ام الشهيد مصطفى رجب تتذكر ابنها فى عيد الام »اني آلفت الحزن حتي انني لو غاب عني ساءني التأخير.. قد كنت لا ارضي التباعد برهة.. كيف التصبر والبعاد دهور.. ابكيك حتي نلتقي برياض خلد زينتها الحور«.. تلك الكلمات التي ألقتها الشاعرة التيمورية رثاء لابنتها كانت أبلغ لسان لحال والدة الشهيد مصطفي رجب اول شهداء الثورة.. حين رأيتها بمنزلها المتواضع كانت ثكلي.. متعبة.. أذاب فؤادها الحزن والحسرة بزفرات خوفا من ان تضيع دماء ابنها هدرا.. ويخرج المتهمون بقتله بتأشيرة البراءة.. وهن غير مستبعدات ان تنقلب الآية ويصبح ابنائهم الجناه والمتهمون وتنزع منهم لقب الشهداء سألتها عن مصطفي وكيف أول عيد ام مر عليها بعد الثورة وكيف كان الثاني بالأمس.. فقالت لا يختلفان كثيرا فاليومين وبقية أيامي في الحياه اشبه ببعضها وكأنها أوراق مرقمة.. أبدل بين يدي جديدها وقديمها.. سواء كانت عيدا او بدون.. اعياد قدر الله لي فيها ان اتوشح بالحزن والوحده بعد فراق نجلي.. واستكملت الام : كل يوم يمر علي اتذكر الساعة التي خرج فيها مصطفي من المنزل وانظر الي باب الشقة ليته يطرق.. واجد مصطفي امامي من جديد.. ولكن بمجرد النظر الي جدران الصالة التي اصبحت اشبة بجدارية لصور مصطفي اتذكر انه اول من استشهدوا بالثورة فأعود الي الواقع من جديد.. ثم تصمت وتنظر الي صورة له تعلوها الآية الكريمه »ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون«.. وكيف كانت اخر هدية قدمها مصطفي.. تقول بشفاة مبتسمة وعيون لامعة من دمعة أرادت منعها من السقوط.. قبل خروجه الاخير من المنزل بنصف ساعة احضر لي ( بلطو) وقال انه احضر لي تلك الهدية لتقيني شده البرد فقد ولدي بارا بي بعد وفاة ابيه.. وكان حنونا علي اخوته البنات.. وكأنه أراد بهديته ان يترك لي شيئا كذكري وهديه مقدما قبل عيد الام.. لم يدر حينها ان برد فراقه سيكون اشد واقسي من اي طقس.. واستكملت نحن امهات الشهداء لم ترضينا المحاكمات حتي الان . ام الشهيد الاول بالثورة المصرية أرادت ان توجه رسالة لأمهات الشهداء منذ قيام الثورة حتي شهداء مذبحة بورسعيد.. استعينوا بالصبر علي فقدان ابنائكن.. فكلما رأيت صورة لشاب شهيد اشعر انه مصطفي نجلي.. وكل ابن في مصر اري انه بمقام ابني.. وتقول الام انها لا تصدق انها فقدت ابنها حتي الآن فكل صباح تدخل غرفته لإيقاظه فتستيقظ علي حقيقة استشهاده.. هي لا تشعر ان الثورة اكتملت او نحجت فالشباب كما تقول الام زرعوا بذور الحرية والكرامة بالثورة وروها بدمائهم ولكن رؤوس القتلة لم تحصد حتي الان.. ربما لم يحن بعد موسم الحصاد او انه لن يأتي إلا بثورة جديدة..