عبد الجابر رئيسًا.. تعرف على نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا    سفراء التميز.. برنامج تدريبى لمعاوني أعضاء هيئة التدريس المبعوثين للخارج بمعهد إعداد القادة    رئيس الطائفة الإنجيلية يهنئ قداسة البابا تواضروس بعيد القيامة المجيد    «أبو الغيط»: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا لا يمكن تحمله على أوضاع العمال في فلسطين    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    تراجع سعر الذهب مع بداية تعاملات السبت    صندوق النقد الدولي يتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد المصري إلى 5.5% على المدى المتوسط    إزالة فورية للتعديات ورفع للإشغالات والمخلفات بمدن إدفو وأسوان والرديسية وأبوسمبل    توريد 27717 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    زلزال بقوة 4.1 ريختر يضرب تركيا    شؤون الأسرى: ألف أسير فلسطيني أصيبوا في سجون الاحتلال جراء الانتهاكات    "الفرصة الأخيرة".. إسرائيل وحماس يبحثان عن صفقة جديدة قبل هجوم رفح    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    السفير البريطاني في العراق يدين هجوم حقل كورمور الغازي    "الأول في الدوري الإنجليزي".. محمد صلاح ينتظر رقما قياسيا خلال لقاء وست هام    يوفنتوس يستضيف ميلان في الدوري الإيطالي.. الموعد والتشكيل والقناة الناقلة    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    حريق العاصفة.. خروج المصابين في انفجار أسطوانة بوتاجاز بالأقصر    منع رحلات البالون الطائر من التحليق في سماء الأقصر بسبب الطقس    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق    "كل راجل ليلتين".. ميار الببلاوي تنهار من البكاء وتتعرض للإغماء بسبب داعية ديني    دعما لمهرجان أسوان ل المرأة 2024.. 3 صانعات أفلام مصريات تزرن هوليوود (تفاصيل)    «حاربت السرطان 7 سنوات».. من هي داليا زوجة الفنان أحمد عبدالوهاب؟ ( فيديو)    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    استاذ الصحة: مصر خالية من أي حالة شلل أطفال منذ 2004    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    أول تعليق من الإعلامية مها الصغير بشأن طلاقها من الفنان أحمد السقا    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    وزارة الصحة: 3 تطعيمات مهمة للوقاية من الأمراض الصدرية    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    استقرار أسعار الذهب في بداية التعاملات يوم السبت 27 أبريل 2024    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    رسميا| الأهلي يمنح الترجي وصن داونز بطاقة التأهل ل كأس العالم للأندية 2025    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الاقتصادي د. جودة عبدالخالق في حوار سياسي بعيدا عن مشاكل الوزارة والرغيف والبوتجاز
أحذر من سرقة الثورة..نحن كمن يركب زورقا تعطل في عرض البحر ووظيفة البرلمان هي التشريع وليس كتابة الدستور..وأدعو إلي مجلس رئاسي لمعاونة الرئيس


ماذا عن رؤيتك كمفكر لما يحدث في مصر الآن؟
أتصور اننا وكأنما نركب مركبا في عرض البحر حدثت فيه مشكلتان كبيرتان. الأولي تعطل محركه وبالتالي ضعف قوة دفعه. والثانية ان دفة هذا المركب قد تعطلت. وهنا مكمن الخطورة لأنك لو كنت تركب مركبا به دفة وبدون محرك استطيع ان أحمي نفسي وأجاهد حتي أصل إلي بر الامان. اريد ان أقولك في هذا السياق ان المحرك أيضا مهم. وما قلته هو تشبيه لحالة مصر الآن اقتصادا ومجتمعا. إذ ان هذا المركب تتجاذبه اموج وتعصف به رياح عاتية وتهب من الشمال والجنوب والشرق وتتجاذبه أمواج عاتية وبالتالي فقد واجهته هاتان المشكلتان الهامتان.
وأنا اعتبر ان المشكلة الاخطر هي عدم وجود الدفة التي سوف أتمكن من خلالها من تفادي الاصطدام في الصخور.
أو الجنوح في عرض البحر وأنا هنا أري ان وجود الدفة كما قلت لك هو الأهم. ولعلنا هنا نتساءل ما سبب ذلك؟ عندما أجيبك أقول لك ان هناك اخطاء ارتكبت في ادارة المرحلة الانتقالية.
ملامح الأخطاء
هل يمكن لك ان تحدد لنا هذه الأخطاء؟
نحن شعب أشعلنا شرارة ثورة ووقفنا في الميدان وترتب عليها تنحي الرئيس السابق وحل مجلس الشعب.. وحل محله المجلس الاعلي للقوات المسلحة. من هنا أصبحنا في حاجة إلي ان نقلب صفحة في التاريخ الاجتماعي لمصر والذي يشمل الاجتماع الاقتصاد والسياسة والثقافة وكل شيء.
لان ثورة 52 يناير أسقطت نظاما كان ينطوي علي غبن وقهر طوال فترة زمنية وبالتالي لابد من التخلص منه وتعديله لوضع الاساس لتغير شامل في المجتمع وكان علينا عندئذ ان نفكر في هدوء لنرسم ملامح النظام الجديد والمسئول الأكبر أمامي في هذه اللحظة هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي أصبح في يده القرار كرأس للدولة وكسلطة تشريع بعد تنحي الرئيس السابق وحل البرلمان والخطأ جاء هنا من التعجل في اتخاذ عدة خطوات منها: تعديل عدة مواد من الدستور واستفتاء الشعب عليها ثم الالتزام بذلك بدون رجعة وكذلك الاصرار علي التعجيل بالانتخابات قبل وضع الدستور وأنا في تصوري ان الدستور هو الذي سيضع المعالم الرئيسية للمجتمع خلال الفترة القادمة ولمدة طويلة قد تمتد لعدة اجيال في المستقبل ومنطق الاشياء كان يفرض ان وضع الدستور أولا.
وهذه الخطوة كانت لها أكثر من ميزة.
حيث أن المنطق يقول ان نضع الحصان قبل العربة وليس العكس، اضف إلي ذلك أن القوي الجديدة التي نشأت مع الثورة لم يتح لها القدر من الوقت لكي تنظم صفوفها وتقترب من الواقع أكثر بالمقارنة إلي قوي أخري. وهذا الوضع خلق لنا هذه المقولة التي نتساءل فيها هل الشرعية للميدان أو لمجلس الشعب؟ والقوي التي حرمت من البرلمان تمسكت بشرعية الميدان في حين ان القوي التي عرفت طريقها إلي البرلمان متمسكة بأن البرلمان هو الشرعية. وكلاهما علي حق ولكن هذه النقطة تجسد الورطة التي نحن عليها الآن استقطاب حاد في الساحة السياسية وقد عبرت عن هذا الرأي منذ ابريل الماضي.
البرلمان والدستور
وما هو في تصورك دور البرلمان في تشكيل لجنة صياغة الدستور؟
منطقي ان يكون للبرلمان دور في تشكيل لجنة صياغة الدستور ولكن السؤال هنا ما هي حدود هذا الدور؟ وهو سؤال مهم لانه من المؤكد ان وظيفة البرلمان هي التشريع، وليس كتابة الدستور لان التشريع مرتبط بالبرلمان الذي يشرع. وهذا البرلمان وبعد 5 سنوات قد لا يكون بنفس التركيب أو التشكيل الحالي.
اذن من الوارد ان التشريعات تختلف من دورة برلمانية إلي أخري بل قد تتغير التشريعات من برلمان لآخر. وليس الحال هكذا بالنسبة للدستور الذي يلزم ان يكتسب صفة الديمومة. اذن فان الحديث عن الدستور هو حديث من المجتمع كله ويشمل من هم بداخله ومن هم خارجه. وهنا يقتضي الأمر وجود نوع من الحكمة في التعامل مع قضية تشكيل لجنة كتابة الدستور بالتحديد ان القوي المهيمنة علي البرلمان ان حقها في التشريع لا جدال فيه، ولكن عليها عليها ان تدرك أن كتابة الدستور، قضية تتعلق بمستقبل المجتمع كله وبالتالي لابد ان يشارك فيها كل أطياف هذا المجتمع. وهنا يبرز سؤال آخر وهو عن نوع النظام الاقتصادي المزمع بناؤه.
وهل سنظل كثيرا نتساءل أم ان من الواجب علينا اتخاذ خطوات ايجابية تطمئن الناس
علي أن هناك نتائج ايجابية في الشارع؟
أنا اراه سؤالا مهما وأنا لا أقصد من طرح هذه الاسئلة تحديد المهام التي علينا انجازها ودعني أقول لك في هذا السياق ان الحديث عن هويتنا الاقتصادية أيضا مناطه الدستور.. لانه يحدد المقومات الأساسية للاقتصاد وأنماط الملكية وكيف ننظم عملية الانتاج والتوزيع. وكيف نقتسم الثروة الوطنية.
العدالة الاجتماعية
وماذا عن تصورك لتحقيق العدالة الاجتماعية في الفترة القادمة؟
ان موضوع العدالة الاجتماعية.. رفع كشعار مهم وجميل وضروري خلال الثورة ولكن يؤسفني ان أقول ان توازنات القوي علي الأرض لم تتح لهذا الشعار درجة معقولة من التحقيق. وأنا هنا أتكلم من واقع تجربتي لمدة عام كعضو في الحكومة وأتابع مثل هذه المسائل من الداخل والخطورة في الأمر انه إذا لم نتحرك بسرعة وعلي جهة الاقتصاد فقد نكون ايزاء انفجار آخر. ولكن لن يكون علي شاكلة ما حدث يوم 52 يناير. لان ما حدث في ذلك اليوم كان شيئا ناعما جدا وأبيض وجميلا. لقد خسرنا في الفعل أحد عشرة شهرا من عمر الثورة دون تعامل جدي مع الملف الاقتصادي ونحاول منذ ديسمبر تشكيل حكومة انقاذ تولي العناية الواجبة لملف الاقتصاد والأمن ولكن لم يحس الناس بتحسن الوضع الاقتصادي فقد نواجه بقوي الثورة المضادة التي استطاعت خلال الفترة الماضية إعادة تنظيم صفوفها واستفادت كثيرا،
وبالتالي فانني أري ان الاهتمام بالملف الاقتصادي الي جانب النظام السياسي يجنبنا مخاطر كبيرة جدا. وبهذه المناسبة أود أن أقول أننا أصبحنا في حاجة إلي ان نحقق درجة من التوازن بين الجدل حول القضايا السياسية والثقافية ثم القضايا الاقتصادية وكيف نجعل الاقتصاد يقف مرة أخري علي قدميه. ذلك لأن الوضع الاقتصادي حاليا يمر بصعوبة كبيرة جدا وقد يترتب علي ذلك نتائج وافرازات اجتماعية وسياسية لا يحمد عقباها وهذا هو الشق الثاني.
وأنا تقديري أيضا اننا وحتي الآن لم ننجح في ايجاد أو صياغة معادلة يتم بها استيعاب القوي الشبابية التي أفرزتها الثورة وهذا معناه انه حينما نتحدث عن عدالة وأنا غير مستوعب لاحتياجات ومطالب أكثر من 05٪ من الشعب المصري وهم الشباب.. عندئذ أري في الأفق معالم مشكلة لابد من التعامل معها بجدية ومن الآن وكل ذلك يتم حاليا في ظل ظروف ضاغطة جدا. حيث تتعرض مصر حاليا لعملية خنق اقتصادي خارجي من الأعداء ومن الاصدقاء وقد قلت ذلك مرارا واكرره اليوم والآن. ومصر لديها أياد بيضاء علي الجميع. وأقول ذلك من دون ان نمن علي أحد. لأن الأشقاء يعلمون جيدا ان لمصر مواقف وأيادي بيضاء كثيرة وعلينا ان نرجع إلي التاريخ الذي يقول ان مصر تشبه آلة الأكورديون من حيث الانقباض والأنبساط.
مصر والعرب
وهل بعض الأشقاء العرب أصبحوا يخافون من ان تعود مصر إلي مكانتها الطبيعية؟
بحكم الموقع والموضع وفق مقولة الدكتور جمال حمدان الشهيرة فان مصر هي أكبر دولة فاعلة في المنطقة سواء بالسلب أو بالايجاب. وبالتالي فان ما يحدث في مصر لابد وان ينتقل إلي ما سواها نتيجة لنفوذ مصر. وعلي ذلك فان مصر وقد بدأت فيها ثورة. وبالتأكيد سوف ينتقل ذلك إلي البلاد الأخري. وهذه البلاد وبالذات دول الخليج يمثل لها هذا الفعل مشكلة ومشكلة كبيرة جدا. من هنا علينا ان نفهم قضايا محاولات خنق الاقتصاد المصري الآن وحتي لا تقوم لهذه الثورة قائمة. وبالتالي أيضا تظل مصر تمد يدها إلي هؤلاء كما كان الوضع خلال ال03 سنة الماضية.
قوي أجنبية
وهل تتصور حالة الخنق التي حدثتنا عنها من جانب الإخوة العرب يقف وراءها
قوي أجنبية؟
هذا من المؤكد.. لان الولايات المتحدة الأمريكية ورغم اننا نقول عليها انها شريك استراتيجي وكلام آخر.. ولكنها في نهاية الأمر هي قوة عظمي لها مصالح في هذه المنطقة. وأهم مصلحة للولايات المتحدة هي موارد الطاقة بالاضافة إلي هدفها ومصالحها في حماية الكيان الصهيوني المرتكز لها في المنطقة. وفي هذا السياق فان النظام المصري والذي عاش علي مدي الثلاثين أو الأربعين سنة الماضية كان أكبر خادم لمصالح أمريكا. مع توفير الحماية والمصالح وكان يتم ذلك في مقابل.. الجزء الأكبر منه في رأيي يمس كرامتنا كمصريين والجزء الآخر كان في شكل حفنة دولارات أو في شكل معونة اقتصادية. وفي هذا المعني فان أمريكا يهمها بالدرجة الأولي ان مصر لا تقوم لها قائمة مرة أخري..
وهذا معناه افشال الثورة المصرية او استقطاب مجموعة من الثوار . أو من خلال الوسيلتين الخنق الاقتصادي ثم محاولات الاستقطاب بحيث لا تخرج الثورة المصرية عن الخط المرسوم. وانت تعرف انه في مايو عام 1102 عقدت قمة في مدينة دوڤيل لمساعدة ثورات الربيع العربي ومنها مصر. وربما وصل مبلغ المساعدة الذي تم الاعلان عنه أكثر من 41 مليار دولار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن الأشقاء العرب واليابان. ونحن نتحدث الآن وبعد مرور أكثر من ستة أشهر ولم تتلق مصر مليما واحدا، اذن موضوع الخنق هو موضوع حقيقي. أضف إلي ذلك محاولة خنق الثورة من الداخل عن طريق منظمات المجتمع المدني. وأنا أحدثك هنا من منطلق علمي به لأن هذا الملف كان بحوزتي حتي 22 ديسمبر من العام الماضي وقبل انفصال الوزارة عن وزارة التأمينات الاجتماعية. وواقع الحال ان هناك جمعيات قد تلقت تمويلا بالمخالفة لقوانين البلاد. وأحيانا من دون موافقات وهناك من يعتقد ان هذا التمويل يقتصر علي أمريكا وأوروبا فقط، بل هناك تمويل جاء من الخليج وبدرجة كبيرة. وأتمني ألا ينتهي هذا الملف عند حد أمريكا وأوروبا وان يمتد ليشمل التمويل من دول الخليج.
التمويل الأجنبي والعربي
أشرت في حديثك إلي ان التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية لم يتوقف علي التمويل الأمريكي والأوروبي وإنما هناك أيضا تمويل عربي فلماذا لم يتم تسليط الأضواء علي هذا النوع
من التمويل أيضا؟
الواقع ان التمويل الأمريكي هو الذي نال قسطا وفيرا من الاعلام اما الاطراف الأخري في مسألة هذا التمويل فقد فضلت ان تظل مختفية ولكن السجلات تقول ان هذه الأطراف جميعا هي فاعلة في هذه المسألة. مثل دولة قطر علي سبيل المثال والإمارات والكويت والسعودية. وليس بالضرورة الدول في حد ذاتها وإنما هناك مؤسسات تابعة أو تعمل داخل هذه الدول. ودعني أضرب لك مثالا واحدا يصور لك كل أبعاد هذه المسألة، وهي ان جمعية واحدة في مصر حصلت في يوم واحد علي 181 مليون جنيه! وتعرف ان هذا المبلغ قد ارسل من جمعية أنصار السُنة المحمدية من قطر إلي داخل بلد سني وهو مصر، وكنت أفهم مثلا ان هذا التمويل يمكن ان يذهب إلي بلد شيعي، فربما يكون ذلك مقبولا. ولكن لا يفهم علي الإطلاق ان هذا المبلغ أو هذا التمويل يذهب إلي جمعية ترعي السُنة المحمدية في بلد سني. والسؤال هنا من يقف وراء هذا؟ الإجابة وبصراحة لا تحتاج إلي تخمين. حيث ان الهدف هو نشر الفكر الوهابي.
أسباب أخري
وهل تتصور ان دافع هذا التمويل من جانب البلاد العربية نابع من حبهم لرأس النظام السابق. أم ان هناك أسبابا أخري؟
هذه الأنظمة تدين للنظام السابق بالكثير من المواقف المؤيدة لها -خذ مثلا- عندك موقف مصر من العدوان علي الكويت، ووقوف نظام مبارك معها في عام 0991، وانه لولا موقف مصر ليس فقط بارسال قوات، وإنما بالسماح للولايات المتحدة باستخدام القدرات المصرية سواء المجال الجوي أو قناة السويس أو الموافقة علي الانضمام للتحالف الدولي ضد العراق. ولولا وقوف مصر مع هذا التحالف ما كان سيكتب له النجاح.
هذا عن موقف مصر تجاه الكويت. فماذا عن قطر والإمارات؟ وهل لعبت العلاقات الشخصية بين مبارك وبين حكام هذه الدول دورا في تأكيد هذه المساهمات؟
طبعا.. لقد استمر مبارك في الحكم طوال ثلاثين عاما وخلال هذه الفترة توطدت علاقاته بهذه الأنظمة. ولكنني مع ذلك أفضل القفز فوق العامل الشخصي وأقول ان البنيوية لهذه الأنظمة تقوم علي استمرار نوع النظام القمعي الذي كان سائدا في مصر.. ولو تغير هذا النظام لزلزلت الأرض من تحت أقدامهم.
اذن البعد الشخصي موجود ولكن البعد الأهم في تقديري انه لو قامت قائمة للثورة المصرية.. فإنه يعتبر نذير شؤم لهذه الأنظمة لما تمارسه داخل حدودها علي مواطنيها. اذن ان لهذين الاعتبارين: العلاقات الشخصية وتأثير الثورة. التأثير الذي تسأل عنه.
فكرة المجلس الرئاسي
طرح البعض في الآونة الأخيرة فكرة المجلس الرئاسي وهناك عدة قوي سياسية في الساحة الآن.. فلدينا البرلمان والمجلس العسكري ثم ميدان التحرير، فما موقف هذه القوي أو هذه التيارات السياسية من فكرة المجلس الرئاسي، ومن يكون له الأحقية في اختيار أعضائه؟
أرجو ان ما سوف أقوله وينشر لا يكون علي ارتفاع شاهق. ذلك لأن الفكرة كلها بل والمعضلة التي نعيشها الآن هي انه عندما يقع خطأ في مرحلة الحساب السياسي في التعقيدات تكون أعقد من اللوغارتمات. ولكن ما معني هذا الكلام؟ ان لدينا مجموعات مختلفة، وقوي متعددة، وبالتالي علينا ان نسأل ان يتم التعامل معهم علي قدم المساواة، ولابد ان يكون الاحتكام في النهاية للواقع، الذي يقول انه بضرورة تمثيل كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي بحيث يتكون منهم هذا المجلس الرئاسي، ولابد كذلك من ضرورة ان نضع لهذا المجلس مجموعة من القواعد تحدد سلطاته وقراراته التي سوف يتخذها والفكرة كلها اننا لن نتمكن من انجاز الدستور ولا الانتخابات الرئاسية فيما بقي من المدة المقررة، وبالتالي لا يجب ان نتعجل في هذا الموضوع. والا سوف نكتشف اننا في اللحظة الأخيرة لن نستطيع ان ننجز هذه المهمة وبالتالي نضطر إلي اتخاذ إجراءات متسرعة قد تكون نتائجها السلبية أكثر من النتائج الايجابية.
مكونات المجلس
وهل يمكن ان تحدثنا عن ملامح ما ذكرته من قبل؟
انه موضوع كبير وليس مكانه هنا ولكننا نستطيع الحديث عن بعض ملامحه.. وتتجلي هذه الملامح في ان لدينا العديد من القوي السياسية في الساحة حاليا. وهذه القوي لابد ان يكون لها يد في اختيار المجموعة التي سوف تشارك في تكوين هذا المجلس مع ضرورة البحث عن مدي علاقته بمجلس الشعب من ناحية والمؤسسة العسكرية أو المجلس الأعلي للقوات المسلحة من ناحية أخري وكذلك مع الإعلام والنقابات المهنية. وبالتالي يصبح هذا المجلس منوطا به ان يدير البلد حتي استكمال كتابة الدستور ثم انتخابات الرئاسة.
في ظل ما سوف تعلن عنه اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من مواعيد الانتخابات الرئاسية.. فهل من رأيك ان يكون هذا المجلس الرئاسي معاونا لرئيس الجمهورية القادم في فترة بقائه
لمدة عامين في الحكم؟
شوف.. عايز أقولك إنه لو جاء رئيس جمهورية.. فانني اعتقد ان وجود مجلس رئاسي يوسع من قاعدة اتخاذ القرار ويساعد رئيس الجمهورية في القيام بمهامه ومسئولياته، وفي نفس الوقت يستجيب لنقطة أثرناها من قبل، وهي انه أيا كان الرئيس الذي سوف يتم انتخابه فسوف ينتخب بأغلبية غير طاغية أو كبيرة. وبالتالي سوف يظل لدينا احساس بان هناك نسبة كبيرة من الأصوات غير متفقة عليه وبالتالي هنا يبرز دور المجلس الرئاسي كعادته. وهذه كلها ملامح للمرحلة الانتقالية التي لابد ولاعتبارات براجماتية تضعني فيها لانك تريد ان تحافظ علي استقرار المجتمع واعطاء فرصة لعملية صياغة الدستور لكي تكتمل وبعد ذلك كل هذه المستويات في توزيع السلطة مآله إلي التغيير ولكن بعد ترتيب البيت من الداخل ترتيبا دقيقا. وأنا شخصيا أري انه ونظرا لضغط عنصر الوقت إذا ما اخترنا مجلسا رئاسياً. ثم بعد اتمام الانتخابات الرئاسية يصير عندنا رئيس وإلي جانبه مجلس رئاسي من أجل إدارة شئون البلاد مع مجلسي الشعب والشوري الحاليين.
إلي ان يتم كتابة الدستور. وهذه الفترة قد سألتني كم تستمر..
أقول لك ان الأمر هنا يتوقف. لأنه ما يقلقني علي الجانب الآخر هو إذا ما تداعي وضع الاقتصاد فسوف يتسبب في ارباك كل الحسابات. من هنا أقولك انه تحسبا للوضع الاقتصادي فلابد من اتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لانه وكما تعرف فان كل مصادر الدعم الخارجي وهي مطلوبة حاليا. لان الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وصل إلي نهايته. وبالتالي لم يعد هناك سيولة في الجهاز المصرفي المحلي لكي تستخدم في سد عجز الموازنة. ناهيك علي انه لو كان ذلك متاحا.. يفضل الاقتراض من الخارج لان الاقتراض المحلي سعره عال جدا، وبالتالي فان تكلفته علي الموازنة سيكون أيضا مرتفعا.
وعلي فكرة كل الجهات تنتظر اتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حتي يبادر في تقديم الدعم. وأنا كنت في فترة من الفترات من أهم المنتقدين لهذه الخطوة وكانت لدي مبررات. ولكنني أقولك الآن ومن واقع تجربة من الداخل ان اتفاقنا مع صندوق النقد الدولي المزمع توقيعه لا ينطوي علي شروط، بل وبطريقته التي كان عليها الوضع في السابق.
شروط الصندوق
وهل الشروط كانت أقل أم كثيرة؟
طبعا أقل كثيرا ولقد ذُهلت حتي في هذا السياق كان البنك الدولي يعتبر متطرفا في شروطه عما جاء به الصندوق هذه المرة. وعايز أؤكد لك انه ليست هناك شروط متعلقة بسعر الصرف وبالدعم أو البعد الاجتماعي وهذا جزء منه راجع إلي ان الصندوق بدأ يراجع نفسه بعد الأزمة المالية العالمية. ثم الجزء الثاني وهو الاحساس بأنه لم يحدث مثل هذا الأمر في حالة مصر والتي تتعرض لخنق اقتصادي. وبناء علي ذلك فان توقيع الاتفاق مع الصندوق يجب ان يتم بأسرع ما يمكن. وما سوف نحصل عليه من الصندوق هو 2.3 مليار دولار. واحتياجات مصر من التمويل أكبر من ذلك وربما أضعاف هذا المبلغ ولكن الأموال التي يقررها صندوق النقد تكون أشبه بالعربون. حيث ان الأطراف الأخري حين تعرف بأنك وقعت هذا الاتفاق وهذا معناه ان الصندوق قد درس الوضع الاقتصادي وتأكد من سلامته. هذه الخطوة بطبيعة الحال سوف تخفف الضغوط علي الاقتصاد وقد يترتب علي ذلك أيضا إعادة التصنيف الائتماني لمصر. حيث انخفض هذا التصنيف عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة. ولذلك فانني أعطي لهذا الموضوع أكبر قدر من الأولوية. وأعني به توقيع الاتفاق مع صندوق النقد.
موافقة البرلمان
ومتي سيتم التوقيع؟
هناك الآن مشاورات مع اللجان المعنية داخل مجلس الشعب خاصة في اللجنة الاقتصادية ولجنة الخطة والموازنة. لان الاتفاق في النهاية مع هذا الصندوق لابد ان يمر عبر بوابة مجلس الشعب ويصدر به تشريع. ولذلك نتبادل الآن الآراء مع توضيح الأبعاد المختلفة للموضوع بحيث اننا حين نتأكد من ان مجلس الشعب متوافق مع الحكومة حول التقدم بطلب لإتمام هذا الاتفاق. فسوف نتحرك فورا.
وهل هذه النية داخل البرلمان لم تظهر بعد؟
اعتقد ان هناك بعض المؤشرات للتجاوب. وهذا مطمئن. وبالتالي سوف نتقدم للصندوق. من أجل اصدار خطاب النوايا. والمتبقي إجراءات وليس إلا.. ولكن الأهم هو القبول السياسي لتوقيع الاتفاق، ويقوم بصفة أساسية علي برنامج للاصلاح الاقتصادي المصري. وبدون شروط مسبقة من جانب الصندوق. وعلي فكرة الناس تتصور انك مجرد ان توقع مع الصندوق تصلك الأموال فورا المسألة غير كده بالمرة فالصندوق يعمل بطريقة الأقساط. لذلك سوف يعطوننا مبلغ مليار دولار وبعد 3 أشهر ومن خلال المتابعة تأخذ الباقي. وعايز أقولك انه طالما ليست هناك شروط جائرة فأنا مطمئن.
دعنا ننتقل بك إلي خانة أخري في هذا الحوار، نعود بك للحديث عن المجلس الرئاسي ونسألك: ما هي القوة الفاعلة والتي تستطيع أن تعطي دفعة لتكوين هذا المجلس؟
أنت هنا تعود إلي الواقع السياسي.. وواضح ان هذه القوي الفاعلة موجودة داخل البرلمان. وإنما من قبيل المحجة السياسية أعتقد انه علي هذه القوي ان تدرك ان وجودها في البرلمان يجعلها شريكا في السلطة وإدارة البلاد وقد يفرض عليها نوعا من الالتزام وانها لا تبالغ في طلباتها بالنسبة للمجلس الرئاسي.
إذا هو موجود علي الصعيد التشريعي ونحن الآن نتحدث علي الصعيد التنفيذي ونقل السلطة في البلاد. وفي هذه الحالة فان ذلك يعتبر مدخلا لتسهيل عملية اشراك قوي أخري.
اذن لابد وان يكون هناك قناعة بهذه الخطوة داخل البرلمان؟
هذا صحيح.
وفي رأيك ما هي نسبة هذه القناعة؟
لابد ان ندرك ان هذه المسألة مبنية علي الطبيعة البشرية. لأن معظم من دخلوا البرلمان حديثو عهد بهذا. وبالتالي فلابد ان تمضي فترة حتي يدرك الجميع أبعاد الحقوق والواجبات المرتبطة بعملية تمثيل الشعب داخل البرلمان ولذلك قد يكون من الخطأ الحكم علي ما سوف يأتي باعتباره واقعا الآن. ومع هذا أقول ان أعضاء مجلس الشعب. كل يوم يمر عليهم يدركون بدرجة أكبر أبعاده وهذا احساس فقط. ونظرا لضيق الفترة الماضية فالحلم أصبح صعبا الآن. وبطبيعة الحال فان النضج دائما ما يأتي مع الممارسة.
رسالة للبرلمان
لو طلبنا منك توجيه رسالة لأعضاء البرلمان من أجل المساهمة في خطوة المجلس الرئاسي فماذا تقول فيها؟
الرسالة في كلمات بسيطة لاتحاسبوا حكومة الانقاذ علي خطايا نظام مبارك وأخطائه لانه لاتذر واذرة وذر أخري وأرجوكم أن تدركوا ان الوضع في مصر الآن لا يحتمل أي عمليات شد وجذب وبالتالي علي مجلس الشعب ان ينظر إلي الحكومة علي أنها شريكة له. وقد قلت لهم ذلك في أول لقاء لي معهم.. اننا شركاء وليس فرقاء. ولو اخذنا بهذا المبدأ فمن الوارد ان تحدث خلافات بين المجلس والحكومة. وهذا شيء طبيعي وأعتقد انه صحي أيضا. وفي جميع الأحوال لابد ان يفكروا في أن هذه الحكومة قد جاءت من رحم الثورة وبالتالي فهي ليست امتدادا للنظام السابق. ومن ثم فانه بات علينا جميعا ان نساهم في تصحيح الأوضاع التي خلفها النظام السابق خلال فترة طويلة وبهذا المعني من الممكن جدا ان نستطيع ان ننجز أكثر علي مستوي التشريع وعلي مستوي التنفيذ في اتخاذ القرارات اللازمة لدوران عجلة الاقتصاد بلا ابطاء. وفي هذا السياق لو ان المجلس تعاون مع الحكومة في موضوع الاتفاق مع صندوق النقد وهي تجربة انا شخصيا انتظر نتائجها. ولعلي اتوقع ان المجلس سوف يتعاون في هذا الأمر.
الأموال المهربة
هل مازالت الأموال المهربة خارج مصر تلعب دورا خطيرا في انعاش الثورة المضادة؟
ليس فقط الأموال المهربة لان هناك بالفعل أموالاً موجودة عند أقطاب النظام القديم. وأنت تعرف علي سبيل المثال ان موقعة الجمل متورط فيها عناصر من النظام القديم. وهي مازالت تسعي إلي زعزعة الاستقرار. وعايز أقول أكثر من ذلك انهم يهدفون إلي ان يتحسر الناس علي الماضي.
وهل هذه الأموال التي يملكها فلول النظام سواء في الداخل أو في الخارج تلعب دورا في توجيه الإعلام نحو الهدف ذاته والخاص بزعزعة الأوضاع؟
هناك مجموعات المصالح المستفيدة من زعزعة النظام الحالي.. وحتي ولم يكن أحد منهم في موقع المسئولية، هؤلاء يدفعون بقوة.. وفي تصورهم ان هذا الدفع هو نوع من الاستثمار الذي سوف يساهم من وجهة نظرهم في استعادة المواقع التي فقدوها. وهي في تصوري ليست مغامرة من جانبهم بل هي خطوات محسوبة وبدقة. وبالتالي فان العائد وفق هذا التصور مضمون جدا بالنسبة لهم. والمسألة هنا قد تصل إلي حد القتل من أجل استعادة المواقع التي فقدوها.. وهنا تكمن الخطورة. حيث لا يقتصر الأمر علي استخدام الأموال بل يساند هذه الأموال قوة تؤدي إلي القتل ليس ذلك فقط، بل ان هذه القوي تفرزها قوي أخري من الخارج اذن نحن بذلك أمام حلف غير مقدس بين عناصر الثورة المضادة في الداخل والقوي الخارجية.
المشروع الاجتماعي
وكيف يمكن لنا بلورة مشروع اجتماعي يحقق أهداف الثورة؟ وهل هذا المشروع هو مسئولية البرلمان أم الحكومة؟
هو مسئولية الحكومة والبرلمان معا.. ولكن في تقديري ان الحكومة عليها ان تأخذ زمام المبادرة والأمر هنا لا ينتظر حكومة قادمة لان الوضع الذي فجر الثورة وما بعده لا يحتمل الانتظار أكثر من ذلك. من هنا اكرر ما سبق وقلته ان هذا الجزء أهملناه من أجندة العمل الوطني بعد 52 يناير. كما حدث استهلاك كبير للطاقة في مسائل سياسية عامة ولم يتم الالتفات إلي هذا الجزء وهنا مكمن الخطر. لانه قد نفاجأ جميعا بانفجار آخر ولكنه انفجار سوف يكون له لون ومذاق مختلف تماما. وهذا الاختلاف يأتي من اختلاف نفسية الجموع. حيث ان الناس ما يزال لديها أمل ولو بسيطا انه سوف يحدث نوع من التحسن وإذا اختفي هذا الأمل فثق تماما ان هذا الوضع سوف يفجر طاقات رهيبة جدا وتكون الطاقات في اتجاه جديد لان الذي حدث يوم 52 يناير إنما هو ثورة ناعمة. رغم موقع الجمل ورغم كل ما حدث وذلك بالمقارنة بما يمكن ان يحدث. وبالتالي فانني اخاطب نفسي كعضو في الحكومة، كما اخاطب الحكومة ومجلس الشعب وكل من هو حريص ليس علي تجميد الأوضاع وإنما علي احداث نقلة سلسة في المجتمع وإلي الأمام. من هنا نجد ان الاجندة الاجتماعية قد ركنت علي الرف طويلا.
ولا يحتاج الأمر الآن إلي ان تظل علي حالها. والمطلوب هو ان ننظر إلي المهمشين والفقراء. ومحدودي ومعدومي الدخل. وهناك حركة في الاتجاه الصحيح من وجهة نظري هي ضرورة ان يسود احساس بان هناك توزيعا عادلا للفرص وفي كل المجالات وهذا يحتاج إلي درجة من الخطاب السياسي والذي لا يزال حتي الان يمثل أبرز نقاط الضعف.
وأنا هنا أسميه فقر الخطاب السياسي وليس غيابه. بدليل ان كل حدث نقابله باصدار بيان وفقط. وهذا خطأ وتقصير،
وقد اعترضت في أحداث كثيرة علي اصدار مثل هذه البيانات وقلت ان الناس في حاجة إلي ان تستمع إلي رئيس الوزراء. أو ان الناس تري الوزير يمشي بينهم في الشارع. هذا السلوك يؤدي إلي نوع من الطمأنينة المطلوبة. وبالفعل نفذنا هذه الخطوة أثناء أحداث ماسبيرو. من هنا أقولك ان الخطاب السياسي مهم للغاية. كما ان أهم شيء في حركة المجتمع هي الثقة. هذه الثقة تأتي من التفاعل مع الناس في الشارع. ونحن هنا نقترب من المثل البلدي الذي يؤكد ضرورة ان نلتحم بالناس اذن نحن هنا في حاجة إلي خطاب سياسي أكثر فاعلية.
السياسة والاقتصاد
نريد ان نعرف المزيد عن تصورك لما حدثتنا عنه بخصوص الأجندة الاجتماعية؟
الأجندة الاجتماعية يمكن تلخيصها في تحقيق العدالة الاجتماعية وهي كما ذكرت الضلع الثالث في شعار ثورة 52 يناير (خبز حرية عدالة اجتماعية) فالعدالة الاجتماعية اذن ليست احسانا وانما هي حق لجميع المواطنين وهي تعني عدالة توزيع الفرص في الدخل في العمل في التعليم في الصحة في البيئة في الثقافة إلي آخره.
وليس فقط عدالة توزيع الثورة بين الفئات الاجتماعية كما انها تعني العدالة بين المناطق من هنا بعتباري فلاح أن اقول ان الريف قد طاله اهمال من الاجندة الاجتماعية واضيف الي ذلك.. العدالة بين الاجيال وهنا أؤكد ان علي أن الثقة تأتي من التعامل مع الناس في الشارع ونحن هنا نضرب مثلا حيا يقول »اللي بيد عن العين بعيد عن القلب«.
وهنا يأتي دور الخطاب السياسي. والذي ينبه الناس بأننا ورثنا وضعا اقتصاديا صعبا وبهذه المناسبة اقول انني قد عشت طول عمري اقتصاديا محترفا، كما عشت طول عمري من عام 6791 وفي داخل حزب التجمع مسئولاً عن الملف الاقتصادي وبالتالي كنت أتصور انني أملك جهاز أشعة اكشف به كل شيء. ولكنني فوجئت بالوضع الاقتصادي المتردي ولم أكن أتصور مدي الخواء الذي طال الجسد الاقتصادي في مصر. فما كان يعلن عن الوضع الاقتصادي شيء وما هو موجود في أرض الواقع شيء آخر. خذ مثلا قضية الافلاس بالنسبة للمالية العامة وان هيئة مثل هيئة البترول اكتشفنا ان البترول مرهون لمدة 5 سنوات قادمة.
هذا النوع من الموضوعات والقضايا لابد ان يشارك فيه المواطن بدون ان يخلق لديه حالة من الفزع. اذن مطلوب منا ان ننقل إليه الصورة مع التأكيد علي اننا نقف معه ونسانده وندافع عنه ونحميه.
لغة الخطاب
وكيف لنا ان نصل إلي هذا المفهوم المهم والذي سوف يساهم في حل قضايا كثيرة؟
خذ بالك اننا قد خرجنا من نظام مبني علي القمع. هذا النظام هو الذي كان يحدد لغة الخطاب.. مما خلق حالة من الريبة عند الجميع. من هنا فنحن في حاجة إلي ممارسة قدر كبير من مجاهدة النفس مع ضرورة الالتحام بالناس مع ان هذه الطريقة تنطوي علي كثير من المشقة ولكنها ضرورية للغاية. والصراحة هنا مطلوبة.. حيث نصارح الناس بحقيقة الوضع بلا فزع ولا قلق. وبالتوازي مع هذا.. ضرورة ان يكون هناك حزم في إدارة الشأن العام. وأنا هنا قد طبقت هذا المبدأ عندنا في الوزارة حيث واجهنا عدة اضرابات واعتصامات مثلما حدث في المطاحن ومع مزارعي قصب السكر.
وماذا عن مدي إمكانية مشاركة المحكمة الدستورية العليا في أحداث مصر خلال هذه الفترة؟
يجب علينا أولا ان ندرك طبيعة التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية مفهوم الحكومة عندهم عبارة عن المحكمة العليا والكونجرس بشقيه والإدارة. أما عندنا فالحكومة هي مجلس الوزراء. إذن الإدارة لديهم تعادل الحكومة عندنا. وهناك كذلك تعتبر المحكمة الدستورية العليا هي أكبر جهة تصون القانون. وصيانة القانون جزء مما نعنيه من انه لا يوجد أي قانون يتعادل معه.
وبالتالي فان الذي علي المحك كفكر وكمفهوم، هو وصفية القانون في السياق العام. من هنا أنا لا أريد ان أفقد عمل المحكمة الدستورية وأنزعها من السياق العام. وبالتالي فلابد وان تكون في إطار توازن دقيق ومحترم بين السلطات وفي إطار عملية تشريعية وبالتالي فنحن في حاجة إلي إعادة صياغة النظام السياسي وأحد أبعاده هو المحكمة الدستورية العليا، وهي تمثل السلطة القضائية في مقابل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ولكن لابد وان نلاحظ اننا في مرحلة انتقالية. ولابد ان ينسحب هذا كله علي أداء هذه المحكمة. وهذا أرجو ألا يؤخذ علي انه انتقاد.
المرحلة الانتقالية
هناك اعتقاد سائد في الشارع المصري بان يوم 03 يونيو القادم بانتخاب رئيس الجمهورية سيكون هو نهاية المرحلة الانتقالية.. فما رأيك في ذلك؟
تعالوا نضع هذا التصور بشكل آخر.. بالنسبة للمولود الذي يخرج إلي الدنيا.. فانه يظل أولا 9 أشهر في بطن امه وبعد ان يولد بل وأثناء ولادته هناك حالة مخاض. من هنا أقولك ان الذي نعيشه اليوم هو المخاض، ولم نكمله بعد وبالتالي فنحن في حاجة إلي كامل الحذر والحيطة من أجل ان ننجز هذا المخاض بطريقة نحفظ فيها حياة الجنين. وربما فترة المخاض هذه تتبلور في تكوين المجلس الرئاسي. وإذا ما كنا نأخذ لفظ الثورة علي محمله الجاد فان التاريخ يقول انه ليس هناك بلد ينجز ثورته خلال عام أو عامين. بل وأريد ان أقول أكثر من ذلك اننا قد تعودنا ان نناقش الحالة المصرية قائمة بذاتها من دون الالتفات إلي ما حولها. وهذا يؤدي إلي مزالق وقد يقود إلي اليأس.. وحين نعود للحديث عن الخطاب السياسي وعلاقته بذلك أقولك ان لدينا بالفعل الآن فقرا في الخطاب السياسي. هذا الفقر في الخطاب السياسي يمثل نقطة ضعف في ادارة المرحلة الانتقالية وتلك مهمة لازالت تنظر الانجازات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.