حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحنطور».. أدخله «الطليان».. وطوره المصريون.. ويواجه «شبح الانقراض»

الحناطير.. كانت وسيلة المواصلات الوحيدة فى المحافظة، بعد أن أدخلها الإيطاليون للبلاد، ليظهر فيها العامل المصرى براعته بعد أن تعلم فنونها من أصحابها كعادته، وبعد أن كانت تستورد جميع قطعها من الخارج، ويكتفى بتركيبها هنا، طوعت يد الصانع المصرى الأخشاب والحديد، لتخرج من بين يديه صنعة تفوق فيها على أصحاب المهنة الأصليين، وهو الأمر الذى لم يكن غريباً على المصريين، فقد طوعوا الأخشاب، واستحدثوا أنواعاً جديدة من الحناطير لم تكن معروفة فى بلادها الأصلية، فبعد أن دخل البلاد «الكوبيل الملكى» استحدث المصريون «البنز» و«الفينون»، إلا أن عوامل التغيير طالت المهنة لتعلن قرب اختفائها من الثغر لتصبح مهنة صانع الحناطير، إحدى مهن الزمن الجميل، التى تحارب القرارات التى حكمت عليها بالاندثار.
آخر صانعى الحناطير يتحسر على زمن «خواجات» إيطاليا والملك فاروق.. ويحذر من اختفاء المهنة بسبب ملاحقات «البلدية»
«بقالى 45 سنة فى الشغلة دى، بعد ما ورثتها عن أبويا اللى أخدها من أبوه، اللى اتعلموها من الطليان، منذ حوالى 200 سنة».. بهذه الكلمات بدأ على جبر حسن صانع حناطير حديثه معرباً عن تخوفه من اختفاء المهنة بسبب ملاحقات شرطة المرافق لأصحاب الحناطير، واحتجاز العربات فى وحدة الحفظ والإيداع (الحضانة).
وأضاف «جبر» خلال حديثه ل«إسكندرية اليوم»: «زمان كانت كل المشاوير تتم باستخدام الحناطير، بس دلوقتى ماحدش بيقدر المهنة دى غير الخواجات، اللى بييجوا مخصوص علشان يركبوا الحنطور ويتصوروا وهمه راكبين الحنطور، ورغم إنه عبارة عن حاجة من التراث إلا إن البلدية مش سايبة الناس تشتغل ومش راضية تجدد لهم الرخص، وهو ما أثر علينا فى الورشة كتير بعد ما كان عند جدى 3 ورش فيها 30 عامل أصبحت الأن ورشة واحدة فيها 3 عمال».
ذكريات «جبر» مع الحناطير، بدأت قبل مولده عن طريق الحكايات التى تناقلها من والده وارثا لها من جده لتظل تراثاً نقله لولده الذى رفض العمل فى الحكومة رغم حصوله على بكالوريوس خدمة اجتماعية، بعد أن غرس فيه عشق المهنة منذ نعومة أظفاره.
المهنة التى وصلت لمصر عن طريق «خواجات إيطاليا» فى الثمانينيات، انتشرت فى المحافظة لانتشار الأماكن السياحية بها التى تحتاج إلى وسيلة تقل السياح لمشاهدة تلك الأماكن، فكان الحنطور هو هذه الوسيلة، وقال «جبر» إنه ورث المهنة من أبيه عن جده حسن سليم والذى عمل مع الإيطاليين فى ورش تصنيع الحناطير لفترة من الزمن بعدها شارك أحدهم فى إحدى هذه الورش عام 1850.
وأضاف أن انتشار المهنة فى المحافظة كان بفضل العديد من الأسباب أهمها أن الإيطاليين أصحاب المهنة، كانوا لا يحبون العمل بأيديهم فكانوا يحبون العيش كأنهم «باشوات»، ولذلك استعانوا بعدد من المصريين المهنيين لتعليمهم المهنة، ونجح العديد من العمال فى تعلم المهنة حتى وصل عدد الورش التى تقوم بتصنيع «الحناطير» إلى 30 ورشة فى أرجاء الثغر فى ذلك الوقت. وحذر من اختفاء المهنة، بسبب مطاردات البلدية.
ورش الثغر، التى أنشأها «الطليان»، كما أكد «جبر» كانت فى البداية عبارة عن ورش لتجميع مكونات الحنطور، التى كانت تستورد بالكامل من النمسا وإنجلترا وإيطاليا، إلا أن «نباهة» السكندريين وسرعة «تشربهم» للمهنة جعلتاهم يصنعون كل مكونات الحنطور فى ورش مختلفة منها ورش النجارة، والحدادين و«الاستورجية» المسؤولين عن تغطية أخشاب الحنطور بالجلد، وأصبحت «الثغر» بفضل مهارة أبنائها أكثر البلاد شهرة فى تصنيع «الحناطير».
وكعادة كل الوافدين على مصر، البلاد وخلفهم بعض الحرف. ترك الإيطاليون فى الثغر أمهر صناع «الحناطير»، بعد أن نجح العامل السكندرى كعادته فى تعلم المهنة بأسرع ما كان يتوقعه أكثر المتفائلين، ليترك بعدها الإيطاليون البلاد تاركين وراءهم أمهر صانعى الحناطير الذين صعنوا إمبراطورية كبيرة جعلت كل شىء فى «الثغر» لا يتحرك إلا ب«الحنطور».
وتابع «جبر»: فى البداية وكعادة كل جديد اقتصر استخدام الحناطير على الملوك خاصة الملك فاروق، وعلية القوم ولم يكن للعامة من وسيلة مواصلات سوى السيارات الكارو التى تجرها الحمير أما «الحناطير فكانت تجرها أجود الخيول العربية الأصيلة وكانت عادة ما تعبر عن صاحبها، وأضاف: «لعل مهارة العامل السكندرى جعلته يتقن الصنعة لدرجة أنه استحدث أنواعا جديدة فبدلاً من أن يظل حبيساً للشكل الملكى الذى يطلق عليه (الكوبيل)، والذى عادة ما كان لا يتفق مع الشارع المصرى استحدث السكندريين نوعين آخرين هما (البنز) و(الفينون) وهى عربات أوسع كثيراً من (الكوبيل) الذى عادة ما يحمل شخصين فقط فى العادة الملك وزوجته.
وأوضح «جبر» أن «الكوبيل» عادة ما يقترن بكلمة الملكى ليصبح «الكوبيل الملكى» نسبة إلى الملوك والوزراء والأعيان وعلية القوم الذين كانوا يستخدمونه فى تنقلاتهم، وهو عادة لا يتسع سوى لشخصين به بابان وله زجاج يغطى بالستائر، التى يفتحها الملك لتحية العامة أثناء مروره فى أحد المواكب والأعياد، وكان هذا الشكل هو السائد والذى نقله الإيطاليون لمصر إلا أنه لم يكن ليتفق مع طبيعة «الثغر» فلجأ العمال المصريون إلى استحداث أشكال أخرى تتسع لعدد كبير من الأفراد، وهو ما نتج عنه «الفينون» وهو أشبه ب«الكوبيل الملكى» لكنه يتسع لستة أفراد، وهو ما كانت تستخدمه الأسرة المصرية فى مواصلاتها قديماً، أما الآن فهذان النوعان يستخدمان فى الفنادق والقرى السياحية الكبيرة التى تقدر الفن والتراث.
وأكد «جابر» أن نوعاً ثالثاً من «الحناطير»، وهو النوع السائد فى المحافظة، الذى يستخدمه «السريحة» على شواطئ الإسكندرية وفى الأماكن السياحية، وهو «البنز» وهو نوع من الحناطير المكشوفة، حيث يستخدمه العشاق والمحبون والسائحون لمشاهدة معالم المحافظة من تراث ومناطق سياحية، لتميزه بأنه مكشوف، وبلا أى أغطية تحجب الرؤية بخلاف النوعين السابقين.
وأضاف أن لون الحنطور فى الغالب هو الأسود، إلا أن بعض الأشخاص، خاصة أصحاب القرى السياحية يطلبون ألواناً أخرى تتماشى مع القرية، وإن كان الأغلب هو اللون الأبيض، وهو اللون الذى يرفضه «السريحة» تماماً، لأنه -بحسب قوله- يتعرض للاتساخ سريعاً.
علاقة «جابر» بالمهنة لم تتوقف عند كونها مهنة يقتات منها، لكنها أصبحت عشقه، الذى يظل عاكفاً عليه طيلة نهاره ليعود إلى بيته منهكاً ينتظر الصباح للعودة إليه، خاصة أنه أصبح آخر صانعى الحناطير فى المحافظة، بعد أن رفضت المحافظة استخراج تصاريح ورش جديدة، وهو ما جعله يحتفظ برخصة والده التى حصل عليها منذ 34 عاماً وانتقلت إليه فى الثمانينيات، بعد أن حصل عليها جده منذ قرابة 200 عام.
وأكد «جبر» أن صناعة الحناطير كأى مهنة يجب أن يتوافر فى صاحبها حبه وعشقه لها، وإلا فلن يستطيع ممارستها، بالإضافة إلى ذلك عليه التحلى بروح الصبر، حتى يستطيع تشكيل قطع الأخشاب ليصنع منها الحنطور، بالإضافة إلى أن صانع الحنطور يجب أن يكون فناناً، وهو ما يفرق صنعة شخص عن آخر.
وأضاف أنه عندما تطلب منه صناعة «حنطور»، وهى الطلبات التى ندرت فى تلك الأيام، وغالباً ما تقتصر، حسب قوله، على أصحاب القرى السياحية والفنادق، يبدأ بقراءة الفاتحة والصلاة على النبى ليبدأ بعدها عمله، الذى يبدأ فى التاسعة صباحاً فى الورشة، بعدها يبدأ تشكيل الأخشاب، التى غالباً ما تكون من خشب التوت لتميزه بالصلابة وتحمله عوامل الجو من الشمس والشتاء. ويقوم عادة بانتقاء الأخشاب بنفسه ليقوم بعدها بتقطيعها لتشكيل جسم «الحنطور» والشاسيه (القواعد الخشبية، التى يستند عليها الحنطور، وتمثل الدعامة الأساسية له) على الفورمة التى تبدأ فى تشكيل الحنطور، وبعدها يأتى دور «الحداد» الذى يقوم بعملية تبطين »الشاسيه« بالحديد، وتركيب «السوست» و«الدناجل»، التى يتم تركيب العجل عليها، وهى المرحلة التى ينتهى عندها دور الورشة لتنتقل إلى مرحلة أخرى هى مرحلة المخزن.
ومرحلة «المخزن» (مكان واسع بعيد عن الأتربة ذى سقف مرتفع)، التى ينتقل إليها الحنطور، كما يقول «جبر»، يتم خلالها نقل «الحنطور» خشب أبيض، ليتم تنظيفه مما علق به من أتربة أثناء عملية صناعته، ليقوم بعدها أحد أمهر النقاشين ب«معجنة» الأخشاب وسنفرتها، وبعدها يتم دهانها ليخرج الحنطور بعد الدهان ليوضع فى الشمس حتى تجف البوية.
وتابع «جبر»: بعد جفاف الدهان يصبح الحنطور جاهزاً للعملية التالية، وهى عملية تغطية العروق الخشبية بالجلد، وهى العملية المعروفة بالتبطين، وفيها يستعمل الإسفنج والجلد وعادة يستخدم اللون الأسود، إلا أن بعض أصحاب القرى السياحية يطلبون تبطين الحنطور بجلد ذى لون أبيض، لزوم الاختلاف، ولتحقيق مظهر جاذب للسائحين، ومرتادى القرى السياحية.
وككل شىء، هناك دائماً المزيد الذى يميز بضاعة عن مثيلاتها، فنجد أن بعض عشاق الحناطير لهم طلبات بعينها، واشتراطات محددة يطلبونها فى حنطورهم، منها بحسب «جبر». الفوانيس التى توضع على يمين ويسار مقدمة الحنطور، ويتم تركيب مصباح بداخلها يتم استخدام بطارية لإنارته فى الفترات الليلية، وبخلاف المصابيح هناك الأجراس النحاسية، التى تعتبر من أهم ما يميز حنطوراً عن آخر، ويطلبها عشاق الحنطور كميزة إضافية تميزهم عن أقرانهم، حدوة الفرس يطلبها عدد غير قليل على أن توضع فى مقدمة الحنطور ربما لدرء الحسد- حسب قوله.
وأضاف «جبر» :«المهنة دى تراث ما ينفعش نفرط فيها بسهولة بعد ما كنا بنستوردها أصبحنا بنصدرها بس الظاهر كل ده مكتوب عليه النسيان بعد البلدية ما أصبحت بتحارب السريحة، وبتاخد منهم الحنطور، وترميه فى الحضانة، وترفض الإفراج عنه» الأمر الذى جعل عدد سائقى الحناطير فى المحافظة يتضاءل ليصل إلى 300 سائق بعد أن كان عددهم 4000، منتقداً قرارات اللواء المحافظ عادل لبيب، التى تسببت فى ترك العديد من أصحاب المهنة سواء من السائقين أو صانعى الحناطير المهنة، لتهدد المهنة بالفناء.
وأكد أن شكل الحنطور، استهوى العديد من راغبى اقتناء التحف والأنتيكات ما جعلهم يطلبون صناعة حناطير بأحجام صغيرة، وهى الحناطير التى تظهر فيها قدرة الصناع على الإبداع لأن الخطأ فى هذه الأنتيكات سيكون ثمنه رفض صاحب الحنطور تسلمه، وهو الخطأ الذى سيكلفه مكانته فى السوق، وأضاف أن صناعة الحناطير الصغيرة أصبحت هى الملاذ الأخير له بعد اختفاء راغبى اقتناء الحناطير بعد قرارات عدم الترخيص لها، مشيراً إلى أن مثل هذه القرارات من شأنها أن تؤدى إلى اختفاء المهنة من الثغر رغم أن بعض السائحين يأتون خصيصاً للثغر لركوب «الحنطور».
سائقو الحناطير: «مطاردات الحى خربت بيوتنا.. ونفسنا نعيش بالحلال»
انتقد سائقو الحناطير بمنطقة محطة الرمل والمنشية، قرار التحفظ على «الحناطير» فى الحضانة وعدم الإفراج عنها، مطالبين بضرورة تجديد الترخيص لهم، وقالوا إنهم بذلوا كل ما فى وسعهم لاستخراج التراخيص، لكن دون جدوى وأصبحت معاناتهم كما يقولون ليست مجرد السعى على «لقمة عيشهم»، لكن الهرب من مطاردات الحى لهم.
أكد محمود إبراهيم، سائق حنطور، أن المحافظة قامت بالتحفظ على 27 عربة حنطور فى الحضانة ما تسبب فى «خراب بيوت» أصحابها، مضيفاً «أقل عربية حنطور ثمنها 15 ألف جنيه وما ينفعش المعاملة اللى بنتعامل بيها دى»، وانتقد قيام المرافق والحى بمطاردة السائقين وطريقة التعامل معهم حتى إنهم- بحسب قوله- يقومون بإنزال السائح من الحنطور للتحفظ عليه ويقومون بعدها بإعطاء السائق الحصان مقابل مبلغ 1000 جنيه.
وأوضح «محمود» أنهم يختلفون عن «العربجية»، فالعربجية عادة ما يعملون فى المينا لتحميل «بالات» القطن بخلاف سائقى الحناطير، الذين يطلق عليهم «أسطى باشا»، لافتاً إلى أن المحافظة، كان يوجد بها أكثر من 700 «أسطى باشا» انحصروا الآن فى 40 فقط، بسبب قرارات عدم تجديد الترخيص والملاحقات المستمرة لهم، وطالب سائقى الحناطير بضرورة المحافظة على المهنة لأنها ما تميز المحافظة ويأتى السائحون من كل بلاد الدنيا، حسب قوله، للتمتع بها خاصة فى فصل الصيف وأعياد شم النسيم.
وأكدوا عدم قدرتهم على العمل فى مهنة أخرى بعد أن ورثوا المهنة عن آبائهم، وقالوا: «تقدمنا بالعديد من الشكاوى لجميع المسؤولين إلا أنها شكاوى لم تلق أى استجابة»، خاتمين حديثهم ل«إسكندرية اليوم» بعبارة «هنأكل عيالنا منين.. والله إحنا مصريين مش يهود علشان نتعامل المعاملة السيئة دى ونتشتم كل يوم وكل ده علشان عايزين نعيش بالحلال».
وانتقد السائقون قيام بعض الأحياء، بمنح تراخيص للحناطير مثل حى وسط فى حين رفضت باقى الأحياء تجديد الترخيص لهم، وهو ما يؤكد أن الأمر يتم حسب أهواء المسؤولين وليس بموجب قرارات، حسب قولهم.
«عم خميس» أقدم سائق حنطور: نبدأ يومنا بالتوكل على الله.. و«صابرين» أشهر زبائنى
عربة سوداء اللون، تتكون من نصفين، تبدأ يومها بالتجول فى طرقات المدينة الواسعة، خاصة على كورنيش البحر، منذ الصباح الباكر حتى الساعات الأولى من الليل، ويردد صاحبها كلمته الشهيرة فى بداية يومه ونهايته «الرزق على الله». «عم خميس»، أقدم سائق حناطير سياحية فى الإسكندرية، منذ 40 سنة، يروى قائلاً: «اسمى خميس محمد، أعمل فى هذه المهنة منذ 40 سنة، كان عمرى فى هذا الوقت 12 سنة، وبدأت أنزل مع والدى والجلوس بجانبه، وهو يطوف شوارع الإسكندرية، ويتعرف على الأجانب والمصريين والعرب، حتى ورثت المهنة من بعده».
وأضاف الحنطور كان وسيلة المواصلات المتعارف عليها فى مصر زمان، إلا أن ظهور وسائل المواصلات أدى إلى عزوف المواطنين عنها، وقيام شرطة المرافق بمطاردتنا، والاستيلاء على الحنطور، ونزول الزبائن منه، لوضعه فى وحدة التحفظ والإيداع (الحضانة)، أدى إلى قلة الزبائن».
ويحكى «عم خميس» كيف يبدأ يومه، قائلاً: «أبدأ يومى فى تمام الساعة ال10 صباحاً وأقوم بالتوجه إلى «أسطبل» الحصان فى منطقة كرموز بحى غرب، وأحضر معى إفطاره الذى يتكون من الفول والشعير وكمية من المياه، وتستمر وجبة إفطار الحصان ساعة تقريباً، وبعد ذلك أعمل على تنظيف العربة من الأتربة والأوساخ، حتى تكون جاهزة لبداية يومنا الذى يبدأ منذ الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى المغرب».
أضاف «عم خميس» أن أكثر الأماكن التى يفضلها زبائنه كورنيش البحر وقلعة قايتباى ومكتبة الإسكندرية والمنشية ومحطة الرمل، وأن هناك مجموعة من الفنانين والنجوم قاموا بالركوب معه، والتجول على كورنيش البحر، ومنهم المطربة وردة الجزائرية، والفنانة صابرين، فضلاً عن قيامه باصطحابهم داخل البلاتوه الخارجى لمشاركتهم فى أعمالهم بالحنطور السياحى».
وبرر «عم خميس» عدم تحديد أجرة معينة للحنطور، قائلاً: «ساعات تأتى إلينا أسرة متوسطة الحال، تريد التجول بالحنطور فى القلعة، طبعاً مش حشترط الأجرة علشان الأسرة تنبسط».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.