جاءت ثورة 52 يناير 1102 بوزارة الدولة لشئون الآثار وبهذا القرار المفاجيء انفصلت الآثار عن وزارة الثقافة وبهذا الوضع ضعف قوام المسئولية الثقافية وتفتت وأيد الكثيرون هذا الانفصال وبطبيعة الحال الاثريون، وهذه ليست القضية، فالأهمية تأتي بالنتائج والانجازات التي تتوافق مع متطلبات المجتمع الضرورية، العملية ليست وجاهة اجتماعية، وفي ضوء هذا الوضع وجب علي وزارة الدولة لشئون الآثار تأسيس هيكلة جديدة للوزارة تعتمد علي مرجعية أصيلة وليس مرجعية المجلس الأعلي للآثار السابقة من خلال رؤية واضحة وسياسات واستراتيجيات ثابتة تمهد الطريق لعلاج جميع الاشكاليات الأثرية التي تراكمت عقودا ولم يلتفت اليها احد، وايضا تدارك بعض الاختصاصات المتداخلة بين بعض القطاعات الأثرية والمجلس الاعلي للآثار اداريا والتي تمتد حتي الآن وبالتحديد »صندوق آثار النوبة« الذي يتبعه متحف النوبة ومتحف الحضارة والمعابد التي يطلق عليها بالحجرية تقريبا جنوب بحيرة ناصر، وانشيء صندوق آثار النوبة في عهد الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الاسبق مع مبادرته العالمية لانقاذ آثار النوبة وتم معظم المشروع في عهده وهو سبق ليس له مثيل فكرا وتنفيذا علي المستوي الدولي. وكان ذلك بموجب قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وعندما توليت الاشراف العام علي الصندوق لاستكمال متحف النوبة الذي افتتح في 32 نوفمبر 7991 وكان لي الشرف ان اتولي هذه المهمة المتحفية البالغة الاهمية، تقدمت الي فاروق حسني وزير الثقافة الاسبق بمذكرة تفسيرية مرفق بها صورة من قرار الرئيس عبدالناصر موضحا ضرورة تشكيل هذا المجلس لم يوافق علي ذلك، وتوالت الاحداث وبعد انتهاء مهمتي بمتحف النوبة اصدر فاروق حسني قرارا بانهاء اشرافي علي صندوق انقاذ آثار النوبة وتاهت القضايا، اما متحف الحضارة فهو احد مشروعات الصندوق وقد طرحت مسابقة عالمية لتصميم المتحف وفاز المعماري المصري الغزالي كسيبة استاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وتم وضع حجر الاساس للمتحف امام متحف الجزيرة أي المساحة المستخدمة الآن موقفا للسيارات، وتاه المشروع سنوات بل عقودا وشيدت الاوبرا الجديدة ولم يلتفت احد لمشروع المتحف!؟ واثناء اشرافي علي قطاع المتاحف الأثرية وصندوق انقاذ آثار النوبة طرحت الموضوع علي فاروق حسني وكان رده غير متحمس لانه كان مشغولا ومهموما بفكرة المتحف الكبير واستشعرت بأن هذا المشروع ليس في اولويات فاروق حسني لأنه كان يهتم أولا بالمشروعات التي من افكاره، وبدأت فتح هذا الملف ووجدت من الاهمية دفع هذا المشروع للتنفيذ، وفي بداية التسعينيات طرحت علي فاروق حسني مشروع »بينالي القاهرة فينيسيا الشرق« علي غرار بينالي فينسيا ووافق واصدر محافظ القاهرة قرارا بتخصيص 52 فدانا لهذا المشروع الذي تعثر لعدم وجود تمويل، فاقترحت علي فاروق حسني أن نستفيد بهذه المساحة التي تطل علي عين الصيرة ونستقطع 31 فدانا لمتحف الحضارة ووافق، وقام الغزالي كسيبة بدراسة الموقع الجديد وعدل التصميم نسبيا ليتوافق مع طبيعة البيئة الجديدة، وعقدنا مؤتمرا دوليا بأحد الفنادق وحضره مجموعة من مندوبي الدول بهيئة اليونسكو وبعض الخبراء وقام كسيبة بشرح رؤيته في الموقع الجديد، وقد وافق الجميع مع مراعاة بعض الملاحظات في المكونات الجديدة، بعد ذلك شكلت لجنة برئاستي لمتابعة المشروع، واصدر فاروق حسني بعد ذلك قرارا باستغلال مساحة ال 52 فدانا وبهذا الغي بينالي القاهرة وها هو متحف الحضارة في مراحله الأخيرة هذه هي الحقائق.