داعش اسم أطلقه بعض الجهاديون في سوريا ومعناه الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكلمة داعش لا يوجد لها معني في القواميس العربية غير أنها تجعلنا نسترسل من التاريخ اسم الخيول العربية كداحس والغبراء وحرب الباسوس الطاحنة ولربما كان المقصود من إيقاع الكلمة إثارة سخونة المعارك في الصحراء بغرض إحداث الرهبة في النفوس من تأثير تلك الكلمة، كما يقال أيضا أنها كلمة فارسية وتعني الاندفاع ، إلا أنها ورغم كثرة التفسيرات يظل معناها الأرجح هو الدلالة علي الدولة الإسلامية في العراق والشام. ظهر التنظيم الجهادي داعش في شهر أبريل من العام الماضي 2013 باعتباره فصيل جهادي تكون في سوريا من أجل الاندماج مع تنظيم دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة الذي تشكل هو الآخر في شهر أكتوبر عام 2006 والمجموعة الإسلامية المسماة بجبهة النصرة أو أحرار الشام الذي يتزعمه القيادي الجولاني، إلا أن جبهة النصرة قد أعلنت رفضها لهذا الاندماج وبخاصة بعد أن أعلن أيمن الظواهري رئيس تنظيم القاعدة رفضه لهذا الاندماج، وعلي أثره لم يملك أبوبكر البغدادي أمير حركة داعش إلا أن يقاتل وحده ويطور من حركته ويستقطب لها الكثير من المتطوعين الجهاديين من كل دول العالم ويعطيها اسما حركيا هو داعش لتصبح تلك الحركة من أخطر الجماعات الإرهابية والجهادية التي تقاتل ضد نظام بشار الأسد من جهة، ومحاربة الجيش السوري الحر من جهة أخري ، ثم دخولها في حرب طاحنة الآن مع كثير من التنظيمات الجهادية أهمها الحرب مع جبهة النصرة. يقدر عدد المقاتلين في داعش بالآلاف ومعظم أفرادها من خارج سوريا وتتواجد في عدد من المدن والبلدات الحدودية بين سوريا وتركيا وبخاصة في مدينة الرقة وريف الزور وأحياء مدينة حلب وقري درعا وإدلب، وقد استطاع هذا التنظيم السيطرة في وقت سابق علي مدينة الرنا وإعلانها إمارة إسلامية له وبدأ فيها تطبيقه للشريعة الإسلامية، كما لعب هذا التنظيم الجهادي من قبل دورا كبيرا في السيطرة علي قاعدة منغ الجوية العسكرية في مدينة حلب بسوريا في شهر أغسطس الماضي حتي تمكن مؤخرا الجيش النظام السوري من استعادتها، ورغم سطوة تلك الحركة وممارستها الوحشية والإسراف في تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية إلا أنها قد تراجعت عن مكاسبها التي قد حققتها بسبب دخولها في نزاعات وحروب دموية مع الكثير من التنظيمات الجهادية وكذلك مع الجيش السوري الحر ناهيك عن نزاعها مع نظام بشار الأسد، ورغم قتالها العنيف في سوريا إلا أنها انتقلت بعدد كبير من عناصرها للقتال في العراق وبخاصة في المنطقة الخاضعة للطائفة السنية في منطقة الأنبار والفالوجا مستغلة في ذلك الخلاف الناشب بين عشائر وقبائل تلك المنطقة مع الحكومة بزعامة المالكي المنحاز لإيران والشيعة في العراق علي حساب السنة، إلا أن عشائر قبائل منطقة الأنبار بالعراق قد استفاقوا مؤخرا لتنامي تنظيم داعش الساعي لتكوين دولته الإسلامية وبخاصة بعد استيلائه علي بعض المناطق ورفعه الأعلام السوداء عليها ودخلوا معهم في حروب طاحنة من أجل إبعادهم واسترداد المناطق التي استولوا عليها، إضافة إلي تحضيرات المالكي واستعداده الوشيك لمواجهتهم بعد حصوله مؤخرا علي المساعدات العسكرية الأمريكية المتطورة ورصده لتحركات هذا التنظيم علي الحدود السورية العراقية، ولهذا فقد أصبح لداعش نفوذ كبير في الحرب الطاحنة في سورياوالعراق من أجل تحقيق أهدافها علي حساب الثورة السورية ، واستقرار وسلامة أمن العراق الذي أصبح مرتع لكثير من التنظيمات الإرهابية وتنظيم القاعدة وخطورة الوضع علي منطقة الأنبار العراقية، ويري أبو نايا الرقاوي الناطق الإعلامي لجبهة النصرة بمنطقة الرقة بسوريا أن داعش تمتلك الكثير من السجون السرية وتحول المستشفيات والمدارس لقواعد عسكرية خاصة بها كما يراها حركة وحشية تمارس القتل وإثارة الرعب في النفوس كما أنها حركة ضد العلم والثقافة ولا تؤمن إلا بالجهل والظلامية والإساءة إلي تعاليم الإسلام وهو ما لا تفعله جبهة النصرة. إن تلك التنظيمات الجهادية تسعي إلي تحقيق أهدافها لتكوين الدولة الإسلامية بالعراقوسوريا مستغلة الأزمات السياسية التي تعصف بكلا البلدين وانتهاز الفرصة للانقضاض علي الحكم، ولهذا فإنها في مجملها تنظيمات لا تؤمن إلا بالقتل والحرب باسم الدين ولا يعترفون بالنظام السوري ولا بالجيش الحر ولا بالائتلاف السوري، ولا بالنظام العراقي ولا بجينيف 2 ولا بالتعويل علي الدول الأجنبية، وفي الوقت نفسه يصدرون أفكارهم المخادعة التي تتحدث باسم الدين والدفاع عن تحقيق العدل والحرية، وفوق كل ذلك تسعي القاعدة برئاسة الظواهري لتسخر في النهاية كل تلك التنظيمات لأهدافها ومصالحها لتكوين دولة الخلافة الإسلامية ، في الوقت الذي تراجعت فيه الدول العظمي عن القيام بدورها المطلوب منها وهو القضاء علي تلك التنظيمات بسبب مسئوليتها التاريخية عن الدمار والخراب وعما آل إليه حال كل من العراقوسوريا وغيرها من البلدان الأخري.