هي جمعة حزينة لأن المؤامرة اكتملت فيها.. وظن الباطل أنه انتصر انتصاره الأخير والنهائي، وأن الحق قد انتهي وتم تشويهه إلي غير رجعة!! هي جمعة حزينة لأن اليهود أرادوا أن يطفئوا النور الإلهي لتعم الظلمة ويسود الظلم ويستمر المرابون واللصوص والمتاجرون بشرع الله في رباهم وسرقتهم وتزويرهم! وهي جمعة حزينة لأن أورشليم دفعت الثمن مرات وما زالت تدفعه بسيطرة اليهود عليها، وهي التي خاطبها السيد المسيح له المجد: »يا أورشليم يا أورشليم قاتلة النبيين وراجمة المرسلين إليها كم من مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا، فهوذا يترك بيتكم خرابا لأني أقول لكم إنكم لا ترونني من الآن حتي تقولوا تبارك الآتي باسم الرب«. هي جمعة حزينة لأنها اتصلت بأيام الآلام من قبلها تلك الأيام التي عرف السيد المسيح أنها ستكون، ورفض أن يقاومها بالدم: »حينئذ جاءوا ووضعوا أيديهم علي يسوع وأمسكوه وإذا بواحد ممن كان مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبداً لرئيس الكهنة فقطع أذنه حينئذ قال له يسوع: رد سيفك إلي موضعه فإن كل من يأخذ بالسيف فبالسيف يهلك«!!.. ثم تمضي مسيرة الآلام: ».. حينئذ مزق رئيس الكهنة ثيابه.. وحينئذ بصقوا في وجهه ولكموه وبعضهم لطمه قائلين تنبأ يا مسيح من هو الذي لطمك؟«.. ..ثم ».. وحينئذ أطلق لهم باراباس وجلد يسوع وسلمه ليصلب، فدخلت حينئذ جند الحاكم بيسوع إلي دار الحكم وجمعوا عليه سائر الجوق ونزعوا عنه لباسه وألبسوه رداء قرمزيا، وضفروا من الشوك إكليلا وجعلوه علي رأسه وفي يمينه قصبة وجثوا أمامه واستهزأوا به وقالوا السلام يا ملك اليهود وبصقوا عليه وأخذوا القصبة وضربوه بها علي رأسه وسخروا منه ثم نزعوا عنه الرداء وألبسوه لباسه وذهبوا به ليصلب«! وحدث ما حدث، ولكن ما كان لليهود أن ينجح كيدهم، فما بعد الآلام إلا القيامة.. أسبوع آلام.. وجلجلة.. وقيامة، وقمة في المحبة والتسامح وخدمة خلق الله بإطعام الفقراء وشفاء المرضي وإحياء الموتي.. »إنه السيد المسيح له المجد الذي جاء ليتمم الناموس وليبشر بالأمة المثمرة:«.. فقال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب أن الحجر الذي رذله البناؤون ذلك صار رأس الزاوية هذا كان من قبل الرب وهو في أعيننا عجيب، من أجل ذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تثمر ثماره، ومن يسقط علي هذا الحجر ينكسر ومن يسقط عليه هو يطحنه! إنه السيد المسيح له المجد الذي وضع أسمي المضامين لأرفع كلام في المحبة والتسامح والتواضع فهو القائل: ».. لكني أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلي من يبغضكم وباركوا علي من يلعنكم وادعوا لمن يعتدي عليكم ومن لطمك علي خدك فاعرض عليه الآخر ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك وكل من سألك فأعطه ومن أخذ مالك فلا تطالبه به وكما تريدون أن يفعل الناس بكم كذلك فافعلوا أنتم بهم أيضا فإنكم إن أحببتم من يحبكم فأي منة لكم فإن الخاطئين أيضا يحبون من يحبهم وإن أحسنتم إلي من يحسن إليكم فأي منه لكم فإن الخاطئين يفعلون كذلك أيضا..؟«، ويقول أيضا: »لماذا تنظر القذي الذي في عين أخيك ولا تبصر الخشبة التي في عينك، أو كيف تقدر أن تقول لأخيك دعني يا أخي أخرج القذي الذي في عينك ولا تبصر الخشبة التي في عينك أنت، أخرج أيها المنافق الخشبة أولا من عينك وحينئذ تنظر أن تخرج القذي الذي هو في عين أخيك لأنه ما من شجرة طيبة تثمر ثمرة رديئة ولا شجرة رديئة تثمر ثمرة طيبة لأن كل شجرة تعرف بثمرتها فالناس لا يجنون من الشوك تينا ولا يجنون من العوسج عنبا«!! ليتقدس اسم الله وليأتِ ملكوته في السماء كما في الأرض وليعطنا الله خبزنا كفافنا وليغفر لنا خطايانا لنغفر نحن للمسيئين ِإلينا وليحمنا الله من كل التجارب ومن الشيطان ليكون المجد والقوة لله. ملحوظة: العبارات بين الأقواس نقلتها نصًا من إنجيلي متي ولوقا طبعة لندن 1857 ميلادية.