وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في أوغندا    "القومي للمرأة" يواصل ورشة عمل "نظام عمل الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف"    القوات المسلحة تنفي بشكل قاطع مزاعم مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية    وزير الخارجية يعقد لقاءً مع رجال أعمال أوغنديين    بدء تركيب قضبان السكة الحديد لمسار الخط الأول للقطار الكهربي السريع    محافظ القاهرة: توفير 100 أتوبيس منها 15 لذوي الهمم بالمنتدى الحضري العالمي    الجيش الأردني يعلن سقوط مسيرة مجهولة المصدر في محافظة جرش    الانتخابات الأمريكية.. فانس: التصويت لترامب يمنع نشوب حرب عالمية ثالثة    أحمد عبد القادر يسجل في فوز قطر على الخور بالدوري القطري (فيديو)    بعد اتهامه بضرب شقيق محمد رجب.. مصادر تكشف مصير ابن مجدي عبد الغني    بعد انفصاله عن فريق "أيامنا الحلوة".. كريم حراجي يطرح كليب أغنية "رغم حزنك"    خبير آثار يكشف حقيقة إخلاء دير سانت كاترين وهدمه وطرد الرهبان    بالفيديو.. ما هى الفريضة الغائبة عن المسلمين؟.. خالد الجندى يجيب    هل وجود النمل فى البيت دليل حسد؟.. أمين الفتوى يجيب    بلغة الإشارة..الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي بعنوان"ما كان لله بقي"    نصائح مهمة من الصحة قبل تطبيق التوقيت الشتوي    مصر تحصد ذهبية وفضية اليوم في البطولة الدولية للناشئين لتنس الطاولة    بلينكن: يجب التركيز على إنهاء الحرب فى قطاع غزة    إجراء 3120 حالة منظار بوحدة المناظير بمستشفيات جامعة بني سويف    إسرائيل تحقق فى خرق أمنى كبير تسبب فى تسريب معلومات مهمة    خبير استراتيجي: شروط إسرائيل لوقف إطلاق النار قاسية    الاتحاد السكندري يكشف عن تصميم حافلته الجديدة (صور)    غدا.. افتتاح 4 مساجد جديدة في كفر الشيخ    هل يحق للأجنبي تسجيل وحدة سكنية باسمه في الشهر العقاري؟    الشعب الجمهوري ينظم صالونًا بعنوان "دعم صحة المرأة المصرية"    إياك وشرب القهوة في هذا الوقت.. خطر يهدد نشاطك طوال اليوم    «التعليم» تحدد موانع التقدم لأعمال امتحانات الدبلومات الفنية 2025    حبس قاتل تاجر الأسمدة وسرقته فى الشرقية    "مخاطر الزواج المبكر" ندوة في البحيرة.. صور    وزير الأوقاف يعلن عن خطة دعوية توعوية واسعة للواعظات لتعزيز التماسك الأسرى    موسيالا يحدد موعد حسم مستقبله    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 694 ألفا و950 جنديا منذ بداية الحرب    مفيد عاشور يعلن عن مسابقة مسرح الشارع بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    إقبال مواطنى البحيرة على تلقى لقاح الأنفلونزا الموسمية داخل المراكز الطبية    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع مبادرة 1000 يوم الذهبية    المشدد 15 سنة للمتهم بق.تل شخص بالخصوص في القليوبية    إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا (صور)    الطبيبة الشرعية تؤكد: لا دليل على تناقض مقتل "نورا" بواسطة رابطة عنق في قضية "سفاح التجمع"    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين جراء العاصفة الاستوائية "ترامي" في فيتنام    البورصة المصرية تستضيف مسئولي الشركات الأعضاء لمناقشة أحدث المستجدات    الزمالك في ورطة.. باتشكيو يحسم موقف القيد في القلعة البيضاء    المترو يعمل ساعة إضافية اليوم بسبب تغيير التوقيت    محافظ الفيوم: تطور مذهل في نمو يرقات الجمبري ببحيرة قارون    وكيل "تعليم مطروح" تؤكد أهمية مركز التطوير التكنولوجي لخدمة العملية التعليمية    بليغ أبوعايد: رمضان أعاد الانضباط إلى غرفة ملابس الأهلي    «الداخلية»: تحرير 572 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1491 رخصة بسبب الملصق الإلكتروني    محمد فاروق: قدمت استقالتى وتراجعت عنها بعد جلسة مسئولى الجبلاية    وزيرا الإسكان والعمل يستعرضان سبل تعزيز التعاون المشترك    أمين الفتوى عمرو الورداني: 5 أنواع للآباء يتسببون فى دمار الأسرة    المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان يبدأ جولة إقليمية    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس في كأس ملك إسبانيا والقنوات الناقلة    لهذا السبب.. محمد منير يتصدر تريند "جوجل"    الجمعة.. مواقيت الصلاة الجديدة بالمحافظات مع بداية التوقيت الشتوي 2024 في مصر    برج القوس حظك اليوم الخميس 31 أكتوبر.. تخدمك حكمتك المالية    آسر ياسين وأسماء جلال أبرز الحضور بحفل منصة شاهد    فلسطين.. شهيد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم طولكرم    جوتيريش: هناك رغبة لدى الدول لاتخاذ إجراءات بشأن تلوث البلاستيك    نسرين طافش تتألق على ريد كاربت مهرجان الجونة السينمائي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخبار تواصل نشر رؤي المفكرين والمثقفين حول المستقبل وكيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟
الأستاذ الدكتور حامد عمار: المثقفون والمفگرون مدعوون لمناقشة موسعة لترسيخ ثقافة مشترگة للحداثة والتطوير
نشر في الأخبار يوم 08 - 05 - 2010

د. حامد عمار يعبر بالكلمات عن رؤيته نحو تحديث مصر لأنه مفكر من الطراز الفريد ورائد من رواد علم التربية- ودائما ما يتصف بالدقة وحسن التوصيف والإفادة.. فإنني عندما طلبت منه أن يشارك معنا في حملة »الأخبار« التي تبحث عن آليات ووسائل الأخذ بالمدنية الحديثة، وذلك من خلال رؤيته كعالم وكمفكر.. أشار عليّ أن نبدأ هذه المشاركة بالحديث عن توصيف بعض الذي نعيش فيه، لأن هذا التوصيف في رأيه هو البداية الصحيحة لانطلاقة كبيرة في آفاق المستقبل، هذه الانطلاقة هي التي سوف تساهم في تحويل مصر إلي دولة مدنية حديثة، بل وأكثر من ذلك أكد أن هذا التوصيف لما نحن فيه الآن وبكل صدق وأمانة رجل يحب مصر ويعشقها سوف يأخذنا في نهاية المطاف إلي تحديد ملامح الرؤية المستقبلية التي نحلم بها وتكون طريقا أو عهدا أو عقدا نساهم جميعا في تحقيق كل بنوده.. وعلي ذلك اتفقنا أن يبدأ الحديث وفق ما يراه.. فجاءت كل التفاصيل في هذا الحوار بين أيدينا الآن؟!.. وقد رأيت أن أبدأ ايضا من حيث ما بدأ الحديث فتعالوا إلي التفاصيل.
الأستاذ الدكتور حامد عمار المفكر والتربوي الكبير.. نريد ان نعرف أهم ملامح رؤيتك الشخصية والعلمية والفكرية عن كيفية أن تكون مصر دولة مدنية حديثة؟!
- الاجابة علي هذا السؤال تتطلب أن نري ونتدبر ونحلل الواقع المصري في تاريخه وحاضره ومستقبله.
ومن له الحق في القيام بهذه المهمة؟!
- المثقفون وأصحاب الفكر .. بل وكل القوي الداعية إلي ايجاد ثقافة مشتركة وحية ونابضة من خلال تماسك اجتماعي وروح وطنية عامة تدفع هذا المجتمع الي التحديث والتطوير وتدعوه إلي حوار بناء يناقش فيه كل ما يعترضه من مشكلات، لأن مسألة الدولة المدنية الحديثة أو غير الدولة المدنية، هذه ليست وليدة اللحظة، ولكنك حين تدرس التاريخ المصري وحتي التاريخ الإنساني بنظرة نقدية ترعي التراكم الذي حدث خلال المراحل المختلفة.
لو طلب من الأستاذ الدكتور حامد عمار ان يقدم ورقة عمل يتناول فيها كيفية أن نكون دولة مدنية حديثة؟ فماذا يقول فيها؟!
- هذه الورقة التي سوف أعدها لابد أن تتطرق إلي هذا التراكم التاريخي.. ورغم صعوبة قيام أي مفكر بتجميع ما يمكن ان يكون أساسا لهذه المهمة إلا أنني استطيع ان اقول لك أننا حاليا نواجه مجتمعا فيه كثير من أنواع الاختلالات وأنواع من الفرقة، هذه الحالة سوف نجدها علي سبيل المثال فيما يتعلق بالتعليم، الذي نواجه فيه أربعة أنماط من العملية التعليمية، وخذ مثالا آخر ضرورة أن يكون لدينا مجتمع ديمقراطي، كما يقول برنارد شو.. لان هذا المجتمع هو أفضل ما شهدته البشرية في النظم السياسية.
مفهوم الديمقراطية
وما مفهوم الديمقراطية الذي تراه صالحا لنا ويأخذ بيدنا إلي الحداثة والمدنية؟!
- إن هذا المفهوم يدور في فلك أن تكون السلطة في يد الشعب بمختلف فئاته وطوائفه وأحزابه ، أننا نملك فقط محاولات ولكنها ليست علي الطريق المستقيم وليس لها رؤية متصلة ومستديمة.
وكيفية العلاج؟!
- الإسراع في إقامة المجتمع الديمقراطي.. لأن الديمقراطية سوف تأخذ وتزيل كل الشوائب والاختلالات الموجودة حاليا، ولأن الديمقراطية كما ذكرت تعني سلطة الشعب في اتخاذ وصناعة القرار.
هذا من ناحية ومن ناحية أخري لابد من أن يكون للشعب سلطة في تنفيذ القرار وليس في اتخاذه فقط!
وهذا يجرنا للحديث عن حق العمل.. لأنك سوف تكون مشاركا في تنفيذ هذا القرار، اضافة إلي ذلك هناك بعد ثالث للديمقراطية، فبعد اتخاذ القرار وتنفيذه تبقي متابعة وتقييم ماذا تحقق، وبكل شفافية هذه الخطوة سوف تساهم في مقاومة وعلاج البطالة لأن كل واحد وكل فرد في المجتمع اصبح مشاركا حقيقيا في التنفيذ الذي تعقبه المتابعة والتقييم لأنني اعتبر أن البطالة تفرز السموم الاجتماعية التي نعاني منها، ولذلك من الضروري الإسراع للقضاء عليها، والديمقراطية تتطلب ايضا فوق كل ما مر علينا.. الجزاء والعدالة فيما يتعلق بما قمنا بتنفيذه وماجنيناه من ثمار هذا العمل. وهنا يبرز دور ميزان العدل الاجتماعي، هذه القواعد الأربعة للديمقراطية لابد أن تسير جنبا إلي جنب لأن أي خلل في جانب من جوانبها سوف يؤثر في بقية الجوانب الأخري.
دور الأفراد
وهذا يدفعنا أيضا إلي أن نسألك.. وأين دور الفرد في هذه المهمة الوطنية؟!
- الفرد وحده لا يستطيع أن يحقق أي شئ وأي قوة عمل لها تأثير في المجتمع لابد لها مما يسمي بالكتلة الحرجة والتي تعني كمية أو عددا كبيرا من الشعب بما يمكنه من ان يضغط وأن يتولي تنفيذ الأمور الصحيحة، وهذه الكتلة للأسف الآن مفككة!! وخذ مثلا.. الأحزاب حتي القديم منها لا تتمكن من آداء دورها في ظل ما تعاني منه من منازعات داخلية أو أيضا الأحزاب الصغيرة لا تتواءم مع الأحداث الكبيرة، هذا الغياب يساهم بطبيعة الحال في عدم القدرة علي تنفيذ ما نحلم به من تطور ومدنية! إذ أن التطوير يعني التغيير.
ودعني أؤكد لك مدي حاجتنا للكتلة الحرجة للضغط علي كل ما يترتب علي صنع القرار وبالتالي نحن في حاجة إلي إبراز الأوضاع الحالية التي لا تؤدي إلي وجود تنمية شاملة متكاملة وفي كل مجالات وميادين الحياة، لأن التنمية تفترض أننا نسعي لصناعة مجتمع جديد، ومصادر القوة فيه في يد الشعب وليست في يد فئات بعينها!! وعلي أية حال إنني اشعر بأن هناك بعض اجراءات للاصلاح ولكنها ليست كافية.
غياب المفكرين
وأين دور صفوة المفكرين والمثقفين؟!
- إن دورهم للأسف أو الأغلبية منهم ومواقفهم كذلك تأخذ طابعا مثاليا، هذا الطابع فيه نوع من عدم وضوح الرؤية وليس مرتبطا ومنغمسا في الواقع وبالتالي يصبح الفكر في هذه الحالة فكرا هلاميا، ولذلك تجد ان كثيرا من هؤلاء المفكرين بعيدون كل البعد عن مشاكلنا، بل ويعيشون في أبراج عالية ومنعزلة عن قضايا المجتمع، إلي جانب أن من يكون منهم له نظرة ثاقبة وناقدة.. فإن أفكاره لا تجد مجالا فسيحا خاصة في وسائل الاعلام، بما يتسبب في وجود نوع من التضارب حتي فيما يتعلق بتطبيق بعض نصوص الدستور نفسه، ولدينا مثال مانزال نعيش في رحابه وهو موقف مجلس الدولة المخالف للدستور من قضية تعيين المرأة قاضية.
ومن المسئول عن هذا التناقض بين مواقف المفكرين وبين أفعال بعضهم؟!
- الثقافة العامة للمجتمع.. حيث تجد ان الفكر والممارسة والحوار لا يتصدي للمسائل في كليتها وإنما نأخذ أجزاء تلو الأخري دون وجود نوع من الشمولية في تناولنا لبحث المشاكل والقضايا وهذا يعني في مجمله أن الرؤية المتكاملة ليست موجودة وليس لها من السند المجتمعي، وهذا بسبب غياب ما اسميته بغياب القوة الحرجة، وخذ مثالا واحدا علي ذلك اننا حين نتناول كمفكرين أية قضية تهم المجتمع.. فإننا لا نضع هذا المجتمع أمام أعيننا من حيث استفادته ومدي هذه الاستفادة.. وهنا قضية في غاية الأهمية نتجت عن ذلك وهو وجود حالة من الانفصال حتي بين ما ندرس في المدارس والجامعات وبين حاجات المجتمع!! والمسألة ايضا لا تبعد كثيرا عن القضايا الدينية وكيفية تناولها حيث أري من الضروري في هذا السياق أن يكون لدينا تجديد للخطاب الديني القائم علي الاجتهاد الجديد بما يؤدي إلي فقه جديد مما يساهم في حل قضايا المجتمع.
وماذا أيضا يا دكتور؟
- لدينا أيضا مشكلة مهمة وخطيرة يجب ان نتخلص منها حتي نصبح لدولة حديثة.. وهي ألا يكون لدينا انفصال بين ما يقوله المسئولون وبين الواقع.. هذه الحالة تخلق صورة وردية لواقع غير موجود!.. وبالتالي من الواجب لدينا ان تكون هناك مصداقية وعلاقة وطيدة بين الأقوال وبين الأفعال! وهذا بالتالي يؤدي بنا إلي ضرورة نقد ما نعيش فيه وتحليله من آن لآخر، ثم الاعلان عنه بصراحة وشفافية. أضف إلي ذلك أن ثقافتنا الشعبية مليئة بالخزعبلات، وبالاساطير التي يجب معالجتها فورا، وهذا يهدف بالتالي إلي نقد هذا المجتمع واصلاح أحواله.. ولذلك دعني اقول لك اننا في حاجة بعد كل ذلك إلي ثورة ثقافية ناقدة وواعية تقوم بدور تحليل ما لدينا من أفكار ومراجعتها أولا بأول كي تناسب كل مرحلة من مراحل التطور الذي ننشده وذلك سعيا وراء الوصول إلي صحيح الدين وصحيح السياسة ومما يساهم كذلك في تشجيع المواطن علي الادلاء برأيه في هذه القضايا وبحرية كاملة بلا خوف أو خشية ما دام هذا الرأي في إطار القوانين الموجودة.
حديث الأخلاق
لقد حدثتنا عن أشياء كثيرة.. ونريد ان نسألك عن الأخلاق ومدي ما تقدمه في منظومة هذا التقدم؟!
- ما نقصده بالأخلاق هنا.. أخلاق العمل والمسئولية والالتزام وليست الاخلاق في مفهومها العام كالصراع الديني وخلافه، ويأتي في إطار الحديث عن الاخلاق كذلك ضرورة التخلص من أخلاق الفهلوة التي تساهم في اقتناص الفرص لإناس غير جادين ولا يستحقونها!.. ثم ضرورة التخلص كذلك من أخلاقيات الهبش التي تعتمد علي الذكاء المدمر.. مما يتسبب في مشاكل كثيرة.. علي الأقل اقتصاديا.
وكيف في تصورك يا دكتور نقضي علي هذه الظواهر اللأخلاقية التي ذكرتها؟!
- هذا يتوقف بطبيعة الحال علي اصلاح النظام الذي تسيطر عليه بعض القوي التي هي نفسها تمثل هذا النموذج.. ومن أجل القضاء علي هذه الظواهر لابد ان تظهر لدينا نماذج شريفة .
هذه النماذج تمثل القدوة للآخرين وهذا النموذج لابد ان يبدأ من داخل الأسرة التي لابد ان تتمسك بالقيم والمبادئ وخذ مثالا واحدا علي غياب كل ذلك.. فعندنا جميع الأسر تسلك في تعليم ابنائها مسارات خاطئة تتمثل في الدروس الخصوصية واللجوء إليها، أي انه يريد ان يحصل ابنه علي تعليم معين مقابل أموال والتي اسميها بالرشوة! في مقابل وجود فئة داخل هذا المجتمع من الذين يتاجرون بالتعليم!! وبطريقة غير مشروعة.
وهل يمكن ان نستخدم اسلوب التوعية من أجل القضاء علي هذه الظواهر الفاسدة أخلاقيا؟!
- نعود مرة أخري للحديث عن الخلل في مشكلة المجتمع وبعض قيادات المجتمع التي لا تمارس النقد الذاتي، وبالتالي تعطي النموذج الذي يوحي بأنها تعمل ما تشاء وكيف تشاء!! من هنا لابد ان نحسن الاختيار خاصة في مجال القيادة وبكل صراحة اقول لك.. ان حسن الاختيار هذا أيضا غير مضمون لأنه تتدخل فيه الوساطات والمعارف والاصدقاء!! وبالتالي فإن اختيار هذه القيادات أصبح فيه خلل، وللأسف هذه النماذج حتي في مجال المهن الحرة التي كانت لها تقاليد وقيم تحافظ عليها جيلا بعد جيل، اصبحت تتجاوز هذه القيم وتلك المبادئ ولدينا أمثلة كثيرة علي ذلك..
وهل تقصد بذلك غياب العدالة الاجتماعية؟!
- إن الحديث عن العدالة الاجتماعية لابد أن يسبقه الحديث عن أمانة العمل المنتج وما تتطلبه مستلزماته المادية أو البشرية حتي يكون هذا الانتاج عنصرا مساهما في التقدم، ومساهما كذلك في الدخل القومي ومع زيادة هذا الدخل يأتي الحديث عن عدالة الأجور ثم غياب عدالة الفرص داخل المجتمع نفسه، اضف إلي ذلك ارتباطه بما نتحدث عنه بحقوق الانسان، وكذلك السعي إلي مقاومة وضرب الفساد.. كل ذلك يساهم في غياب العدالة الاجتماعية التي ننشدها ونرجوها تساهم في تقدم مصر كما نحلم به.
رفاعة الطهطاوي
نريد ان نعرف المزيد عن ملامح رؤيتك المستقبلية.. بعيدا عن النقد وجلد الذات؟! فما هي؟!
- في هذا السياق دعني انقل لك ما قاله رائد النهضة الحديثة رفاعة الطهطاوي في القرن التاسع عشر.. قال الطهطاوي نريد ان نبني بأنفسنا مجتمعا عربيا يقوم علي العلم وعلي الصنع وعلي الحرية!! هذا التعبير يضع أمام الإنسان التجربة التي مرت بها مصر، وحاول ان تسترجع هذه المقولة لتعرف مدي اهميتها.. ومدي ما هو بيننا الآن.. اننا فقط نصنع أحلاما وتصريحات واعلانات تبهرنا بحداثتها ولكنها حين ننظر إليها علي أرض الواقع وعند التنفيذ.. نلجأ إلي الخبراء الأجانب.. كي يقوموا بالدور الرئيسي فيها، نريد ان نحققه! ولا اقول جديدا ان كثيرا من التوصيات المرتبطة بالنواحي الاقتصادية وبالتعليم مستوحاة أو مأخوذة من توصيات المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وخلافه، مع انها لا تناسبنا وإنما تمثل ضغوطا علينا.. ومن أجل الخروج من هذا المأزق علينا الاستعانة بالخبرات المصرية والوطنية والاعتماد عليها مع تدريبها وتعليمها.. لانها هي الثروة الحقيقية والدائمة.. ولا مانع أبدا من ان نختار من هؤلاء الخبراء الأجانب من ما يناسب مجتمعنا من مختلف الخبرات والتخصصات والحضارات، ومن هنا لابد لنا من الاعتماد علي النفس والحكم ما نحققه من تقدم ليس بالمقارنة بما يحدث في البلاد الأخري وانما بالقدر الذي نحكم فيه علي اننا تقدمنا خطوة أو خطوتين من حيث واقعنا!! ولابد أن يحكمنا في ذلك مبدأ أين كنا.. ثم كيف اصبحنا؟! مع الابتعاد عن جلد الذات.
أهمية التخطيط
وماذا عن بقية الآليات التي تؤكد رؤيتك المستقبلية فيما نتحدث عنه؟!
الآلية الثانية هي أن يكون لدينا خطة طويلة للعمل ثم خطة متوسطة، وأن تكون هذه الخطة في كل قطاع من قطاعات الدولة، وتكون كذلك من نتاج العقول المصرية التي تتصف بعوامل الخبرة والادراك، مع ضرورة حسن الاختيار، وإذا ما وضعت هذه الخطة واجتمع عليها المجتمع.. تسير علي هذه الخطة في مراحل دون القفز من مرحلة إلي مرحلة أعلي دون ان يكمل مقومات المرحلة السابقة، وهذا ما تصنعه الدول المتقدمة والدول الناهضة في آسيا.
ومن سيكون له الحق في الحكم علي أهمية وتنفيذ هذه الخطة؟!
- للاجابة علي هذا السؤال لابد أن نعود للحديث عن المجتمع، فلابد للناس من أن تشعر بما تم تحقيقه علي أرض الواقع، وهذا سوف يساهم في تأكيد الانتماء داخل النفوس، إن هذا النوع من العمل العقلاني الذي يؤدي بنا إلي ان تتراكم الخبرات والتي رأيناها مناسبة وملائمة لتحريك مجتمعنا.. أضف إلي ذلك عدم الجري وراء التغيير الدائم بلا حساب.
وماذا ايضا يا دكتور؟!
- أقول لك.. إن معظم أو كل الأجهزة التنفيذية لدينا وكذلك المسئولون بها عندما يتحدثون أو يخطبون دائما ويعلنون عن مشاريع ومزايا واننا سوف ننفذ كذا وكذا.. ولكننا لا نتدبر ولا نتأمل كيفية التنفيذ وما يتطلبه ذلك من موارد وتضحيات، وبالتالي تكون هناك بين الخطاب الرسمي وبين ما يحدث في الواقع فجوة هائلة وكبيرة، أو بمعني آخر ليس هناك ما يدل علي ما ذكر في هذا الخطاب الرسمي أو ذاك قد تحقق علي أرض الواقع!! وفي هذا الكارثة الكبري التي تفقد المواطن بما يجري في بلده وفي التزامها وبالتالي يفقد انتماءه.. وربما يلجأ إلي طرق غير مشروعة.. كي يكسب رزقه، فقد تحول ولاؤه وانتماؤه لنفسه فقط، وليس لبلده! ومجتمعه.. إذن تستطيع ان تقول بالفعل أن هناك انفصالا بين ما يقال وبين ما ينفذ علي أرض الواقع، أضف إلي ذلك لابد من تحديد الأولويات في كل مجالات حياتنا، والبدء فورا في تحقيق ما يستحق تحقيقه في ظل هذه الأولويات!.. ودعني اضرب لك مثالا واحدا حتي في ميدان البحوث العلمية، علينا ان نتساءل هل الأولوية لابحاث الصحراء أم لابحاث الفضاء؟! وهكذا! التواصل لابد أيضا ان يتوافر فيه الصدق وعدم التزييف وفي كل المجالات وعلي الأخص مجالات الاعلام، وهذا يستلزم بالضرورة عدم فرض القرار بصورة تدعو الي ذيوع عجلة الاستبداد بالرأي.. وهنا يبرز دور التواصل.. بين الرئيس في كل قطاع وبين مرءوسيه.. فلابد من الاستماع لرأي الآخرين، فربما يقنعهم أو يقنعوه!.. ولذلك أعتقد ان الأخذ بما سبق أن قلته.. ثم علاج ما نراه مناسبا.. سوف يساهم في التقدم بالفعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.