أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    سعر الدينار الكويتي في البنوك اليوم الأحد 9 يونيو 2024    ارتفاع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 9 يونيو 2024    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    واشنطن: إسرائيل لم تستخدم الرصيف البحري لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين في غزة    كيف يشكل قرار الحكومة الإسرائيلية إخلاء الشمال هدية لحزب الله؟ وكيف هي الصورة الآن؟    هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في السواحل اليمنية    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    ترتيب مجموعات تصفيات كأس العالم لقارة افريقيا 2026    بيلينجهام الأعلى قيمة سوقية بين لاعبي أمم أوروبا 2024    ننشر أوائل الشهادات الإعدادية والإبتدائية الأزهرية بالوادي الجديد    أطول إجازة للموظفين في مصر خلال 2024.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    قرار صادم من نقابة المهن الموسيقية بشأن واقعة صفع عمرو دياب ل معجب    دعا لمقاطعة أعمال «الهضبة».. عمر هريدي: ابناء الصعيد يتضامنون مع الشاب «سعد» الذي صفعه عمرو دياب    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء استهداف طيران الاحتلال لشقة في غزة    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    خلال الربع الأول.. 129% نموًا بصافى أرباح بنك القاهرة والإيرادات تقفز إلى 7.8 مليار جنيه    استمرار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس المتوقعة اليوم    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    ضبط مصري يسرق أحذية المصلين بمسجد في الكويت وجار إبعاده عن البلاد (فيديو)    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    لميس الحديدي توجه رسالة للحكومة بشأن قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    "دا مينفعش يتقاله لا".. القيعي يكشف أسرار تعاقد الأهلي مع ميدو    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الجدي الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدي عبد الناصر ابنة الغائب الحاضر :ثورة يناير أعادت الاعتبار لوالدي
نشر في الأخبار يوم 06 - 06 - 2011

في الخامس والعشرين من يناير الماضي ومنذ بدء المظاهرات السلمية للشباب المصري الواعد.. تركت الموسوعة التي تفرغت لإعدادها منذ ثلاثة أعوام عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتي تضم مذكراته الشخصية والرسائل التي كتبها بخط يده لزعماء العالم..! كانت تتابع الصراع بين الشباب والشرطة في صمت واندهاش.. الشباب أنفسهم بفكرهم الواعي وذهنهم المتقد لم يكونوا مفاجأة لها.. فهي في تواصل دائم معهم عبر عملها أستاذة جامعية منذ ما يزيد علي أربعين عاما.. كانت المفاجأة في الإصرار والتحدي.. شعرت وقتها أن المظاهرات هذه المرة مختلفة ..إنها تقترب من الثورة الحقيقية ..
وفي الثامن والعشرين من يناير.. ومع شدة المواجهة.. شاهدت العنف الأمني ضد المتظاهرين واستشهاد المئات.. قررت شيئاً ما..! وقامت بتنفيذه مساء اليوم نفسه..!
أنشأت موقعا للتواصل مع الشباب عبر "الفيس بوك" بعنوان "جمال عبد الناصر.. الحاضر الغائب"..بعد أن شاهدت صور الزعيم جمال عبد الناصر مرفوعة بأيدي الشباب في ميدان التحرير.. رمزاً للمطالبة بالعدالة الاجتماعية.. وكانت المفاجأة دخول عدد كبير وغير متوقع من الشاب علي الموقع في أيام قليلة..
هي الدكتورة هدي عبد الناصر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.. التي أكدت في أول حوار لها بعد ثورة 25 يناير.. أن الثورة أعادت الاعتبار لوالدها بيد أبنائه وأحفاده من أفراد الشعب المصري.. وطالبت الشباب المصري بالمحافظة علي ثورته بنبذ الخلافات والتجمع تحت لواء قيادة سياسية شابة تستطيع تعبئة الجماهير حولها لبناء المستقبل.. رفضت الحديث عن الأموال المنهوبة.. ولكنها أكدت أنها أموال الشعب وأن استعادتها ستدعم الاقتصاد الوطني.. وأن الاستقرار لن يتحقق إلا بعد الانتهاء من محاكمة المسؤولين عن الفساد.. ولهذا طالبت بالاسراع في تصفية النظام السابق .. وأن تعامل القوي المضادة للثورة بحسم شديد..
ولكن المفاجأة كانت في دفاعها عن دستور 1971 وقبل التعديلات التي أدخلت عليه في عهدي السادات ومبارك.. مؤكدة أن مواده مثالية ولكنها لم تكن تطبق.. مما أظهره أمام الشعب المصري بالدستور الفاسد..! حول هذا والكثير من القضايا المحورية علي الساحة السياسية المصرية ..كان الحوار التالي:!استقبلتني د. هدي عبد الناصر بابتسامتها المشرقة.. وحين علمت أنني كنت إحدي تلميذاتها بالجامعة لمدة عامين بقسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الزقازيق في نهاية السبعينيات احتضنتني قائلة.. أشعر بسعادة بالغة حين أري تلامذتي، وهم كثيرون ، في مراكز قيادية.. كانت دائماً تأتي من القاهرة إلي الزقازيق بالأوتوبيس ولم يكن مضي علي وفاة الزعيم جمال عبد النصر غير ثماني سنوات..! لمحة إنسانية لا بد منها للتعريف بالجانب الإنساني لهذه السيدة العظيمة التي علمها والدها التواضع والالتحام بالناس..!
قيادة واضحة..!
بادرتها بالسؤال الذي دار بذهني وزميلي خالد الباجوري المصور الصحفي.. كنت شاهدة علي ثورتين.. ثورة يوليو 1952 بقيادة الجيش ضد الملك والانجليز وثورة 25 يناير 2011 بقيادة الشعب المصري ضد نظام مبارك وهو أحد ابناء ثورة يوليو..! ماهي قراءاتك لهذا المشهد..؟
بادرتني د. هدي عبد الناصر قائلة: الهدف واحد.. لكن الفرق أن الجماهير من الشعب المصري لم تساهم في ثورة يوليو ولكنها أيدتها ودعمتها بينما هي التي كان بيدها المبادرة في ثورة 25 يناير.. وهي من المميزات الإيجابية التي تجعل هذه الجماهير تتدخل لو حادت الثورة عن الطريق السليم.. أصبحت الجماهير هي التي تدفع النظام والمسؤولين ضد السلبيات إذا حادوا عن الطريق السليم.. وجعلت من ميدان التحرير رمزاً للحرية والكرامة الإنسانية.. وأضافت: طوال الوقت والثورة موجودة كانت دائما صورة والدي في خيالي.. وشعرت بمدي ارتياحه.. فبعد أربعين عاماً ثار المصريون من أجل نفس المبادئ التي نادي بها.. ولكن..!.. صمتت د. هدي.. فبادرتها ..ولكن ماذا..؟ فقالت: الجماهير الآن ليست لهم قيادة واضحة.. كما أن الشباب الذين أشعلوا شرارة الثورة المصرية لم تكن لهم قيادة واضحة.. وقد كان ذلك من عوامل نجاح الثورة المصرية.. ولكن الآن وبعد أن نجحت الثورة في القضاء علي النظام السابق عليهم التجمع تحت لواء واحد وبروح واحدة ولتكن قيادة شابة تعمل علي تعبئة الجماهير حولها والتخطيط للمستقبل لاستكمال ثورتهم بنجاح ..عليهم التوحد حتي لو اختلفوا في الرأي.. فاختلاف الأراء ظاهرة صحية وحضارية.. ولكنها لا تمنع الاتحاد تحت قيادة سياسية واضحة.
التعامل بالحسم..!
المشهد الذي نراه الآن في الشارع المصري يمتلئ بانقسام الشباب في العديد من التحالفات وإنشاء الأحزاب.. وظهور العديد من القوي الأخري والتيارات السياسية إضافة إلي الأخوان المسلمين والسلفيين.. والأحداث المتلاحقة من الشغب والبلطجة والانفلات الأمني.. ماهي قراءاتك لهذا المشهد..؟
في الفترات التي تعقب الثورات في العالم كله خاصة إذا كانت هذه الثورات شعبية تحدث دائماً الفوضي وبعض التناقضات والاختلافات في مسيرتها إلي أن تستقر الأمور.. وما يحدث في مصر الآن شيء طبيعي.. ولكن حين توجد قيادة سياسية تعمل علي تعبئة الجماهير كما قلت سابقاً فلن يجرؤ أحد من كل التيارات والقوي الموجودة أن يزاول أي تجاوزات.. ولهذا أطالب بالإسراع في محاكمة المسؤولين عن الفساد حتي ننتهي من مرحلة تصفية النظام السابق ونبدأ في النظام الجديد وخاصة النظام الاقتصادي والخدمات التي يجب أن تقدم للمواطنين والتي يجب تحسينها وجعلها في متناول الجميع.. الناس تعبانه.. وعلينا الخروج من الوضع الحالي والاستقرار بأسرع من ذلك.. ولن يتحقق ذلك إلا بعد الانتهاء من المحاكمات لرموز النظام السابق.. وتنظيف المحليات من الأوضاع السلبية والقيادات الفاسدة.. إضافة إلي الحسم الشديد في التعامل مع القوي المضادة للثورة.. ولو عدنا لثورة يوليو 1952 سنجد أن القوي المضادة للثورة عوملت منذ البداية بحسم شديد ولهذا نجحت ثورة يوليو.
كثيرون هم من يشعرون بالتباطؤ تجاه تحقيق هذه المطالب..! هل تشعرين بذلك..؟
تقول د. هدي عبد الناصر.. لا.. لا أشعر بالتباطؤ.. أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة عليهم ضغط شديد.. ونحن في نقطة تحول مهمة في تاريخ مصر ومطالب الناس كثيرة وهم محقون في هذه المطالب فقد مكثوا عهوداً طويلة وحقوقهم مهضومة.. ولكن التباطؤ الذي أشعر به ويشعر به الجميع فقط في المحاكمات ضد الفاسدين.
استعادة الأموال..!
وكيف يمكننا النهوض بالوضع الاقتصادي الحالي لمصر.. في ظل المليارات المنهوبة من دم الشعب المصري..؟
لن أتحدث عن الأموال المهربة.. ولكنني سأتحدث عن ضرورة استرجاعها.. فاستعادة هذه الأموال والتي تقدر بالمليارات ستدعم الاقتصاد المصري.. فهي أموال الشعب وعلينا أن نعمل بكل مانستطيع لاستعادتها.. والعنصر المشجع لهذا أن الدول الغربية كلها وافقت علي إعادة هذه الأموال.. لذلك يجب الانتهاء من المحاكمات سريعاً.. إضافة إلي ذلك أن قمة مجموعة الدول الثماني الكبار التي عقدت مؤخراً بفرنسا قررت تدعيم مصر وتونس بمبلغ 20 مليار دولار للتنمية الاقتصادية.. وكانت مصر وتونس ضيف شرف المؤتمر والذي كان أكبر دليل علي استعادة مصر لدورها الأقليمي والدولي بعد ثورة 25 يناير.. ولهذا علينا الإسراع بوضع خطة تفصيلية قصيرة المدي ومتوسطة المدي وطويلة المدي للنهوض بالاقتصاد .. أيضاً نحن في انتظار النظام الجديد أو مع زيادة مدة المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يوضح لنا الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية لأنه سيتم تضمينها في الخطة ..هل هو نظام كما كان في عهد مبارك يبدي أو يفضل الطبقة الرأسمالية علي باقي الشعب ..أم أنه نظام اجتماعي يضع الأولوية للعدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع وهذا ما أراه من سياسة المجلس الأعلي للقوات المسلحة منذ توليه السلطة.
ولكن هل يتعارض هذا النظام مع نظام السوق المفتوح والرأسمالية العالمية..؟
لا.. لاتعارض.. فالنظم الاقتصادية في الدول الأوروبية نظم مختلطة مابين الرأسمالية والاشتراكية.. ورجال الأعمال في هذه الدول لا يتولون أي منصب سياسي.. هم يعملون فقط كجماعات ضغط تؤثر في السلطة السياسية.. لهذا لا يستشري الفساد عندهم بالشكل الكبير الموجود لدينا.. فوضع رجال الأعمال في السلطة شيء غير مسبوق وغير موجود في أي دولة في العالم ..نحن نريد لمصر اقتصاد قوي يقوم علي أسس العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.. وأن يترجم ذلك في خطة شاملة تتضمن القطاع الخاص إلي جانب القطاع العام.
رئاسي برلماني
هذا النظام الجديد الذي ننتظره جميعاً.. كيف ترينه.. في ظل الآراء المختلفة ما بين النظام الرئاسي أو البرلماني..؟
أنا أقوم بتدريس الدستور المصري والنظم السياسية المختلفة لتلامذتي بالجامعة.. وأفضل هذه النظم بالنسبة لمصر هو النظام الذي يمزج ما بين الرئاسي والبرلماني.. لأن النظام البرلماني الصرف لا يجب أن نعول عليه كثيراً وعلينا أن نحذر منه ومن ردود الفعل المبالغ فيها.. لايجب أن ننسي الدكتاتورية الألمانية في ظل النظام البرلماني.. وأيضاً النظام البرلماني كان السبب فيما حدث في الجمهورية الرابعة بفرنسا وقضي علي الاستقرار وتسبب في تأخر الاقتصاد الفرنسي بالنسبة لباقي الدول الأوروبية في الفترة من 1946 إلي 195.. الخلاصة أنه لا يجب أن نعول علي النظام البرلماني الصرف أو النظام الرئاسي الصرف.. إنما أن يتم المزج بينهما بحيث يكون لرئيس الدولة سلطات كافية لإدارة البلاد سياسياً واقتصادياً مع وجود برلمان لا تتعاظم سلطاته بحيث توقف النمو والتقدم.. بمعني أن المبالغة في سلطات البرلمان تؤدي إلي مناقشات عقيمة تكون عقبة في طريق النمو والتقدم.
أكدت المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني مع وجود سلطات واسعة للرئيس.. ألا يخيفنا ذلك من أن يؤدي إلي تحول الرئيس إلي دكتاتور ..؟
لا.. لا يجب أن يخيفنا ذلك إذا ما طبق المزج بين النظامين ..ففي فرنسا حالياً يتمتع الرئيس بسلطات واسعة.. وأيضاً رئيس الوزراء في بريطانيا.. المهم وجود الرقابة البرلمانية الفعالة والتشريع الذي يمارسه البرلمان.. ومع وجود الرقابة الشعبية التي ستمنع في المستقبل كل من تخول له نفسه أن يستغل منصبه.. فلماذا ومن ماذا نخاف إذن..!
الدستور المصري
قلت إن هذا النظام يحتاج إلي رقابة برلمانية.. وتشريع.. بمعني وضع نصوص في الدستور وتشريعات تحقق الرقابة الفعالة علي رئيس الدولة والوزارة.. وهذا يجرنا للحديث عن الدستور وكيف سيتم وضعه في المرحلة المقبلة .. قبل أم بعد الانتخابات التشريعية وهو الخلاف الدائر الآن بين كافة أطياف المجتمع المصري..؟!
وهنا فاجأتني د. هدي عبد الناصر قائلة : الدستور المصري لعام 1971 رائع وبه مواد جيدة جداً.. ولكن الإشكاليات جاءت بسبب التناقض بين النص الدستوري والواقع المطبق.. فمثلاً المادة (1) من الباب الأول تؤكد أن "جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي واشتراكي يقوم علي تحالف قوي الشعب العاملة. والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل علي تحقيق وحدتها الشاملة " والمادة 23 من الفصل الثاني بالباب الثاني الخاص بالمقومات الاقتصادية تقول " ينظم الاقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوي المعيشة والقضاء علي البطالة وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالانتاج وضمان حد أدني للأجور ووضع حد أعلي يكفل تقريب الفروق بين الدخول".. وتليها المادة 24 التي تؤكد "يسيطر الشعب علي كل أدوات الانتاج وعلي توجيه فائضها وفقاً لخطة التنمية التي تضعها الدولة ".. وتليها المادة 25 التي تؤكد أن " لكل مواطن نصيبا في الناتج القومي يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة " وأيضاً المادة 30 التي تؤكد " الملكية العامة هي ملكية الشعب وتتأكد بالدعم المستمر للقطاع العام ، ويقود القطاع العام التقدم في جميع المجالات ويتحمل المسؤولية الرئيسية في خطة التنمية ".. وتضيف د. هدي عبد الناصر: وغير ذلك من المواد التي تكفل الحقوق والحريات وتنظم الحكم وسلطات رئيس الدولة.. فالمادة 73 مثلاً تؤكد أن " رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ويسهر علي تأكيد سيادة الشعب وعلي احترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية ويرعي الحدود بين السلطات لضمان تأدية دورها في العمل الوطني ".. وبالطبع فإن الاشتراكية تعني العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.. وتتساءل د. هدي عبد الناصر قائلة : هل كانت مواد الدستور المصري يتم تطبيقها..؟ لو كان يتم تطبيقها ما كان حدث ماحدث..! إن الإهمال في تطبيق مواد الدستور والتناقض بين النص الدستوري والواقع المطبق كما قلت .. وماشابه من تعديلات في عهد الرئيس السابق مبارك لترسيخ التوريث هو الذي أدي إلي انهيار النظام السابق ..! لقد حما الدستور مكاسب الشعب التي حصل عليها بعد ثورة 32 يوليو مثل مجانية التعليم والتأمينات الاجتماعية.. وغيرها.. ولا ننسي الباب الخاص بحقوق المواطنين وهو ما يجب تضمينه في الدستور الجديد.
العلاقة مع مبارك ..!
بمناسبة الحديث عن الرئيس السابق مبارك والتوريث ..كيف كانت علاقتك بأسرة مبارك.. بمعني هل كانت هناك علاقة بين أسرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .. وأسرة الرئيس السابق مبارك ..؟
لم تكن هناك علاقة أسرية مباشرة بيني وبين أسرة الرئيس السابق مبارك .. ولكن الرئيس مبارك كان يزور قبر والدي كل عام ويضع إكليلاً من الزهور عليه .. وفي عهده كانت الاحتفالات بثورة يوليو لأن الرئيس مبارك كان يستمد شرعيته من ثورة يوليو وقد قال ذلك في خطبه .. أما زوجته السيدة سوزان فكانت ترسل لي الدعوات الرسمية لحضور مؤتمرات المرأة كأستاذة جامعية .. فهي كانت تدعو كل أساتذة الجامعات من السيدات .. وكنت أجدها فرصة للقاء زميلات العمل بالجامعات الإقليمية .. وتضيف د. هدي عبد الناصر : الميزة في العلاقة بين أسرة عبد الناصر وأسرة مبارك لم تكن في العلاقات الاجتماعية .. ولكن كان في الإحساس بالأمان وعدم الغدر وهو ما افتقدناه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات .. أستطيع أن أقول إنه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات كان الهجوم علينا شديداً .. والتجاهل كان سمة عهد الرئيس مبارك لنا .. فيما عدا الزيارة السنوية لقبر والدي .. والدعوات الرسمية لحضور مؤتمرات المرأة
ألم يكن لكم أي طلبات في عهد الرئيس الراحل مبارك..؟
لا.. لم يكن لنا أي طلبات.. ولكن كان لي طلب واحد توجهت به للدكتور زكريا عزمي منذ أكثر من 15 سنة.. وهو طلب بعض الوثائق والأوراق الخاصة بوالدي والتي علمت من د. جمال شقرة أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة أنها موجودة برئاسة الجمهورية ومنها 42 نوتة بخط يده.. ولكن د. زكريا عزمي رفض إعطاءها لي قائلاً أنه لا توجد وثائق لجمال عبد الناصر بالرئاسة.. رغم تأكيد د. جمال شقرة أنها موجودة لديهم . وحدث ذلك أيضاً حين ذهبت لوزارة الخارجية قال لي مدير مكتب عمرو موسي وزير الخارجية في ذلك الوقت.. لا توجد أوراق خاصة بفترة والدك..! فاضطررت للذهاب لوزارة الخارجية الفرنسية في باريس ودار الوثائق بوزارة الخارجية البريطانية بلندن واطلعت علي وثائق ثورة يوليو المصرية.. كنت وقتها أفكر في إقامة مؤسسة مثل مؤسسة نهرو.. وقد فشلت بسبب التكلفة المرتفعة جداً لبناء مثل هذه المؤسسة.. ففكرت وبمجهودي الشخصي في تجميع تراثه العلني المسموح به مثل الخطب .. وفي عام 1996 جاءني عرض من مؤسسة الأهرام للعمل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لتجميع وثائق ثورة يوليو وكنت قد عملت بهذا المركز في بداية حياتي العملية مابين عامي 1970 و1974 ولكن لم أستطع تحقيق هدفي بسبب قيود كثيرة وضعت أمام مشروعي.. فبعد أن وافق الأستاذ إبراهيم نافع علي نشر خطب والدي في عدة أجزاء.. رفض الأستاذ عبد المنعم سعيد النشر.. فتركت الأهرام واعتمدت علي نفسي في تفريغ الخطب من الشرائط التي حصلت عليها من الإذاعة المصرية بعد موافقة السيد صفوت الشريف وزير الإعلام وقتها الذي أعطاني الأمكانيات كاملة كما لو كان والدي موجوداً.. وحققت هدفي بتحقيق أول مشروع عن والدي وهو الاثنا عشر جزءاً التي اشتملت علي خطبه منذ عام 1952 وحتي وفاته عام 1970.. ثم ظهور المشروع الثاني منذ سبع سنوات وبالتعاون مع مكتبة الأسكندرية بإنشاء الموقع الألكتروني ويتضمن كافة الوثائق الرقمية والمسموعة والمرئية للزعيم الراحل Nasser.org جمال عبد الناصر منذ حرب فلسطين عام 1948 وحتي وفاته وأكثر من 50 الف صورة.
التواصل مع الشباب
ما الفرق بين الموقع الإكتروني Nasser.org والموقع الجديد "جمال عبد الناصر .. الحاضر الغائب" الذي قمت بإنشائه خلال ثورة 25 يناير 2011 علي "الفيس بوك..؟
" جمال عبد الناصر الحاضر الغائب ".. جاءتني فكرته أول يوم في الثورة.. 25 يناير ، وبعد أن شاهدت بعض الشباب في ميدان التحرير والميادين العامة يحملون صور والدي رمزاً للكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.. لم أشاهد هذا المشهد من قبل فقد كانت صور والدي ترفع في الدول العربية ولا ترفع في مصر..! وهو ما سبب لي سعادة كبيرة بهذا الشباب الواعي والواعد.. وبعد قطع إرسال الأنترنت والتليفونات المحمولة في الأيام الأولي من الثورة.. صممت علي تنفيذ الموقع فأعددته وافتتحته بعد إعادة الاتصالات بهدف التواصل مع الشباب المصري.. وكانت المفاجأة سرعة تزايد الإقبال في أيام قليلة.. لقد وضعت علي الموقع كل الكلام الذي قاله الزعيم جمال عبد الناصر عن ثورة يوليو في الخطب والحوارات الصحفية.. وحين هزتني بشدة أحداث الثورة المصرية بمدينة السويس التي ترتبط لدي جيلي بشكل خاص والشعب المصري بشكل عام بحي الأربعين والكفاح ضد الأنجليز.. وضعت كل ما يتعلق بكفاح هذه المدينة الباسلة علي الموقع.. وفي 22 فبراير بمناسبة الوحدة المصرية السورية وضعت كل شيء عنها في الموقع.. وعندما حدثت الدسائس لإثارة الفتنة الطائفية جمعت كل ماقيل عن الوحدة الوطنية من خطب وأحاديث والدي.. وأيضاً أعددت مادة خصبة لم تنشر من قبل عن إصرار الشعب المصري علي الكفاح بعد نكسة الخامس من يونيو.. وهكذا أحاول عن طريق التربيط بالأحداث بين الحاضر والماضي التواصل مع الشباب المصري.. لأنه لا يوجد مستقبل بدون الرجوع للتاريخ.
روح التجديد..!
قبل أن أنهي حواري معك.. ساستطلع معك بعض الآراء الشخصية حول المشهد السياسي علي الساحة المصرية.. من ترشحينه لرئاسة الجمهورية.. ولماذا..؟
قالت د. هدي عبد الناصر.. أرشح حمدين صباحي طبعاً.. ليس لأنه ناصري ولكن لثبوته علي المبدأ أمام المغريات والضغوط.. كما أنه يمتلك الخبرة بالعمل السياسي.. فالرئيس القادم يجب أن يكون قيادة شابة.. توافق عليه الأغلبية.. وليس من المهم أن يكون متمرساً أو يعرف كل شيء.. يكفي أن يمتلك روح التجديد والرغبة في أن يجعل مصر في وضع أفضل وأن يؤمن بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.. ثم يكون لديه مستشارون يعملون معه بقلب مفتوح.. ويؤمن أن خبرة وخلاصة علم الشعب المصري كله هو مستشاروه.. وأنا سعيدة بوجود نسبة ترشيح عالية لمنصب الرئيس تمثل اتجاهات مختلفة.. وعلي الناس أن تختار وتأخذ بزمام الأمور ولا تنتظر القائد الملهم..!
هل توافقين علي إجراء انتخابات مجلس الشعب في سبتمبر المقبل..؟
الفترة ضيقة جداً لإجراء انتخابات مجلس الشعب ومن الأفضل تأجيلها .. وهنا أناشد المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأقول لهم: أنتم بدأتم مهمة وعليكم إكمالها.. وأري أنه يجب تأجيل الانتخابات حتي يتحقق المزيد من الإستقرار.. وحتي يتم تشكيل لجنة تأسيسية بمشاركة كافة القوي السياسية والحزبية لوضع الدستور الدائم.
ومجلس الشوري..!
الرئيس السادات هو الذي ابتدع مجلس الشوري ليكون بمثابة هيئة استشارية لرئيس الدولة.. ووجهة نظري أننا لانحتاجه بل بالعكس عدم وجوده سيوفر لمصر الكثير من أوجه الإنفاق.. أما إذا تم الأصرار علي وجوده في المرحلة المقبلة فيجب أن يكون مجلساً فعالاً سلطاته موازية لسلطات مجلس الشعب.
أصررت في بداية الحوار علي عدم التحدث عن الأموال المنهوبة من دم الشعب المصري.. لماذا..؟
لأن استعادتها أهم من الخوض فيها.
ولشباب مصر والأجيال الصاعدة..؟
شباب مصر الصاعد لم يكونوا مفاجأة لي كما قلت.. فأنا علي احتكاك دائم بهم بحكم مهنتي بالجامعة وكنت دائماً فخورة بهم ولهذا أقول لهم.."لقد أتيحت لكم الفرص التي لم تتح في عهدي وأنا شابة.. وأقصد بها فرص الانفتاح علي العالم من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة.. وهذا سمح لكم بمزيد من التفاعل مع الأحداث والمشاركة والتأثير فيها.. فكل آمالنا معقودة عليكم حتي لا تضلوا أو يساء استخدام تطلعاتكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.