محمد بركات كان الانطباع الغالب لدي جميع المصريين المهتمين والمتابعين للشأن العام، طوال السنوات الماضية، ان جماعة الإخوان المسلمين، تتمتع بقدر كبير من الحكمة والصبر في التعامل مع الواقع، وأن لديها قدرا كبيرا من المرونة للتأقلم مع المتغيرات الطارئة، والواردة، في علاقتهم مع السلطة في مصر، والتي كثيرا ما كانت لا تحسن الظن بهم، ولا تطمئن اليهم، وتتخذ ضدهم كافة الإجراءات المشروعة، وغير المشروعة للحد من حركتهم، وتقييد حريتهم، وحظر نشاطهم. وكان مبعث الانطباع، ما يرونه ويلمسونه من فشل ذريع، لكافة محاولات السلطة السياسية، وذراعها الأمنية، للحد من نشاط الإخوان ووقف انتشارهم علي الساحة الإجتماعية والسياسية، بطول البلاد وعرضها،..، ورغم كل الممارسات القمعية شديدة القسوة، التي كانت تلجأ اليها السلطة للسيطرة علي الجماعة وتحجيم دورها، كانت الجماعة تزداد قوة ونفوذا، وانتشارا، بفضل هذا القدر الكبير من الحكمة، والصبر، والخبرة المكتسبة والمتراكمة في مجال الخدمة الإجتماعية. وكان ذلك هو الانطباع العام أو الغالب لدي المواطنين عن الإخوان في ظل سنوات المعاناة والحظر التي تعرضوا لها، وهو ما أدي الي تعاطف عامة الناس وخاصتهم مع الإخوان وحسن الظن بهم،..، فإذا ما أضفنا الي ذلك الميل الطبيعي للتدين لدي كل المصريين، والثقة التلقائية فيمن يدعون للتمسك بالدين، لوجدنا في ذلك التفسير الطبيعي والمنطقي للظهور القوي للإخوان في الانتخابات الأخيرة، والأغلبية التي حصل عليها حزبهم "الحرية والعدالة" وكذلك حزب "النور" في البرلمان. وقد ازداد هذا الإنطباع ترسخا عند عموم الناس، وأضيف إليه مزيج من التقدير والإعجاب، وهم يشاهدون ويسمعون جماعة الإخوان، وحزبها يعلنون كل يوم، ويؤكدون كل ساعة، بعد حصولهم علي الأغلبية في البرلمان، انهم يسعون للمشاركة وليس المغالبة، وأنهم يعملون من أجل التوافق مع كافة القوي والتيارات والأحزاب السياسية في البرلمان وخارجه، حول كافة القضايا، وكل الأمور، إيمانا منهم بأن ذلك هو الطريق الصحيح لتحقيق أهداف الثورة وإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة علي العدالة والمساواه والمواطنة. والسؤال الآن هو: هل مازالت الجماعة وحزبها يتمسكون بذلك،..، أم أن هناك جديدا علي الساحة في ضوء المشهد الحالي؟! ونواصل غداً إن شاء الله.