الإسكان: جار تنفيذ 64 برجا سكنيا بها 3068 وحدة.. و310 فيلات بتجمع صوارى في غرب كارفور بالإسكندرية    الانتفاضة الطلابية بأمريكا.. ماذا يحدث في حرم جامعة كاليفورنيا؟    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها.. تعرف على السبب    بحضور السيسي.. تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا بغيضة    طقس أسيوط اليوم.. جو ربيعي وانخفاض درجات الحرارة لمدة يومين    ارتفاع في أسعار الذهب بكفر الشيخ.. عيار 21 بكام؟    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    إجراء عاجل من الفلبين ضد بكين بعد اشتعال التوترات في بحر الصين الجنوبي    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    تامر حسني يوجه رسالة لبسمة بوسيل بعد الإعلان عن اغنيتها الجديدة.. ماذا قال؟    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    الخطيب يطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة افشة .. فماذا حدث ؟    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هووهي
من فوق ظهر الحصان
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 07 - 2010

مخلوق ساحر أمه اسمها باز وأبوه هشابا‏..‏ مخلوق لا يستطيع مع تأججه الداخلي الوقوف مستقرا أو هادئا أو خاملا‏..‏ مخلوق معجون بالحيوية‏,‏ مستنفر بالنشاط‏,‏ متوج بالتيه والشموخ والإباء‏..‏ مخلوق يمتلكني‏.‏ روحي معلقة به‏, أهواه مظهرا ومخبرا وحركة ورشاقة ورعونة وشقاوة واستسلاما وخببا وعدوا وسباقا وتبخترا‏..‏ غاوية وهاوية وعاشقة الاقتراب منه‏,‏ والهمس في أذنيه اللتين تستديران لي بدورة كاملة تحكمها ست وعشرون عضلة‏..‏ ارتعاشها دليل اهتمام بالغ بما أقول له‏,‏ فيهز رأسه الميمون علامة الاستيعاب والفهم‏,‏ والشروع في تنفيذ مطلبي‏..‏ يدفعني الغرام بالعنيف الرقيق الشجاع الودود لتفضيل العيش في محيطه وحواليه وتحت قوائمه داخل الاسطبل عن رفقة البشر تحت الثريات وفوق الشيرازي والتبريزي بصالونات الأوبيسون‏..‏ ساحر أدفن رأسي في شعره لأنتشي ويمشطني الهدوء‏..‏ أملس علي رقبته لتخبو ثورتي‏..‏ أمشط عرفه ليضيء جبينه وجبيني‏..‏ أطعمه خرطة سكر فيدغدغ باطن كفي بسخونة شفتيه فيراق الامتنان علي الجانبين‏..‏ أمشي يتبع خطاي‏,‏ وأخمد تتوقف خطاه‏..‏ يناديني بعزف صهيل حنجرته‏,‏ ويهز رأسه رافضا غيابي فآتيه ليحدق في بعدسة العين المعجزة التي تري في جميع الاتجاهات دون حاجة لرفع الرأس أو الاستدارة حتي في حلكة الليل‏..‏ يعرفني‏.‏ يستشعر قدومي‏.‏ يتواصل معي‏.‏ يخلص لي‏.‏ يتخايل بي‏.‏ ينزهني‏..‏ يدللني يتشممني‏..‏ يدس رأسه في حضني‏,‏ يؤرجحني‏,‏ يعلو بي‏,‏ ويرمح بي‏,‏ ويسابق بي‏,‏ ويحارب لي‏..‏ جسده الحر لا يطيق غير ملمسي‏,‏ وظهره الوفي يرفض خدش الحميمية المقدسة بيننا بغريب يتطاول علي كرسي العرش‏..‏ علي محراب الست‏..‏ علي منصة القائدة‏..‏ علي فارسته وبوصلته ومؤشره وموجهته وحاملة سوطه وجزره وسكره‏..‏
لا تدانيها مشاعر عندما يستشعر الحصان رغبتك الفعلية في التحليق‏..‏ في امتطاء البراق‏..‏ في بسط الأجنحة‏..‏ في الاندفاع للأعالي‏..‏ في ركوب متن الهواء‏..‏ في السباحة في الفضاء‏..‏ في أن يأخذني لفوق علي بساط الريح‏..‏ في إزاحة جميع الجدران للخلف‏..‏ المرور المعاكس لحوائط المدن وأعالي الجبال وأسلاك البرق وأشرعة السفن وأسراب الطير ومرايا الفنارات وفوهات البراكين‏..‏ حصاني يفتح جناحيه‏,‏ يحلق‏,‏ يفرد أشرعته لتلامس رأسي قمم الأشجار وأبراج الحمام ومظلات النخيل وحالق المآذن وبطون السحابات الحبلي ونجوم السماء والكواكب السيارة والمجرات السابحة والأفلاك الغاطسة والنيازك الشاردة‏,‏ والقمر هلالا وبدرا ومحاقا ومن وراء حجاب يدق له الصغار الدفوف ليتبدي طرفه من خدر الخجل‏..‏ أرخي اللجام لينطلق الجواد والفؤاد كما يعن لهما‏.‏ نقفز لعين الشمس‏.‏ نبتل بحبات مطر‏.‏ نلعق رذاذ فجر‏.‏ ونرتوي بالندي ونشرق مع الصبح ونذوب في المغيب ونروح لبعيد لبعيد لبعيد‏,‏ نتلاشي لنغدو أنا والحصان مجرد ذرة في الأفق البعيد تمسحها ريشة عتمة قدوم المساء‏..‏ نتضخم في الاقتراب‏.‏ أهبط علي قائمتيه حتي فراش السندس أتمطي وأنام‏,‏ وعينه لا تنام‏,‏ وأنفه تتعرف علي القادم علي بعد فدان‏..‏ يسافر بي خلي البال كامل الأوصاف عميق الوداد عربي الدماء سليل الذكاء‏..‏ يسافر بي لأبراج السماء‏,‏ يدخلني بوابة النيزك‏,‏ ويمررني في دروب المريخ‏,‏ ويقفز بي من زهم زحل‏,‏ وأعبر به نفق عطارد‏,‏ ويملأ لي كأس الزهرة‏,‏ ويجلب لي عطايا المشتري‏..‏
طول عمري وعالم الحصان عالمي‏,‏ وفي بيتنا كان الحصان علي الدوام بطلا وأسطورة وذكريات ومائدة حوار وتلاق‏.‏ أجلس إلي والدتي التي نشأت في ظلال تنافس العائلات علي حيازة سلالات الخيول الأصيلة‏,‏ تحكي لي كيف أجادت ركوب الخيل في شرخ الصبا‏,‏ حتي إنها كانت تحتسي قهوتها من فوق ظهر الحصان‏,‏ ولاتسقط أثناء مروقها السريع بالريالين الفضة اللذين يضعهما السايس بين ركبتيها وجانبي السرج ليزدادا صلابة وهيمنة لتكسبا الجلسة قيافة واتزانا‏..‏ كانت تروي عن الفرسة العشار وكيف كانت عندما يأتيها المخاض يسهر جدي بجوارها يرعاها بحنان حتي الصباح ليتلقي وليدها كمن تأتيه البشارة من صلبه‏..‏ وكيف كانت خيول الاسطبل تستقبل صاحبها بمارش صهيل يا طالع السعد‏,‏ وكان أمتع أوقاته التي ينتهزها الجميع لأخذ موافقته عندما يستغرق كلية في إطعام وتنظيف وتدليل حصانه‏,‏ هنا لا يستطيع حزمه ولا أمره القاطع أن يعترض‏..‏ ويعلمني أبي من كان سياج الدين وكنوز التراث منهاجا لحديثه أن العرب في الجاهلية ما صانوا شيئا من أموالهم قدر صيانتهم وإكرامهم للخيل‏,‏ حتي كان العربي يبيت علي لحم بطنه مؤثرا حصانه علي نفسه وولده فيقدم له الطعام ويشربون هم الماء القراح‏,‏ وكان هجاء بعضهم البعض بهزال الخيل وعدم تكريمها‏.‏
وقد أقسم الله تعالي بالخيل في قرآنه الكريم بقوله‏:‏ والعاديات ضبحا بل واعتبرت من مقتنيات التباهي التي يفاخر بها‏,‏ ومن وجوه الثروة والغني كما جاء في قوله تعالي‏:‏ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب‏..‏ وفي قوله الكريم‏:‏ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة‏,‏ وكانت الخيل عند العرب من أدوات الحرب بنص الآية المباركة‏:‏ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم‏..‏ وقد جعل الرسول صلي الله عليه وسلم من الخيل رمزا للعز والشرف والمنفعة‏,‏ فجاء علي لسانه ذكرها في أكثر من حديث منها قوله‏:‏ الخيل معقود بنواصيها الخير إلي يوم القيامة‏,‏ وأهلها معانون عليها‏,‏ والمنفق عليها كالباسط يديه بالصدقة‏,‏ وقال المصطفي‏:‏ عليكم بإناث الخيل فإن بطونها كنز وظهورها حرز وأصحابها معانون عليها‏.‏ وقال في الحديث الشريف‏:‏ أكرموها وجللوها‏..‏ وقال عليه السلام عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق‏,‏ وروي عن ابن عباس أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ لما أراد الله تعالي خلق الخيل أوحي إلي الريح الجنوب‏.‏ وقال إني خالق منك خلقا فاجتمعي فاجتمعت‏,‏ فأتي جبريل فأخذ منها قبضة فخلق الله منها فرسا كميتا‏,‏ وقال خلقتك عربيا‏,‏ وفضلتك علي سائر البهائم فالرزق بناصيتك‏,‏ والغنائم تقاد علي ظهرك‏,‏ وبصهيلك أرهب المشركين وأعز المؤمنين‏,‏ ثم وسمه بعزة‏,‏ فلما خلق الله تعالي آدم قال له‏:‏ يا ادم اختر أي الدابتين الفرس أو البراق‏,‏ فقال الفرس يا رب‏,‏ فقال الله تعالي‏:‏ اخترت عزك وعز أولادك‏..‏ وقيل في حث العرب علي حب الخيل‏:‏
أحبوا الخيل واصبروا عليهافإن العز فيها والجمالا
ولأنني أحبه‏,‏ أحب كل ما يمت له بصلة‏:‏ تاريخه‏.‏ سلالاته‏.‏ طباعه‏.‏ غطاؤه وذيله ورأسه وكتفه وكفله ولونه ورياضاته وقوانينه وسرجه الجانبي للإناث المعروف بسرج الملكات الذي يعود منشؤه إلي‏600‏ عام ماضية في عهد الملكة آن ملكة بوهيميا زوجة ريتشارد الثاني‏,‏ وكانت النساء حتي نهاية القرن الرابع عشر يركبن بالطريقة التقليدية‏,‏ وعلي مدي السنين تمت التعديلات لتستطيع الفارسة باختراع الباريسي جوليوس سارلز بيلر عام‏1830‏ أن تركب علي جنب‏,‏ وتستمتع بجلوس آمن‏,‏ وتقفز الحواجز والسدود باطمئنان‏,‏ بعدما كانت مجرد مسافرة فوق جواد يجره السائس لتسمي تلك الركوبة في عرف ريفنا المصري خصروان‏.‏
وفي سكة البحث عن أصل وفصل الحصان العربي أجده يعود في تاريخ البدو منذ‏3000‏ عام إلي الفرسة باز والحصان هشابا‏,‏ حيث قام حفيد نوح عليه السلام واسمه باكس بصيد باز وترويضها وتزويجها لهشابا ليأتي منهما نسل الحصان العربي المبارك‏..‏ وعلي الجانب الآخر يروي المؤرخ ابن الكلبي أن انتشار الخيول العربية بدأ عندما قدم قوم من الأزد من أهل عمان علي سليمان بن داود بعد استضافته لبلقيس ملكة سبأ فرفعوا إليه طلبهم فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم فقضي لهم حاجتهم‏,‏ وعندما هموا بالانصراف قالوا‏:‏ يا نبي الله إن بلدنا شاسع الأطراف‏,‏ وقد أنفقنا من الزاد ما كنا نحمله فأرسل أمرك لنا بزاد يبلغنا بلادنا‏,‏ فدفع إليهم سليمان فرسا من خيله وقال‏:‏ هذا زادكم فإذا نزلتم مكانا فاحملوا عليه رجلا واعطوه قلاعا وأوروا ناركم فإنكم لن تجمعوا حطبكم وتشعلوا ناركم حتي يأتيكم بالصيد‏,‏ فجعل القوم لا ينزلون منزلا إلا وذهب رجلهم علي الفرس بقلاعه وأتي لهم بصيد يكفيهم ويشبعهم‏,‏ فقال قوم الأزد‏:‏ والله ما لفرسنا هذا أجدي من الاسم زاد الركب فكان أول فرس بين العرب‏,‏ وعندما سمع به بنو تغلب أتوه ليزوجوه مهرتهم فأتي النتاج بالجواد الهجيس‏,‏ فلما سمعت به قبيلة بكر أتوهم فأنتجوا من الهجيس الديناري الذي كان أجود من الهجيس‏,‏ وكذلك فعل بنو عامر فكان لهم الفرس العتاق وأمها سوادة وأبوها الفياض‏..‏ وعندما تعود فروع الخيول العربية لأصولها فإنها تتأصل في سلالة خمسة من الجياد الأصيلة هي‏:‏ كحيلة وأتي اسمها من سواد عينيها المكحولتين‏,‏ وعبية وجاءت التسمية من حفظها لعباءة راكبها فوق ظهرها أثناء عدوها‏,‏ ودهمة وأتاها الاسم من لونها القاتم المائل للسواد‏,‏ وشويمة من الشامات المبرقش بها جلدها‏,‏ وصقلاوية من طريقتها في رفع حوافرها في الهواء أثناء عدوها‏..‏ وقد كان اهتمام العرب بالخيل مصدر وحي للكثير من الأعمال الأدبية شعرا ونثرا خاصة خلال القرون الخمسة الأولي من انتشار الإسلام‏,‏ وللأسف لم يصل إلينا سوي جزء يسير لايكفي لإشباع الفضول‏..‏ ومن هذا اليسير مؤلفات كتب الخيل لابن الثعالبي المخصصة لتصنيف المفردات المتعلقة بسلالة أشهر الخيول‏,‏ وكتاب زينة العرسان وشعار الشجعان للأندلسي ابن خديل‏,‏ وكتاب ناصري بن المنذر ويعود الكتابان إلي القرن الرابع عشر وتم ترجمتهما إلي الفرنسية في القرن التاسع عشر‏,‏ واعتبرا المصدرين الأساسيين للمعرفة حول الخيول العربية‏,‏ وحول علوم الخيول وطبها كتاب كاشف هام في معرفة أمراض الخيول لمؤلفه ابن المنذر المتوفي عام‏1340‏ نتاج خبرته التي اكتسبها وهو يعمل بيطريا لاسطبلات السلطان المملوكي في مصر الناصر محمد بن قلاوون الذي قامت في عهده وزارة سماها نظر الاسطبلات كان لقب وزيرها أميراخور وكانت اهتماماتها تنصب علي أموال الاسطبلات ورواتب المستخدمين ومراقبة عمليات الشراء والبيع وتبادل الهدايا من الخيول‏,‏ إلي جانب تجهيز الجيش‏,‏ وإقامة المسابقات وكان شغف الناصر بالخيل العربي لا مثيل له‏,‏ حيث يشتريها بأثمان باهظة تبعا لنصائح ابن المنذر من عرب آلمهنا وآل فضل الذين كانوا من خلال تجاربهم العملية مع الخيول العربية قد بلغوا في أيامه منزلة وصدارة المجتمع‏,‏ وكان الناصر خبيرا بالخيل يحفظ أنسابها ويقيم أسعارها‏,‏ ومن شهرته في هذا المجال جلب له أهل البحرين والحساء والعطيف والحجاز‏,‏ والعراق كرائم خيولهم فكان يدفع في الفرس الواحد من عشرة آلاف إلي ثلاثين ألف درهم‏,‏ ودفع في بعضها ألفا وخمسمائة مثقال من الذهب إلي جانب ما ينعم به علي مالك الحصان من الثياب الفاخرة له ولنسائه‏,‏ ومن السكر ونحوه‏,‏ فلم تبق طائفة من العرب لم تقدم إليه أفضل خيلها‏..‏ وقد جاء في خطط المقريزي الكثير حول عشق الناصر للخيل من أنه‏:‏ صرف في أثمانها ألف ألف درهم في يوم واحد‏,‏ وتكرر هذا منه غير مرة‏,‏ وبلغ ثمن الفرس الواحد من خيول آل مهنا الستين والسبعين ألف درهم‏,‏ واشتري الناصر الفرسة بنت الكرشاء بمئة ألف درهم‏..‏ وكان من شدة عنايته بالخيل يتفقدها بنفسه في اسطبلاتها‏,‏ ويتابع تأريخ نسبها ولحظة ميلادها ورقم مزودها في الاسطبل‏,‏ ومن هنا توالدت لديه خيول كثيرة حيث بلغت خيوله ثلاثة آلاف فرس يدور صغارها بنفسه في حلبة التمرين‏,‏ ويسلمها للعرب الركابة‏,‏ ويتفاخر بأسمائها‏:‏ هذه فلانة بنت فلانة تم شراء أمها يوم كذا‏,‏ وغدت عشارا يوم كذا‏,‏ وهذا الفرس يكره اللجام والسرج‏,‏ وتلك المهرة سيكون لها شأن‏,‏ وكان يلزم كل أمير بتدريب أربعة أفراس لمضمار السباق‏,‏ ويوصي وزير الاسطبلات بتدريب مجموعة في السر يشترك بها في حلبة السباق التي تقام كل سنة بميدان آلقبق‏,‏ حيث ينزل بنفسه يسابق الأمراء فيسبقهم ولو كانوا مئة‏..‏ ومات الناصر محمد عن أربعة آلاف وثمانمائة فرس‏,‏ وتوقف بعده السباق‏,‏ فلما جاء الظاهر برقوق عني هو الآخر بالخيل‏,‏ ومات عن سبعة آلاف فرس‏,‏ وخمسة عشر ألف جمل‏.‏
وقد اقتصرت غالبية رسوم الحصان في الفن العربي علي الكتب العلمية وبعض النصوص الأدبية‏,‏ وزينت بعض المخطوطات في العصر المملوكي برسومات تشرح كيفية استخدام الأسلحة من فوق ظهر الحصان‏,‏ وسجل كل ما يتعلق بالفروسية وتدريباتها أكبر مؤرخي مصر أبوالمحاسن يوسف بن تغريب الدين الذي ولد في القاهرة عام‏1410‏ وهو ابن أحد المماليك والقائد العام للجيوش المصرية‏,‏ وفي كتابه عن مصر النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة قام بتعريف الفروسية بقوله‏:‏ إنها تختلف عن الشجاعة والجرأة لأن الرجل الهمام ينازل عدوه بشجاعة‏,‏ بينما الفارس هو الذي يعرف كيف يتعامل مع حصانه وعلي علم بكل ما يتعلق به وبالأسلحة التي يمكنه استخدامها وهو فوق حصانه طبقا للقواعد التي وصفها أساتذة هذا الفن‏..‏ ومن الفنون المتعلقة بالفروسية مهارة استخدام القوس والسهام والمبارزة الشيش والصيد والسباق‏,‏ ورياضة البولو‏,‏ حيث تم إعداد الكثير من الميادين في القاهرة وضواحيها لممارستها‏,‏ وذلك في عهد السلطان بيبرس‏1260‏ 1277,‏ ويذكر المقريزي أن أحمد بن طولون‏868‏ 883‏ أعد في الفسطاط العاصمة المصرية القديمة ساحة لممارسة البولو‏,‏ وسجل المؤرخون الأيوبيون أن الأمير نورالدين كان من عشاق هذه الرياضة‏,‏ وفي عام‏1245‏ قام أحد خلفائه الصالح نجم الدين أيوب بإعداد ساحة جديدة للبولو علي شاطئ النيل وأطلق عليها اسم الميدان الصالحي‏..‏ وتعد مقامات الحريري كنزا أدبيا لا يقدر بمال وتعود إلي القرن الحادي عشر وتحكي عن مغامرات منتشرة في الشرق خلال العصر العباسي‏,‏ وكانت فرصة نادرة للفنانين لتزيين النصوص بمشاهد رائعة من الحياة اليومية‏,‏ إلي جانب أن الكثير من صفحاتها المحفوظة في متاحف باريس وسان بيترسبورج واكسفورد تقدم مشاهد للفرسان في جميع رياضاتهم‏,‏ وهناك أمثلة لخيول وفرسان مصورة في مقدمة كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني‏,‏ حيث يري الأمبر بدرالدين يصطاد الصقور‏.‏
وفي تاريخ الحصان العربي أنه دخل أوروبا مع العرب عندما وطئت أقدامهم أرض إسبانيا عام‏711‏ تحت لواء طارق بن زياد الذي خلف اسما ليس للتاريخ فحسب بل للجغرافيا أيضا ليغدو هناك جبل طارق ومضيق جبل طارق‏..‏ وأصبح الحصان العربي من بعدها أملا تتطلع إليه جميع قصور أوروبا مثل الحصان الأبيض العربي الشهير الذي اقتناه الملك هنري الرابع‏,‏ وحصان التدريب للملك لويس الثالث عشر‏,‏ ثم الحصان البني الذي يميل إلي الاحمرار بينما الذيل والعرف من اللون الأسود اقتناه كبير فرسان الملك الذي كتب أقدم مؤلف عن الفروسية صدر بالفرنسية عام‏1623‏ وأعيد طبعه عام‏1625‏ تحت عنوان الأصول الملكية في ركوب الخيل ذاكرا أن الفرس العربي أفضل من خيول أوروبا جمعاء‏,‏ وهناك كتاب شهير آخر حول الفرس العربي صدر عام‏1657‏ لمؤلفه وليام كافندمين دوق نيوكاسل الذي لم يكن يقسم سوي بالحصان العربي‏..‏ الحصان الذي لم يوجد سلطان أو ملك أو إمبراطور إلا وامتلك من نسله واحدا‏,‏ وقالوا إن نابليون نفسه قد اقتني وامتطي مثل هذا الحصان الذي كتب عنه الجنرال الفرنسي أودنيو عام‏1847‏ في‏(‏ حرب القرم‏):‏ وديع وصبور وبارع ويتحمل المشاق ويجمع كل المزايا علي أعلي مستوي وهي المزايا التي يبحث عنها رجل الحرب‏,‏ والخيول العربية هي الوحيدة التي تخوض كل الصعاب المتعلقة بالمناخ ونوعية الغذاء وتتحمل المسافات الطويلة في الصحراء لمدد تصل إلي ثلاثة أيام‏,‏ إلي جانب قدرتها الفذة علي التدريب وتخطي الارتفاعات والركض للخلف‏,‏ كما أنها تقفز بصورة بارعة لتتعدي أصعب العقبات‏.‏
وللخيول العربية سبعة عشر ضلعا‏,‏ وخمس فقرات أسفل الظهر‏,‏ وست عشرة فقرة في منطقة الذيل مقارنة بالسلالات الأخري‏,‏ وهذا الاختلاف هو السبب في حمل الذيل مقوسا وعاليا‏..‏ وألوان الحصان العربي السائدة‏:‏ الأشقر والرمادي والكميت الأحمر الداكن‏,‏ والأدهم الأسود‏,‏ ومن العلامات المميزة للخيول العربية منطقة النحر التي تبين الزاوية التي يلتقي فيها الرأس بالعنق‏,‏ حيث ينتج عن هذا الملتقي تقوس دائري يتيح للرأس حرية الحركة في جميع الاتجاهات‏,‏ والرأس العربي هنا لا تخطئه العين ولا تغفله الذاكرة‏,‏ فهو صغير وجميل مشرئب‏,‏ كما أن الجبهة المميزة بارزة تشبه الترس وتمتد من الأذنين إلي عظمة الأنف‏,‏ والأطراف قوية نضرة‏,‏ ويسمي الحصان إذا وضعته أمه مهر ثم فلوه‏,‏ فإذا ما استكمل عامه الأول فهو حولي ثم هو في الثانية ثني وفي الرابعة رباع وفي الخامسة قارح وحتي نهايات العمر مذك‏..‏
ولا أحد يشك في أن الخيول القادمة من إسبانيا كانت هي أصل كل حصان في أمريكا من أول خيول رعاة البقر إلي قطعان الخيول الهندية‏..‏ جميعها تجري في عروقها قطرات من دماء الحصان العربي‏,‏ والدليل علي ذلك ما قاله عالم فرنسي في دراسته النادرة حول العادات الأمريكية بعنوان البامبا عام‏1890‏ أنه علي خلاف معظم خيول العالم التي لها ست فقرات في المنطقة القطنية من الظهر فإن الحصان الأرجنتيني له خمس فقرات فقط تماما مثل الحصان العربي‏..‏ ودليل آخر وهو التشابه بين السروج التي يستخدمها فرسان إفريقيا وسرج فرسان أمريكا الجنوبية‏..‏ فكيف يمكن تفسير هذا التشابه إلا بأنه باستيراد خيول معينة يتم معها استيراد أساليب وعادات الفروسية المرتبطة بها؟‏!‏ ثم‏..‏ إن الحصان العربي يعد أسرع حصان في الكون‏..‏ ملك الخيول‏..‏ والحصان الإنجليزي الذي يتباهون به أصوله عربية‏,‏ وأشهر اسم له هو جودولفين وحياته المثيرة قد ألهمت الكثير من الكتاب ذوي الخيال الخصب ومنهم أوجين سو 1840‏ وموريس دروون 1957,‏ حيث تقول الرواية الأصلية إن هذا الحصان قد أهداه باي تونس إلي الملك لويس الخامس عشر عام‏1730‏ وكان الملك لا يعجب إلا بنوعية خاصة من خيول مملكته فقام بالتخلص من الحصان الهدية لينتهي الأمر بالحيوان عزيز قوم ذل إلي جر عربات الخضار في شوارع باريس‏..‏ وفي الزحام لمحه رجل إنجليزي يدعي كوك ابتاعه من تاجر الخضار الباريسي وسافر به إلي إنجلترا ليغدو مطية لكل من هب ودب حتي وقع مصادفة في حيازة أحد اللوردات الذي كان محظوظا أكثر منه خبيرا في عالم الحيوان‏,‏ فهو لم يلحظ مزايا حصانه وإنما أتي الأمر بالمصادفة البحتة عندما أفرغ الحصان العربي يأسه في علاقة حميمة مع الفرسة الذهبية روكسانا أنجبت مهرا له كل الجمال والعجب أصبح فيما بعد صاحب النسل الارستقراطي للحصان الإنجليزي‏..‏
لهذا وأكثر منه في زمان سطوة الرومانسية وتفتح عيون النضج‏,‏ كان حلم اليقظة فارسا يجمعنا اللقاء علي ظهور الخيل‏..‏ وتتتابع شخصية الفارس تبعا لسنوات النضوج والإطار والتواريخ والأفلام‏,‏ فمن بعد الشاطر حسن أتي روبن هود راكبا الحصان‏,‏ ثم أمير الانتقام وفارس بني حمدان وأحمد مظهر في عباءة صلاح الدين‏,‏ والفتي المصري الأسمر بطل الفروسية البغدادي الذي سرق قلب ابنة المخرج العالمي سيسيل دي ميل عندما حضر لمصر لإخراج بعض مناظر فيلمه التاريخي كوفاديس بطولة ديبواكير وفيكتور مايتور ولانشغاله عن ابنته الشابة التي جاءت في صحبته عهد العالمي سيسيل للبطل المصري الذي يلعب دور البديل لفيكتور ماتيور بالترويح عنها وتبديد سأمها فسرق قلبها لتقع الشقراء في غرام فارس النيل الذي هزت صورته من قبلها قلوب عذاري الدلتا ووجه قبلي‏..‏ وقلبي‏..‏ لهذا عندما جري الذي جري لقلبي في منشأ الحب ولم أزل طالبة جامعية أردت أن يكون الحصان ثالثنا‏,‏ أي أن يتم اللقاء فرسانا وأفراسا‏,‏ وبما أنه لم يكن متيسرا وجوده الحصان إلا بالأجرة وبالساعة تحت ظلال الأهرامات تلاقينا عند آخر محطة أوتوبيس قبل المطلع‏,‏ وفوجئت به قادما مرتديا ملابس الأستاذ بالبدلة الكاملة‏,‏ أي داخل مظهر عدم الصلاحية البتة لأن يكون الفارس المغامر الذي يحيي برفع الكاب عن الجبهة‏,‏ ويخبط بعصاه الجلدية برفق جنب الحصان‏,‏ ويغمز بالمهماز بطن الحصان فيعدو يسابق السحاب ويطلع معايا سباقا‏,‏ وبعدها الراحة والسندس والخميلة‏..‏ فارسي أتاني بالكرافتة والقميص المنشي وجزمة برباط‏..‏ جاءني مجازفا وفي سره قوله كما صارحني بعد الزواج لما أشوف الملحوسة عايزة إيه وآخدها علي قد عقلها‏,‏ وأتاري فارسي لم يكن قد ركب أي حاجة بأربع أرجل لا قبل ولا بعد معرفتي به‏,‏ وحقيقة أننا لم نتسابق من فوق ظهر الحصان لكنه تركني أصول وأجول في ميدانه‏,‏ حتي إنه بعد تفوقي كفارسة في فريق الجامعة‏,‏ حيث قام بتدريبنا اللواء يوسف غراب محافظ مطروح فيما بعد وكانت التدريبات الشاقة علي ظهور فحول أحصنة كلية الشرطة‏,‏ وأذكر منها الفرس السوداء الضخمة أمينة التي كنت أتصبب فوقها عرقا ولهاثا من قسوة نضالي كي أسوسها لتأدية خطوات الخانة بالساق اليمني ثم اليسري والدوران حول نفسها ثم العدو السريع في سكة القفز فوق الحواجز دون الاصطكاك بها‏,‏ وقتها فكرت جديا أن أكون أول فتاة جوكي في مصر‏,‏ ولم يعترض الوالد المناصر دوما للمساواة‏,‏ وأيضا لم يقف فارسي في طريق مخططي‏,‏ فقد كان دوما المشجع الصبور‏..‏ وتوقف مشروع الجوكي النسائي لرفضي الالتزام بالوزن المثالي الذي لن يقبل أي سنتوفة زيادة عن وزن الريشة‏,‏ ولا أنسي عندما نجحت مع زميل رياضة الفروسية عثمان سعيد الفارس الذي ضاع وسط الزحام‏,‏ في أن نقوم بأداء حركة استعراضية تدربنا عليها بنجاح في الساحة الخلفية قبل العرض الجماهيري‏..‏ نرمح معا فوق الأحصنة‏,‏ ولحظة يزداد فيها الاقتراب بيننا أكون قد تحررت كلية من قيود اللجام والركاب فيميل عثمان ليخطفني أمامه في لمح البصر مثل أفلام الكاوبوي‏..‏ تأهبنا بعد التدريب الشاق للخروج للساحة لسماع تصفيق الجمهور الذي يضم والدي وزوج المستقبل وقتها‏,‏ وفجأة وقف سيادة اللواء في اللحظة الأخيرة معترضا رافضا آمرا بالتراجع‏:‏ بلاش كلام فاضي‏..‏ لماذا يا سيادة اللواء؟‏!!!!‏ و‏..‏اكتفيت من الفروسية برحلة هنا ورحلة هناك فإن لم أجد الحصان فأي حاجة تسد بأربع أرجل حتي ولو جحشا بين الآثار يرمح من خلفه طفل الرابعة بعصاه الجريد‏..‏ و‏..‏اشتركت بالفعل في سباق الجمال حول نادي الجزيرة وكانت دابتي فيه ناقة عجوز مخلخلة الأطراف‏,‏ وأنا منكبة فوق رقبة طويلة يلتفت رأسها ناحيتي بازدراء لتكمل دمدمة الاعتراض وأنواء ذكري رياح الهبوب في البيداء‏..‏
و‏..‏عندما منعني مرضي من هوايتي‏..‏ من ممارسة رياضتي‏..‏ من ركوب الخيل‏..‏ من عالم الفرسان‏..‏ وقفت علي الشاطئ مكبلة محجمة تقيدني تعاليم الطبيب والدواء والرجاء‏..‏ سمعت الكلام واكتفيت بالنظر‏..‏ بمعايشة الحصان مترجلة‏..‏ بالمكوث إلي جواره أطعمه خرطة السكر فيدغدغ باطن كفي بامتنان‏!!{‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.