تتفاقم أزمة تشكيل الحكومة العراقية والسبب يعود الي تدخل قوي اقليمية تعمل علي فرض وصايتها علي اجراءاتها وتوجهاتها . هذا الواقع يتمثل في التدخل الايراني السافر وهو ما ينبيء بوقوع مزيد من الكوارث والصدامات التي قد تصل الي مستوي الحرب الاهلية وتصاعد وتيرة العنف . هذه التطورات تُنذر بالسعي الي استخدام القوة العسكرية العراقية الناشئة للتدخل لصالح قوي سياسية معينة . مثل هذه التطورات إن صحت تشير الي دخول العراق مرحلة من الانقلابات العسكرية التي كان قد مر بها من نهاية الخمسينيات وحتي نهاية السبعينيات بوصول صدام حسين الي الحكم . هذه الصورة ظهرت علي السطح عندما تردد ان نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته واحد اطراف منظومة النفوذ الايراني ربما يلجأ الي حسم الصراع علي رئاسة الحكومة الجديدة لصالحه باستخدام القوات المسلحة العراقية . قالت بعض المصادر انه ومن اجل التمهيد للاقدام علي هذه الخطوة لجأ وبصفته القائد العام للقوات المسلحة العراقية بحكم رئاسته للحكومة الحالية لسلسلة من التغييرات في مناصب قيادات الجيش العراقي بهدف تعيين مجموعة من الضباط الموالين له . تعليقا علي هذه الانباء حرص الناطق باسم القيادة الوسطي الامريكية وباعتبار ان العراق مازال ارضا محتلة علي التقليل من اهمية هذه الانباء مشيرا الي ان هناك تنسيقا بين القيادة العسكرية الامريكية والقيادة العراقية حول اهمية الفصل بين القيادتين المدنية والعسكرية . بالطبع ورغم هذا التصريح فإن ما يفهم منه هو ان هناك اساسا لهذه الانباء التي تحمل في معناها أن المالكي قد وصل الي حالة التقمص الديكتاتوري . هذه الحقيقة تبرزها خلافاته حتي مع حلفائه من التجمعات الشيعية الذين مازالوا يرفضون توليه لمنصب رئاسة الوزارة . إنه في نفس الوقت يرفض باصرار الاعتراف بأحقية القائمة العراقية صاحبة اكبر عدد من مقاعد مجلس النواب وفقا لنتيجة الانتخابات في الحصول علي فرصة تشكيل الحكومة الجديدة . الغريب ان المالكي وفي خطاب اخير له تحدث عن الضغوط الخارجية الدولية والاقليمية في شأن التشكيل الوزاري متهما حلفاءه والقوي السياسية الاخري بالاستقواء بهذه التدخلات رغم انه هو شخصيا متهم بأنه يعمل وفق مخطط ايراني أو علي الاقل يغمض عينيه عن التدخلات الايرانية في الشئون العراقية . وعلي ضوء الخلاف بين الحلفاء الشيعة والتي تضم قائمة دولة القانون التي يتزعمها المالكي وكتلة المجلس الاسلامي العراقي الاعلي بزعامة عمار الحكيم اشارت مصادر المجلس الاسلامي الي تعذر التوافق بين الحليفين نتيجة عدم الاتفاق علي شخص رئيس الوزراء .. ان المالكي يريد ان يكون المرشح الاوحد لهذا المنصب بينما يطرح الحكيم عدة شخصيات يتم طرحهم للثقة في مجلس النواب ومن يحظي بالاغلبية يتولي تشكيل الحكومة . في نفس الوقت ولأن التحالف بين المالكي والحكيم لا يحقق الغالبية اللازمة لحسم قضية تولي تشكيل الحكومة من الناحية الدستورية . فإن الحليفين وفي حالة اتفاقهما يحتاجان الي طرف ثالث لضمان الاغلبية المطلوبة . وفي اطار السعي لتحقيق هذا الهدف تشير بعض المصادر الي ان المفاوضات مع كتلة الاكراد تواجه تعثرا نتيجة مطالبهم المتعلقة باستقلال كردستان وحسم قضية كركوك لصالحهم علي حساب العرب والتركمان . كل هذه المشاكل والمعوقات تعني ان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مازال أمرا مستبعدا الا اذا كانت هناك مفاجآت تنهي هذه الصراعات . ليس خافيا ان قوة الاحتلال الامريكي مازالت تمسك بمقاليد الامور خاصة انها كانت وراء بروز الدور الذي تقوم به كل الشخصيات العراقية الحالية علي الساحة السياسية .