنطور' إلا أن يعلن الرحيل، لكن إلي أين؟
حالة 'ضنك' يعيشها الحنطور الذي كان يتباهي بمشيه في شوارع المحروسة بطرازيه 'الكوبيل الملكي' الذي كان يمشي علي 4 عجلات وعليه مراية إزاز ويجره حصانان، وفيه أبواب، ليغلق علي من يركبه من الملوك والبرنسات أو 'الفنيون' حنطور الشعب 'وهو ليس به صندوق إزاز وعليه غطي مصنوع من الجلد'.
'الحنطور' يعد من أقدم وسائل النقل في تاريخ مصر، و كان وسيلة الانتقال الأساسية حتي ثلاثينيات القرن الماضي بعد أن أدخله الإيطاليون للبلاد، ثم أظهر العامل المصري براعته بعد أن تعلم فنونها من أصحابها كعادته، وبعد أن كانت تستورد جميع قطعها من الخارج، ويكتفي بتركيبها هنا، طوعت يد الصانع المصري الأخشاب والحديد، لتخرج من بين يديه صنعة تفوق فيها علي أصحاب المهنة الأصليين.
ولكن بمرور الوقت وظهور وسائل النقل الحديثة تحول الحنطور من وسيلة أساسية للنقل إلي وسيلة من الوسائل السياحية المهمة والمنتشرة بكثرة في المناطق الأثرية والمتنزهات في مختلف المحافظات المصرية، والتي تجذب أنظار السياح من مختلف دول العالم حيث يتخلون عن الأتوبيسات السياحية المكيفة ويبحثون عن 'الحنطور' للإنطلاق في جولة سياحية، تبعث علي الراحة النفسية من خلال الأستمتاع بالهواء الطلق والمناظر الخلابة في النيل والشواطئ والشوارع المختلفة، خاصة في الليل.
ولا يقتصر استخدام 'الحنطور' علي التنزه في المناطق السياحية فقط، ولكن يستخدمه بعض المصريين في التجول قرب الكورنيش وفي حفلات الزفاف 'زفة الحنطور' عربات الحنطور كانت تنتشر من خلال 12 موقفًا داخل القاهرة وتحديدًا حي الزمالك وقصر النيل وجاردن سيتي تراها علي كوبري 6 أكتوبر وقصر النيل قرب ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة، كما تنتشر في منطقة الأهرامات ونزلة السمان وسقارة بالجيزة، وفي أسوان والأقصر.
والحنطور لكي يسير في الشوارع لابد أن يحصل علي رخصة كانت في الماضي تصدر من 'بوليس مصر' وبرقم محدد ويتم منحها لمدة عام واحد بعد تطبيق اختبارات الأمن والمتانة بوضع تل صغير من الرمال والسماح للحنطور بالمرور من فوقه لبيان درجة الثبات في العجل.
أما الآن فالرخصة تصدر من المحافظة ولا توجد اختبارات أو أي شيء فقط تأتي الموظفة من الحي لتري مدي نظافة العربة لتعطي لصاحبها الرخصة بعد سداد الرسوم وقدرها حوالي 130 جنيهًا ليحصل صاحب الحنطور علي رخصة مكتوب فيها 'نوع المركبة' حنطور, وعدد الركاب المصرح بهم 'خمسة' وخط السير نطاق الحي' أي منطقة قصر النيل والزمالك وبرج القاهرة.
أما سائق الحنطور فهو الآخر لابد أن يكون حاصلاً علي رخصة قيادة للحنطور يحصل عليها بعد تقديم 'الفيش والتشبية', والكشف البطني والنظر ثم الرسوم التي تحصل عليها المحافظة ليتم تجديد رخصة القيادة كل 5 سنوات.
الحال بطال الآن كما يقول كل من يعمل بمهنة الحنطور الآن والذين كانوا 80 أسرة بتاكل عيش والدنيا ماشية، لكن بعد انخفاض السياحة وضيق الأحوال أصبح العدد 40 أسرة فقط هي التي تعمل علي الحنطور كما يقول عم 'كمال فرغلي' الذي بمجرد أن ركبنا معه من علي الكورنيش أصر علي أن نذهب إلي الموقف علي الجانب الآخر من النيل عند برج الجزيرة 'المغلق حالياً' وبالقرب من نادي الشرطة والذي كان محظوراً عليهم الأقتراب منه، حيث أصدر حبيب العادلي وزير الداخلية قراراً قبل ثورة يناير بثلاث سنوات بمنع تواجدهم في هذا المكان ويضيف عم 'كمال' الوزير العادلي حدد خط سير الحنطور بالكورنيش فقط، بعد أن كان مسموحاً لنا بالسير داخل القاهرة الكبري كلها، لكن 'الباشا الوزير منع أي حنطور من الوجود في المكان حتي لا يرانا وهو يتريض بالنادي يومياً'، حتي أنهم في مرة من المرات نفذوا علينا حملة ضمت المحافظة والمرور وقسم قصر النيل وبولاق وأخدوا الحناطير والخيول لأكثر من ثلاثة أشهر خربوا فيها بيوتنا وترك رجال زوجاتهم بعد ضيق ذات اليد، و قامت الثورة بدعوات الناس الغلابة وقلنا يا رب 'فكها علينا'، لكن للأسف زاد سوء الحال، 'بس برضه العشم في ربنا كبير'.
أيوه العشم في ربنا كبير والكلام هذه المرة لعم وجدي 'والذي يعمل بالمهنة من 50 سنة فقد ورثها عن أبيه وجده، لكنه لا يتمني أن يعمل فيها أولاده الخمسة الذين أصر علي استكمال تعليمهم حتي حصلوا علي البكالوريوس والدبلوم لكنه مع ذلك لا يتمني لهم هذه المهنة 'كفاية انا متبهدل'.
يقول عم وجدي الأيام دي صعبة قوي، زمان كان كل شغلنا علي السياح العرب والأجانب، ودلوقتي شغلنا كله علي الزبون المصري 'وهو تعبان زينا' أحياناً الأسبوع بلا زبون واحد، 'بس هاعمل إيه ربنا كبير'.
'مش مهم إحنا ناكل, المهم الحصان الذي يحتاج 40 جنيه في اليوم أكل غير 150 شهرياً اجرة الاسطبل الذي ينام فيه، ده غير الحقن والدواء إذا لاقدر الله مرض الحصان' زمان كنت بامشي بالعربية بحصانين، لكن دلوقتي الظروف لا تسمح إلا بحصان واحد، 'أجيب منين 80 جنيه أكل يومي للحصانين'.. تلك كانت الجملة التي خرجت من عم حسين محمد الذي أصر علي أن نري معه الشارة النحاسية التي تم تركيبها علي حنطوره 'الملوكي أبو مرايتين' والتي كتب عليها 'بوليس مصر'، عم حسين يهمه أكل الحصان لأنه هو الأساس، 'وإحنا بس عاوزين نأكل عيش ونأكل أولادنا، أنا عندي 68 سنة وباخد معاش من التأمينات اللي كنت بادفعها من 50 سنة وكنت باخد 130 جنية ودلوقتي أصبحوا 300 جنيه' مبلغ لا يكفي أكل عيش حاف، لذلك يخرج عم حسين بحنطوره للعمل للانفاق علي زوجته المريضة وأولاده الذين يعيش معهم في حجرة صغيرة ببولاق أبو العلا.
أما رائد أنور إبراهيم فهو شاب يبلغ من العمر 26 سنة ولكنه يحمل هم أسرة كاملة تركها له والده عمره 16 سنة. 6 أخوات وأمه في رقبته، يحاول بالحنطور أن يوفر لهم لقمة العيش التي تغنيهم عن ذل السؤال.
كل حلمهم يكلوا عيش بالحلال، غلابة لا يعرفون سوي مهنة الحنطور التي يبدو أن الاختناق المروري داخل القاهرة ومطاردات رجال المرور ستجعلهم يتركونها بلا عودة، هم يدركون أن مصر في أزمة لذلك لم يفكروا أبداً في عمل وقفة احتجاجية أو قطع طريق، فهم ناس غلابة يريدون فقط أكل عيش لهم وللحصان. ومعاهم رخصة للعربة وللسائق 'يعني ماشيين قانوني' املهم الوحيد أن تكف مطاردات رجال الشرطة لهم طالما ظلوا ملتزمين بالقانون، وكل آملهم السياحة ترجع ومعاها اللقمة التي تكفي العيال، فكروا في عمل رابطة لهم تتحدث عنهم وعن مشاكلهم وفعلاً رفعوا قضية قبل الثورة، لكن القضية وقفت بعد احتراق مجمع المحاكم أثناء الثورة، هم صورة يمكن أن تكون جزءاً من منظومة السياحة وليسوا مجرمين لتطاردهم الحكومة وتأخذ منهم غرامات تصل إلي 600 جنيه، ولأن المبلغ دايمًا مش موجود يأخذونهم علي القسم لتركوا الحصان في الشارع ليعبث ويجري ويكسر في السيارات ليعود صاحبة ويجد في انتظاره مصيبة ارتكبها 'الحيوان الأعجم'، ويصبح المسؤل عنها 'صاحب الحنطور'.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.