من له اذنان فليسمع الاصوات التي تتردد في السطور التالية .. من له عينان فليري ما تحتويه من تفاصيل دقيقة . من له عقل فليفهم .. من له بصيرة فليتأمل ويدرك المعني في تلك القصة . سقط حصان نبيل لاحد المزارعين في بئرجافة لكنها عميقة بعض الشيء ، سمع المزارع وجيرانه صهيل حصانه المغلف بنبرات التوجع والالم ، رفع الحصان رأسه لاعلي وعينيه تبرق بالدموع وكأنه يعاتب صاحبه لانه تركه يلقي مصيره في تلك البئر ، لم يكن الحصان يدري ما يدور في رأس صاحبه او ما يتبادله من حوار مع جيرانه بشأنه . الجيران اجمعوا علي ضرورة انقاذ الحصان النبيل الذي خدم صاحبه لاكثر من عشرين عاما ، لكن صاحبه كان له رأي آخر ، اخبرهم ان عملية اخراج الحصان الذي غادر مرحلة الشباب ودخل في مرحلة الشيخوخة سوف تكلفه الكثير ، الامر يحتاج لتأجير رافعة ، وايجار الرافعة يتيح له شراء حصان جديد بدلا من هذا الحصان العجوز، هذا إلي جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل ولابد من ردمها لكي لا يسقط فيها شيء آخر ، نسي المزارع العشرة والحب الذي حمله له حصانه وقصص التفاني في خدمته ، اتخذ قراره اللا إنساني بدفن الحصان حيا داخل البئر وفق معادلات المكسب والخسارة . حمل المزارع وجيرانه المعاول والجواريف لجمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر، لم يلتفت احد لصهيل الحصان النبيل الذي يملؤه الألم وطلب الرحمة ،بعد قليل اندهش الجميع لانقطاع صهيل الحصان فجأة،نظر المزارع داخل البئر فوجد الحصان يهز ظهره كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره علي الأرض ويدكها باقدامه ليرتفع بمقدار خطوة واحدة لأعلي، .وسار الحال علي هذا المنوال وفوجيء الجميع بالحصان يقترب من سطح الارض واصبح وسطهم بقفزة واحدة ، توقع الجيران ان يفتك الحصان بصاحبه ثم يفتك بهم لانهم ارادوا دفنه حيا داخل البئر ، لكنهم فوجئوا به يولي وجهه نحو الغابة التي اختفي بها عن كل العيون . انتهت القصة التي خرجت منها بأن الكثير منا ، ربما اغلبنا ، علي شاكلة هذا الحصان النبيل، آخرون يلقون علينا بالاوجاع والاثقال والهموم والمتاعب ، يريدون لنا ان ندفن في بئر اطماعهم وشرورهم ، ولهذا علينا ان نفعل ما فعله الحصان النبيل لكي ننجو من اعماق ابار المشاكل التي لابد ان نتخلص منها بأن ننفضها عن كواهلنا وندكها باقدامنا ونعلو عليها درجة وراء اخري ! اعتقد ان ارادة الحصان النبيل بأن يبقي علي قيد الحياة ويتغلب علي شرور من يتعاملون بمعادلات المكسب والخسارة بعيدا عن كل الانسانيات ربما تحدد لنا القواعد الست للسعادة الحقة التي يمكن ان تتحقق بأن تجعل قلبك خاليًا من الهموم ، وان تجعل عقلك خاليًا من القلق ، وان تعش حياتك ببساطة ، وان تكثر من العطاء رغم توقعك للمصاعب ومعرفتك بأن هناك من تحسن اليه لكنه يترصدك بالايذاء ولو طال ان يدفنك في بئر الاوجاع مثل الحصان النبيل لفعلها بلا تردد ، ان تؤمن بأن الحياة لا تعطي كل شيء ، واخيرا ان تتوكل علي الله وتطمئن لعدالته . مرة أخري .. من له اذنان فليسمع ما جاء بالسطور السابقة من اصوات .. ومن له عينان فليبصر ما تحمله من حكمة .