كنت المحرر المسئول عن تغطية أنشطة مجلس الوزراء لصحيفتي المحبوبة الأخبار وكما يقولون فإن المجلس هو مطبخ الحكومة الذي تدار من خلاله الدولة وتتاح فيه الفرصة للتعرف علي كل الأسرار والخبايا.. كان رئيس تحرير الأخبار هو أستاذي الكبير جلال دويدار متعه الله بكل الصحة والعافية علي حين كان استاذنا الكبير إبراهيم سعده هو رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم. قد لا يعرف البعض أن الأخبار وأخبار اليوم منفصلتان تماما ولكل منهما مجموعة متميزة من الصحفيين.. طلب مني الأستاذ إبراهيم أن أقوم بتقديم بعض الأخبار والموضوعات لأخبار اليوم وبالفعل قدمت مجموعة متميزة من الأخبار بالإضافة لسلسلة من الأحاديث الصحفية مع الدكتور عاطف صدقي والدكتور عاطف عبيد وكان آخرها مع الدكتور أحمد نظيف.. كنت أقدم الأخبار صباح كل يوم جمعة لزميلتي القديرة الأستاذة آمال عثمان حيث تتولي عرضها علي الأستاذ إبراهيم سعده.. في أحد الأسابيع لم أقدم سوي خبر واحد وفوجئت بأن الأستاذ إبراهيم سعده يطلبني وسألني لماذا لم أقدم مجموعة من الأخبار ككل أسبوع فقلت له أنا متضايق خاصة أن هناك ترشيحات لرؤساء تحرير جدد بدأت الصحف تنشرها واسمي لا يوجد فيها؟! قال لي الراحل الكبير اصبر وليس شرطا أن ينشر اسمك وأضاف أن بعض الصحفيين يروجون لأنفسهم بنشر مثل هذه الأخبار وقد تكون بعيدة عن الحقيقة.. استطرد قائلا التغييرات ستتم يوم الاثنين القادم وربنا قادر علي كل شيء وأنت تستحق ان تكون رئيسا للتحرير. وبالفعل جاءت التغييرات الصحفية علي غير ما نشر في التسريبات وعينت رئيسا لتحرير أخبار اليوم بدلا من استاذي وأبي وأخي الراحل الكبير إبراهيم سعده.. كان الاختيار هو أصعب موقف عشته في حياتي الصحفية التي تمتد لأكثر من 40 عاما. ان تكون بديلا للعملاق وأستاذ الأساتذة!!.. في أول اجتماع مع العاملين فوجئت بأن بعض أساتذتي من كبار الصحفيين والمقربين من أستاذي إبراهيم سعده يتحدثون معي بطريقة »اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي»!!.. كان أول قرار لي هو إنهاء التعاقد معهم وكانوا جميعا قد تجاوزوا 75 عاما لأنهم لم يكونوا أوفياء للرجل الذي عملوا تحت رئاسته لمدة 25 عاما. خفت ان يترك القرار انطباعا سيئا لدي أستاذي إبراهيم سعده.. اخبرته وفوجئت بسعادته الغامرة وقال لي رئيس التحرير لابد أن يكون قوي في موقعه. عندما تخطئ سوف أخبرك!.. أمضيت 6 سنوات رئيسا لتحرير أخبار اليوم وحتي تخلي مبارك عن الحكم ورحل أستاذي برنس الصحافة عن عالمنا منذ أيام وأحمد الله انه لم يخبرني أنني اخطأت.. رحم الله فقيد مصر والصحافة.. البرنس إبراهيم سعده.