أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    بعد عودته للانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم الجمعة 7-6-2024    سعر القصدير في السوق اليوم الجمعة 7 -6-2024    20 إجراء من وزارة التموين لاستقبال عيد الأضحى.. توفير 5 آلاف رأس ضأن    أستاذ مساعد بجامعة مصر المعلوماتية: نستهدف الانتقال إلى مرحلة صناع التكنولوجيا    أسعار الأضاحي 2024 في محافظة الشرقية.. كيلو البقري القائم يبدأ من 150 جنيها    رسميًا.. مودي رئيسًا لوزراء الهند للمرة الثالثة على التوالي    الكرملين: لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قطب القوة الوحيد في العالم    عاجل.. الأهلي يصدم جماهيره بشأن إصابة وسام أبو علي    الاستعلام عن الحالة الصحية ل 5 مصابين بتسمم بسبب وجبة حواوشي بالغربية    أخبار الفن اليوم: طرح الإعلان الرسمي لفيلم أهل الكهف.. وطلاق دانية الشافعي.. وجنا عمرو دياب تطرح أولى أغانيها    عمرو أديب: "لما النور يقطع اقعد جنب البواب"    كريم محمود عبد العزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده    دعاء ثاني ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللهم بشرنا بالفرح»    أصعب موجة حارة.. 10 نصائح مهمة بعد تسجيل أعلى درجة حرارة عالميا | عاجل    نقص هذا الفيتامين يتسبب في الإرهاق ومشاكل في الأعصاب    منتخب إنجلترا يتأخر بهدف أمام أيسلندا فى الشوط الأول.. فيديو    البيت الأبيض: مباحثات مزمعة بين بايدن وماكرون حول الوضع في غزة ومساعي وقف إطلاق النار    ورش فنية بمتحف كفر الشيخ للتعرف على عادات الذبح السليمة للأضحية (صور)    «هنوصلك».. الحصاد الأسبوعي لأنشطة «التضامن» في الفترة من 1 إلى 6 يونيو 2024    مستشار رئيس فلسطين: مصر تولى مسار وقف إطلاق النار أهمية قصوى ولكن يحتاج لموقف دولى    الكرملين: لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قطب القوة الوحيد في العالم    تنازل عن المحضر.. المطرب أحمد جمال يتصالح مع ضحية حادث التصادم على طريق الفيوم    مصرع شاب صعقا بالكهرباء بمركز صدفا في أسيوط    حظك اليوم| برج السرطان السبت 8 يونيو .. أبواب الربح والنجاح تُفتح أمامك    الدجلاوية هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    إسرائيل تزعم مقتل قيادي بارز في حماس برفح الفلسطينية    شهد مصطفى تحقق ذهبية بطولة العالم للمواي تاي باليونان    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    أحكام الأضحية.. ما هي مستحبات الذبح؟    وزير التربية والتعليم: بدأنا تطبيق التعليم الفني المزدوج بالمدارس التكنولوجية وسنتوسع فيها    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    محافظ كفرالشيخ يتابع جهود الزراعة للمحاصيل الصيفية وندوات توعوية للمزارعين    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    عضو مجلس الزمالك: يجب إلغاء الدوري في الموسم الحالي.. ومصلحة المنتخب أهم    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
سيوه : الإمكانيات المذهلة والمهدرة !(7/7)
نشر في الأخبار يوم 03 - 05 - 2010

ها قد وصلنا لنهاية الرحلة. لعل القارئ العزيز المتابع لهذه السلسلة من المقالات عن سيوة يلاحظ أنني لم أتحدث عن مدينة سيوة بعد. هي المركز الإداري لكل هذه المساحة الشاسعة من الأراضي التي دارت رحي رحلتنا عليها. لذا فمن الظلم لسيوة أن نحصرها في المدينة فقط. إنها أكبر مسمي جغرافي في مصر. أكبر من العاصمة نفسها مساحة. أقارنها هنا بمحافظة الوادي الجديد التي بها بعض المدن المرتبطة بثلاث واحات، وتمتلك مساحة شاسعة من الصحراء، لكنهم جعلوا من النطاق الجغرافي للوادي الجديد محافظة، بينما ننظر إلي سيوة علي أنها واحة أو مجرد مدينة فقط. وفي هذا ظلم لسيوة. بعد كل ما أوضحته هنا من ثراء وتنوع طبيعي نادر.
سيوة المدينة ثرية في حد ذاتها سواء في الإمكانيات الطبيعية أو الأثرية والتراثية. أفضل مصطلح " بلدة " بدلا من " مدينة " علي سيوة. لأن المدينة لها مدلول عمراني محدد لا ينطبق تماما علي واقع العمران في سيوة التي تجمع بين العمران البدوي والزراعي أكثر مما بها من عمران مديني. أعتقد أن النظرة الي سيوة باعتبارها مدينة سببت تدهورا في عمرانها. فبدلا من الحرص علي البناء بخامة القرشيف المحلية، بدأ الأهالي، والحكومة أيضا، في البناء بخامات الأسمنت والحديد والطوب الأحمر. هي خامات لم تعرفها سيوة في تاريخها إلا مؤخرا. بدلا من التوسع الأفقي في المباني، وعدم ارتفاع المبني لأكثر من طابقين، بدأت المدينة تتوسع رأسيا بمبان ترتفع أربعة طوابق وأكثر. بلغني أن هناك قرارا من المحافظ الأسبق لمطروح يحدد البناء بأربعة طوابق فقط. عرفت سيوة تشوهات عمرانية منتشرة في باقي المدن المصرية كان من الواجب تجنبها. كما عرفت إهمالا في نظافة شوارعها، رغم أن النتيجة الوحيدة لما قرأت عنه من منحة إيطالية لصالح سيوة هي وجود سلال مهملات في بعض الشوارع مكتوب عليها عبارة " هدية من الشعب الإيطالي ". شعرت بالعار، لأنه لا يمكن أن يكون الشعب المصري الشقيق في حاجة إلي سلال زبالة من الشعب الإيطالي الصديق. إنما هو تدهور الحال الذي جعلنا نستورد، ليس فقط سلال الزبالة، وإنما أيضا مديري الزبالين من شركات النظافة الإيطالية والأسبانية..
فأين حمرة الخجل ؟؟
ونأمل في التعاون بين محافظة مطروح وبين الجهاز القومي للتنسيق الحضاري لإصلاح الوضع العمراني هناك وتطبيق أسس ومعايير التنسيق الحضاري للمناطق التراثية عليها. كتبت بالفعل إلي محافظ مطروح اللواء أركان حرب احمد حسين عارضا توقيع اتفاق تعاون بين المحافظة وبين الجهاز لهذا الغرض، ونأمل في رد إيجابي من السيد المحافظ.
قرية شالي القديمة هي أهم مكان تراثي، ومن أهم الأماكن الأثرية في قلب بلدة سيوة. تحدثت عنها من قبل وعما تعانيه من مشكلات. وضرورة القيام بترميم أثري دقيق للقرية وإعدادها للزيارة السياحية بشكل مناسب. طالبت المجلس الأعلي للآثار بتصحيح الوضع في شالي وإزالة الفندق الذي يحتل إحدي واجهاتها والذي تم التعاقد معه قبل تسجيلها كأثر. إلا أن المجلس لم يتخذ أي موقف من الفندق في مخالفة صريحة لقانون الآثار والمسئول عن تطبيقه أولا هذا المجلس. فهل ينتظر المسئولون رفع قضية لكي يطبق المجلس قانونه ؟؟
شئ عجيب !! أم أن في الأمر خفايا لا نعلمها ؟؟
جبل الدكرور من معالم سيوة. المهم فيه هو الاحتفالية التي تتم في ساحته لثلاث ليال كل عام. فهي احتفالية رمزية جميلة المعني ترتبط بمجتمع سيوة. مع منتصف الشهر العربي المواكب لشهر أكتوبر يحتشد أهالي سيوة في هذه الساحة للاحتفال بعيد الصفاء والسلام. ينتقل كل أبناء سيوة من الذكور إلي ساحة جبل الدكرور ( تبقي النساء في المنازل ) لحل الخلافات والنزاعات التي قد تنشأ بينهم. كما يتجلي من خلال تقاليده أروع صور للتكافل الاجتماعي والحرص علي التآخي والتآلف.
هل سمعتم عن هكذا عيد يحتفل به المصريون في مكان آخر ؟
علي ذكر جبل الدكرور هناك جبل آخر ربما أكثر أهمية، هو جبل الموتي. ياله من اسم !! هذا الجبل الفريد في العالم هو جبل متدرج من مقابر. يجمع مقابر سكان سيوة من العصر الروماني وحتي الآن في مكان واحد !! المقابر الرومانية هي نهاية الجبل عند قمته. والمقابر الحديثة تبدأ من سفحه. تطلع متدرجا وسط المقابر في منظر مهيب. تطل عليك فتحات المقابر المجوفة في الجبل وكأنها عيون واسعة كبيرة تراقبك. تتوزع عيون المقابر في خطوط شبه منتظمة وعلي مستويات متدرجة وأنت طالع إلي القمة. رأيت هذا المشهد في عز الظهر فشعرت برهبة. فماذا إن طلعته في الليل ؟؟ شعرت وكأن الموتي ينظرون إلي الأحياء ماذا هم فاعلون. تخيلت هذا الجبل في مشهد سينمائي يخرجه العبقري شادي عبد السلام. لكن شادي مات !! وكان الجدير به أن يدفن في هذا الجبل.
للمقابر عمارة بسيطة بشكل عام في العالم كله وفي كل الحضارات، إلا في مصر. ورثنا عن الفراعنة تشييد عمارة للموت. رأيت نماذج متنوعة لعمارة الموتي في مصر، منها مثلا مقابر " هو "، بضم الهاء وسكون الواو، بالقرب من نجع حمادي في محافظة قنا جنوب مصر. وهي مقابر يرسمون عليها صورا ويكتبون بالألوان. ليس قدماء المصريين، بل المصريون المحدثون أبناء أمس واليوم. لم أر مقابر مثل جبل الموتي إلا في سيوة.
سأتجاوز هنا الحديث عن عين ماء في قلب سيوة تسمي عين كليوباترا نسبة الي الملكة الشهيرة. لأتحدث عن مشكلة خطيرة تهدد الحياة في سيوة، وهي مشكلة مياه الصرف الزراعي. من المعلوم أن سيوة تعتمد تماما علي زراعة النخيل والزيتون. هي العمل الأساسي الذي يعيش عليه اقتصاد المنطقة وسكانها. إلا أن هناك معضلة لم يحلها أحد حتي الآن تهدد بموت هذه الثروة الزراعية. معضلة التصرف في مياه الصرف الزراعي. هناك بحيرات شاسعة تصب فيها مياه الصرف الزراعي. لكن هذه البحيرات ملاصقة لمزارع النخيل والزيتون، بالتالي ترتد إليها مياه الصرف فتقتل ما تصل إليه من أشجار. وأنا مندهش من وقوعنا في مشكلات بسيطة نغوص فيها حتي نغرق. لست خبيرا في الزراعة. لكن الحديث عن مشكلة مثل الصرف الزراعي في القرن الواحد والعشرين يثير السخرية. عرفت من بعض من أهل سيوة أنهم يعانون من هذه المشكلة منذ سنوات طويلة، وأنها تتفاقم مع الوقت، وأنها أثرت بالفعل علي إنتاج سيوة. فلماذا نستغرق كل هذه السنوات في " العك " بلا حل ؟؟
علي كل حال لاحظت بعد نشر مقالتي الأولي عن سيوة أن السيد وزير الري زارها لبحث حل هذه المشكلة. أرجو أن يبدأ في تنفيذ حل جذري لها حتي وإن استورد علماء من الصين. فمعظم ما ينتشر في مصر حاليا "صيني ".
أخيرا.. لم اكن أتوقع أن يعترضني شاب لا أعرفه وأنا أتمشي مع زملائي في شوارع سيوة ذات مساء ليعطيني كتابا ملونا فاخرا باللغة الإنجليزية، عنوانه " كشف النقاب عن نساء سيوة " عن الملابس التقليدية لنساء سيوة، وهن لسن منقبات نتيجة مد من فكر متطرف، ولكنها تقاليدهم الاجتماعية منذ وجدن. سعدت عندما وجدت إهداء مكتوبا علي صفحة الكتاب : " للأخ سمير غريب من أخيك فتحي سالم من أبناء سيوة ".
ولأخي فتحي سالم أقول له أنني أحبكم : كل أهل سيوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.