علي الرغم مما نعانيه من زيادة فجوتنا الغذائية في زمن ندرة الغذاء العالمي وارتفاع اسعار الغذاء في أسواقنا الداخلية, حتي مما ننتجه داخل أراضينا من الخضر والفاكهة واللحوم البلدية والدواجن والبيض ووصولا الي ارتفاع اسعار ما نستورده من السكر والزيوت والزبد والدقيق واللحوم والألبان المجففة, فإن مساحات الأراضي الزراعية التي تركت بورا دون زراعة في العروة الصيفية وصلت إلي أرقام كبيرة بسبب إنخفاض الربحية الزراعية وعدم وجود سياسة زراعية متكاملة للاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية في العروتين الرئيسيتين الصيفية والشتوية. فعلي حين تم تحديد المساحات المزروعة بالأرز حول رقم1.1 مليون فدان وانخفاض مساحة زراعات القطن الي اقل من003 الف فدان وعدم تجاوز مساحات زراعات الذرة الشامية5.1 مليون فدان بمجموع كلي لهذه الحاصلات الصيفية الرئيسية أقل من3 ملايين فدان يدور التساؤل حول مصير باقي مساحات الأراضي الزراعية المحصولية, والتي تقدر بنحو2.7 مليون فدان مخصصة لهذه الزراعات المحصولية الي جانب نحو4.1 مليون فدان اخري للزراعات المستديمة لبساتين الفاكهة والخضراوات وقصب السكر بإجمالي مساحة زراعية مصرية رسمية6.8 مليون فدان, بينما هي طبقا لمنظمة الأغذية والزراعة52.7 مليون فدان في حين يري العالم المصري رشدي سعيد أنها لاتزيد عن6 ملايين فدان فقط شاملة الأراضي الصحراوية المستصلحة والمنتجة. فالبيانات الرسمية التي تشير الي زراعة3 ملايين فدان فقط بالحاصلات الرئيسية خلال العروة الصيفية تدعنا نتساءل عن مصير2.4 مليون فدان نستطيع أن نستقطع منها مساحة مليون فدان لزراعات التسالي من اللب والسوداني, فيبقي مصير2.3 مليون فدان في العروة الصيفية غامضا ولاندري شيئا عن زراعاته!! ونستطيع أن نؤكد في هذا الصدد أن نحو مليون فدان قد تركت بورا هذا الصيف في بلد يستورد نصف غذائه علي الأقل من الخارج, وذلك علي الرغم من عرض ملاك الأراضي الي تخفيض قيمة الإيجار الي النصف بسبب ركود الإنتاج الزراعي وتدني ربحيته وخفض مساحات زراعات الأرز المحصول الصيفي الوحيد المربح, وأصبح اصحاب الأراضي يلاحقون المستأجرين ويقدمون اليهم تنازلات كثيرة علي عكس ما كان يحدث في السابق من ملاحقة المستأجرين لملاك الأراضي لأن المستأجر اصبح يفضل أن يعمل اجيرا في أراضي الغير بأجر يومي لايقل عن53 جنيها باجمالي نحو الف جنيه في الشهر, وبالتالي فهو يربح في الموسم الزراعي المقدر بستة اشهر نحو سته آلاف جنيه من المستحيل أن يحصل عليها او حتي علي نصفها من زراعة الأراضي الزراعية التي يستأجرها, بالاضافة الي عدم حمله لهموم وصول المياه من عدمه او ارتفاع اسعار الأسمدة او غش المبيدات وغيرها الكثير بما سيصل بنا إلي أن تزيد محنة الزراعة كمهنة طاردة للعمالة ونتحول الي دولة مستوردة لكامل غذائها من الخارج, بما يمكن أن يعرضنا الي مجاعات غذائية في المستقبل كما يتوقع لنا الغرب في ظل السياسات الزراعية او اللاسياسات الزراعية الحالية. في العام الماضي رفضت هيئة السلع التموينية تسلم محصول الذرة الشامية من المزارعين فنقصت المساحة المزروعة منه هذا العام بسبب تحكم تجار القطاع الخاص في أسعارها, وطلبنا في مجلس الحبوب برئاسة العالم الزراعي الدكتور عبد السلام جمعة في وقت سابق من مستوردي الذرة الصفراء والذين يستوردون سنويا نحو5.5 مليون طن التعاقد مع مجلس الحبوب المصري علي زراعة احتياجاتهم من الذرة الصفراء وإنتاجها محليا فرفضوا وفضلوا الاستيراد ذات الربحية الأعلي علي الرغم من فضل زراعة الذرة الصفراء محليا, علي دعم الاقتصاد المصري, وأن يظل العائد داخل فلك الاقتصاد المصري ولا يكون داعما للاقتصادات الأجنبية, ولكننا في زمن انعدام الوطنية أمام الأرباح. وبالمثل ايضا طالبنا في لجان مشابهة من مصانع زيوت الطعام المصرية حذو مصانع استخراج السكر من بنجر السكر بالتعاقد المسبق مع المزارعين لتوفير احتياجات هذه المصانع من محصولي عباد الشمس وفول الصويا وكذا بذرة القطن, ولكنهم مازالوا يفضلون استيراد الزيوت الخام من دول جنوب شرق آسيا لتكريرها فقط داخل مصانعهم, الي درجة أنهم لايملكون معاصر لعصر البذور الزيتية واستخلاص الزيوت منها في مصانعهم والأمر يبدو أننا دائما نعمل ضد أنفسنا وقد لانجد هذه الزيوت في الأسواق العالمية قريبا بعد تحويلها الي ديزل حيوي. وفي السابق أيضا سمحنا باستيراد الأقطان قصيرة التيلة الرخيصة والرديئة من الخارج علي حساب القطن المصري تحت ادعاءات كاذبة بأننا لا ننتجها, والجميع يعلم أن جميع محافظات الصعيد تزرع الأقطان قصيرة التيلة بينما تزرع محافظات الدلتا الأقطان المتوسطة والطويلة, ثم نطالب الآن بحظر تصديرالقطن المصري الذي رفعناه من قبل حتي تستطيع مصانع الغزل الوفاء بالتزاماتها, وبما اكد كذب إدعاءات مصانع الغزل بأن الأقطان المصرية لاتصلح لإنتاجهم فلماذا تطلبون الآن حظر تصديرها والحصول عليها مادامت لاتصلح لإنتاجكم!! من الواضح الآن أن الانتعاشة الزراعية في مصر ستكون مرهونة بتطبيق اتفاقيات التجارة العالمية التي تعطي الأولوية لكل دولة بالحفاظ علي المنتج الوطني وإعطائه الأولوية قبل المستورد, وبالتالي ضرورة حظر استيراد الأقطان من الخارج قبل نفاد القطن المصري, وبالمثل حظر استيراد الذرة الصفراء قبل التعاقد علي الكمية الأكبر لزراعتها في مصر في الموسم الصيفي الذي يعاني من فراغ كبير لأكثر من3 ملايين فدان, وبالمثل أيضا حظر استيراد الزيوت من الخارج قبل التعاقد علي اقصي كمية من زراعة زيوت عباد الشمس وفول الصويا وبذرة القطن في موسم بوار الأراضي الزراعية صيفا, وعدم السماح مطلقا باستيراد كامل احتياجاتنا من أي سلعة غذائية من الخارج قبل إنتاج جزء كبير منها في الأراضي المصرية مع دعم مزارعي هذه الحاصلات المهمة للإقبال علي زراعتها بدلا من دعم المصدرين, وربما نري قريبا دعما أيضا للمستوردين علي حساب المنتج المصري. الموسم الشتوي الأكثر ازدحاما علي الأبواب ونحن نحتاج فيه إلي زراعة08 ألف فدان فقط بالعدس, ونحو نصف مليون فدان بالفول البلدي من أصناف عالية الانتاجية من كل منهما, أو دعم المزارعين بفرق الإنتاج المحلي عن الأجنبي ثم زراعة053 الف فدان ببنجر السكر كما هي الآن, بالإضافة إلي022 الف فدان في زمام المرحلة الأولي من ترعة السلام غرب القناة( وهي خارج نطاق6.8 مليون فدان الرسمية) للوصول الي الاكتفاء الذاتي الكامل من السكر والفول والعدس ثم زراعة5.3 مليون فدان بالقمح ونحو5.2 مليون فدان بالبرسيم باجمالي اقل من7 ملايين فدان للسلع الاساسية, ويتبقي نحو نصف مليون فدان طبقا للتقديرات الرسمية للزراعات الهامشية وبهذا نصل الي57% اكتفاء ذاتيا في القمح