[email protected] باستثناء محصول القطن الذي يبدأ موسم زراعته في نهاية مارس وأوائل ابريل فان باقي الحاصلات الصيفية تبدأ مع نهاية شهر مايو بعد حصاد المحصول الشتوي. يتنافس علي الزراعة الصيفية في اراضي الحاصلات الحقلية بشكل اساسي الارز والقطن والذرة الشامية والذرة الصفراء المستخدمة في تصنيع الاعلاف الحيوانية والحاصلات الزيتية البذرية لنباتات عباد الشمس وفول الصويا ثم الفول السوداني ولب القزقزة بالاضافة علي المساحات المخصصة للخضراوات والفاكهة الصيفية والتي من اهمها البطيخ والكنتالوب والخيار والطماطم والملوخية وهذه الخضراوات تتميز بإنتاج كبير يفوق احتياجات السوق المحلي وأسواق التصدير بالاضافة إلي حدوث فاقد وإهلاك كبير بفعل حرارة فصل الصيف. والمحاصيل الصيفية كانت المصدر الاول لدخل المزارعين في الماضي القريب واصبحت منذ عامين المسبب الاول للخسارة بعد حدوث انهيار في اسعار القطن فخسرنا معه محصولا نسيجيا مهما ومصدرا مهما لنوع راق من الزيوت »الزيت الفرنساوي« والتي نستورد اكثر من 09٪ من احتياجاتنا منها، بالاضافة إلي الكسبة الناتجة من عصير بذوره والمستخدمة كعلف مركز وقوي للإنتاج الحيواني ثم عمالة تعمل في جميع خطوات زراعته وحصاده وحلجه وعصره فقدت مصدرا مهما لدخلها. المحصول علي الثاني هو الارز والذي حجمت زراعته بسبب استهلاكه الكبير من المياه بحيث لا تزيد عن 2.1 مليون فدان في اراضي شمال ووسط الدلتا المهددة بالتملح من مياه البحر المتوسط والذي وصل فعلا إلي جميع مياهها الجوفية، ولنا في تجربة تطويرالري في محافظة كفر الشيخ اكثر اراضي محافظات الدلتا تمليحا وتدهورا لتربتها الزراعية والتي حذرنا منها كثيرا في مقالات عديدة في هذا المكان لان الري المطور ينبغي ان يبدأ في اراضي المحافظات الاقل تملحا في جنوب ووسط الدلتا ويجب ان يبتعد عن محافظات شمال الدلتا والتي يجب ان تزرع سنويا بالارز لغسيل تراكمات املاح البحر منها حتي لانفقد نحو 2 مليون فدان من الاراضي الزراعية الخصبة، يجب الا ننسي ارتفاع اسعار محصول الارز الان في البورصات العالمية والذي وصل إلي الف دولار للطن بالمقارنة بسعر القمح حاليا والذي لايتجاوز 071 دولارا اي ان كل طن ارز يمكن ان يستورد نحو خمسة ونصف طن قمح بالاضافة إلي أن محصول الارز أعلي من محصول القمح حيث يبلغ 5.3 طن للفدان بالمقارنة بنحو 2 طن للفدان في المتوسط للقمح وبالتالي طبقا للاسعار العالمية الحالية قد تكون زراعة الارز اقل استهلاكا للمياه واكثر ربحا من اقل الحاصلات استهلاكا للمياه ولكن في حال انخفاض اسعار الارز مستقبلا في الاسواق العالمية يعاد النظر في هذه المعادلة ولكن لايعاد النظر ابدا في اهميته لأراضي وسط وشمال الدلتا المهددة بالمياه المالحة للبحر المتوسط. زراعة الارز الذي يسبب دائما ربحية سنوية مجزية للمزارعين قابلت خسارة كبيرة فادحة خلال عامين بسبب تعمد تحجيم صادراته لإبعاد المزارعين عن زراعته وتكبدهم خسارة كبيرة من سلعة ارتفع سعرها في الاسواق العالمية فاستفاد من ذلك مزارعو جميع الدول إلا المزارع المصري. المحصول الثالث هو الذرة الشامية او الصفراء المستخدمة في انتاج وتصنيع الاعلاف والاخيرة نستورد منها نحو 5 ملايين طن سنويا وتأتي منزوعة الجنين فينمو مكانه فطر الافلاتوكسين السام بما يتسبب في العديد من الامراض للمواشي والانسان نتيجة لتراكم سمومه في لحم الحيوان، ثم تأتي محاصيل البذور الزيتية لدوار الشمس وفول الصويا والتي لا يقبل المزارعون علي زراعتها نتيجة لرفض مصانع الزيوت استلامها منهم وتفضيلهم استيراد الزيوت الخام من دول جنوب شرق آسيا وتكريرها فقط لجني الارباح بعيدا عن اهمية زيادة الاكتفاء الذاتي من الزيوت والذي لايتجاوز 8٪ فقط. التحول من زراعات الارز والفول السوداني ولب القزفزة والاخيران لصالح التسالي وليس لصالح الغذاء »بعيدا عن الفول السوداني المخصص للتصدير« ينبغي ان يكون بدعم الزراعات البديلة الموفرة للمياه والتعاقد مسبقا عليها وتحفيز المزارعين لزراعة كل من الذرة الصفراء الخاصة بالاعلاف وبأسعار مجزية ثم لزراعة فول الصويا ودوار الشمس لسد فجوة الزيوت الكبيرة والاعلان عن اسعار تحفيزية وتشجيعية ودعما لمستلزمات الانتاج من اسعار تشجيعية للتقاوي إلي تسوية بالليزر ودعم المقاومة الحيوية للحشائش والامراض وغيرها بما يشعر المزارعين بالرعاية ويحمي المصريين من سموم الافلاتوكسين التي تأتي مع الذرة المستوردة بخلاف الحشائش الضارة والمخدرة وغيرها من مبيقات الاستيراد وعدم الاعتماد علي الذات في سد الفجوة الغذائية. والتحول من زراعات الارز المخالفة ولب القزقزة والفول السوداني للتسالي والبطيخ والكنتالوب والطماطم والتي تزيد اربعة اضعاف عن احتياجات الاسواق المحلية والعربية إلي الزراعات الاستراتيجية من الذرة الشامية والصفراء وحاصلات زيوت البذور وربما إلي القطن ايضا اذا ما استطعنا استعادة اسواقه المفقودة يمكن ان يسبب الاستقرار والرفاهية لأهل الريف بعد جفاء كبير ويحد من الهجرة من الريف إلي المدن ويربط المزارع بأرضه ويحد من الجريمة ويحافظ علي الاستقرار المجتمعي والتوازن بين سكان الريف والحضر. كاتب المقال: أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة