منذ سنوات طويلة أتابع جهود الحكومة للحصول علي شهادة صندوق النقد بسلامة الاقتصاد المصري.. ولكن للاسف كانت تصطدم بمطالبات المنظمة الدولية اصلاحات قاسية حتي ان البعض أطلق علي الصندوق اسم »صندوق النكد الدولي» رغم ان الصندوق من مهامه تقديم المشورة لمصر بحكم عضويتها فيه منذ نشأته في اعقاب الحرب العالمية الثانية.. ومر من الزمن الكثير إلي أن شاءت الأقدار ويعلن الشعب استعداده لتحمل أعباء الاصلاح وذلك في شهر نوفمبر عام 2016، بهدف حصول مصر علي قرض من الصندوق يقدر بنحو 12 مليار دولار مع التزام مصر بتنفيذ البرنامج الذي اقترحته علي أمل أن يجني الشعب الثمار بعد ذلك وتتمكن الدولة من مواجهة التحديات الضخمة التي تواجهها. ومرت 3 سنوات.. إلي أن جاءت المراجعة الأخيرة للبرنامج الذي ينتهي في نوفمبر القادم حتي تحصل مصر علي الدفعة النهائية. وقدها 2 مليار دولار ومنذ أيام كانت زيارة بعثة الصندوق التي عقدت عدة اجتماعات مع وزراء المجموعة الاقتصادية.. وكان من قبل لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بكريستين لارجارد مديرة الصندوق. وخرجت المنظمات الدولية والبعثة التي زارت القاهرة ببيان يبشر بالأمل ويؤكد أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قوة في مواجهة التحديات بالأرقام.. قالت إن البرنامج الوطني نجح في زيادة الاحتياطيات الدولية من 17 مليار دولار إلي أكثر من 44 مليار دولار.. وأن البطالة تراجعت من 21٪ إلي أقل من 9٪.. كما تراجع إجمالي الدين الحكومي الي 93٪ من إجمالي الناتج القومي مقابل 301٪. عند بداية البرنامج.. وانخفض التضخم من 32٪ الي النصف نتيجة جهود الدولة زيادة المعروض من السلع عبر عدة نوافذ لمواجهة الاحتكارات، واستحداث اساليب جديدة لخفض الأسعار، ورغم هذا لا يزال المشوار طويلاً، لوجود أكثر من سعر للسلعة الواحدة. وفي الوقت نفسه أبدي الصندوق إعجابه بشبكة الأمان الاجتماعي وحرص الدولة علي رعاية طبقة الفقراء الذين تقدر نسبتهم 27٫8٪ من السكان واستحداث برامج تكافل وكرامة.. وحديثاً بتقديم القروض الميسرة لتحويل القوي البشرية إلي طاقة إنتاجية. ورغم كل هذه الانجازات اتفق الصندوق ومصر علي ان هناك المزيد من الجهود يتعين بذلها لزيادة الطاقة الانتاجية، وتحصيل مستحقات الدولة من الضرائب، وترشيد الانفاق بمختلف صوره.. والاحساس بأن الاصلاح عملية مستمرة لمواجهة المتغيرات العالمية المستمرة والمفاجئة. لكن مصر لن تطلب قروضاً جديدة من الصندوق.