رئيس جامعة المنوفية يؤكد الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    إسلام عفيفى: الدولة لم تراهن على المواطن إلا وكسبت.. والإعلام جسر للتواصل    مصرع شاب بطلقات نارية على يد زوج شقيقته في قنا    محافظ الدقهلية يبحث أسباب الهبوط الأرضي بجسر النيل بميت غمر| صور    بدون وسطاء أو سماسرة.. تفاصيل وخطوات التقديم في فرص العمل باليونان وقبرص    العاصمة الإدارية: تغطية 19% من احتياج الحي الحكومي بالطاقة الشمسية    برلماني: قرارات «العدل الدولية» وضعت الاحتلال في عزلة    مراسل القاهرة الإخبارية: الطائرات الحربية تقصف مدينة رفح الفلسطينية    الأهلي يتوج بدوري أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي    يوفنتوس يفوز على مونزا بثنائية في الدوري الإيطالي    لا شكاوى في أول أيام امتحانات الدبلومات الفنية بالقليوبية    رئيس «إسكان النواب»: حادث معدية أبوغالب نتيجة «إهمال جسيم» وتحتاج عقاب صارم    ارتفاع عدد ضحايا التنقيب عن الآثار بجبل نجع سعيد في قنا ل 3 أشخاص    إطلالة ملائكية ل هنا الزاهد بحفل ختام مهرجان كان (صور)    مصدر مطلع: عرض صفقة التبادل الجديد المقدم من رئيس الموساد يتضمن حلولا ممكنة    شكرًا للرئيس.. الإعلام حقلة "وصل" بين التنمية والمصريين    سلوى عثمان تنهمر في البكاء: لحظة بشعة إنك تشوفي باباكي وهو بيموت    شيماء سيف تكشف:" بحب الرقص الشرقي بس مش برقص قدام حد"    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    خلال زيارته لجنوب سيناء.. وفد «صحة النواب» يتفقد أول مستشفى خضراء صديقة للبيئة.. ويوصي بزيادة سيارات الإسعاف في وحدة طب أسرة وادى مندر    أصدقاء وجيران اللاعب أكرم توفيق يتوقعون نتيجة المباراة من مسقط رأسه.. فيديو    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    أب يذب ح ابنته ويتخلص من جثتها على شريط قطار الفيوم    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    مصلحة الضرائب: نعمل على تدشين منصة لتقديم كافة الخدمات للمواطنين    بعد استخدام الشاباك صورته| شبانة: "مطلعش أقوى جهاز أمني.. طلع جهاز العروسين"    الأربعاء.. يوم تضامني مع الشعب الفلسطيني بنقابة الصحفيين في ذكرى النكبة    الأعلى للجامعات يقرر إعادة تشكيل اللجنة العليا لاختبارات القدرات بتنسيق الجامعات 2024- 2025    وائل جمعة مدافعا عن تصريحات الشناوي: طوال 15 سنة يتعرضون للأذى دون تدخل    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    عاجل.. تشكيل يوفنتوس الرسمي أمام مونزا في الدوري الإيطالي    شريف مختار يقدم نصائح للوقاية من أمراض القلب في الصيف    نائب رئيس جامعة عين شمس تستقبل وفداً من جامعة قوانغدونغ للدراسات الأجنبية في الصين    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    بعد إصابة شاروخان بضربة شمس- 8 نصائح للوقاية منها    محافظ أسيوط يكلف رؤساء المراكز والأحياء بتفقد مشروعات "حياة كريمة"    تفاصيل مالية مثيرة.. وموعد الإعلان الرسمي عن تولي كومباني تدريب بايرن ميونخ    5 أبراج محظوظة ب«الحب» خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    «الملا» يفتتح المرحلة الأولى بغرفة التحكم والمراقبة SCADA بشركة أنابيب البترول    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    مهرجان الكى بوب يختتم أسبوع الثقافة الكورية بالأوبرا.. والسفير يعلن عن أسبوع آخر    عقيلة صالح: جولة مشاورات جديدة قريبا بالجامعة العربية بين رؤساء المجالس الثلاثة فى ليبيا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    «أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    وزارة التجارة: لا صحة لوقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الملايين تنتظر الأهلي والترجي    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    مباحثات عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة والصين على وقع أزمة تايوان    فصيل عراقى يعلن استهداف عدة مواقع فى إيلات ب"مسيرات"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل الأسبق في حوار خاص: أموال مبارك «وراء البحر».. وتأكدنا من تهريبها عبر شركات دولية
نشر في الأخبار يوم 17 - 01 - 2019

في 10 يناير عام 1950 بدأ المستشار محمد عبد العزيز الجندي أولي خطواته في السلك القضائي وشغل عدة مناصب مهمة، كان من بينها تعيينه نائبًا عامًا في أغسطس عام 1985 ووزيرًا للعدل في مارس 2011 بعد ثورة 25 يناير. كواليس الحوار مع رجل يحمل خزائن أخطر مراحل مرت بها مصر، والتي أعقبت مقتل الرئيس السادات في الثمانينات، وكذلك المرحلة المهمة التي أعقبت ثورة 25 يناير، كانت تحمل صعوبات، بسبب عدم رغبة المستشار عبد العزيز الجندي في العودة إلي المشهد مرة أخري وأراد الاكتفاء بما سرده في كتابه »لمحات من حياتي»‬، إلا أن ثقته في صحيفة »‬الأخبار»، كانت دافعًا أكبر لقبول إجراء الحوار، والتطرق خلاله إلي جزء من كواليس المرحلتين، مع التحفظ علي الكثير من الأسئلة التي كانت تحمل جزءًا أكبر من خزائن أسراره.. بمجرد أن وافق وزير العدل الأسبق علي إجراء الحوار، توجهنا إلي الإسكندرية حيث وصلنا إلي المنزل في الثانية ظهرًا، والتقينا بالمستشار عبد العزيز الجندي الذي تحامل علي نفسه رغم مرضه، وقرر إجراء الحوار معنا، وكانت كلمته الشهير لنا »‬أنا لا أقطع وعدًا لأحد.. أهلًا بكم في الإسكندرية».
• قبل تولي المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزارة العدل في مارس 2011 وعند ترشيح اسمه للوزارة، هب المسيطرون علي ميدان التحرير وقتها وبالتحديد المستشاران أحمد مكي ومحمود الخضيري واتهموه، بأنه شخصية شارفت علي الموت.. وهو ما دفعنا لسؤاله عن كواليس توليه وزارة العدل وسط رفض من ميدان التحرير؟
- رفضت تولي وزارة العدل عندما تم عرضها عليّ، حيث كانت أقصي أحلامي أن أكون نائبًا عامًا لمصر وهو منصب بدرجة وزير، لكن عندما اتصل بي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق مرة أخري، وأكد أن القضاة هم من اختاروني لأكون وزيرًا للعدل، وأن مصر بحاجة إليّ في هذا المنصب وهذه المرحلة.. لم أتردد، وتوجهت في اليوم الثاني وقمت بحلف اليمين ضمن حكومة عصام شرف.
لكن هناك من كان يرفضك بميدان التحرير.. ويعتبر أن الثورة قام بها شباب.. وأنت قاض متقاعد منذ أكثر من 20 عامًا؟
- بالفعل كان تجاوزي سن ال 83 عامًا من أسباب رفضي تولي وزارة العدل ورفض البعض كذلك، لكن كانت هناك وجهة نظر من القائمين علي الحكم وقتها، أنهم في حاجة إلي شخص مطلع بالتشريعات ولديه دراية بالقوانين، بجانب أنني كنت نائبًا عامًا لمصر في بداية الثمانينات.. وفيما يتعلق بميدان التحرير كان لديّ طريقتي التي أتعامل بها مع المتواجدين فيه.
وأعتقد أنه رغم أن المستشار محمود الخضيري انتقدني وطالب عند تولي الوزارة أن أعود إلي دار المسنين أو المسجد الذي أتيت منه، إلا أنه قبل ذلك كان »‬بيبوس إيدي» كلما قابلني، ويمدحني ويعتبرني أفضل نائب عام جاء لمصر.
أدركنا من هذه الإجابة أن هناك كواليس بين وزارة العدل وميدان التحرير وقتها.. فبادرت بسؤال المستشار الجندي.. عن أي طريقة تعامل اتبعتها مع ميدان التحرير؟
- اقتنعت أن هناك أجندة يتم رسمها لنا من المتواجدين بميدان التحرير، وأن أفضل شيء لوقفها، هو تحجيم العمليات التخريبية وإعادة هيبة الدولة مرة أخري.. حيث كان الوزراء ممنوعين من دخول وزاراتهم بسبب المظاهرات الفئوية، لذلك فكرت في إعادة قانون البلطجة الذي أعددته، عندما كنت نائبًا عامًا ورئيسًا للجنة الشئون القانونية بوزارة العدل وقت رئاسة المستشار فاروق سيف النصر الوزارة في الثمانينات.. وأتذكر أنه خلال هذه المرحلة بدأنا في إعداد قانون جديد للإجراءات الجنائية بعد وفاة عامل أمام ملهي بشارع كورنيش النيل، وتبين أن أحد »‬البودي جاردات» هو المسئول عن ذلك، حيث كانت قد انتشرت ظاهرة الحارس الشخصي، وبالفعل أعددنا القانون وجرمنا أعمال البلطجة والتجمهر إلا أن الوزير سيف النصر رفض عرضه علي البرلمان، بحجة أن نصفه من العمال والفلاحين، وأنه بحاجة إلي علماء وخبراء قانون لمناقشته.
وبعد تولي وزارة العدل، تواصلت مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، وأخبرته أننا في حاجة إلي قانون يواجه كل صور البلطجة.. وأخبرني أنه في انتظار القانون.. وبالفعل أعددت نفس مواد قانون البلطجة الذي لم يخرج للنور في الثمانينات، وقدمته للمجلس العسكري الذي أقره، ووضعت بداخل القانون مادة تتيح للجيش آلية التطبيق، وحقيقة كانت المحاكم العسكرية ناجحة وبقوة في تطبيق القانون وصدرت أحكام بالحبس لكل من شارك في ترويع المواطنين، وبدأت نعمة الاستقرار تعود إلي البلاد مرة أخري، كما أعددت قوانين تجريم التحرش والفعل الفاضح وكان الغرض الحد من هذه الظواهر التي شاعت بين الشباب بعد الثورة.
لكن لم تكن هناك قرارات ملموسة بشأن الحفاظ علي المال العام؟
- بالعكس لجنة فض منازعات الاستثمار التي كنت عضوًا فيها وكان يترأسها الدكتور عصام شرف، نجحت في إجبار رجل أعمال عربي علي التنازل عن 75 ألف فدان من إجمالي 100 ألف فدان حصل عليها، بعد حل النزاع بينه وبين وزارة الزراعة، حيث كان التعاقد ينص علي أن تتحمل الدولة الالتزام بتوريد المياه وتوفير مصادرها، ومدها بالكهرباء، فضلًا عن انخفاض ثمن الأرض.
محاكمة مبارك
محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك كانت الأولي لرئيس جمهورية يحاكم أمام الشعب في محاكمة يشاهدها العالم.. ما هي كواليس هذه المحاكمة خاصة أنك كنت وزير العدل وقتها؟
- قرار محاكمة مبارك، كان يجب اتخاذه في هذه الفترة رغم محاولات البعض استبعاد محاكمته بزعم مرضه، وكبر سنه، وكنت أرفض هذه النغمة، وقلت إن المرض وكبر السن لا يمنعان المتهم من المحاكمة إلا أن ما كان يفعله المستشار محمود الخضيري وغيره من المتظاهرين في ميدان التحرير من ما يسمي »‬محاكمات ثورية»، والتهديد بالتوجه إلي شرم الشيخ لإحضار الرئيس مبارك ومحاكمته في القاهرة، كان أمرًا يجب الوقوف ضده، حيث اعتبرتها رسالة تحريضية لاغتيال مبارك.. وقلت لهم لن أسمح أن يُحاكم شخص بغير الطريق القانوني، وصممت علي أن تتم محاكمة مبارك أمام القضاء المدني، وأن يأخذ حقه القانوني في المرافعة وإبداء الدفوع.. لذلك طلبت من النائب العام بشكل ودي إحضار الرئيس الأسبق من شرم الشيخ ومحاكمته في مصر.
لكن ألم تخش علي مبارك عند حضوره القاهرة من المتظاهرين بميدان التحرير؟
- كان هناك تحدٍ كبير أمام وزارة العدل في البحث عن مكان آمن لمحاكمة مبارك بعد موافقة النائب العام علي محاكمته بالقاهرة.. وواجهت خلال هذه الفترة تحديًا في اختيار مكان محاكمة الرئيس الأسبق مبارك، واقترحت في البداية أن تتم المحاكمة في دار القضاء العالي، إلا أن الرفض كان سريعًا بسبب كثرة المظاهرات التي كانت تحاصر دار القضاء العالي، لذلك قررت البحث عن مكان آمن لمحاكمة مبارك، وكانت البداية بأرض المعارض بمدينة نصر، إلا أنه بعد معاينة المكان، تم رفضه لأنه مرمي لأي عابر علي كوبري الفنجري، وإنها معرضة لإلقاء أي شخص قنبلة من أعلي الكوبري، قد تودي بحياة مبارك وقضاة المحكمة، فاتصلت باللواء منصور عيسوي وزير الداخلية وقتها، وطلبت منه الاتصال بمدير أكاديمية الشرطة لتوفير قاعة لمحاكمة مبارك، وبالفعل، وافق مدير الأكاديمية، وأرسلت مدير المحاكم إلي الأكاديمية لمعاينة القاعة.. وطلبت من شركة المقاولون العرب تجهيز القاعة للمحاكمة، وكانت التكلفة 6 ملايين جنيه، وبالفعل اتصلت بالدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وطلبت منه 6 ملايين جنيه وأرسلها علي الفور وبدأنا في تجهيز القاعة.
وماذا عن اختيار قاضي المحاكمة؟
- اختيار قاض لمحاكمة مبارك لم يكن أمرًا سهلًا، كان أمامنا تحدٍ في البحث عن قاضٍ مشهود له بالنزاهة والشدة من أجل ضبط القاعة.. وأنا لم أتدخل نهائيًا في اختيار قاضي المحاكمة، فقد طلبت من محكمة الاستئناف اختيار هيئة محكمة بالمواصفات التي اتفقنا عليها، وبالفعل فاجأوني باختيار المستشار أحمد رفعت الذي لم ألتق به نهائيا، حيث نجح في إدارة المحاكمة، وسهل له مبارك الأمر بعد انصياعه لقرارات المحكمة.
ومن اتخذ قرار إذاعة المحاكمة علي وسائل الإعلام؟
- توجهت بصحبة الدكتور عصام شرف إلي المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلي وقتها، وطلبت منه إذاعة جلسات المحاكمة ليشاهدها العالم، وبالفعل استجاب، واتفقنا علي دخول كاميرات التليفزيون المصري فقط، علي أن تتولي هي فقط التحكم ببثه وإذاعته للعالم.
كان لك رأي بشأن التهم الموجهة لمبارك وقتها.. ما هو؟
- قلت لو أدين مبارك بقتل المتظاهرين فسيكون مصيره الإعدام، أما غير ذلك فقد يكون السجن أو البراءة.. وهذا أمر منطقي، فلم أطلع علي الأدلة حتي أجزم بإعدام أو إدانة مبارك.
لكن ماذا عن أمواله؟
- بعد تولي منصب وزير العدل شكلت لجنة »‬حريفة» برئاسة المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع وقتها، وتوجهت اللجنة إلي عدد من الدول لمعرفة مصير أموال مبارك المهربة، وانتهي تقرير اللجنة، إلي أن مبارك هرب أمواله عبر إحدي شركات تهريب الأموال في الخارج، وأن تتبعها سيكون صعبًا جدًا، لأنه تم تهريبها إلي دول أو جزر لا توجد بها قوانين أو اتفاقيات دولية، والمعروفة بجزر ما وراء البحر والمحيطات.
لكن المفاجأة كانت عندما تحدث مبارك في فيديو عبر قناة العربية، وقال إنه لا يمتلك مليمًا خارج مصر، ففوجئت في اليوم الثاني بزيارة وفد سويسري إلي مكتبي بوزارة العدل، وأخبروني أنهم جمدوا ما يزيد علي 400 مليون فرنك للرئيس الأسبق مبارك بعد تخليه عن الحكم.
استقلال القضاء
شهدت الفترة التي تولي فيها المستشار الجندي وزارة العدل والتي امتدت من مارس إلي ديسمبر 2011، انقسامات داخل القضاء،.. وهو ما دفعنا إلي سؤال المستشار الجندي.. كيف استطعت الحفاظ علي استقلال القضاء وسط ميدان ثائر يطالب بالتطهير وانقسامات وتجاوزات؟
- أجاب بنبرة هادئة، أنا قاضٍ، ودائمًا ما كنت أدافع عن استقلال القضاء ولم أسمح لأحد بالتدخل في عمل السلطة القضائية، وكل من كان يتجاوز من القضاة تتم إحالته لمجالس تأديب، وهذا ما حدث مع عدد من القضاة الذين تحدثوا في وسائل الإعلام وقت الثورة، أو شاركوا في السياسة، كنت لا أستثني أي مخالف.
وفيما يتعلق بميدان التحرير، لم أنظر إلي أي مطالب داخل الميدان تتعلق بالقضاء، فنغمة تطهير القضاء لم أكن أسمح بها، لأن القضاء يُطهر نفسه بنفسه، ولسنا بحاجة إلي وصاية من أحد.
لكن بعضهم كان يطالب بنقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلي مجلس القضاء الأعلي؟
- هذا الطلب كنت متحمسًا له، وخاطبت المجلس الأعلي للقضاء وكان مجلس المستشار حسام الغرياني وما سبقه، وقلت لهم مستعدون لنقل تبعية التفتيش القضائي لكم وأعلنت ذلك.. لكن الإجابة كانت صادمة، ردوا »‬ماعندناش أماكن تسع العاملين بالتفتيش القضائي.. نعتذر عن ذلك» وتضمن الرد أنه يجب تعديل قانون السلطة القضائية أولا، وطلبت منهم إجراء أي تعديل يتيح استقلال السلطة القضائية، لكن لم يستجب أحد.
هناك قضاة اعتصموا أمام وزارة العدل وطالبوا بالعودة إلي القضاء مرة أخري، وأنهم تعرضوا للظلم وقت حكم مبارك؟
- كانت من أخطر القضايا التي صادفتني بمجرد أن بدأت عملي في وزارة العدل، وجدت مجموعة لا تقل عن 100 عضو من أعضاء الهيئات القضائية المفصولين تأديبًيا، يحضرون لمقابلتي وطالبوني بإعادتهم لوظائفهم، وحاولت أن أقنعهم أنني لا أملك كوزير العدل أن أعيدهم إلي وظائفهم بعد صدور أحكام بفصلهم تأديبيًا، واستنفاد إجراءات الطعن، وإن قرار عودتهم بيد المجلس الأعلي للقضاء، لكنهم أصروا علي طلبهم، وقاموا بالإعتصام أمام الوزارة، ولم تفلح محاولات إقناعهم، وبعد محاولات قررت الاحتكام إلي تشكيل دائرتين من أقدم نواب رئيس محكمة النقض، وطلبت منهم دراسة ملفات القضاة المفصولين، وإبداء الرأي في طلباتهم، وباشرت الدائرتان عملهما، وانتهت إلي عدم أحقية أي من هؤلاء القضاة المفصولين للعودة إلي مناصبهم، وأنهم جميعًا فُصلوا بإجراءات قانونية سليمة.
التمويل الأجنبي
تترأس أكثر من جمعية أهلية في مجال البيئة وتنمية المجتمع، رغم أنك كنت صاحب الفضل الأكبر في كشف سبوبة العمل الأهلي في مصر والدعم الذي يتلقونه من الخارج لإثارة الفوضي؟
- أجاب: يجب أن تفرق بين هذا وذاك، دخولي للعمل الأهلي كان صدفة بحتة، وكان ذلك في منتصف الثمانينات، عندما توليت منصب النائب العام، حيث حضر إلي مكتبي بدار القضاء العالي مستر إدوارد لانت، مدير مركز اليونيسيف بمصر وبرفقته مايسة أحمد مسئول حقوق الطفل باليونيسيف، ودعوني إلي المشاركة في مؤتمر عالمي تنظمه اليونيسيف بمصر لمناقشة القراءة الثانية لاتفاقية حقوق الطفل التي تعدها الأمم المتحدة.
وأخبروني أن لجنة المؤتمر مُشكلة من 4 أعضاء، كنت أحدهم وكان يحضر المؤتمر سوزان مبارك قرينة الرئيس الأسبق بصفتها رئيس المجلس القومي للأمومة والطفولة، وزوجتا الرئيسين الفرنسي ميتران والزيمبابوي.. ووافقت علي الحضور.. وأعددت ورقة ذكرت فيها أن حقوق الاتفاقية غير مكتملة، حيث سبقتها الشريعة الإسلامية في أمرين مهمين، فقد نصت الاتفاقية علي حق الطفل بمجرد ولادته، لكن الشريعة الإسلامية نصت علي أن الطفل يورث وهو في بطن أمه والمعروف بتوريث »‬الحمل المستكن» وهذا النص لا يوجد في اتفاقية بالعالم، كما أن الاتفاقية يجب أن تشمل توصيتين، الأولي بإلزام الأب بحسن اختيار أم الطفل، فعائلة الأم يجب أن تكون مُشرفة والثانية توصية بإلزام بحسن اختيار اسم الطفل، فكنا نلاحظ أن هناك أسماء لأطفال مثل الجاهل والحمار.. وهذه الأسماء تؤثر نفسيًا علي الطفل وتحتقره بين أهله ومجتمعه، وبالفعل خرج المؤتمر بتوصيات كثيرة وتم إقرار الاتفاقية بالأمم المتحدة، وبعدها كلفني المجلس القومي للطفولة بإعداد قانون مصري لحقوق الطفل يُترجم أحكام الاتفاقية.. وقمت بإعداد القانون مدعمًا بأحكام الشريعة الإسلامية.
كانت قضية التمويل الأجنبي من أخطر الملفات التي عملت عليها عندما كنت وزيرًا للعدل، ما هي كواليس هذه القضية؟
- عندما توليت وزارة العدل ومع اتساع أعمال الفوضي، تلقيت بلاغًا من الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي عن وجود مكاتب أجنبية، تعمل بدون الحصول علي ترخيص بالعمل في مصر، وتقوم بتمويل منظمات أهلية بعضها مُشهر قانونًا وبعضها غير مُشهر، وتقوم بإرسال ما تحصل عليه من تقارير إلي دول أجنبية بما تتضمنه من معلومات.. وبالفعل بعد هذا البلاغ الخطير، قمت بندب اثنين من مستشاري الاستئناف للتحقيق في هذا البلاغ، وتم تفتيش مكاتب المنظمات الأجنبية حيث تم العثور علي مستندات مهمة تتعلق بتلقي هذه المنظمات أموالًا لكتابة تقارير تحرض علي العنف.
لكن رغم مواقفك لم تبق في وزارة العدل سوي 10 أشهر فقط.. لماذا؟
- الأمر الذي لا يعرفه الكثيرون، أنني تقدمت باستقالتي من منصبي، وقدمتها للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء.. وفوجئت به يطلب مني كتابة استقالة جماعية لحكومته.. وأعتقد سبب الاستقالة لا يعلمه حتي الآن سوي الموقعين عليها فقط.
كنت نائبًا عامًا في بداية الثمانينات.. كيف كانت العلاقة بين مبارك والسلطة القضائية؟
- مبارك لم يتدخل إطلاقا في عملي عندما كنت نائبًا عامًا في الفترة من 1985 إلي 1988، والأمر الوحيد الذي طلبه مني كان الاطلاع علي أسماء ضباط الشرطة المتهمين بتعذيب أفراد تنظيم الجهاد للعلم فقط، وطلبت منه عدم اتخاذ أي قرار بشأنهم ووعدني بذلك، كما أن مبارك وقف معي في قضايا اتهام رفعت المحجوب رئيس مجلس النواب بالتوسط في إرساء مناقصة إنشاء مبني جديد لقصر العيني علي شركة بعينها.. الرئيس الأسبق كان يعلم أنني شخصية صارمة لا تقبل التدخل في عملها وأنفذ ما أعتقد به، وهو أمر جعله يتردد كثيرًا في الموافقة علي تعييني نائبًا عامًا ضمن 3 مرشحين للمنصب وقتها.
معني ذلك أنه كانت هناك كواليس عند تعيينك نائبًا عامًا لمصر؟
- ليست كواليس بالمعني المعروف، لكن الرئيس مبارك طلب من وزير العدل وقتها إبلاغي أنه يريد مقابلتي دون التقيد بتعييني، وكان ردي علي ذلك أن طلبت من الوزير أن يُبلغ رئيس الجمهورية أنني علي استعداد لهذه المقابلة دون الالتزام بقبول الوظيفة، وفوجئت بوزير العدل يخبرني أنه تم تحديد موعد لمقابلة مبارك في قصر رأس التين بالإسكندرية، والتقينا بمبارك في القصر، وكان هدف الرئيس الأسبق من المقابلة هو معرفة كيف أفكر؟، ماذا يدور في عقلي؟، خاصة وأنه علم من التحريات أنني شخصية صارمة طوال عملي في القضاء.
وخلال المقابلة أكدت لمبارك أن منصب النائب العام مستقل ويتمتع بالحصانة القضائية الكاملة، وكان رد مبارك.. لكن هناك ملاءمات يجب أن يراعيها، فأخبرته أن هذه الملاءمات متروكة للنائب العام، وأتذكر أن المقابلة امتدت لساعتين، وفوجئت أن الرئيس الأسبق حسني مبارك يطلب مني التجهيز لحلف اليمين بعد دقائق.
وهل هناك قضايا حقق فيها المستشار الجندي مازالت في ذاكرته حتي الآن؟
- من أهم القضايا التي حققت فيها خلال عملي بالنيابة، كان استشكال تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر في القضية الشهيرة ب»‬سفاح كرموز» بالإسكندرية.. والتي حقق فيها الزميل مصطفي عبد الوهاب ونسب فيها للمتهم سعد اسكندر عبد المسيح قتل 7 أفراد وسرقة أموالهم.. حيث حاول المتهم إلصاق التهمة بآخر، وزعم أن مرتكب هذه الجرائم هو حسبو عبد النبي.. وقمت بالتحقيق في القضية، وأثبت أن المتهم هو سعد اسكندر وليس حسبو عبد النبي.
جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية
ما شعورك بعد منحك جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية من وزارة الثقافة بعد تجاوزك ال 90 عامًا؟
- حقيقة لم يكن في بالي أن تتوج مسيرة عملي وقد تجاوزت ال 90 عامًا، بحصولي علي جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية.. ولكن الفضل يعود لمجلس إدارة المجمع العلمي الذي بادر بترشيحي العام قبل الماضي، حيث لم يكن لي نصيب فيها، وحصلت عليها بعدها بعام بأغلبية من أعضاء المجلس الأعلي للثقافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.