د. على السمان أولاً: الدكتور الجنزوري والأمير سعود الفيصل.. حينما استمعت لخطاب الدكتور الجنزوري يوم 26 فبراير عقب عودتي من اجتماع نادي موناكو حول الربيع العربي، كان أول رد فعل لي هو نشري لعتاب لدول أوروبا والدول العربية لعدم وقوفها بجانب الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الحرجة. فنشرت في نفس هذا المكان في جريدة الأخبار وكتبت بالحرف الواحد: "أن المساعدات التي وعدت بها الدول الأوروبية والعربية مصر كانت حبراً علي ورق" ، واتصل بي صديق من المملكة تعود علي متابعة مقالاتي علي الانترنت وقريب من الأمير فيصل ليقول لي : أنصحك أن تقرأ رد الأمير سعود الفيصل علي تصريحات الدكتور الجنزوري واطلعت عليها فوراً، وأمام خطاب الجنزوري وتصريح الأمير سعود الفيصل لا أستطيع إلا أن أقول وبكل شجاعة أدبية أن الدكتور الجنزوري أخطأ في صياغة بيان الحكومة أمام البرلمان وقال بالحرف الواحد إنه بعد ثورة 25 يناير جاءت "وعود بمعاونة مصر مالياً سواء من الدول العربية أو الغربية ، وكانت وعودا كبيرة ولكن بدون فعل حقيقي" ، وحينما قرأت رد الأمير سعود الفيصل وجدت لغة كان أولي بالدكتور الجنزوري أن يوضحها لنا قبل أن نتورط في تعبير "وعود بلا فعل حقيقي" ونكتشف أن حقيقة الأمر أن الوعد الرئيسي الذي أعطي خادم الحرمين توجيهات بتنفيذه هو "حزمة مساعدات" تبلغ قيمتها (3.750.000.000 دولار) ثلاثة مليارات وسبعمائة وخمسين مليون دولار.
وأن ما تم تحويله هو خمسمائة مليون دولار لدعم الميزانية المصرية وتم تحويل المبلغ إلي حساب وزارة المالية المصرية في 2011/5/16، كما وضح وزير الخارجية السعودي أن الجزء الثاني من حزمة المساعدات وهو مليار وأربعمائة وخمسين مليون دولار هو من أجل مشروعات ذات أولوية يحددها الجانب المصري ، وتم بخصوص ذلك التوقيع علي مذكرة تتضمن أن يدرس هذه المشروعات ذات الأهمية الصندوق السعودي للتنمية والذي أتي وفد منه خصيصا للقاهرة لبحث العناصر التنموية في هذه الحزمة. وكان الأمير سعود الفيصل واضحاً في قوله أن الجانب المصري لم يتمكن لأسباب داخلية من اختيار وتحديد المشاريع التي تمولها هذه الحزمة. وكانت النقطة الأخيرة التي أوضحها وزير الخارجية السعودي أن وزير المالية السعودي قد خاطب نظيره المصري بتاريخ 2011/8/9 ليطلب منه إرسال فريق فني من مصر لإنهاء الإجراءات الخاصة ببقية حزمة المساعدات المتعلقة لتودع في البنك المركزي لشراء سندات الخزانة المصرية. ولكن أقولها أيضاً وبصراحة أنني أعلم أن الاحتياجات العاجلة لمصر هي مساعدات من أجل دعم الميزانية المصرية أي »Cash« وأن الأولوية ليست للمشروعات، وكان يجب علي العزيز الدكتور كمال الجنزوري أن يوضح للرأي العام ما وصل إلي أيدينا وما سيصل في المستقبل وما نتمني أن يتغير في الاقتراحات السعودية ليلتقي مع احتياجاتنا العاجلة. حينما يقترب الإنسان من الاقتصاد فإن اللغة الوحيدة المقبولة هي الشفافية وتوثيق الأرقام والصورة الكاملة غير المنقوصة. ثانياً: محمد مهدي عاكف سعدت أن أتواجد في لقاء خاص مع مرشد الإخوان السابق السيد الأستاذ مهدي عاكف وأعجبت بقدرته علي المواجهة والمصارحة، وبحكمة قالها علي من هم في مواقع الحكم: "ألا ينسوا مع من يتحدثون إليهم أنه قد يأتي يوم تتغير المواقع فيه ويصبح الآخرون في مكانهم" ومست كلماته فكري الصوفي وكان من الطبيعي أن تكون علاقتي بالمرحوم المرشد العام السابق المستشار حسن إسماعيل الهضيبي حلقة وصل روحانية بيني وبين السيد الأستاذ مهدي عاكف.
ثالثاً: الوزير الفنان العملاق ثروت عكاشة كان من الطبيعي أن أكتب ما أشعر به لفقد هذا الرجل والذي خسرناه كقيمة نادرة وقد عرفته منذ أن كان ملحقا عسكريا في باريس وأردت أن أكتب ما أفكر فيه وأشعر به لولا أن الزميلة مها عبد الفتاح كتبت في رأيي مافيه الكفاية وما يغني عن أي إضافة مني، كل ما أقوله ليت قصة هذا العملاق تكون جزءاً مما يدرس للأجيال القادمة كقدوة ونموذج تأتي من تاريخنا المعاصر. الفراق أليم لإنسان أحببته واحترمته، ولكن عزاؤنا هو أن ما تركه من ميراث ثقافي وحضاري وفني قد تم توثيقه في حياته.