أسعار الذهب اليوم الخميس 9 مايو 2024    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 9 مايو 2024    جدول مواعيد قطع الكهرباء الجديدة في الإسكندرية (صور)    ارتفاع أسعار النفط مع تقلص مخزونات الخام الأمريكية وآمال خفض الفائدة    قوة وأداء.. أفضل 7 سيارات كهربائية مناسبة للشراء    بعد انتقاده عائلته، الأمير هاري "وحيدا" في قداس لألعاب "إنفكتس"    بعثة الزمالك تسافر اليوم إلى المغرب استعدادا لمواجهة نهضة بركان    مدرب نهضة بركان السابق: جمهور الزمالك كان اللاعب رقم 1 أمامنا في برج العرب    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    محمد فضل: صورة الكرة المصرية بالخارج سيئة.. وهذا موقفي من انتخابات الجبلاية    حر جهنم وعاصفة ترابية، تحذير شديد من الأرصاد بشأن طقس اليوم الخميس    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    للفئة المتوسطة ومحدودي الدخل.. أفضل هواتف بإمكانيات لا مثيل لها    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    الغندور يطرح سؤالا ناريا للجمهور عقب صعود غزل المحلة للدوري الممتاز    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    الفصائل الفلسطينية تشارك في مفاوضات القاهرة    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    الأوبرا تحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة على المسرح الصغير    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    ما الأفضل عمرة التطوع أم الإنفاق على الفقراء؟.. الإفتاء توضح    مواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين احذرها    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    معلومات عن ريهام أيمن بعد تعرضها لأزمة صحية.. لماذا ابتعدت عن الفن؟    حقيقة تعديل جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرفها    «المصريين الأحرار»: بيانات الأحزاب تفويض للدولة للحفاظ على الأمن القومي    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خوان ماتا: عانيت أمام محمد صلاح.. وأحترمه كثيرا    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة حب
عيون أصلان!
نشر في الأخبار يوم 11 - 01 - 2012

في المساء جاء لزيارتي وقال: مساء الخير يا فندم! وتبعني إلي حجرة المكتب.. لم يجلس في ركن الكنبة.. إلا بعد أن جلست أنا.. في المقعد الكبير وقلت: يا أهلاً.. وسهلاً.. وهو ربت بيده علي صدره وعدل من وضع نظارته وابتسم!
كان يسكن في البناية المواجهة.. ونعرف بعضا من سنوات طويلة.. إلا أننا لم نتزاور من قبل.. ولم أستطع أن أخمن السبب الذي دعاه لزيارتي.. ولكنني لاحظت أنه أصغر سناً عما قدرت وأنا أراه أثناء تبادل التحايا عبر الطريق.. وفي سبيلي لمغادرة الحجرة سألته:
شاي ولا قهوة.. ولا تاخد حاجة ساقعة وبعدين نشرب القهوة؟! قال: مفيش لزوم والله. قلت: لا.. ضروري.. قال:
خلاص يبقي شاي من غير سكر.
عندما عدت رأيته يعيد طي الجريدة.. ويضعها إلي جواره علي الكنبة.. وما أن عدت للجلوس حتي اعتدل ناحيتي، قال: حضرتك قريت الجرايد امبارح؟.. نظرت إليه وقلت: حوالين إيه.. يا تري؟
قال: شفت الخبر اللي مكتوب فيه ان الناس اللي بتشتغل في جنينة الحيوانات بتاكل الحمير المخططة.. والتعالب.. وبتاكل من الوحوش والطيور اللي في الجنينة؟!.. أخبرته انني قرأت شيئاً مثل هذا.. قال:
لا.. ده منشور فعلاً في الصفحة الأولي.. وفي أكثر من مكان!
والحقيقة أنني بعدما كنت أخذت الخبر في سياق ما نقرأ ونسمع من أخبار هذه الأيام.. انتبهت الآن إلي أنه خبر غريب فعلاً.. ثم انه عاد وسألني:
وحضرتك رأيك إيه في الكلام ده؟
قلت: إنه كلام غريب فعلاً!
قال: طب وبعدين؟!
جاءت البنت بصينية الشاي ووضعتها بيننا علي المنضدة المستديرة وانصرفت.. وكان هو مازال يتطلع إليّ منتظراً أن أرد. أخبرته بأن هذا علي العموم ليس شيئاً جديداً.. فقد تم الإمساك ببعض الجزارين الذين يبيعون لحم الحمير والكلاب النافقة.. وأن الصحف نشرت صور هؤلاء الجزارين وهم يجلسون وأمامهم هذه الحمير وهذه الكلاب وهي نافقة!.. هز رأسه نافياً.. وقال: لو سمحت لي.. هذا شيء مختلف.. لأن الناس عندما أكلت من لحم الحمير والكلاب أكلتها وهي تظن أنها تأكل لحم البقر.. لكننا هنا أمام وضع مختلف.. الناس بدأت الآن تأكل الحيوانات وهي تعلم أنها تخص جنينة الحيوانات وأنها متوحشة.. ثم طلب مني أن ألاحظ أيضاً أننا ممكن نذبح حماراً من الحمير العادية.. لكن ذبح الحيوان المتوحش شيء صعب جداً.. ثم قال: وبعدين ما تآخذنيش.. هي الجنينة حتكفي مين.. ولا مين.. ولا.. مين؟
وأطرق قليلاً وقال: تفتكر ياكلوا إيه بعد كده؟! .. وخيّل إليّ أنه خائف.. وانتبهت فجأة إلي وجهه المدور الناعم وجسده الطري الذي يملأ ركن الكنبة.. ويبدو أنه لاحظ نظرتي فاتسعت عيناه وتصلب فجأة كمن يتحفز للقيام.. وأنا حين رأيته علي هذه الحال لم أعرف إن كان يخاف أم كان يتأمل.. فابتسمت في وجهه.. وشربنا الشاي.. وعندما انصرف تابعته من الشرفة ورأيته يتلفت حوله في الليل.. وهو يعبر الطريق.. مسرعاً!.. هذه القصة القصيرة التي نشرها الأديب الراحل ابراهيم أصلان في 4 يونيو 8002 بعنوان »عبر الطريق مسرعاً«. وأعاد نشرها في مجموعة قصصه القصيرة »حجرتان وصالة« بعد إعادة صياغتها بعنوان جديد هو »استشارة منزلية«.. هي النموذج لما أردت الكتابة عنه في هذه السطور.. بمناسبة وفاة الأديب العظيم ابراهيم أصلان.. وأعني به النموذج لكتابة التاريخ من خلال الأعمال الأدبية التي تتناول الأحداث الصغيرة.. كنت قد كتبت مقالاً في صحيفة »العرب« الناصرية في يونيو 8002 تناولت فيه هذه القصة القصيرة بعد أيام من نشرها بصحيفة »الأهرام« في الرابع من يونيو 8002.. وكانت المناسبة هي اقتحام أحد الجزارين المحترفين لأسوار حديقة الحيوان.. وذبح الجمل المغربي الأصل.. ليلاً.. وهو من الحيوانات النادرة المعرضة للانقراض.. ثم قفز مرة أخري من فوق سور الحديقة.. حاملاً »الجمل بما حمل«.. واستقل تاكسي.. عند الفجر.. عائداً لمتجره.. دون أن يراه أحد من عسس الدولة البوليسية»!!«.. تساءلت يومها: هل يمكن أن نشهد اليوم الذي ينفد فيه رصيد حديقة الحيوان من اللحوم.. وأن يبدأ السحب فيه علي المكشوف من لحوم البشر؟.. اليوم.. أكتب عن أعمال الأديب الراحل.. من زاوية أخري.. وهي هل يمكن كتابة تاريخ حقبة حسني مبارك من خلال الإنتاج القصصي لهذا الفنان المبدع؟
والسؤال له مبرره لسبب بسيط.. هو أن أصلان لم يتناول في أعماله القضايا الكبري.. وانشغل بالقضايا الصغيرة جداً.. الكاشفة جداً.. البليغة جداً.. وهو ما يوصف بالقضايا »الميكرو«.
والقضايا »الميكرو«.. هي القضايا الإنسانية.. البسيطة.. المتناهية البساطة.. وهي علاقة الإنسان بنفسه وبأسرته.. وبالمجتمع الذي تعيش فيه الغالبية العظمي من المواطنين العاديين.. أولاد البلد.
كان ابراهيم أصلان.. يمتلك قرون الاستشعار الخاصة التي مكنته من الوصول لأدق التفاصيل التي تناولها في إبداعه القصصي.. وجعلت هذا الإبداع مرجعاً لكتابة تاريخ حقبة حسني مبارك.. وهو ما أود الإشارة إليه في هذه السطور.
كان ابراهيم أصلان.. هو الكاتب عن البسطاء.. الذين لم يكن صفوت الشريف يكف يوماً واحداً عن التذكير بأن حسني مبارك يضعهم في قلبه.. وعقله»!!«.. سيكتب التاريخ يوماً أن اللصوص سرقوا حيوانات حديقة الحيوان وذبحوها.. وباعوها.. وأكلوها.. في أيامه!.. وسيكتب التاريخ أن أصلان قضي سنوات طويلة من عمره في منطقة الكيت كات بإمبابة.. وأن الفريق أحمد شفيق وزير الطيران حصل من حسني مبارك علي 4.1 مليار جنيه مقابل تنازله عن أرض مطار امبابة.. قبل أن تبيعها الحكومة للمستثمرين.. وقبل أن تتحول أرض مطار امبابة إلي كيت كات.. أخري.. ويظهر بها أصلان.. تاني!.. وسيكتب التاريخ أنه في الوقت الذي تدهورت فيه أحوال قطارات السكك الحديدية ومزلقاناتها.. ولقي الآلاف حتفهم بداخلها.. أنه تم بناء وهدم جراج محطة القطارات في رمسيس أكثر من مرة.. وفقاً لما جاء في أعمال الراحل ابراهيم أصلان.. أريد أن أقول إن أعمال أصلان لم تتناول القضايا الكبيرة.. وكان ذلك سر قوتها وخصوصيتها وانتشارها.. ولذلك فإن هذه الأعمال ستظل مرجعاً لكتابة تاريخنا المعاصر.. لسبب بسيط هو أنها تناولت الأحداث الصغيرة.. التي لم تهز المجتمع من فوق.. وإنما هزته من تحت.. وكان ذلك سر عظمتها واستمتاع الناس بها.
تعالوا نعيد رؤية حقبة حسني مبارك.. التي استمرت 03 سنة، بعيون.. أصلان.. وسوف تقول لنا الكثير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.