مرة أخري أقول إن مصر تزخر بكل عوامل الجذب السياحي من طبيعة وطقس وتاريخ وحضارة ولكننا لابد أن نعترف في نفس الوقت بأننا خُططنا للتسويق والترويج لم تشمل الكثير من هذه الثروة التي حبانا الله بها. في مقال الأسبوع الماضي تحدثت عن النوعيات السياحية الفريدة التي يمكن أن تضع مصر علي رأس قائمة التنوع السياحي التي تلبي رغبات وهوايات وميول قطاعات هائلة من السياح الذين يبحثون عن كل جديد ومثير.. أشرت إلي سياحة الصحراء والواحات وسياحة الاستشفاء التي أصبحت تجذب أعداداً كبيرة من هؤلاء السياح وضرورة توفير كل مقومات وإمكانات تسويقها من خلال الحملات الدعائية والإعلامية. إلي جانب هذه النوعيات السياحية التي تعلو بموقع مصر الطبيعي المميز من بحار وتضاريس وطقس. فإنه وبالبراهين يمكن الجزم بأنه لا توجد دولة في العالم يجتمع فيها هذا الكم من آثار الحضارات الإنسانية المختلفة مثلما في مصر. من المؤكد أنه يمكن بالمزج بين هذه الآثار الحضارية وبين الثراء الطبيعي .. اجتذاب ملايين السياح الذين سوف تتاح لهم متعة لا مثيل لها.
نعم.. لقد عرف العالم مصر من خلال آثارها الفرعونية التي تجُسد بدايات الحضارة الإنسانية.. ولكن نتيجة لقصور منا استمر علي مدي سنوات وسنوات لم ننجح في الترويج لما لدينا من آثار رائعة.. رومانية ومسيحية وإسلامية تحكي جانباً مهماً من التاريخ الإنساني. في هذا المجال فإن ما لدينا من آثار إسلامية يمثل ثروة غير محدودة لا تتوافر لأي دولة إسلامية في هذا العالم باستثناء المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة. هذا الكم من الآثار الإسلامية التي تعود إلي مئات السنين وتحكي مراحل مهمة من تاريخ الإسلام لابد أن يدفعنا إلي إعداد برامج وخطط دعائية وإعلامية تشارك فيها وزارتا السياحة والثقافة سواء في الدول الإسلامية أو علي مستوي العالم. إن ما يشجع علي هذه الخطوة ما شهدته الكثير من المناطق والآثار الإسلامية من عمليات ترميم واسعة أعادت إليها بهاءها ورونقها واستعادت بها جمالها وجاذبيتها.
إن أي زيارة لأي من هذه المواقع التي طالتها هذه الأعمال لابد أن تدعو إلي توجيه كل الشكر والتقدير للذين قاموا بهذا الإنجاز ممثلاً في هيئة الآثار المصرية بقيادة الدكتور زاهي حواس وبدعم ومساندة من الفنان فاروق حسني وزير الثقافة.. هذا الواقع المثير تشهد به آخر الإنجازات علي هذا الطريق وهو ما يتمثل في شارع المعز بحي الجمالية من تطوير وترميم جعل منه مزاراً يروي أمجاد العمارة الإسلامية، وهناك أيضاً قصر السحيمي وقلعة صلاح الدين بالإضافة إلي عشرات المساجد الإسلامية التي يأتي في مقدمتها من الناحية التاريخية مسجد عمرو بن العاص الذي كان فاتحة لدور العبادة الإسلامية علي أرض مصر بعد الفتح الإسلامي. كما تحظي كثير من المعالم الإسلامية الأخري مثل الأزهر الشريف ومسجد سيدنا الحسين، وغيرها من معالم الدعوة مكانة عالية من اهتمام المسلمين في كل أنحاء العالم.
إن اقتراب شهر رمضان المعظم الذي تتعاظم مظاهره وعاداته وتقاليده الإسلامية علي أرض مصر المحروسة والذي يأتي في ذروة الموسم السياحي العربي يعد فرصة كبيرة للقيام بحملة دعائية تسلط الأضواء علي كنوزنا من الآثار الإسلامية التي تحكي ثراء هذه الحضارة وعظمة الذين كانوا وراء انتشارها لتشمل كل بلاد الدنيا. إن هذه الآثار الإسلامية يمكن بالتسويق الاحترافي أن تصبح عامل جذب لملايين السياح الذين يساهمون في تحقيق هدف الارتفاع بالمعدلات السياحية إلي رقم ال52 مليون سائح.