الفرح في ليبيا يدوم أكثر من سبعة أيام، واليومان الماضيان يستحقان بحق وضع اسم المرأة الليبية عليهما، حيث أبرزت المرأة التي خرجت جنبا إلي جنب بجوار الرجل كفاحها في الثورة عبر تأييدها و تقديمها شهداء ومصابي الثورة. وجابت مسيرات نسائية حاشدة شوارع العاصمة الليبية طرابلس احتفالا بتحريرها والنصر علي العقيد معمر القذافي وكتائبه الأمنية، فيما أطلق عليها "جمعة الخلاص" لتتجمع المسييرات في ساحة الشهداء، الساحة الخضراء سابقا، قبل أن يقرر المجتمعون بالساحة تكرار الاحتفال في اليوم التالي. وتوافد عشرات الآلاف من النساء رافعين أعلام الاستقلال من مختلف ضواحي مدينة طرابلس والمناطق المجاورة، حيث غصت مختلف مداخل طرابلسالشرقية والغربية والجنوبية منها بآلاف السيارات والحافلات الممتلئة بالعائلات بالكامل. وتسير قوافل النساء في المقدمة علي الأقدام ويعقبها طوابير من السيارات، التي يستنتج منها أن بعض المواطنين في طرابلس تمكنوا من الحصول علي البنزين من محطات التزود بالوقود التي ما زالت تشهد ازدحاما شديدا. دم الشهداء ما يمشيش هباء " و"الشعب لا يريد معمر العقيد " و" وين فروخك يا صفية ". وقام الثوار الذين كانوا يرافقون هذه المسيرة النسائية باطلاق الرصاص في الهواء من أسلحة رشاشة وأتوماتيكية تعبيرا عن الابتهاج والفرح بهذا النصر العظيم. وقالت نسرين الامين " 25 عاما " إنها لأول مرة تخرج وتشارك في مسيرة ومظاهرة نسائية لأنها الآن فعلا تشعر بالحرية الحقيقية. وتمنت نسرين أن يتوجه كل الليبيين رجالا ونساء إلي بناء ليبيا الجديدة، ليبيا التي قالت إننا نريدها أن يتساوي فيها الجميع ويسودها العدل والاخاء. من جهتها، قالت المواطنة خديجة محمد " 55 عاما " والتي كانت ترفع علم الاستقلال وهي تزغرد، إن فرحتها كبيرة ولا توصف بالتخلص من نظام القذافي. وأوضحت خديجة أن احد ابنائها كان ضمن من اعتقلهم النظام السابق عندما خرج في مظاهرة بمنطقة فشلوم بطرابلس، الا ان الثوار عندما دخلوا طرابلس حرروا ابنها ضمن السجناء الذين كانوا في سجن ابوسليم ولهذا فإن فرحتها كبيرة بالتخلص من نظام القذافي. ومرت صلاة الجمعة أول أمس في أحياء طرابلس في هدوء وسط فرحة عارمة لوحظت علي أوجه المصلين، حيث أدي الالاف الصلاة بساحة الشهداء. ودعا الخطيب جميع الليبيين إلي التسامح والعفو عمن ظلمهم في السابق، الا من تلطخت بدماء الابرياء من الشعب الليبي، لأن القانون والمحاكم والعدالة كفيلة بهم. وبدأت وسائل الإعلام الليبية توجه دعوات ونداءات للثوار من خارج العاصمة طرابلس، للعودة إلي مدنهم وأماكنهم بعد أن تحررت طرابلس واستقرت الأوضاع الأمنية فيها نسبيا. كما دعت كل من يحمل السلاح إلي ضرورة توخي الحذر والحيطة وعدم إطلاق النار عشوائيا داخل المدن والطرقات العامة. وتحولت جدران المباني العامة واسوار المساكن والمدارس والمستشفيات إلي لوحات جدارية، رسم وكتب عليها شعارات مناهضة للنظام السابق وتعبيرا عن الفرحة بالعهد الجديد في ليبيا وذلك من خلال رسم أعلام الاستقلال في صور مختلفة. وشهدت طرابلس انفراجا نسبيا في التزود بوقود السيارات، الا أنها ما زالت تعاني من أزمة المياه وغاز الطهي وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة يوميا.