مبادرة أكثر من رائعة ان يرفرف علم مصر الحبيبة في سمائها، وجاءت كلمات اللواء محسن الفنجري التي ألقاها نيابة عن المشير حسين طنطاوي معبرة قال فيها »إن القوات المسلحة ساندت ثورة 52 يناير التي وصفها بأنها صحوة كبري في تاريخنا المعاصر وأيقظت الشعب وكشفت عن حسن انتمائه لمصر العظيمة، وأكد اللواء الفنجري أن القوات المسلحة تتوج احتفالاتها بذكري انتصارات أكتوبر العظيم وتجسد أعظم صور الولاء لمصر التي ستظل ابد الدهر تحقق العزة والكرامة لرفع العلم اليوم، وأضاف اننا ونحن نرفع علم مصر اليوم نستعيد لحظات خالدة من تاريخ الوطن منذ أن رفع المصري البطل منذ 83 عاماً العلم علي سيناء المقدسة يحررها بدمائه الزكية وجهده وعطائه الفياض، وأكد أنه لا تفريط في أرض مصر وأن استقلال الحرية والكرامة واجب مقدس وأن معارك 6 أكتوبر المجيدة اظهرت شموخ قواتنا المسلحة التي تمسكت بالمباديء والقيم والأصالة لهذا الشعب العظيم والدفاع عن الوطن ومقدساته...« وإذا استدعينا من الذاكرة مقالات نهر الفن بجريدة الأخبار الموقرة نكتشف مقالين الاول بعنوان »العلم« نشر في العدد الصادر في 22 أكتوبر 6002.. تضمن أهمية العلم كرمز للوطن وإن العلم كدلالة يتقدم صفوف الجيوش المقاتلة تشير الي الوطن جيشاً وشعباً روح واحدة كامنة في هذا العلم، فإذا اعتبرنا الذاكرة البصرية هي التي تستبقي هذا الأحداث، فالعقل يستدعيها كلما شاهدنا علماً، فهو يحيي ذاكرة الزمان والمكان، وتكمن صورة المشهد اعتماداً علي مرجعية الحواس وقدرتها علي تخزينها ودفعها الي عمق الذاكرة، وفي سياق هذا المقال استدعيت من ذاكرتي عندما كنت أذهب الي مدرسة الشين الابتدائية عام 1591 وعمري 6 سنوات، وفي تمام السابعة والنصف صباحاً يدق جرس المدرسة ونصطف صفوفاً متوازية بفناء المدرسة، وفي تقليد يومي.. ثم ينطلق صوت البروجي فتنتصب القامات.. وأصبحت الجاذبية العليا هي الأعظم والتي تتحرك مع العلم وكأنه الوطن كله أرضه وروحه يرتفع الي السماء.. ثم تنطلق حناجر الصغار لينشدوا »بلادي بلادي وفؤادي مصر يا أم البلاد..« هكذا يأتي عمق الانتماء، وجاء بنفس المقال« ورفع أول علم مصري علي خط بارليف بعد اقتحامه وسحقه عام 3791 له معني آخر وفخار من نوع فريد تتبدد أمامه كل الاساطير«.. وجاء المقال الثاني لنهر الفن الصادر في 92 أكتوبر 6002 تحت عنوان »العلم.. بين الجمال والقبح« وتضمن سوء استخدام العلم في الكثير من المؤسسات الحكومية والمدنية وجاء فيه« نتطرق إلي العلم بوصفه قيمة وطنية عليا يجب ان نحافظ عليها بل يجب ان يؤسس لها قانون وقواعد ملزمة للجميع لاستخدامه علي المستويين الرسمي والمدني، لأنه في الواقع تحدث مهازل تصل الي حد المهانة للعلم واستعرض نفس المقال امثلة علي الواقع يظهر فيها العلم بشكل سيئ للغاية، وفي نهاية نفس المقال طرح نهر الفن »هل من علم نظيف يرفرف في كل مكان بسماء مصر؟« واتصل بعد المقالين أحد اللواءات بمكتب الرئيس المخلوع يبلغني بأن الرئيس إهتم بهذا الموضوع وسيصدر قانونا قريباً ينظم ويضع قواعد لاستخدام العلم« ومر خمس سنوات لم نشاهد علماً مصرياً يرُفع في سماء مصر سوي يوم الثلاثاء الماضي، ولم يصدر القانون أو علي الأقل لم يعلن عنه، مرة أخري هل من علم يعلو أعلي منطقة في عواصم المحافظات، هل يعاد النظر في التصميم بالمدارس، هل من تعميق ثقافة العلم عند النشيء.. هل من حملة إعلامية وتعليمية تعمل وبشكل دائم وبدون افتعال من أجل تعميق الانتماء الوطني.