علي الرغم من أن انتخابات الشوري تمثل بداية قوية لسباقات الانتخابات في مصر، وفرصة جيدة لأحزاب المعارضة لشحذ قواها، والاستعداد بقوة لانتخابات مجلس الشعب نهاية العام الجاري، والانتخابات الرئاسية العام المقبل. الا أن الارقام الهزيلة التي أسفرت عنها ترشيحات تلك الاحزاب لخوض انتخابات مجلس الشوري اثبتت بما لايدع مجالا للشك أن احزاب المعارضة تعاني من »فقر مرشحين« وأن مطالبها بالمشاركة وفتح المجال امام المنافسة السياسية لاتعدو أن تكون مجرد »كلام في الهوا«. وعدد كل مرشحي أحزاب المعارضة الذين سيخوضون انتخابات الشوري في الأول من يونيو المقبل لايزيد علي 95 مرشحا، وهو مايمثل بالكاد نحو 46٪ من عدد مرشحي الحزب الوطني وحده.. بل ان المفاجأة أن نسبة كل مرشحي احزاب المعارضة في انتخابات الشوري لاتزيد علي 51٪ من عدد المرشحين المستقلين في الانتخابات، وهو ما يكشف عن عمق الأزمة التي تعانيها الاحزاب المعارضة في وفرة الكوادر المؤهلة لخوض الانتخابات والتواصل مع الشارع. وتكشف الارقام الخاصة بمرشحي احزاب المعارضة في انتخابات الشوري عن العديد من المفارقات الغريبة والطريفة في الوقت ذاته.. ففي الوقت الذي تتعالي فيه اصوات احزاب المعارضة بضرورة زيادة تواجد المرأة والأقباط علي الساحة السياسية، نجد أن احزاب المعارضة كانت في ترشيحاتها أبعد ماتكون عن تلك المطالب فمن بين كل مرشحي أحزاب المعارضة لايوجد سوي أربع سيدات فقط. اثنتان منهن عن الحزب العربي الاشتراكي، وواحدة عن الحزب الاتحادي واخري عن حزب الاحرار بينما غاب الاقباط تماما عن قائمة مرشحي احزاب المعارضة في مفارقة تكشف الكثير من الدلائل علي حالة »الازدواجية السياسية« التي تعانيها تلك الاحزاب.. فهي تأمر بالمعروف وتنسي انفسها!! وعلي الرغم من أهمية المعركة الانتخابية لمجلس الشوري في دعم قدرات الاحزاب واكتشاف قوة قواعدها الحزبية بالشارع قبيل انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية التي تثير تلك الاحزاب الكثير من الضجيج بشأنها، إلا أن اعداد مرشحي احزاب المعارضة في انتخابات الشوري لايكشف ادراكا لقيمة واهمية تلك الانتخابات.. فنجد أن لحزب التجمع 31 مرشحا، والوفد 01 مرشحين والناصري مرشحين اثنين فقط.. وهذه هي الأحزاب الثلاثة التي توصف بأنها احزاب المعارضة الكبري.. ومجموع مرشحيها 52 مرشحا يزيد قليلا علي ربع عدد مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي الذي ينفرد بين كل الاحزاب بخوضه الانتخابات في كل لدوائر وعلي جميع المقاعد. أما مايعرف بأحزاب المعارضة الصغيرة، والتي قررت خوض الانتخابات وعددها فلايزيد عدد مرشحيها عن 33 مرشحا أي نحو 63٪ من جملة عدد مرشحي الحزب الوطني الديمقراطية.. فوفقا للارقام المعلنة من اللجنة العليا للانتخابات نجد ان حزب الأمة هو صاحب اكبر عدد لمرشحين من الاحزاب الصغيرة برصيد 8 مرشحين، يليه الحزب الجمهوري الحر وحزب شباب مصر برصيده مرشحين لكل منهما ثم كل من احزاب مصر العربي الاشتراكي، والدستوري الحر والجيل والاحرار برصيد 3 مرشحين لكل منها .. ثم حزبا الغد والاتحادي بمرشحين لكل منهما. وتكشف اعداد المرشحين كذلك عن المزيد من المفارقات، فحزب كالحزب الناصري الذي يعد من بين احزاب المعارضة الكبري لايزيد عدد مرشحيه في الانتخابات عن مرشحين فقط بنسبة تقل عن 3٪ من جملة المقاعد التي سيجري عليها الاقتراع، وهو مايقل عن عدد مرشحي العديد من احزاب المعارضة الصغيرة... بل ان حزب كالتجمع لاتزيد نسبة مرشحيه الي جملة المقاعد المتنافس عليها عن 51٪.. بينما تقل هذه النسبة في حزب »الوفد« إلي 4.11٪. واذا كانت الارقام تكشف الكثير والكثير من الحقائق.. فان اهم تلك الحقائق هو الفقر الشديد في كوادر أحزاب المعارضة المؤهلة لخوض الانتخابات.. والحقيقة الثانية ان خريطة انتخابات المعارضة في مصر ستشهد تغييرات كبيرة في الفترة المقبلة.. لتتراجع احزاب المعارضة الكبري وتفسح المجال لما كان يعرف ب »الأحزاب الصغيرة«.