تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بجامعة قناة السويس    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    وزير التعليم يوجه بزيادة إنتاج مشغولات ومستلزمات المدارس الفنية والاهتمام بتسويقها    سوريا.. قرار عاجل من مجلس الوزراء يخص مؤسسات الدولة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    تراجع أسعار الحديد الاستثماري 1000 جنيه للطن بداية من الغد    الطاقة السعودية: النقاش بشأن التغير المناخي أصبح أكثر واقعية في قمة "كوب27"    سعر اليورو مقابل الجنيه في البنوك اليوم الثلاثاء 30-4-2024    «الشيوخ» يبدأ الجلسة العامة لمناقشة ملف التصنيع الزراعي    بعد تراجع الأوفر برايس .. سعر شيري تيجو 8 العائلية 2024 الجديدة    تحرك برلماني لتطبيق الحد الأدنى للأجور بأجهزة الدولة وهيئاتها الاقتصادية    علاء عابد: زيارة أمير الكويت لمصر تستهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات    «إكسترا نيوز» تبرز ملف «الوطن» عن جهود مصر لوقف العدوان على غزة: وفد حماس في القاهرة    خبير دولي يؤكد أهمية زيارة رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك إلى مصر    مشاهد صادمة لثوران بركان روانج.. حمم وغيوم ساخنة ورعب بين السكان (فيديو)    بالأرقام.. حجم التبادل التجاري والاستثماري بين مصر والكويت تزامنا مع زيارة الأمير للقاهرة    طارق مصطفى يغيب يومين عن البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    صراع الكبار.. التشكيل المتوقع لريال مدريد وبايرن ميونيخ في دوري الأبطال الليلة    قرار جديد في ليفربول بشأن محمد صلاح.. هل يستمر بالفريق؟    رئيس شركة الأهلي: عبارة "مصلحة المنتخب أهم" حق يراد به باطل    لقب الكونفدرالية ينادي الأبيض.. شوبير يعلق على فوز الزمالك أمام دريمز الغاني    «الأرصاد»: طقس ربيعي مشمس في القاهرة الكبرى اليوم    والدة تسنيم بسطاوي: مش عايزة غير حق بنتي والمتهم قتل فرحتي.. فيديو    السجن 10 أعوام وغرامة 500 ألف جنيه لمتهم بحيازة 861 جرام هيروين في الإسكندرية    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 31 طن دقيق    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    «التعليم»: 38 مدرسة فنية تشارك في معرض «ابدع واصنع»    18 مليون جنيه خلال يوم واحد.. ضربة جديدة لمافيا الدولار    خبير يكشف عدم ذكر ووجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    باعتبارها معلمًا تنويريًا وحضاريًا.. سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    إيرادات الأفلام.. عمرو يوسف يتفوق على الجميع وتراجع على ربيع وبيومى فؤاد    حكم الوصية الواجبة ومعناها وشروطها؟.. الإفتاء توضح    ما هو الدعاء الذي نهى عنه النبي؟.. «وكيل الأوقاف» يوضح    المصل واللقاح عن "استرازينيكا": لا يوجد سبب يدعو للتخوف أو التوتر    أسهل طريقة لتحضير كيكة البسكويت الباردة.. «جهزيها من غير دقيق وبيض»    الصحة: تطوير مناهج مدارس التمريض والشعب والتخصصات بالمعاهد بالتعاون مع إيطاليا    فصل قضائي جديد في دعوى إثبات نسب طفل لاعب الزمالك السابق    وزير الري يؤكد أهمية دور البحث العلمي في التعامل مع تحديات المياه    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريم أمهات شهداء الشرطة.. في عيد الأم
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 25 - 03 - 2014

حضور آخر في حفل تكريم أمهات شهداء الشرطة في عيد الأم, للعام الثاني علي التوالي أرصد أوجاع قلوب أمهات ثكالي, وآلام لا تبارح أرواحهن ولا أجسادهن, في مثل هذا اليوم من العام الماضي دعيت إلي حفل مماثل, وقتها كان الإخوان علي كرسي السلطة والناس في أوج غضبهم, ودماء المصريين تنزف في كل مكان, وضباط وأفراد الشرطة يتساقطون فرادي وجماعات, تاركين وراءهم قلوب أمهات ثكلي يشعلها الغضب ووجع الفراق وقسوة الرحيل, وصغارًا حرموا من آبائهم كما حرموا في وطنهم من الشعور بالأمان, فمن منهم يشعر بأمنه وأمانه بينما يري جثامين الشهداء مذبوحة مقتولة ويتم التمثيل بها علي شاشات التلفاز؟ من منهم يشعر بأمان حينما يري رب البيت وحاميه, جنديًا من جنود الوطن ينتهك جسده علي أرض وطنه بيد واحد من أبنائه, مصريًا آخر يشبهه في الدين وفي الجنسية, وأي أمان ينتظر هؤلاء الصغار.. في هذا العام ما زالت الدماء تنزف علي أيدي جماعات الإرهاب, بينما الأحزان تفيض بلا توقف.. هذا العام أضيفت إليه أحداث جديدة من أحداث الموت والشهادة, كان أكثر من تحدثت معهم أسر لشهداء فض اعتصامي رابعة والنهضة, أسر شهداء مذبحة كرداسة, جراح أخري أضيفت لجراح العام الماضي..
عن أمهات ضباط وأفراد الشرطة, عن آباء مجروحين وصغار لا تجف دموعهم, أكتب ما سمعت ورأيت في حفل تكريم أمهات شهداء الشرطة الذي أقيم في النادي العام لضباط الشرطة, بمناسبة عيد الأم..
في ركن من أركان قاعة الاحتفال جلست متشحة بردائها الأسود الذي تشابه مع رداء كل الأمهات بالقاعة, سواد فوق الجسد, وسواد بفعل الحزن يملأ القلب, عيناها أغرقتهما الدموع, ففاضت علي ملامح الوجه الحزين..
اسمها 'هالة عبد الرحمن عبد الله' والدة الشهيد النقيب 'باسم محسن فاروق' تحكي السيدة 'هالة' عن ابنها الشهيد فتقول: ابني استشهد في 14 أغسطس 2013, يوم فض اعتصام رابعة, لكنه استشهد في شمال سيناء, كان يعمل بقطاع الأمن المركزي بسوهاج, لكنه طلب نقله إلي العريش للمشاركة مع زملائه لمحاربة الإرهاب, قلت له:
بلاش العريش الأيام دي صعبة, قال: لا يا ماما أنا قررت أروح العريش وبقولك من باب العلم بالشيء لأني مصمم أروح هناك, ادعي لي بس ربنا ينولني الشهادة.
وقتها حسيت أنه راجل أوي, سيبته يقرر مصيره, أول مرة طلب فيها 'باسم' الشهادة كان عمره 17 سنة بعد خروجه من فترة التدريب ال 45 يومًا أول دخوله الشرطة, أول مرة شفته فيها بعد خروجه قال لي 'لو بتحبيني يا ماما ادعي لي أموت شهيد' قلت له 'انت لسه صغير أوي يا باسم, شهادة إيه اللي بتقول عليها, البلد مافيهاش حاجة للشهادة' بعدها مبطلش يدعي انه يموت شهيد.
قبل الحادثة بشهرين طلب من أخوه لؤي يجيب له مية زمزم, شربها ودعا لنفسه بالشهادة..
كان كاتب كتابه علي بنت بيحبها أوي, وكان هيتجوز يوم 24 سبتمبر 2013 وكان حاجز يعمل فرحه هنا في النادي, دلوقتي جاية بدل ما أكون أم العريس بقيت أم الشهيد..
باسم ليه أخين, الاتنين ضباط شرطة, لؤي ومهاب, لؤي دفعة 2013 لكن مهاب كنت قدمت له الملف بتاعه في الكلية قبل استشهاد باسم, لكن بعد الحادث مقدرتش أكمل الإجراءات, هو اللي راح كملها بنفسه..
ما خفتيش عليه بعد استشهاد باسم؟
لأ, ما خفتش, ولادي رجالة زي أخوهم وهما كمان ما بيخافوش.
كنت عارفة ان باسم هيروح شهيد من أول ما سافر العريش, كان قلبي حاسس, أنا وهو كنا قريبين من بعض أوي أصله ابني الكبير ودايمًا كنت أحس بكل حاجة تحصل له حتي لو ماقالش, قبل استشهاده بنص ساعة كنت قاعدة لوحدي حسيت بوجع جامد أوي في صدري سمَّع في ضهري, وسمعت هاتف في وداني قال لي 'باسم مات' فضلت أتصل بيه في التليفون, لكن تليفونه مقفول, بعدها بنص ساعة جالي الخبر, وقتها كنت مع خطيبته في الشقة اللي كانت بتجهزها هي وباسم عشان يتجوزوا فيها, لقيت أخوه قدامي, من غير ما ينطق كلمة واحدة عرفت, قلت له باسم مات, أنا عارفة, باسم مات.. قعدت أسألهم: مات ازاي, لحد ما رحت المستشفي, أخوه قال لي إن قناص ضرب عليه النار, رصاصة دخلت من صدره خرجت من ضهره وقطعت عضلة ذراعه الشمال, وقتها عرفت انه اتصاب مكان الوجع اللي حسيت بيه في صدري وسمَّع في ضهري ساعتها, ده مكان دخول وخروج الرصاصة في جسم باسم.. لكن, رغم كل ده كانت أول كلمة قلتها 'الحمد لله' حمدت ربنا انه تقبل دعاء ابني وراح زي ما طلب.. شهيد..
إحساسك إيه وقت دخولك عليه المستشفي وخلاص عارفة ان ابنك شهيد؟
قلت هاشده وآخده في إيدي وأرجع بيه البيت ومش هسيبه, جالي هاتف في وداني قال لي 'مبقاش ابنك خلاص' سلمت أمري لربنا, حضنته وبوسته وسيبته, ودعيت له ربنا يرحمه, اطمنيت لما لقيته مبتسم, كان كإنه نايم بالضبط زي ما كنت باشوفه في البيت, مقدرتش أتحمل أكتر من كده, فقدت الوعي..
أكتر لحظة مؤلمة وقت رجوعنا البيت واحنا عارفين ان الحبيب اللي فارقناه مش هيكون معانا في البيت تاني, إوصفي لي إحساسك وقتها.
كان أكتر من مؤلم وصعب, واللي زوِّد وجعي ان العفش اللي اشتراه باسم لبيته كان موجود عندي في بيتي لحد ما ييجي يتجوز وينقله لشقته, شفت حاجته قدامي اتقهرت, وكل ما افكر ان مراته اللي كان كاتب كتابه عليها هتتجوز غيره أموت وأتوجع, لكن ادعي لها ربنا يرزقها بابن الحلال, هي تستاهل كل خير.
اللي مصبرني يقيني ان ابني شهيد, كل ما اروح أزور قبره أشم ريحة مسك شديدة, قلت لنفسي 'الحمد لله, منحني ابن باتباهي بيه وهو عايش, وهو ميت'
يا تري اتقبض علي اللي قنصه ولا لسه؟
اتقبض عليه, يوم 2 أكتوبر 2013 اسمه 'رجب الغول'
شفتيه؟
لأ, مقدرش أشوفه, بس بقيت أتابع وأسأل عليه عشان اعرف إذا كان هيتحاكم عسكري ولا مدني, هديت شوية لما عرفت انه مسجون في السجن العسكري, كان أول متهم يتقبض عليه من اللي قتلوا ضباط شرطة, أتمني ان القانون ياخد حق ابني عشان نهدي, في يوم زي ده ومع كل استشهاد لضابط شرطة يتجدد الوجع اللي ما بيهداش, وأفضل أدعي لأم الشهيد ربنا يصبر قلبها.
استلمتي بدلة الشهيد من الداخلية؟
أخوه أخدها وخاف يعرفني لكن شفتها بالصدفة في أوضته كان مخبيها في شنطة, لما فتحتها شميت ريحة ابني, وشفت مكان دخول وخروج الرصاصة ودمه اللي مغرق البدلة والبيادة وهدومه الداخلية, اترسم المشهد قدام عيني.
لو عندك كلمة عاوزة توصليها للناس في يوم زي ده تقولي لهم إيه؟
أقولهم خلوا بالكم من المتاجرة باسم الدين, اتقوا الله في خير جنود الأرض, دول اللي بيحموا البلد بلاش تكونوا ضدهم, ساعدوهم لإنهم بيشيلوا أرواحهم علي كفوفهم كل يوم عشان يحموكم ويحموا بلدكم, لسه فيه مشكلة مع بعض الناس وعلاقتهم بالشرطة.
تقولي إيه لباسم؟
وحشتني أوي, وحشتني كلمة ماما منك يا حبيبي, ربنا يرحمك يا ابني, أنا فخورة بيك أوي..
.. غريبة تلك الأقدار, الشهيد باسم هو من طلب نقل نفسه من سوهاج إلي العريش, وقبل استشهاده بيوم كان هناك اعتداء علي قسم ثاني شرطة شمال سيناء, الذي يعمل به فأصيب زميله, وحضر باسم إلي القسم نيابة عن زميله المصاب في يوم, ليس يوم خدمته, فكان يوم استشهاده..
السيدة 'ثناء محمود عبد الله' والدة الشهيد الرائد 'هشام كمال طعمة' معاون مباحث بني سويف, استشهد أثناء قيامه بفض اشتباكات يوم 16 فبراير 2013 حيث تم استهدافه بسلاح آلي تسبب له في قطع بالشريان الرئيسي بالساق, ونقل إثر إصابته إلي مستشفي الزهراء العام ببني سويف, لكن.. كان يوم الجمعه, كما هو حال جميع المستشفيات بمصر, لا أطباء, لا غرفة عمليات ولا رعاية, ولا طواريء, ليظل 'هشام' ينزف حتي الموت.. تقول أمه:
هشام متزوج وعنده بنتين, حلا 5 سنوات, وحنين 6 سنين, أنا وولادي عايشين مع بعض في نفس العمارة وبنتجمع كل يوم جمعة نقضيه مع بعض, يومها جالي كابوس, حلمت ان فيه شباب شايلين جثة لراجل طويل, ملفوفة بقماش أبيض, حطوها عند بيتي, قلت لهم انتوا جايبين واحد ميت في بيتي, قالوا لأ, ده متجبس, وصحيت متضايقة من الكابوس, بس نسيته, وجه.
هشام اتغدي معايا هو وولاده, كان خايف علي أخوه حسام, أصله برضه ضابط شرطة بس في المرور, وقفته كلها في الشارع وهشام كل شوية يكلمه يطمن عليه لأن المظاهرات كانت عاملة قلق, وصي أخوه وقاله خد بالك من نفسك ياحسام العيال بتوع الإخوان جايين عليك' ومشي راح شغله, بعدها لقيت حسام جاي يقولي ان هشام انضرب بالنار في رجله, نزلنا رحنا المستشفي لقيته بينزف, لكنه كان واعي ومش حاسس ان في رجله رصاصة, كان بقاله ساعات جوا المستشفي واتعرض لإهمال لحد ما مات.
استشهد في حضنك؟
أيوه.. ' قالتها ثم راحت في بكاء طويل'
آسفة يا أمي إني باجدد وجعك.. سامحيني..
يا بنتي دا مشهد ما بيروحش من البال أبدًا ولا يتنسي, لكن أدينا بنحاول نعيش.. وقت ما رحت المستشفي كانوا رافضين أدخل عليه, قلت لهم حرام عليكم, أشوفه ولو لآخر مرة, دخلت كان لسه فيه الروح, قعدت أدعيله 'ربنا ييسر لك يا هشام زي ما يسر لك في دنيتك, إنت في رحمة ربنا ياهشام' إخواته زعلوا اني بادعيله ربنا ييسر له, قلت لهم انه خلاص, ربنا يتولاه برحمته, الفجر أذٍّن علينا, طلعت فوق سطح المستشفي وقعدت أعيط وأدعي, قلت 'يا رب ما تطلعني من ديني وثبتني وصبرني' كان نفسي أقول الحمد لله, وقلتها لما مات هشام, ربنا كرمني وقلتها.
وقتها افتكرت الحلم اللي حلمته لما شفت منظر ابني بعد ما مات, نفس المشهد اللي شفته في الكابوس, كابوس كنت نسيته لما صحيت من النوم, لكنه اتحول لحقيقة مُرة.
هشام كان دايمًا يقول لي 'الدور عليا يا ماما, كل اصحابي راحوا' وأهه, هو كمان راح سايب بنتين اتيتموا بدري, وسايب أم بتموت كل لحظة من الوجع والقهر.
يومها صممت آخده معايا البيت, مقدرتش أروح من غيره..
'تذكرت كلام السيدة هالة والدة الشهيد باسم, حينما قالت إنها كانت تريد أن تأخذ شهيدها معها للبيت وألا تتركه حتي أتاها هاتف يقول لها إنه لم يعد لها, ما أقسي تلك اللحظات علي قلوب البشر'.
زمايله أصروا يشيلوه علي اكتافهم ومشيوا بيه من المستشفي للبيت, ورفضوا يوصل في عربية 'نفس المشهد هو ما رأته أم الشهيد هشام في حلمها, شباب يحملون جثمانًا ويضعونه في بيتها' زمايله أقسموا انهم مش هيسيبوا حقه, كان ابني غالي عندهم أوي, وصلوه البيت وخرجوا يدوروا علي اللي قتله, خرجوا يجيبوا حقه وحلفوا ما هيدفن قبل ما يقبضوا علي اللي قتله, وفعلاً, قبضوا عليه مسكوه عند النعش بتاع هشام وضربوه, وكأنهم بيقولوا لزميلهم الشهيد مش هنسيب حقك يا صاحبي, كان نفسي أقطع اللي قتل ابني باسناني, أحرق قلبه زي ما حرق قلبي علي ابني, لكن, ساعتها قفلوا عليا مع هشام في العربية بتاعة الجنازة, قعدت أعيط وأكلمه, اتمنيت انه يرد عليا ولو لآخر مرة أسمع فيها صوته, أطمن انه عرف ان اللي قتله دلوقتي مقبوض عليه, لكن ما ردش..
المجرم اللي قتل ابني اسمه 'حسام أبو الرجال' اتنقل المستشفي وأهله اقتحموا المستشفي وكسروها وخطفوه, وبدل ما الفضائيات وحقوق الإنسان يتكلموا عن الشهيد اللي راح في لحظة وهو بيأدي واجبه ومات برصاصة مجرم قاتل, كانوا بيدافعوا عن القاتل ويدينوا زمايل ابني اللي ضربوه, محدش اتكلم عن بنات ابني اللي اتحرموا من أبوهم في السن ده بسبب مجرم خارج عن القانون, ولا حد حس بقلب أم اتحرق وابنها بيطلع في الروح وهو بين إيديها وفي حضنها.
أفراد الشرطة اللي كانوا بيخدموا مع هشام قفلوا القسم وقتها واتظاهروا عند مديرية أمن بني سويف لحد ما اتقبض علي القاتل اللي أهله كانوا خطفوه, ودلوقتي هو محبوس علي ذمة القضية, الغريبة إن هشام استشهد من سنة, ومن وقتها الحكم ضد القاتل لسه ما صدرش, كل مرة الجلسة تتأجل بسبب 'الدواعي الأمنية' يبقي القاتل عايش بياكل ويشرب وأهله يزوروه, وأحنا شاربين المر وطعم عيشيتنا مرار, وأبقي اتحرمت من ضنايا أنا وولاده منتظرين حكم القانون والعدالة اللي ما بتجيش.
ابني كان محبوب من الناس كلها ما كانش يستاهل النهاية دي, مرة كنت ماشية لقيت شخص ملتحي بينادي عليا ويقولي 'عاوز أوطي علي رجلك أبوسها, أنا كنت مسجون سياسي وهشام بيه كان بيعاملنا معاملة رائعة, لدرجة إني أخدت ليسانس الحقوق بمساعدته.
'تقول السيدة ثناء أنها اعتادت أن تكتب علي أوراق النتيجة الساعة التي ولد فيها ابن من أبنائها وكل المناسبات المتعلقة بهم علي نفس يوم المناسبة لتحتفظ لهم بذكرياتهم مسجلة, مثل لحظة الميلاد أو النجاح أو الزواج, وتضع الورقة المسجل عليها وقت الميلاد في الصفحة الأولي في ألبوم الصور الخاص بكل منهم, لكنها.. اضطرت أن تكتب علي ورقة النتيجة ساعة استشهاد هشام, لتحمل آخر صفحة في ألبوم صوره وذكرياته, تاريخ ومكان ووقت استشهاده, تنهي بها رحلة حياة أغلي البشر..
كل اللي باطلبه في يوم زي النهارده هو القصاص, العادلة اللي اتأخرت, نفسي أحس إن فيه عقاب لقاتل ابني.
'هي أيضًا يمزقها الوجع وتشعل قلبها مرارة الفراق, بكت وظلت تردد: والله يا محمد لو هايجيبولي إيه من السما ما يعوضني عنك يا ابني, انت يا محمد نور عيني, كنت أملي في الدنيا يا ابني, حسبي الله ونعم الوكيل'.
قالتها بمرارة ودموع فقد ووجع, هي السيدة أمينة محمد أحمد, والدة الشهيد الملازم أول 'محمد عبد العزيز' الذي تمت ترقيته إلي نقيب بعد استشهاده, الشهيد محمد كان قائد أول مدرعة دخلت لفض اعتصام النهضة, وعند وصوله إلي كلية الهندسة التي دخلها المعتصمون مع بدء الاشتباكات مع الشرطة كان الملازم محمد يتفاوض معهم لإخراجهم خروج آمن, وقتها رأي رجلاً ملتحيًا ومعه زوجته وأطفاله فقال له 'إيه اللي يجيبك انت وعيالك هنا, مش حرام عليك العيال اللي معاك دي' وبدأ يؤمن طريقًا لخروج الرجل وأسرته, فجأة أصيب العسكري الذي كان بصحبة الملازم محمد وسقط أرضًا, فهرع إليه محمد لينقذه, فإذا بالرجل الملتحي نفسه يخرج سلاحًا آليًا من عباءة زوجته ويصيب بها الملازم محمد, لتصيب الرصاصة الكبد والكلي وتقطع العمود الفقري وتتسبب في ارتشاح بالرئة..
تقول أم الشهيد 'بالله عليكي يا بنتي مش كتر خيري إني عايشة, إبني كان زي القمر, كان نفسي أفرح بيه, ربنا ينتقم منهم وكل اللي يقول مصالحة, محمد راح المستشفي وعمل أكتر من عملية جراحية, بس حصل له في الآخر تسمم في الدم وغرغرينة في الجرح نتيجة الإهمال اللي شافه, حسبنا الله ونعم الوكيل..
.. تبكي أم الشهيد بحرقة حد الألم والوجع والذوبان في جرحها, وهي تقول:
محمد كان زي القمر, واخد 7 بطولات علي مستوي الجمهورية 7 سنين ورا بعض في الكونغوفو, وكان مقدم أوراقه بعد الثانوي في الحربية والشرطة لكن جت نتيجة الشرطة الأول, كان فرحان أوي, تعب في دراسته وتدريباته بس كان بيحبها وعمل عمليات كتير بعد تخرجه وقام بحملات كتير, كان مخلص لشغله وبيحبه, هي دي آخرتها يا محمد؟
تعود السيدة للبكاء الموجع, ثم تكمل:
نفسي آخد حق محمد يمكن قلبي يهدي شوية, لكن القضا احباله طويلة أوي, ماسكين القاتل تحت إيديهم ليه سايبينا في نار, مش المفروض يبقي فيه محاكمات عاجلة, عسكرية أو ثورية, أنا ما بنامش يا بنتي والله, محمد كان كل حاجة في دنيتي, كان أملي.. أجازته كانت يوم التلات, بس يومها ما أخدش أجازة, جه البيت 7 الصبح ومشي المغرب, وهو نازل علي السلم نادي عليا وقالي 'يا ماما أنا رايح مأمورية متقلقيش عليا انتي وبابا, بس لو حصلي حاجة متخليش حد يلمس جسمي'يعني بلاش تشريح' قلت له: بعيد الشر عنك يا محمد ان شالله أنا بدالك يا حبيبي, وفوجئت بالمأمورية بتاعة فض الاعتصام تاني يوم الصبح, ولما مات محمد زمايله قالولي انه اتصل بيهم كلهم قالهم خلوا بالكم من ماما وبابا لو حصلي حاجة.. آه يا بني..
موت الشباب صعب أوي يا ناس, بيوجع, طول رمضان كنت حاسة اني خايفة, مرعوبة عليه, كنت أصحي من النوم ملهوفة عليه أقول لأبوه 'عاوزةة ابني, هاتهولي' يقولي هو مبقاش صغير وفي شغله دلوقتي يا أم محمد, ويم فض الاعتصام عرفت من التليفزيون خفت أتابع علي الأحداث أعصابي ما تتحملش, وبعد ما خلص الفض بدأنا نتصل بمحمد ما يردش, بعدها رد علينا عسكري كان معاه وقالنا انه اتصاب في كتفه, والله ماكنت عارفة ألبس هدومي إزاي, عاوزة حد يلبسني, نزلت السلم في لحظة, الشوارع كانت مقفلة وفيه حظر, بس رحنا المستشفي, دخل العمليات قعد فيها 7 ساعات ولما خرج للرعاية دخلت أشوفه لقيت خراطيم كتيرة داخلة وخارجه من جسمه دوخت ووقعت.
محمد عاش بعد إصابته بشهر, قلت له ليه يابني ما دافعتش عن نفسك وضربت عليهم قبل ما يضربوك, قالي 'يا ماما قتل النفس مش سهل, والراجل كان معاه مراته وعياله حاولت أخرجهم خروج آمن بس غدر بيا'.
'يا رب صبرني علي فراقك يا محمد, يا رب أشوفه في المنام, قلبي راضي عليك يا ابني, ربنا يرضي عليك عنده يا حبيبي'.
تركتها في بكاء لن يتوقف, وعذاب سيمتد حتي نهاية الزمن, كانت تبكي بينما جلست شيماء—الشقيقة الكبري للشهيد محمد- تبكي في صمت طوال الوقت, دموعها لم تتوقف, مشاهد موت أخيها لا تفارقها, كما هي ذكرياته معها لن تبرح ذاكرتها مهما طال الزمن, وجع الفراق مر, وقسوة الرحيل فاجعة تمزق في القلوب, أعانهم الله..
إلي جوارنا كان يجلس العم 'مغاوري' بملامحه الصعيدية التي أشقاها الزمن وحفرها الحزن, عينان لا تكفان عن هدر الدموع في رحاب أرواح الشهداء الذين تجمعنا علي سيرة حبهم وحكايات رحيلهم واستشهادهم, يقول العم مغاوري:
أنا والد الشهيد الملازم سامي, اللي استشهد وقت فض اعتصام رابعة, أنا يا بتي من عزبة الأوقاف التابعة لمركز العياط في الجيزة, ابني كان ماسك إدارة نجدة مديرية أمن الفيوم, استشهد يوم 14-8-2013 قبلها بيوم كنت باتصل بيه في التليفون قالي انه في السكن, أصله قاعد في شقة مع زمايله في الفيوم, قالي بكره هانطلع حراسة ورا عربية من مديرية أمن الفيوموالجيزة, وفي الشغل قالولي روح ارتاح عشان مأمورية بكره, والصبح يا بتي اتغير الكلام واتغير خط سيره, لما عرفنا من التليفزيون ان فيه فض اعتصام فضلنا نتصل عليه في التليفون عشان نطمن, موبايله كان مقفول, قعدنا نتصل بالنجدة والمديرية محدش رد علينا, لحد الساعة 2 الضهر كان القلق بيقتلنا لحد ما عرفنا انه اتصاب, قلت لو جت علي إصابة يبقي الحمد لله, والدته كان قلبها حاسس بس مش قادرة تنطق بالوحش, خافت من الفال, اخواله واعمامه أخدوا عربيات وسافروا الفيوم يسألوا فيه إيه, كان وقت حظر وضرب في الشوارع, ماقالوش انهم رايحين وهناك عرفوا ان ابني مات, طلعوا تصريح الدفن وجابوه معاهم وهما راجعين, كل ده وأنا وأمه ما نعرفش غير انه مصاب, وقبل ما يوصلوا عند البيت واحد قريبي من اللي قاعدين معاي- أصل البلد كلها اتلمت عندي يومها- قال يا جماعة لازم أبوه يعرف, هيتفاجأ هو وأمه بالجثمان داخل عليهم البيت, وقالولي, وقتها بس عرفت ان ابني مات, أول كلمة قلتها: عليك العوض ومنك العوض يا رب, استودعتك عند الله يا ابني..
عمه بيقولي انهم راحوا يدوروا عليه وسط الجثامين في تلاجة المستشفي, وكانت المشاهد مرعبة, مش قادرين يلاقوه, فجأة عمه حس ان الشهيد سامي بشاور له بغيديه عشان يعرفه مكانه, مكنوش مصدقين, سامي كان طيب والناس كلها كانت بتحبه, لما وصل جثمانه البيت كانوا بيصوروه بالموبايلات عان يفرجوا الناس علي الشهيد اللي وشه بيضحك, سموه 'الشهيد المبتسم' ونشروا صوره علي النت.. سامي كان طالب يموت شهيد, وربنا نولها له, وقت استشهاده المتظاهرين دخلوا عليه, قالولوا اضربنا, قالهم 'دم المسلم علي المسلم حرام' قالوله يبقي هنضرب احنا, وضربوه برصاصة في القلب..
'ثم اشار عم مغاوري نحو قلبه ليشرح أين وكيف أصيب ابنه الشهيد..
بيقولوا اللي خلف ما ماتش, والشهيد سامي عنده 4 أبناء 3 بنات وولد, منهم ياسمين, بنت زي القمر في الثانوية العامة, ومحمد في سنة ستة ابتدائي, قمر تاني كان مرتبك ومش عارف يتكلم وهو بيبكي.. بس لما سألته عن والده الشهيد قال 'وحشني أوي'.
أما ياسمين فقالت: علي طول باحلم بيه وباشوفه في رؤية حلوة, قاعد في قصر فوق كرسي أبيض, في مكان أعلي من مكاننا, أكيد في الجنة..
** جرحٌ آخر يئن في قلب أب وأم, هما والدي الشهيد الرائد 'هشام شتا' شهيد مذبحة كرداسة التي راح ضحيتها ستة ضباط شرطة وخمسة من أفراد الأمن, والدا الشهيد هشام, لن يشفي جراحهما 'كر الأيام' حيث مشاهد القتل والذبح والتنكيل التي حدثت في مركز شرطة كرداسة لا تفارق ذاكرتهما, ستظل توخز في القلب حتي قيام الساعة..
يقول الأستاذ جمال الدين, والد الشهيد هشام شتا:
واقعة استشهاد هشام تعرفها مصر كلها, كانت يوم فض اعتصام النهضة, مش هتكلم عن وجعي أنا وأمه, ولا عن هشام غلاوته عندنا يه, وإيه اللي حصل لي أنا وأمه واخواته بعد غيابه, لكن هتكلم عن يوم الواقعة يمكن حد من المسئولين في البلد دي ياخد باله ويساعدنا نجيب حق دم هشام, قبل فض الاعتصام ضباط المركز قالوا للقيادات انهم مش خايفين من المناوشات اللي بيتعرض لها المركز كل يوم والاعتداءات اللي بتحصل عليه وحاولات اقتحامه, لأن الأعداد التي بتهاجمهم يقدروا يتعاملوا معاها, لكنهم طلبوا منهم تعزيزات للمركز يوم فض الاعتصام لأن كل البؤر الإخوانية اللي في المنطقة واللي في الاعتصام أكيد هتتمع يومها لمهاجمة المركز لأنه أول مكان شرطي قريب من الاعتصام والمنطقة اللي حواليه معظمها اخوان, لكن المفاجأة كانت ان مأمور القسم نفسه ما كانش عارف إن فيه فض اعتصام, ولما راح له أمين شرطة وصل له الخبر, رد عليه قاله إذا كنت أنا المأمور ومش عارف'!!
أمين الشرطة نفسه قال لهشام 'وقت فض الاعتصام يا باشا هييجوا علينا احنا, يا للا نمشي, قاله لأ, العمر واحد والرب واحد, لحد ميعاد الفض, فوجيء هشام واللي معاه بأكتر من 3000 واحد محاصرين المركز وبيضربوا عليه بالأسلحة الآلي والآر بي جيه, فضلوا محاصرين المركز من الساعة 7 الصبح لحد الساعة 2 الضهر, والضباط استنفذوا الذخيرة اللي معاهم لحد ما تم اقتحام المركز في غياب الدولة, علي الرغم من ان ضباط المركز اتصلوا بكل القيادات لإرسال تعزيزات, وقتها اتصل هشام بالمقدم ضياء رفعت رئيس المباحث وقاله اوعي تيجي المركز لإننا متحاصرين, ومحتاجين تعزيزات ضروري, رئيس المباحث قعد
هو ومفتش المباحث يعملوا اتصالات بالوزارة عشان يلحقوا الموقف, بس كان الأمر نفذ.. كان جوا المركز اللواء مصطفي الخيب مفتش القطاع, واللواء محمد جبر, المأمور, والعقيد عامر عبد المقصود, نائبه, والمقدم إيهاب, مسئول تأمين المركز بالأمن المركزي, وابني النقيب هشام, معاون المباحث, وزميله النقيب محمد فاروق, وخمسة من أفراد الشرطة, اتحاصروا سبع ساعات كاملة لحد الشهادة!! كان لازم يستشهدوا لإنهم مش مسلحين تسليح قوات قتالية, تسليحهم خفيف, هشام كان بيقولي انهم كانوا وقت المناوشات اللي بتحصل بيدافعوا عن نفسهم بطلقات صوت وقنابل دخان..
يكمل والد الشهيد: لما عرفت وقتها عن المعركة اللي دايرة وحصار المركز, لما اتصلت قالولي منقدرش ندخل لإن الجماعت الإخوانية عاملين تحصينات للمكان, نولت أدور علي ابني وأحاول أنا أساعده لما رحت كرداسة فوجئت بإن التحصينات دي عبارة عن جذع شجرة مرمي في الطريق ونقلة تراب وبرميلين و15 شخص واقفين بالسنج والحديد والعصي, لما رحت عند المركز لقيت جثث الضباط ورجال الشرطة مرمية في كل مكان علي الطريق الترابي والناس واقفة تتفرج وعربيات الشرطة بتاعة المركز مولعة وبتتحرق, مقدرتش أدور في الجثث علي ابني, خفت يكون واحد منهم, خصوصًا إن الجثث كانت متعذبة ومرمي عليها مية نار, بعت واحد قريبي يشوف, قالي انه مش منهم, اتجدد جوايا أمل انه يكون عايش ونجا, حاولت اتصل بالإسعاف تيجي تلم الجثث بعدها عرفت إن هشام استشهد ونقلوه المستشفي مصاب بطلق ناري في الرأس, استلمت ابني بملابسه الداخلية, سرقوا حتي جزمته وبدلته وموبايله وساعته ومحفظته..
بكاء جديد آخر, لأم منتحبة أخري متشحة بالسواد, هي والدة الشهيد هشام, قالت:
قبل الواقعة دي بشهرين, هشام راح عمرة, ونشر صورته علي الفيس بملابس الإحرام, وكتب انه طلب من ربنا وهو قدام الكعبة انه يموت شهيد..
كان لسه معلق 3 دبورات ومترقي, كان فرحان أوي, كان المفروض انه يوم 15 هيتنقل يشتغل في قسم الدقي, يعني تاني يوم استشهاده,
آخر مرة شفت فيها هشام كان فيه حاجة مش عادية, حتي شكله كان مش عادي, كل ما يمشي علي الباب يرجع تاني يبص علي أوضته, سألته: إيه يا هشام ناسي حاجة, قالي لأ, بس لما يروح علي باب الشقة يرجع تاني يبص علي أوضته, خرجت أنا وأبوه وقفنا نودعه عند الأسانسير, ولما نزل جرينا نبص عليه من البلكونة,
ما كناش نعرف انها آخر مرة نشوفه فيها..
انتهت مراسم الحفل, إلا أن آلام الفقد لم ولن تنهي, ستظل تنخر في عظام وأوردة أمهات وآباء يعانون قسوة رحيل مفجع, رحيل لا تهون آلامه إلا أنه جاء في سبيل الواجب, في سبيل الوطن.
حضر الاحتفال وزير الداخلية محمد إبراهيم والزميل مصطفي بكري رئيس التحرير والمطرب إيهاب توفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.