رسائل ماجستير ودكتوراة »مضروبة«.. أبحاث طبية لا تراعي الضوابط العلمية التي تضمن عدم وجود تأثيرات صحية سلبية علي الإنسان.. باحثون ينسبون لأنفسهم نتائج نقلوها عن أبحاث الآخرين.. هذه بعض من الأمراض التي أصابت جسد البحث العلمي في مصر، وبات من الضروري انتاج علاج فعال يساعد علي شفاء هذا الجسد العليل. أكاديمية البحث العلمي في مصر، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو خطت أولي الخطوات المهمة نحو العلاج، من خلال إنشاء المركز الاقليمي لاخلاقيات البحث العلمي. يقول د.ماجد الشربيني رئيس الأكاديمية: وظيفة المركز، هي نشر ثقافة البحث العلمي، من خلال رصد الجديد في هذا المجال، ليكون بمثابة »مرصد لاخلاقيات البحث العلمي«. وعن توقع البعض الكثير من المركز، بحيث يتدخل قانونيا في قضايا مثل رسائل الماجستير والدكتوراة »المضروبة« أو الأبحاث الطبية غير المنضبطة علميا، ابتسم د.الشربيني مضيفا: »نحن لسنا جهة تحقيق، لكن مسئوليتنا هي الثقافة والتوعية«. وأوضح أن المركز سيهتم بوضع التنظيمات الأخلاقية التي يجب أن يتبعها العلماء والباحثون عند اجراء أبحاثهم، وكيفية مراعاة تلك الأخلاقيات، وسيتعاون المركز في هذا الصدد مع لجان الأخلاقيات الموجودة ببعض المراكز البحثية، مثل المركز القومي للبحوث. ورغم اقتناع د.الشربيني بالمركز ودوره في مجال نشر ثقافة اخلاقيات البحث العلمي، إلا انه أكد أن العلاج الفعال الذي يستأصل الداء من جذوره هو وجود قوانين صارمة تعيد الانضباط الأخلاقي للبحث العلمي. وأكد رئيس الأكاديمية أن المشاكل الأخلاقية التي يعاني منها البحث العلمي، ليست موجودة في مصر فقط، بل موجودة في كل دول العالم، وهو ما جعل منظمة اليونسكو تهتم بنشر ثقافة أخلاقيات البحث العلمي من خلال مراكزها المنتشرة بدول العالم المختلفة، ومنها المركز الاقليمي بالأكاديمية. ندوات وموقع الكتروني من جانبه، رسم د.محمود صقر نائب رئيس الأكاديمية والمشرف العام علي المركز خارطة الطريق التي سيسير عليها المركز لتحقيق مهمة نشر الوعي والثقافة العلمية التي أنشئ من أجلها. وأوضح د.منصور أنه ضمن أجندة المركز عقد وتنظيم مجموعة من الدورات والندوات في الدول العربية لمناقشة ما يصل للمركز من قواعد وضوابط جديدة خاصة بالأخلاقيات، من خلال الاتصال والتعاون مع المراكز الاقليمية الأخري التابعة لليونسكو. وأكد أن هذه الدورات والندوات ستهتم أيضا بوضع تصور كامل للأخلاقيات التي يجب الالتزام بها ويجب أن يراعي هذا التصور الخصوصية الاجتماعية والدينية للوطن العربي في هذا الصدد تم الاتفاق مع منظمة اليونسكو علي عقد إحدي الندوات، وفي الأردن، والأخري في السعودية خلال المرحلة المقبلة، ويصاحب ذلك اطلاق موقع الكتروني تحشد فيه المعلومات والرؤي التي يتم الاتفاق عليها في الندوات الدورات التدريبية، أو تلك التي تصله من اليونسكو. تعاون لا تنافر وإذا كان المركز لا يقوم بالدور الرقابي، فإن تعاونه مع الجهات الرقابية أمر ضروري في هذا الإطار يشير د.أشرف شعلان رئيس المركز القومي للبحوث إلي التعاون المتوقع حدوثه بين لجنة أخلاقيات البحث العلمي بالمركز، ومركز الأخلاقيات بالأكاديمية. وأضاف: سننتظر من مركز الأخلاقيات تزويدنا بالجديد في مجال الأخلاقيات، لضبط أداء باحثينا من خلال لجنة الأخلاقيات قبل الشروع في أبحاثهم وتؤدي لجنة الأخلاقيات بالمركز القومي للبحوث عملها في مجال ضبط أداء الباحثين أخلاقيا منذ عام 4002، ويقول د.شعلان: لا يوجد أي باحث يقوم بإجراء بحث طبي إلا وعليه أن يمر علي هذه اللجنة، التي تقوم بمراجعة حقوق الحالات المرضة التي يجري عليها البحث، وأشار إلي أن هذه الحالات يتم التأكد من عدم استغلال دخولها في البحث بصورة نهضم حقوقهم وضمان الحفاظ علي سلامتهم وأسرارهم. ضرورة عصرية وكان د.هنك تن هاف مدير شعبة أخلاقيات العلوم باليونسكو قد اتفق مع د.شعلان علي أهمية الأخلاقيات خاصة في المجال الطبي، وأكد د.هاف في الندوة التي نظمتها الأكاديمية بمناسبة تدشين المركز أنه في ظل العولمة واقتصاد السوق الحر، أصبحت شركات الأدوية تصل إلي كل البلدان وتروج منتجاتها بحرية كبيرة، تجعل من قضية مراقبة مستحضراتها ومدي فعاليتها مسألة ملحة للغاية. وأوضح د.هاف أن هذه المشكلة تظهر بصورة أكبر في الدول ذات الكثافات السكانية والاقتصادات الأقل نموا والأكثر فقرا في العالم. فمثلا في دولة مثل غانا فإن فرصة الحصول علي أدوية فعالة تمت تجربتها علميا والتزم منتجها بأخلاقيات البحث العلمي، متاحة ل02٪ فقط من المرضي، بينما النسبة المتبقية وهي 08٪ قد يلجأون في سبيل الحصول علي علاج مجاني إلي استخدام أدوية تهدف شركات الدواء من استخدامها إلي التأكد من فعاليتها علي هؤلاء المرضي. وأضاف: للأسف نحن أصبحنا في وقت بات فيه تحقيق الربح أهم من مصلحة المريض، ووجود تشريعات أخلاقية قوية حماية للمرضي من هذه الشركات.