قوة اقتصاد أي دولة لا تقاس بارتفاع معدلات النمو فقط وانما هناك عناصر اخري تعتمد عليها المؤسسات الاقتصادية الدولية في الحكم علي هذا الاقتصاد وتحديد الدرجة التي يستحقها في تقديرها. وفقا لهذه القاعدة جاء تقرير مؤسسة »موديز» للتصنيف الائتماني لوضع مصر عند تصنيف »B3» مع نظرة مستقبلية مستقرة. يأتي ذلك علي أساس أن المتطلبات المالية اللازمة لاقتصادها مازالت تحتاج الي مزيد من الاجراءات التي تساعد علي تنشيط ودعم هذا الاقتصاد. اعتبار المؤسسة تمتع هذا الاقتصاد بالاستقرار يستند الي النتائج التي تحققت من وراء قرارات الاصلاح الاقتصادي وهو ما انعكس في ارتفاع معدلات النمو الي ما يقرب من 5٪ بعد ان كان اقل من 3٪. ويرتبط اقدام »موديز» علي رفع تصنيف مصر بضمانات توافر واستخدام آليات وموارد لتمويل الموازنة العامة للدولة. في نفس الوقت فإن هذه الخطوة تتطلب إجراءات فعالة لخفض الدين الداخلي والخارجي لتحقيق التوازن للمسار الاقتصادي. هذا التصنيف الجديد للاقتصاد المصري بالمستقر يضع في اعتباره التحسن الذي طرأ علي الاقتصاد خاصة فيما يتعلق بحل مشكلة توافر العملة الأجنبية لسد الاحتياجات. يضاف الي ذلك نجاح الحكومة في تخفيض العجز في الموازنة وان كان ذلك لم يصل الي المعدلات المطلوبة. من المؤكد أنه يدخل ضمن تقديرات المؤسسات الدولية ضرورة اعتماد الدولة علي مصادر قوية لزيادة الناتج القومي وهو الامر الذي يتحقق من خلال زيادة الانتاج الصناعي وارتفاع التصدير للسلع الصناعية والخدمية وخفض معدلات التضخم وجذب الاستثمارات الخارجية. هذه العوامل التي يجب ان تعمل الدولة علي تشجيعها وتنميتها تتطلب إقدامها علي سن التشريعات واتخاذ القرارات والاجراءات التي تفتح الطريق امام التوسع في اقامة المشروعات الانتاجية التي تتيح فرص عمل للحد من مشكلة البطالة والمساهمة في رفع مستوي المعيشة. هذا الأمر يحتم علي الدولة ان تكون أكثر حزما وحسما في إزالة العقبات امام هذه الانشطة. عليها ايضا التوقف عن سياسة »الطبطبة» والنفاق وتغاضيها عن عدم كفاية كفاءة العمل والانتاج وهو الأمر الذي يثير خشية رؤوس الأموال الداخلية والخارجية. كما هو ثابت من خلال المتابعة فان الدولة علي إدراك بما هو مطلوب لاستكمال منظومة الاصلاح ولكنها تحرص ان تكون بشكل متدرج حفاظا علي عدم التأثير العنيف علي متطلبات السلم الاجتماعي. انها تري ألا مانع من اطالة الفترة اللازمة للاصلاح بما يضمن عدم اهتزاز الاستقرار الداخلي. هذه السياسة أكدت فاعليتها علي ضوء تفهم وتقبل الشعب المصري لكل ما تم اتخاذه من قرارات وإجراءات اصلاحية للاقتصاد ثقة في انها سوف توفر له في النهاية الحياة الكريمة التي يتمناها. من المؤكد ان ارتفاع تصنيف مصر اقتصاديا سوف يأتي مع تواصل التفعيل لسياسة الاصلاح الاقتصادي المدعومة بالمؤشرات التفاؤلية لزيادة موارد الدولة سواء من مشروعات استغلال الثروات الطبيعية كالغاز والبترول ونجاح جهود تنمية منطقة قناة السويس وزيادة مساحة الرقعة الزراعية للحد من الاستيراد الخارجي للاحتياجات الغذائية إلي جانب استعادة حركة السياحة لعافيتها. مرة أخري أكرر ان جهود الدولة مازالت تتسم بالقصور في حل مشاكل المشروعات الصناعية وكذلك توعية المواطنين وحثهم بكل السبل علي العمل والانتاج الذي يعد العمود الفقري للعبور الي آفاق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.