خبر يجب أن نتوقف عنده حتي لا يتوه وسط الصخب السياسي الذي نعيش فيه. مجلة »أدب ونقد« مهددة بالتوقف. المجلة التي ظلت تصدر بانتظام لأكثر من ربع قرن، حاولت خلاله أن تكون صوتاً للفكر المستنير والإبداع الحر لن تصدر هذا الشهر لأسباب مالية. رئيس تحريرها الزميل الشاعر حلمي سالم يقول إن المسئولين في حزب التجمع الذي تصدر المجلة عنه، أبلغوه أن الأزمة المالية التي يمر بها الحزب تجعل استمرار المجلة مستحيلاً، وانه بدأ جهداً جديداً للبحث عن وسيلة لوقف تنفيذ حكم الإعدام علي هذه المجلة الثقافية المهمة، وتوفير ما يكفي لاستمرار صدورها. إغلاق مجلة ثقافية هو مصيبة بحد ذاته، وإغلاق مجلة صمدت لكل هذه الظروف علي مدي أكثر من ربع قرن مصيبة مضاعفة، أما أن يحدث ذلك بعد الثورة، وفي الوقت الذي نحتاج فيه لكل صوت مستنير عاقل يقف أمام الهجمة الظلامية التي تواجهنا.. فهذه هي مصيبة المصائب. علي مدي أكثر من ثلاثين عاماً كنا نشكو من إهمال الثقافة ومن تراجع الفنون ومن ترك الساحة خالية أمام الفكر المتخلف، ومن العزلة التي فرضت علي المثقفين وأبعدتهم عن الناس. كنا نصرخ بأن ما يجري جريمة في حق الوطن، حين نترك جحافل الإرهاب تغتال الحياة، بينما قصور الثقافة مغلقة، والمسرح الحقيقي اختفي، والسينما تعاني، والتليفزيون يكتفي بنشر البلاهة، والكتاب في أزمة. وفي هذه الظروف كان صمود مجلة ثقافية جادة إنجاز حقيقي. هكذا كان الأمر مع »أدب ونقد«، وهكذا كان الأمر مع »أخبار الأدب« منذ أن صدرت عن »أخبار اليوم« بقيادة الصديق العزيز جمال الغيطاني، ثم وهي تواصل المشوار الآن مع الزميلة عبلة الرويني. إذا كان »التجمع« غير قادر الآن علي مواصلة تحمل تكاليف إصدار مجلة بهذه القيمة رغم ضآلة التكلفة. وإذا كانت الدولة غائبة، وأجهزة الثقافة الرسمية مازالت تحاول استعادة الوعي والعافية، فإن المؤسسات المدنية تستطيع التحرك، والمثقفون »من كل الاتجاهات« عليهم مسئولية إنقاذ المجلة.. إلا إذا كانوا قد أدمنوا الهزيمة واستسلموا لخفافيش الظلام!! في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، لن تكون هناك جريمة أسوأ من إغلاق مجلة تدعو للعقل والتقدم، ولن يكون هناك ما هو أكثر شرفاً من إنقاذ منبر للاستنارة!