العراق يحصد ما زرعه الاحتلال الأمريكى، لقد نجح المخطط الأمريكى فى تدمير العراق وإعادته إلى العصور الوسطى، لقد زرع الاحتلال بذور الفتنة الطائفية والمذهبية، وابتدع نظام المحاصصة فى الحكم على أسس طائفية، وبدأ فى تغذية كل نوازع الفتن والانفصال من أجل تفكيك وحدة العراق. فتصاعدت أطماع المتربصين بالعراق فى الداخل والخارج بعدما وجدوا الظروف مهيأة لتحقيق أهدافهم. وبفضل سياسات الاحتلال تحول العراق إلى بؤرة للإرهاب وفدت إليها جيوش التكفير والإرهاب. ومنذ تولى نورى المالكى السلطة وهو يتعمد إقصاء وتهميش «السُنّة» من مفاصل الدولة ومراكز صُنع القرار، واستمر اعتصام الأنبار عامًا كاملًا احتجاجًا على سياسات المالكى، إلى أن تم فض الاعتصام بالقوة مؤخرًا. ويتم تصوير الأمر حاليًا على أنه حرب ضد «القاعدة» و«داعش» - الدولة الإسلامية فى العراق والشام - التى تتمركز فى تلك المنطقة، للحشد المذهبى داخليًا، وتبرير ما يحدث إقليميًا ودوليًا. ضحايا القصف المدفعى والجوى تجاوزت المائتين قتيل خلال ثلاثة أيام. وتجد عشائر محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية نفسها أمام أزمة معقدة، هذه المحافظة كانت إحدى المحافظات الغربية الخمس المحسوبة على النظام السابق، ووجدت نفسها ساحة لدخول المسلحين العرب والأجانب بعد نحو عامين من سقوط بغداد عام 2003، لتبدأ أولى المواجهات تحت اسم «المقاومة» بين هذه المجموعات والقوات الأمريكية بوصفها قوات احتلال. ومع تزايد حدة الشعور بالتهميش والإقصاء للعرب السُنّة، وتحول الإحساس بالظلم إلى هاجس لدى السكان فى كل المحافظات الغربية. زاد من ذلك تطبيق قانون «اجتثاث البعث» بقسوة على أبناء هذه المحافظات، وإبعادهم عن الجيش والمؤسسة الأمنية. كل ذلك أدى إلى تسلل قوى للإرهاب والعناصر المتطرفة التى حاولت اختطاف محافظة الأنبار. وكانت عشائر الأنبار قد شكّلت قوات الصحوة أواخر عام 2007 وهى التى تمكنت من طرد «القاعدة». ومع الانسحاب الأمريكى وجد أبناء الصحوات فى وضع سيئ، بعد أن تنكرت لهم الجهات الرسمية ولم يتم استيعابهم، وهناك عدة جهات حكومية تعتبر أنهم كانوا مع «القاعدة». كما تنظر إليهم تنظيمات «القاعدة» على أنهم كانوا عملاء للحكومة. فحدث نوع من الانقسام فى المجتمع العشائرى فى الأنبار، فإثر المظاهرات التى اندلعت 2012 أصبح زعيم صحوة العراق السابق أحمد أبوريشة أحد قادة الحراك الشعبى. بينما شكل نورى المالكى صحوات جديدة بزعامة وسام الحردان، وهو ما أدى لانقسام عشائرى رأت الحكومة أن تستفيد منه فى مواجهة «القاعدة»، وفى مواجهة ساحات الاعتصام. ومن جهته ناشد نورى المالكى عشائر الفلوجة طرد مسلحى «داعش» تفاديًا لمخاطر عملية عسكرية. وقال المالكى فى بيان: «أدعو أهالى الفلوجة وعشائرها إلى طرد الإرهابيين من المدينة حتى لا تتعرض أحياؤها إلى أخطار المواجهات المسلحة». تراجع فى سوريا واصل مقاتلو المعارضة السورية حربهم ضد «داعش» فى شمال سوريا، وهى المعارك التى يراها الائتلاف الوطنى السورى المعارض ضرورية من أجل مكافحة التطرف وتنظيم القاعدة. وأفاد «المرصد السورى» باندلاع اشتباكات بين مقاتلى «داعش» وبين مقاتلى كتائب إسلامية وغير إسلامية تابعة للمعارضة. وكانت «جبهة ثوار سوريا» التى تشكّلت منتصف ديسمبر الماضى قد أصدرت بيانًا دعت فيه «منتسبى داعش من السوريين إلى تسليم أسلحتهم إلى أقرب مقر تابع لها وإعلان تبرؤهم من داعش، كما طلبت من المقاتلين غير السوريين الانضمام إلى جبهة ثوار سوريا أو أى فصيل آخر تابع للجيش الحر أو تسليم سلاحهم ومغادرة سوريا». وأكد أحد القياديين فى الجبهة استمرار المعركة ضد «داعش» حتى القضاء على آخر واحد منهم فى سوريا. وكانت «جبهة النصرة» قد دخلت على خط المواجهة العسكرية ضد «داعش» بمحاصرة مقاتليها مقر «داعش» فى الرقة. وكان التوتر بين زعيم «داعش» أبوبكر الجولانى و«النصرة» الفاتح أبو محمد الجولانى استمر لبضعة أشهر، ولم ينجح زعيم «القاعدة» أيمن الظواهرى فى حله مع أنه فصل فى نوفمبر الماضى بين التنظيمين التابعين ل «القاعدة». وتتألف «النصرة» بشكل أساسى من مقاتلين محليين، فى حين يشكل «المهاجرون» العرب والأجانب الكتلة الرئيسية فى «داعش». ويقدر عددهم بأكثر من خمسة آلاف. وكانت «النصرة» قد اقترحت حماية عائلات المهاجرين مع ترتيبهم مغادرة الأراضى السورية. وتواصل أطراف سعيها للتوسط بين «داعش» وباقى التنظيمات. لبنان مسرح عمليات لبنان لم يعد بعيدًا عن مسرح العمليات الإرهابية، فقد أعلن «داعش» السبت الماضى تنبيه التفجير الذى استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله. وفى بيان لتنظيم «داعش» جاء فيه إنه «تمكن من كسر الحدود واختراق المنظومة الأمنية لحزب الله ودك معقله بعقر داره فيما يسمى بالمربع الأمنى فى الضاحية الجنوبية لبيروت» وكان التنظيم قد اتخذ قراراً بالدخول إلى لبنان عسكريًا حتى خروج حزب الله من جميع الأراضى السورية وتحرير الأسرى الموجودين لديه. ويثير تبنى «داعش» للتفجير الأخير القلق من أن تصبح الساحة اللبنانية مسرحًا لعملياتها الإرهابية فى الفترة المقبلة، فى ظل الانقسام الحاد بين الفرقاء اللبنانيين وفشل تشكيل حكومة ترعى الأمن بالدرجة الأولى. انتقادات للموقف الأمريكى تعرض الموقف الرسمى للرئيس أوباما لانتقادات شديدة من النائبين الجمهوريين جون ماكين وليندسى جراهام اللذين أصدرًا بيانًا جاء فيه: «أنه فيما يتحمل الكثير من العراقيين مسئولية هذه الكارثة الاستراتيجية فإن إدارة أوباما لا يمكنها التهرب منها أيضًا، عندما سحب الرئيس القوات كلها من العراق فى 2011 رغم اعتراضات القيادات العسكرية حذر الكثير من أن يملأ الفراغ أعداء الولاياتالمتحدة، وللأسف هذا هو الواقع اليوم وعلى الإدارة أن تدرك حجم فشل سياساتها فى المنطقة، أمريكا خسرت وقتًا وخيارات ونفوذًا وصدقية فى السنوات الخمس الماضية ولا يمكننا البقاء بعيدين لوقت أطول». وتواجه الإدارة أزمة حقيقية أمام تنامى نفوذ «القاعدة» فى سوريا وتوسعها فى العراق وتبنيها عمليا فى لبنان. وكانت سيطرة مسلحى تنظيم «داعش» على الفلوجة قد وضعت الإدارة الأمريكية فى موقف حرج.