كان أكثر ما يفكر به الشهيد أنس الأطرش وشقيقه إسماعيل خلال توجههما بالسيارة صوب مسقط رأسهما في الخليل، هو قضاء إجازة سعيدة بين الأهل، بعد أسبوع من العمل في محلَّين لهما في أريحا وجنين.فأنس '23 عامًا' يملك متجرًا لبيع الأحذية في أريحا، ويعود كلّ خميس مع شقيقه إسماعيل الذي يملك الآخر متجرًا مماثلا في جنين، إلي منزلهم في حارة أبو سنينة بمدينة الخليل لقضاء يوم إجازة، لكنّهما كانا علي موعد مع المفاجأة علي الحاجز.ويقول شقيقه إسماعيل: 'حينما وصلنا حاجز الكونتينر جنوب شرق القدس، تفاجأنا باحتجاز جنود الاحتلال لمركبة، ما أعاق حركة مرورنا، الأمر الذي حدا بشقيقي أنس للنزول لاستطلاع الأمر، ليُفاجأ برصاصة اخترقت صدره بسلاح أحد الجنود، فيما أحاط بي عدد آخر منهم، وقاموا بتكبيلي والبدء بالدوس علي جسدي ورأسي بعد إلقائي علي الأرض'. ومكث أنس ينزف ما يقرب من نصف ساعة، ومنعوا شقيقه من النظر إليه، لحين حضور إسعاف صهيوني إلي المكان، في الوقت الذي استمرّ فيه أحد الجنود بضرب الأخير والدوس علي رأسه ومنعه من الكلام أو محاولة معرفة ظروف شقيقه. ويبين إسماعيل أنّ إسعافا فلسطينيا حضر إلي الحاجز، وبعد سؤاله لضابط الإسعاف، أكّد له أنّه علم من الجيش أنّ حالة شقيقه مستقرة، الأمر الذي طمأنه قليلا، لافتا إلي أنّ الإسعاف حمل شقيقه وهمّ بالتحرّك إلّا أنّه توقف قليلا، ومن ثمّ صعد إليه عدد من ضبّاط الجيش الذين تواجدوا علي الحاجز. ويستطرد إسماعيل في الحديث عن مشاهدته قائلا: 'جاءني ضابط وسألني عن اسمي واسم شقيقي، وادّعي أنّ شقيقي كان يحمل سكّينا وحاول طعن جندي في الحاجز، لكّنني رفضت الأمر جملة وتفصيلا ليقيني أنّه لا يحمل أيّ سكّين أو ما شابه، وهو الأمر الذي أثبته تفتيش جنود الاحتلال لمركبتنا وقلبها رأسا علي عقب، وعدم عثورهم علي شيء سوي ملابسنا وبعض الخضار والفواكه اشتريناها لعائلتنا'. ويشير إلي أنّ المفاجأة كانت حينما شاهد خنجرا أُلقي علي بعد أمتار من جثمان شقيقه، وفي مكان لم يكن قد وصله بالأصل، لافتا إلي أنّ الجيش وضع هذا الخنجر من أجل تبرير عملية قتل شقيقه. وكان الشهيد أنس دعا الله علي صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك' أن يقبض روحه، قبل ساعات من استشهاده، الأمر الذي تحقق فعلا. أمّا والد الشهيد، الذي كان يجلس إلي جوار جثمان نجله، فيبين أنّ العائلة خرجت دون وعي من الخليل إلي بيت لحم فور سماعها نبأ ارتقاء نجلها، لافتا إلي أنّ 'الحادث يشير إلي استهتار الاحتلال بأرواح كلّ الفلسطينيين، ويريد قتلنا جميعا وتدمير كافّة آمالنا بالحياة علي أرضنا'. ويوجّه الوالد رسالته إلي كافّة الصامتين علي ما يحدث للفلسطينيين قائلا 'اتّقوا الله.. وانظروا لما يحدث لنا من مجازر لا تحرّك صمتكم وسكونكم'.