عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 9-6-2024 بعد الانخفاض الآخير بالصاغة    مصرع 6 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب سيارة بالبحيرة    زعيم المعارضة الإسرائيلية: على حزب جانتس الانسحاب من حكومة نتنياهو الفاشلة    لابيد: حكومة نتنياهو تسمح بإرسال شاحنات المساعدات إلى غزة ثم يرسل الوزراء ميلشياتهم لاعتراضها في خروج كامل عن القانون    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    ردا على إطلاق بالونات القمامة.. كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي عبر مكبرات الصوت    «أبرزها إهانة إمام وجائزة القرن».. 9 قضايا أشعلت ظهور ميدو والقيعي    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    فرش وتجهيز لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. صور    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة على محافظات شمال ووسط الصعيد    إصابة شخص بسبب حريق شقة سكنية فى حلوان    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    «مجدى يعقوب» و «السبكى» يشهدان توقيع بروتوكول تعاون لتدريب الأطقم الطبية بالهيئة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الكبير د.جلال أمين في حوار مع »الأخبار«:البرادعي محدود الفكر.. ويوسف زيدان مغرور

دخل المفكر الكبير د.جلال أمين عامه ال83، ومايزال متمتعا بقدرة عالية علي التحليل والربط بين الأحداث، فهذه السنوات وإن كانت قد تركت أثرا علي وجهه، إلا أنه استطاع أن يحصن عقله من الشيخوخة، فظل متقدا قادرا علي الربط بين الأحداث، ليمنح صاحبه خلطة تجمع بين خبرة السنين وروح الشاب المتمرد.
لم تمنحني حالته الصحية الفرصة لأكبر استفادة من هذه الخلطة، رغم استعدادي لذلك بكم كبير من الأسئلة، إذ لم يتمكن من الحديث معي سوي 25 دقيقة فقط، لم يقطعها سوي رغبته بعد مضي نحو 10 دقائق من الحوار في الانتقال من كرسي صالون غرفة مكتبه الذي كان يجلس عليه ملتحفا رداء ثقيلا يقيه من برد الشتاء، إلي الكرسي الذي يحتل مقدمة المكتب.
خلال الحوار الذي لم يدق خلاله رنين الهاتف المحمول كما يحدث في أغلب المقابلات، لاختيار د.جلال أن يبتعد عن هذا الاختراع منذ بدأ يغزو حياة المصريين، بدا صريحا في إجاباته، مفضلا العبارات الواضحة التي لا تحتمل التأويل، وهو ما يتسق مع ما هو معروف عن شخصية الرجل الذي نبش أرشيف ذكرياته في كتابيه »ماذا علمتني الحياة»‬، و» رحيق العمر» بصراحة وصفت بأنها صادمة.
ولذلك لم يكن غريبا علي هذه الشخصية أن تتحدث بجرأة شديدة عن رأيها في ثورة 25 يناير 2011، وتقييم شخصية د. محمد البرادعي، ورؤيتها لمستقبل الإسلام السياسي وتجديد الخطاب الديني والقضايا المثيرة للجدل التي يطرحها د.يوسف زيدان.. وإلي نص الحوار.
الإرهاب نتاج ظروف اقتصادية واجتماعية وليس خطاباً دينيا
25يناير 2011 انتفاضة لا ترقي لمسمي ثورة
• أشعر وأنا أتصفح سطور كتابك الأشهر »‬ماذا حدث للمصريين»، أنك لا تميل إلي التحولات العنيفة.. هل أنا محق في هذا الانطباع؟
- وكيف جاءك هذا الانطباع؟
في الكتاب تحدثت عن أن ثورة 1952 أحدثت تغيرا مفاجئا في المجتمع المصري، وأحدثت انقلابا في الهرم الطبقي، وهو نفس ما حدث أيضا بعد التطبيق العنيف والمفاجئ لسياسات الانفتاح، إذ أحدثت انقلابا آخر صعد بفئات أخري....
- يصمت قليلا قبل أن يقول: لست أنا الوحيد الذي لا يحب التغيرات العنيفة، الناس كلها لا تحب هذا النوع من التغيرات، ذلك لأنها لا تدوم، وما يدوم هو نتاج العوامل التي تعمل ببطء مثل الحراك الاجتماعي، فثورة 1952 في حد ذاتها فعل عنيف، ولكن آثاره الحقيقية ليست بسبب الفعل العنيف، وإنما بسبب الإجراءات التي تلته مثل الاصلاح الزراعي والتأميمات، وهذه التي تركت تأثيرا أعمق وأطول.
نتيجة طبيعية
وهل ثورة يناير 2011 كانت نتاجا طبيعيا للتحولات التي حدثت في المجتمع المصري، ورصدتها أيضا في الكتاب ذاته؟
- تقصد انتفاضة يناير؟
وهل تسميها انتفاضة وليست ثورة؟
- لم ينتظر طويلا وجاءت الكلمات علي لسانة سريعة: ثورة كلمة كبيرة لا تتحقق فيما حدث في 25 يناير، فالثورة لابد أن تأتي من أعماق المجتمع، أما ما حدث فكان علي سطح المجتمع، متمثلا في شباب أقدم علي تنظيم مظاهرات أيدتها قطاعات واسعة من الشعب المصري.
أما بخصوص الإجابة علي سؤالك، فهذه الانتفاضة كانت بالفعل نتيجة طبيعية وغير مستغربة للتحولات التي رصدتها في الكتاب، لسبب بسيط هو أن مبارك حكم مصر 30عاما والناس قد أصابها اليأس من حدوث أي تغيير في هذا النظام، وعندما فاض الكيل بدأت الاحتجاجات، التي وجدت تشجيعا ما ساعد علي زيادتها، وكان ظهور د.محمد البرادعي حينها عاملا مساعدا، لكن الرجل نفسه لم يكن مهما كشخص.
يبدو لي من كلامك، أنك لست متحمسا لشخصية البرادعي، علي خلاف أغلب الشخصيات التي تنتمي لتيارك الفكري؟
- يبتسم قبل أن يقول: جمعتني بالبرادعي جلستان، مرة كانت علي دعوة غداء، والأخري في فعالية نظمها حزب الدستور، ولفت نظري أن قدرته علي التعبير محدودة وأفكاره محدودة أيضا، لكن ربما كان الظرف السياسي حينها هو ما ساعده علي الظهور، وسرعان ما اختفي باختفاء هذا الظرف.
أظن أيضا أن منصبه الدولي السابق كان عاملا مساعدا؟
- يومئ برأسه قائلا: طبعا، فحصوله علي جائزة نوبل للسلام من خلال هذا المنصب منحه تقديرا كبيرا، والناس عموما لا تستطيع التمييز بين الصفات وبعضها، فمن الممكن أن تكون قد عملت عملا جيدا من أجل السلام، لكنك لست زعيما.
النظرة الأحادية
أشعر يا دكتور أن هذا التقييم الأحادي، الذي يقيم الشخصية من جانب واحد، وليس من مختلف جوانبها، أصبح داء مصريا؟
- كيف وصلك هذا الإحساس؟
الكاتب د. يوسف زيدان آثار علي سبيل المثل، جدلا باختياره موقفا للقائد صلاح الدين ليخلع عليه وصفا صعبا بأنه أحقر شخصية، وغيره يختارون مواقف أخري ليصفوه بأنه الأعظم، لماذا لا نجد من يقيم الشخصية بسلبياتها وإيجابياتها؟
- تخرج الكلمات من فمه سريعة، قائلا: لا تسقط مقالات يوسف زيدان علي كامل المجتمع المصري، فهذا الشخص له شطحات.. والمثقف الحقيقي هو الذي يستطيع تقييم الشخصية من مختلف جوانبها، فيقول إنه أصاب هنا وأخطأ هنا، أما النظرة الأحادية فهذه طريقة تفكير الجماهير التي تميل إلي الأحكام السهلة والواضحة.
بما أن الحوار تطرق دون سابق إعداد مني لما يقوله د.يوسف زيدان، يهمني أن اسمع رأي حضرتك في القضايا التي أثارها مؤخرا حول القدس والناصر صلاح الدين وأحمد عرابي؟
- تظهر ملامح الضيق علي وجهه قبل أن يقول: أقلعت منذ فترة عن قراءة ما يقوله يوسف زيدان، فأنا أراه شخصية مغرورة تسعي إلي إثارة الجدل، والمغرور لا تأخذ منه أي آراء.
كنت أتمني أن أعرف رأيك فيما قاله؟
- وماذا كانت شطحاته هذه المرة، لأني قلت لك إني أقلعت عن القراءة له أو الاستماع لما يقوله.
هو يقول مثلا إن المسجد الموجود في القدس المحتلة ليس هو المسجد الأقصي، وإن صلاح الدين الأيوبي من أحقر الشخصيات في التاريخ لأنه منع الفاطميين الذين حكموا مصر 250 عاما من التناسل وأن أحمد عرابي لم يقف أمام الخديو كما تقول كتب التاريخ؟
- يبتسم ابتسامة ساخرة، قبل أن يقول: لم أتفاجأ بما تقوله، فيوسف زيدان يسعي دوما لإحداث هالة حول نفسه بشطحاته الفكرية، وعموما فإن أي شخصية تاريخية أو سياسية لها عيوب، وليس من الحكمة أن تقول كل ما تعرفه، فليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يقال حان وقته.
أخذني السؤال العارض عن أفكار يوسف زيدان عن المحور الثاني للحوار، وهو وصول الإخوان للحكم والثورة السريعة عليهم، ما هو تفسيرك لذلك؟
- يصمت لحظات قبل أن يقول: طبعا سبب وصولهم للحكم هو الظرف السياسي الذي أعقب انتفاضة 25 يناير 2011 وقوة الشعور الديني لدي المصريين، وقد سعدت بوصولهم للحكم رغم عدم تعاطفي مع أفكارهم، وقلت لنفسي ربما يتحسنون مع الوقت ويغير الحكم من طريقة تفكيرهم، لكن لم تتغير طريقة التفكير التي تفضل مصالح الجماعة الضيقة علي المصلحة العامة، فسرعان ما انصرف الناس عنهم.
التدين المصري
مفاجأة بالنسبة لي أن وصولهم للحكم أسعدك؟
- يبتسم قبل أن يقول: الحقيقة كنت وقتها خارج مصر، وكان مصدر سعادتي وأنا أتابع ما يجري بمصر، أنه أصبح هناك ديمقراطية بالمعني الحقيقي أوصلت الإخوان للحكم، وأظن أنهم وصلوا للحكم برغبة شعبية وفي ظروف ديمقراطية، ولكن خاب أملي كما خاب أمل كل من أعطاهم صوته.
وهل يملكون فرصة للعودة مجددا، أم أن ما حدث في 30 يونيو كتب شهادة الوفاة لهم؟
- تختفي الابتسامة لتفسح الطريق لملامح جادة علي وجهه قبل أن يقول: الاسلام السياسي لديه دائما الفرصة للعودة بسبب المشاعر الدينية لدي الشعب المصري، ولكن هذا الشعب نفسه ذكي وله تفسير متحضر جدا للدين، فإذا جاء من يفسر الدين بشكل ظلامي وديكتاتوري، لا يمكن أن ينجح أبدا معه.
وهل هذا ما يسمونه التدين المصري الذي لم يفهم طبيعته الإخوان؟
- تعود الابتسامة لوجهه، قبل أن يقول: الانسان المصري الطبيعي هو الذي يفسر الدين تفسيرا متحضرا جدا، يمكن أن تسميه فعلا ب »‬ التدين المصري»، أما غيره من ذوي الأمراض النفسية أو الفكرية، وأنا أميل لوصف المرض النفسي، لأن المرض الفكري يأتي نتيجة مرض نفسي، فهم من يصل بهم الهوس إلي الفعل العنيف والإرهاب.
الفعل الإرهابي
هوس أم تطرف؟
- يصمت للحظات قبل أن يقول: أنا أميل لوصف هوس، لأن التطرف وهو الوصول بالشيء إلي منتهاه يمكن أن يكون فعلا حسنا غير منتقد، فالعالم مثلا الذي لا يخرج من معمله والمفكر الذي لا يغادر مكتبه هو شخص متطرف في عمله، وهذا غير مرفوض، ولا توجد به مشكلة، ولكن الشخص مثلا الذي يسرف في شرب الخمر ليل نهار فهو مهووس، لأنه لا يكثر من شيء محمود، وهذا ما ينطبق أيضا علي الفعل الإرهابي.
وكيف نقي الأشخاص من الدخول في خطر »‬الهوس» ؟
- يطلب مني إعادة السؤال مرة أخري، وما أن وصله ما أعنيه، قال: نقيهم بالحديث دوما عن التفسيرات المتحضرة للدين، التي تجعل من الدين عاملا يقود الأمة نحو التقدم.
يقودني ذلك إلي مقال نشرته في جريدة الشروق، وكان عنوانه كيف نجمع بين التدين والتقدم، حيث لاحظت حينها أنه آثار انتقادات المهووسين، كما تحب أن تسميهم، والعلمانيين، فلماذا؟
- يثني علي السؤال قبل أن يقول: الدعوة إلي الجمع بين التدين والتقدم هي دعوة للتوازن بين الحمية والحماس المستمدة من التدين، مع المحافظة في الوقت نفسه علي العقلانية والتسامح مع المختلفين معنا في الرأي بل وحتي في العقيدة، ولكنهم يتفقون معنا في التطلع إلي تقدم الأمة.. والهوس موجود لدي كل التيارات، فهناك مهووسون من العلمانيين ومهووسون في الجانب الآخر.
ومتي يتحقق هذا التوازن الذي دعيت له؟
- تخرج الكلمات من فمه سريعة: يتحقق في الظروف الصحية، فالمسلمون عندما بنوا حضارة عظيمة، كانوا مؤمنين ومتحمسين، وعملوا أعمالا حضارية في غاية التقدم مثل ما حدث في الأندلس، كما أن تاريخنا الحديث لا يخلو من أمثلة لمثقفين عظام نجحوا في تحقيق هذا الجمع، نجاحا باهرا، ومن بين هؤلاء المثقفين الشيخ محمد عبده، حيث اقترنت لديه الدعوة إلي مقاومة الظلم والاستبداد، وإلي العمل من أجل تحقيق نهضة شاملة للأمة، بحمية دينية قوية، وخالية من أي أثر للتسلط واللاعقلانية، مع تسامح رائع مع أصحاب الآراء والعقائد المغايرة.
وهل المعادلة يمكن أن تتحقق في مصر قريباً؟
- يصمت قليلا قبل أن يقول: في الوقت الراهن لا أظن، فالنهضة تحتاج لحماس، والحماس يأتي بالتدين، لكن نحن نمر بظروف صعبة جدا.
أظن أنك تريد ان تقول أننا بحاجة إلي »‬تجديد الخطاب الديني»، لنأتي بالحماس الجالب للتدين؟
- يمتعض قبل أن يقول: أنا لا أحب هذا المصطلح، لأن معناه أن الناس تتغير أفكارها وفقا لتغير الموعظة التي تقال لهم، وأنا لا أؤمن بالمواعظ، يعني هل رأيت مرة أن خطبة الجمعة جعلت الناس تتصرف بشكل مختلف؟
ولماذا يشيع هذا المصطلح من وجهة نظرك؟
- لم ينتظر كثيرا لتخرج الكلمات سريعة من فمه، قائلا: هذا ناتج لفهم خاطئ للعلاقة بين الفكر والواقع، صحيح أن أي عمل إرهابي مثلا لابد أن يكون نتيجة لفكرة طرأت علي ذهن ما، لكن سيطرة مجموعة من الأفكار علي أذهان الناس هي في الغالب نتيجة سيادة ظروف معينة أدت إلي شيوع هذه الأفكار دون غيرها.
الظروف الدولية
ظروف معينة.. مثل ماذا؟
- أقصد ظروف اقتصادية واجتماعية غير مرغوب فيها، ومن ثم فإن اختفاء الفكرة مرهون بتغيير هذه الظروف، وليس بتغير الموعظة.
ومتي تتغير هذه الظروف في مصر؟
- سؤال يحتاج لتفكير وكلام كثير، وأنا كما تري حالتي الصحية اليوم ليست علي ما يرام، فهل يمكن أن ننهي الحوار الآن.
لن أطيل عليك أكثر من ذلك، لكن فقط امنحني ولو إجابة مقتضبة علي هذا السؤال؟
- يصمت قليلا قبل أن يقول: مصر لا تتغير تغيرا جذريا إلا في ظل ظروف دولية مساعدة، فمصر حساسة لما يجري في العالم، وأظن أن الظروف الدولية الآن لا تساعد علي تحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية بمصر، ففي عهد عبد الناصر مثلا كان الخلاف بين أمريكا والاتحاد السوفيتي يسمح بنهضة في دول العالم الثالث ومن بينها مصر.
والخلافات الآن التي تحدث بين أمريكا وروسيا أحيانا وبين أمريكا والصين أحيانا أخري، ألا تسمح بنفس تلك الحالة؟
يومئ بعلامة الرفض، قبل أن يقول -: هذه خلافات سياسية بسيطة جدا، ولا ترقي للخلاف الفكري كما كان بين أمريكا والاتحاد السوفيتي.
لكنك في كتابك الأخير »‬العالم عام 2050» أعطيت نظرة متفائلة بقولك إننا وإن كنا نمر بفترة انتكاسة فإن أي انتكاسة يعقبها فترة ازدهار؟
- يشير إلي أن إجابته علي هذا السؤال ستكون الأخيرة، قبل أن يقول: أي أمة لا تظل منتكسة طوال العمر ولا مزدهرة طوال العمر.
وبالنسبة للحالة المصرية، كما قلت لك سابقا، الأمر متعلق بالظرف الدولي طوال فترات التاريخ المصري، فمثلا في عهد محمد علي ساعد الخلاف بين انجلترا وفرنسا علي حدوث نهضة بمصر، وفي عهد عبد الناصر ساعد الخلاف بين أمريكا والاتحاد السوفيتي علي حدوث نهضة أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.