في محطة مترو انفاق الدمرداش امسك الاب بطفلته التي لا يتعدي عمرها سنوات عشر وربما ثمانية، ترتدي زيا مدرسيا وحمل علي كتفه طفله الاصغر وكانت معه زوجته ودار حوار اتاحت لي المصادفة ان اسمعه وانا اقف بجوارهم. الاب: قولي بقي يا ايمان انت عاوزة ايه هدية النجاح. ايمان: مش عاوزة حاجة الاب: لا يا ايمان لازم تقولي عايزة ايه؟ ايمان: مش عاوزة حاجة الاب: ازاي يا ايمان..ده انت الاولي علي الفصل.. والاولي لازم تبقي لها هدية وهي التي تحددها. ايمان: لأ يا بابا متشكرة.. مش عاوزة حاجة الاب: خلاص ياستي، الساعة اللي كان نفسك فيها سوف اشتريها لك. ايمان: يا بابا متتعبش نفسك، انا كفاية عليّ فرحتك انت وماما لما ظهرت النتيجة وطلعت الاولي. الاب: يا حبيبتي انا عارف انت بتقولي مش عاوزة حاجة ليه.. بس انا برضه بأوعدك لما اقبض المرتب قبل ما اجي البيت حاكون اشتريت لك الساعة اللي انت عاوزاها. ابتسامة ارتسمت علي وجه ايمان وفرحة غمرت وجهها البريء وهي تقول متشكرة قوي يا بابا. سألني صديقي: - هو صحيح فيه محمول بالنت اجبته: اه.. دي حاجة كمان بقي لها سنين في مصر.. واستطردت : ليه عاوز تجيب واحد.. ده انت لا لك في الكمبيوتر ولا حتي النت . ابدا اصل الولد محمد ابني في ثانية ابتدائي وطلب محمول يدخل علي شبكة النت. قلت: امرك لله لازم تجيبه.. اكيد زملاؤه في المدرسة الخاصة معاهم التليفون ده. وآهي موجة واخدانا مع الولاد وغصب عنا ان نلبي طلباتهم ونستجيب لما يرغبون حتي لو من غير اقتناع منا أو الرضا عما نحققه لهم من رغبات. قال: تتصور سألني بعد اسبوع من طلبه: اين التليفون، اضطريت للكذب وقلت له لقد اشتريته وأرسلته إلي الفني المختص ليركب عليه النت. ومع ضحكاتي التي قهقهت بها اردف: الولد رد عليّ وقال لي اما انك بتضحك عليّ أو ماتعرفش المحمول بالنت. يا بابا التليفون يبقي جاهز من مصنعه للدخول علي النت.. يا بابا امتي تأخذ بالك بقي من الحاجات الحديثة دي. ختمت حواري مع صديقي قائلا: انا علي يقين بأنك فعلا كنت حتجيب التليفون وتبحث عن فني مختص عشان يركب لك النت! وبين ما سمعته من ايمان وما سمعته من محمد تذكرت مقولة احد ادباء الغرب عندما قال: قبل ان اتزوج قرأت ستة كتب في فن تربية الاطفال، وبعد ان تزوجت انجبت ستة ابناء ولا اجيد طريقة واحدة لتربيتهم.