من المستحيل أن تكون الحكومة تشعر بنبض الشارع.. أنا لا أتكلم هنا عن مشاكل ارتفاع الأسعار أو زحام المرور في الشوارع التي كادت الحركة أن تتوقف فيها ولا أتكلم عن تلوث الجو والطعام والماء أو البلاوي الكثيرة التي تحاصرنا أينما ذهبنا، وإنما أتكلم عن موضوع أصبح الكلام فيه مملا لدرجة تزهق، موضوع التوقيت الصيفي الذي تتعامل معه حكومة الدكتور نظيف الالكترونية الذكية بنفس الفكر العقيم الذي تعاملت به الحكومات السابقة التي لم تكن الكترونية..! الخبراء والمتخصصون وعلماء النفس والأطباء ومعهم الكتاب والصحفيون وحتي المواطن العادي كلهم طالبوا بالاستقرار علي توقيت واحد فقط، بعد أن ثبت بما لا يدع مجالا للشك عدم جدوي التغيير، بدليل أن الحكومة نفسها لا تلتزم بالفترة الزمنية المحددة للتوقيت، وتطولها وتقصرها علي مزاجها، مثلما حدث العام الماضي عندما أعلنت قبل رمضان العودة إلي التوقيت الشتوي واستمرت المسألة »شتوية« مع انطلاق العام الدراسي حتي لا تحدث »برجلة« وهو »صورة بالكربون« لما سيحدث هذا العام أيضا. أمر عجيب.. مادامت الأمور مطاطة ولا تخضع لقواعد بهذا الشكل، فلماذا لا تتعامل الحكومة مع الأمر بواقعية وتتخذ قرارا حاسما في مسألة التوقيت وتوقف تلك المهزلة السنوية التي أصبح الكلام عنها مملا ورتيبا؟! .. والميكروباص علي مزاجه ! ما من مرة استخدمت فيه طريق الأوتوستراد أو الدائري أو طريق الواحات أو الطريق الزراعي أو الصحراوي أو طريقا من الطرق إلا كانت هناك آثار لحادث مروع، ويكون القاسم المشترك في الحادث سيارة ميكروباص محطمة تماما أو علي حد وصف أحد أبنائي »كأنه كيس شيبسي طبقته بإيديك عشان ترميه في صندوق القمامة«. بالتأكيد فإنه لا يستطيع أحد أن ينكر الدور المهم الذي تلعبه سيارات الميكروباص في منظومة النقل والحركة سواء في الطرق الداخلية أو علي الطرق السريعة بين المحافظات، والمؤكد أيضا أننا لا نستطيع أن نتخذ قرارا بإلغاء خطوط الميكروباص لكثرة حوادثها، لذلك يكون من الضروري أن تتخذ الحكومة إجراءات أكثر حزما وحسما لوقف نزيف الدماء علي الأسفلت، لأن دماء مواطنينا ليست رخيصة إلي الحد الذي يجعل سائق الميكروباص يستهين بها وبأرواح من يركبون معه لمجرد أنه استلم الاجرة مقدما، ثم ينسي نفسه والأرواح التي اؤتمن عليها ويضغط بكل ما أوتي من قوة علي دواسة البنزين غير عابيء إن كانت الناس ستصل بأمان إلي نهاية الخط أم لا؟! انني أدعو أي مسئول بالمرور لركوب الميكروباص متخفيا ليشعر بحالة الذعر والرعب التي تسيطر علي الركاب داخل هذا الصندوق القاتل، فتتجمد الدماء في عروقهم وتعجز ألسنتهم علي أن تنطق بكلمة رجاء واسترحام للسائق بأن يخفف السرعة تجنبا لحدوث كارثة من الكوارث التي تعودت أعيننا أن تراها كل صباح. بقيت كلمة للإخوة سائقي الميكروباصات: نعلم أنكم تسعون علي الرزق وتحقيق دخل مقبول يعينكم علي مواجهة الحياة الصعبة، ولكن صدقوني فإن السرعة الجنونية التي تجرون بها، ليست هي السبيل لجني رزق أكبر، فالرزق مقدر من قبل أن تستيقظ من نومك لتقود سيارتك، ويأتيك دون نقص أو زيادة لمجرد أنك قد خرجت من بيتك وتوكلت علي الله سواء سرت بسرعة 021 أو 08 كيلو. في موضوع التوقيت الصيفي أو في موضوع الميكروباصات الطائشة أخشي أن أكون كمن يؤذن في مالطة، فتظل الحكومة شغالة علي مزاجها.. وأيضا سائقي الميكروباصات!! [email protected]