سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإعلامي الكبير وجدي الحكيم في حوار مع »الأخبار«:إعلام ما قبل 52 يناير كان إعلام النفاق صفوت الشريف »لفق« تهما لزملاء له وأنس الفقي كانت مهمته تنفيذ سياسة إعلام »الهانم«!
وجدى الحكىم اثناء حواره مع محرر الأخبار عندما تتحدث مع وجدي الحكيم.. فأنت تتحدث مع إعلامي عاصر أكثر من عصر تعايش مع أيام عبدالناصر.. وتفاعل مع حكم السادات.. وشارك إبان فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك. وبالتالي كان شاهدا علي إعلام كل فترة من تلك الفترات. قدم برنامجه الشهير منتهي الصراحة الذي قدم فيه الرأي والرأي الآخر دونما تجريح في شخصية الضيف.. تعامل وجدي مع معظم النجوم والكواكب بدءا من سيدة الغناء العربي أم كلثوم وعبدالوهاب وفاتن حمامة وسعاد حسني وعبدالحليم حافظ وغيرهم.. سجل أغانيهم وأخرج عددا من مسلسلاتهم.. يحكي وجدي للأخبار كيف رفض وزير الاعلام الأسبق أغنية »عدي النهار« لعبدالحليم حافظ لولا إلحاحه شخصيا وكيف التف العالم العربي حول الأغنية بعد تسجيلها.. ويري وجدي أن أنس الفقي وزير الاعلام السابق جاء إلي ماسبيرو من أجل تنفيذ سياسة الهانم وما تريده عبر مبني ماسبيرو ليس إلا. بداية وإجابة عن سؤالي الأول يقول الحكيم: الاعلام المصري ومنذ عام 2591 هو إعلام موجه.. اعلام المحاذير والخطوط الحمراء والشخصيات الممنوعة.. كل هذا لانه تابع للدولة التي تمول الاعلام. علي المستوي القومي كانت تريد ترسيخ دعوة إلي التوحد العربي.. والقومية العربية.. وبالتالي كان المخطط يبدأ من وزارة الارشاد التي تم إنشاؤها من أجل السيطرة علي الاعلام.. واستمرت السيطرة علي الاعلام طالما بقيت وزارة الاعلام تتبع الحكومة المصرية، وهي التي تضع السياسات الاعلامية حتي علي مستوي الصحافة.. نعم فهي التي تصرح باصدار الصحف وتصرح بما ينشر في الصحف والرقابة الصحفية حتي تخضع الصحافة القادمة من الخارج لرقابة وزارة الاعلام للدخول إلي مصر من عدمه.. وبالتالي كان الاعلام جزءا من الدولة ومعبرا عن سياسة الدولة وكل معاركها السياسية والعسكرية التي خاضتها في الفترة الماضية.. ويواصل وجدي الحكيم حواره بقوله: كان إعلاما لا يهتم بالقيمة المادية.. لأن الاعلام ينفق عليه لتحقيق الرسالة الاعلامية الحكومية.. لانه كما قلت كان اعلاما موجها وكانت هي مصدر الاخبار وبالتالي فإن كل مذيعي الإذاعة والتليفزيون موظفون يتعرضون للمحاسبة والفصل والايقاف وكثير من الاذاعيين الذين حاولوا ان يكون لهم رأي ابعدوا عن الاعلام لانهم كانوا من أصحاب الرأي أو عارضوا شيئا ما.. مثل من؟ كثيرون لنذكر بعض الأسماء؟ عبدالمنعم سلام، سهير الحارثي، السيد الغضبان وعبدالوهاب قتاية.. وغيرهم.. وكل ذلك بسبب ان لهم آراء متعارضة مع النظام. لكنك عاصرت اكثر من رئيس جمهورية والعديد من وزراء الاعلام، واستمررت في مكانك كإعلامي.. نعم حدث ذلك.. ربما كانت استمراريتي بسبب انني اتجهت منذ البداية للمنوعات ولم اعمل بالسياسة. وهل كان الانتاج الغنائي موجها هو الآخر؟ نعم.. كان موجهاً لنذكر بعضا من المواقف؟ حينما كنت انفذ أغاني.. كانت تنفذ عن طريق سياسة الدولة، وكانت القيادة تطلب النبرة العالية في الأغاني فكنا نستعين بالآلات النحاسية والايقاعات العالية وكان المخطط أيامها بيقول اننا داخلين إسرائيل بعد أيام ولابد وان تكون النبرة عالية والحماس كبير واننا نتحرك للقضاء علي الوجود الإسرائيلي وكانت الرقابة العسكرية تراجع الأغاني قبل اذاعتها وممكن نعيد تسجيلها إذا وجدت النبرة هادئة. وماذا فعلتم بعد حدوث النكسة؟ بدأ الفنانون يستمعون للاذاعات الأجنبية وتوقفوا عن الانتاج وعبدالحليم حافظ قال إيه الحكاية.. وكله توقف. الإذاعة كانت متهمة إيامها بأنها خدعت الجمهور؟ أنا معك.. لقد خدعت الجمهور ولم يكن ذنبها.. البيانات كانت تأتي من القوات المسلحة ولم يخطر علي بال مخلوق في مصر انه ستحدث نكسة.. والنكسة دمرت وحطمت معنويات جميع الفنانين لدرجة أن الناس انصرفت عن سماع الإذاعة. كيف اعدتم الاستماع إلي الإذاعة؟ بدأنا في وضع خطة بعد أن اكتشفنا ان المستمعين انصرفوا تماما عن الإذاعة.. لم يكن لدينا إلا أغنية الهي ليس لي إلاك عونا إلي ان جاءت الزميلة نادية توفيق وقدمت لنا شريط أغنية محمد فوزي الشهيرة »بلدي أحببتك يابلدي«- وكنا أيامها في غمرة انتاج الأغاني الحماسية ذات النبرة العالية. ولعودة المستمعين للاذاعة جئنا بعبدالحليم حافظ وبليغ حمدي والابنودي واقمنا معسكرا بالإذاعة بصوت العرب وكتب الابنودي »عدي النهار« ولحنها بليغ وكان عبدالحليم سيسجلها وذهبت لمحمد فايق وزير الاعلام كي احصل علي موافقته إلا أنه رفض الأغنية وقال لي الأبنودي ح يكتب لي الأسمراني والاحمراني.. هذا ليس وقته.. قلت له إن عدي النهار ممتازة قرأ النص ولم يعجبه.. ألححت عليه وقلت له نسجله ولو لم يعجبك بعد التسجيل ترفضه لجنة الاستماع، المهم سجلناها وإذيعت الأغنية ونالت استحسانا كبيرا وكان عبدالحليم ممتازا في آدائها مما جعل الناس تعود للاذاعة تستمع إليها ثم اعقبها حليم بأغنية كتبت عنها صحافة العالم حينما غناها في البرت هول في لندن- وهي أغنية المسيح التي كتبها الأبنودي أيضا. ويواصل الحكيم حواره بقوله: بدأنا نعيش مرة جديدة حينما بدأنا نسجل أغاني بعيدة عن النبرة العالية والايقاعات الحماسية النحاسية.. لكن نبرة النشرات كانت كما هي.. وكان الخداع من الدولة وهنا كانت الخطورة. كيف.. اشرح لي الخطورة؟ كنا نتابع إذاعات العالم تقول ان هناك هزيمة.. واعلامنا يقول شيئا آخر.. ولم يكن في استطاعتنا ان نقول شيئا يخالف الأوامر والبيانات العسكرية في تلك الظروف. رغم ان التقارير ونشرات الاستماع السياسي كانت تقول ان هناك هزيمة؟ نعم.. وهذا هو خطورة الاعلام الموجه. هل اعجبك اعلامنا بعد 52 يناير؟ اعلامنا للأسف كان موجها وقبل التنحي كان موجها ولابد وأن نعذر المذيعين ونعذر الصحف لانه في تلك الفترة لا أحد يستطيع ان يتحدث عن الثورة.. هناك وزير اعلام وأمن دولة. لكن قنوات وإذاعات العالم كانت تحكي الواقع وتنقل الحقيقة؟ قلت لك ان الاعلام الموجه لا يستطيع التغيير.. من السهولة أن يرفت المذيع أو ينقل أو يذهب بعيدا، إذا لم ينفذ ما يتلقاه من تعليمات. كيف رأيت بخبرتك كإعلامي كبير إدارة أنس الفقي وزير الاعلام السابق لوزارته؟ جاء صريحا واضحا كان يقول انا انفذ سياسة الهانم.. لدي تعليمات ان انفذ ما تراه إعلامياً! لماذا ضعفت مشاهدة التليفزيون المصري الرسمي؟ لان الصورة فيه غير مبهرة.. الديكور يكون من خلال ما في المخازن من اكسسوارات.. الامكانيات ضعيفة جدا..الاعداد متواضع غير اعداد البرامج في القنوات الخاصة التي تدفع بالآلاف في سبيل تقديم برامج معدة جيدة جدا، ثم أين برامج التليفزيون والاعلام بشكل عام من رواد الأدب والفكر في مصر.. هناك علي ما يبدو انفصام بين الشباب وبين طه حسين وتوفيق الحكيم والمازني وغيرهم.. والاعلام سبب ذلك. وكيف تري العاملين بالتليفزيون من مخريجين ومعدين ومقدمي برامج؟ كل العاملين في التليفزيون في حاجة لإعادة تأهيل. ومن السبب الذي أدي إلي ذلك؟ السياسة الاعلامية الخاصة.. المعد في التليفزيون مثلا يتقاضي ملاليم بينما خارج ماسبيرو يتقاضي الآلاف. لك وجهة نظر في مجلس الأمناء سبق أن ذكرتها لي؟ نعم مجلس الأمناء معظمهم من خارج التليفزيون وليسوا لهم علاقة به.. أنا اطالب بإلغائه وإنشاء لجنة عليا تدير المبني وتعمل علي وضع خطة برامجية لاكتشاف المواهب وتقديم انتاج متميز يعيد ريادة التليفزيون وإلي ما كان عليه زمان. وكيف تري شكل البرامج الأمثل الجاذبة للمشاهد؟ لابد وأن اركز علي الجماليات.. للأسف ظل التليفزيون لسنوات طويلة يستضيف النجوم ليحاورهم حول سلبياتهم ليس اكثر.. ثم يأتي بنقيضه ليتحدث أيضا عن السلبيات والتجريح.. وظل هذا مدة طويلة حتي تسببت هذه النوعية من البرامج في ان تكره الناس بعضها البعض.. ويستكمل الحوار بقوله: لابد وان ننهض ونتحرر من القيود والرقابة لدينا كوادر جيدة لكنها لا تعرف الطريق الصحيح من كثرة ما تعرضت له من ظلم.. هل تصدق أن ايرادات التليفزيون تذهب إلي وزارة المالية ثم تعيدها المالية إلي ماسبيرو.. لماذا لا يكون لماسبيرو ميزانية مستقلة ودوره المالي واستقلاله الهام في هذا الإطار. ألم تقل ان الاعلام موجه وليست له استقلالية؟ من هنا اقول لابد وأن يكون حرا لكن الحرية لها حدود. بمعني؟ ان للحرية سقفا لا أري حرية مطلقة.. لانه تحت مسمي الحرية وجدت فوضي ولابد وان تكون لها حدود. لابد لكل قناة ان تكون لها سياستها.. وسأضرب لك مثلا لحكاية الحرية.. يعني إيه تحدث مشكلة كبيرة بين مصر والجزائر عشان »ماتش كورة«.. أزمة بين بلدين بسبب ماتش »كل شئ لابد وان يكون له حدود«.. والمسئول عن ذلك الاعلام الذي يعتبر نفسه اعلاما حرا وخاصا.. فالاعلام الرسمي يعرف مسئولية الكلمة ولابد من اختيار التعبير الذي لا يجرح الآخرين.. فالذي يلعب كورة عقله في رجله أساسا وليست له علاقة بالفكر والكلام وتكون النتيجة ان يقول كلاما يؤخذ عليه كمصري.. حتي الانتخابات.. نتحدث عنها بشكل سيئ.. مثلا انتخابات اليونسكو لم ينجح فيها فاروق حسني قالوا انها غير صحيحة وان البلاد كانت ضد مصر.. مثلما يكون هناك مهرجان سينمائي ولا تحصل فيه مصر علي جائزة تبقي البلد المقام فيها المهرجان ضد مصر وتبقي مؤامرة يا سادة.. الاعلام الخاص ينفخ في النار والأمور فيه تأخذ أكبر من حجمها - وهذا في رأيي اعلام غير مسئول يسكت قليلا ثم يقول: لابد من استعادة وعينا الاعلامي ويكون لدينا نسمة جديدة عكس ما كان موجودا وأن نحب بعضنا البعض ونري الجوانب الجميلة والايجابية بعيدا عن السلبيات. وكان صريحا فقد قال جئت انفذ سياسة الهانم وكان لايستطيع احد ان ينفذ برنامجا أو ينتجه إلا من خلاله.. وكان كل ما يظهر علي الشاشة ينطلق من مكتبه بالدور التاسع فقد حاول جاهدا ان يسيطر علي الاعلام حتي مقدمي البرامج هو الذي كان يختارهم وكان له مريدوه المميزون.. ورأيك في صفوت الشريف؟ لم يكن يتخيل يوما ان يكون وزير الاعلام السابق.. كان يكره الناجحين.. واستطاع ان يلفق قضايا لعدد من الاعلاميين الذين كانوا يعملون تحت إدارته.. والحكاية دي معروفة جدا. هل حاربك؟ طبعا.. معروف عنه انه كان يحارب البعض وخاصة المتميزين من الاذاعيين أو التليفزيونيين. لماذا ينجح الاعلاميون المصريون خارج ماسبيرو سواء في مصر أو خارجها؟ لأن الروتين الحكومي يقهر.. وكل الاعلاميين نجحوا في الخارج لانهم تحرروا من تلك القيود.. انما من ظل في المبني كثير منهم أصبح يعلوهم الصدأ.. وللعلم كل من يعمل في القنوات الخاصة المصرية هم أساسا من التليفزيون المصري. قلت انك لا تحب القنوات الخاصة لانها تثير الفتنة؟ نعم وأقصد بذلك القنوات الدينية التي خرجت علينا تثير الفتنة في مصر وتكون النتيجة ان تواجهها قنوات أخري كقنوات المسيحيين ترد عليها وتكون النتيجة ضياع مصر.. التي لديها سماحة في الدين العظيم وتعلمنا هذا منذ طفولتنا وفي المسجد وفي المدرسة وفي النادي.. وكنا جنبا إلي جنب في الدراسة والمنزل مع المصري المسيحي معا تربية واحدة.. انما من يأتي لتكفير الآخرين فهو خاطئ تماما ومغرض اكيد ويريد إثارة الفوضي في هذا البلد العظيم.