ثورة 52 يناير أهم حدث في تاريخ مصر المعاصر.. لقد غمرتني الفرحة وأنا أتابعها علي مدي أكثر من اسبوعين.. شعرت ان الشباب الذي ظلمناه.. يعشق مصر.. ومستعدين لفعل أي شيء من أجلها.. ولكن..! ولكن ماذا؟ ما حدث بعد الثمانية عشر يوما.. أقلقني كثيرا.. المظاهرات الفئوية تفسد الثورة.. التعديلات الدستورية.. ترقيع.. و»عك في عك«.. مصر تستحق دستورا جديدا.. وقد حان الوقت لذلك.. أرفض النظام الرئاسي في المرحلة المقبلة.. لانه سيخلق لنا دكتاتورا جديدا؟ هذا ما صرحت به د.عائشة راتب وزيرة الشئون الاجتماعية والتأمينات السابقة.. حين ذهبنا لإجراء حوار مطول معها.. كلمات قليلة قالتها.. وصمتت مرغمة.. الآلام المبرحة التي تشعر بها في كل أنحاء جسدها.. جعلتها غير قادرة علي مواصلة الحوار.. د.عائشة.. انزلقت قدماها وارتطمت بالارض في منزلها مما أدي إلي كدمات شديدة بالجسد وشرخ بالكتف.. والأخبار تتمني للدكتورة عائشة راتب الشفاء العاجل ومواصلة العطاء. وللدكتورة عائشة راتب الكثير من المواقف الشجاعة والاسهامات الايجابية علي مدي أكثر من ستين عاما.. والتي تعكس حسا وطنيا عميقا.. وكانت من أبرز المعارضين للنظام السابق بكل سياساته وخصوصا سياسات الخصخصة وبيع أراضي الدولة بالملاليم.. علي حد قولها..! ومن أبرز مواقفها واسهاماتها الوطنية. اسهمت في عهد الرئيس الراحل السادات ضمن أعضاء اللجنة المركزية في مناقشات دستور 1791.. وكانت من أبرز المعارضين لاختصاصات رئيس الجمهورية.. ولم تخش مواجهة الرئيس الراحل السادات بذلك قائلة.. »لا يجوز ان يكون للرئيس كل هذه الاختصاصات..« فأعجب بها.. واعطي أوامره بتعيينها وزيرة للشئون الاجتماعية والتأمينات. وقفت ضد سياسة الانفتاح معلنة.. »ليس من العدل ان يدخن الوزراء السيجار ويعيشون في رغد.. والشعب يحتاج.. والزيادة السكانية أدت لارتفاع الأسعار.. لقد قلب قانون الانفتاح المجتمع وأحدث فجوة بين الأغنياء والفقراء..« كانت في الوزارة اثر أحداث 81، 91 يناير 7791.. ورفضت ان يقال عنها »انتفاضة الحرامية«.. وأعلنت هي.. بل »انتفاضة شرعية«.. تقدمت باستقالتها من الوزارة رافضة زيادة الأسعار حتي ولو كانت قرش صاغ. »مفيش فايدة فيك يا عائشة«.. قالها النبوي اسماعيل وزير الداخلية السابق حينما رفضت نتيجة الاستفتاء 9.99٪..! رفضت المضاربة بفلوس التأمينات قائلة: »هذه كارثة« وهو القرار الذي رفضته حين كانت وزيرة في السبعينيات من القرن الماضي.. أعلنت رفضها لنظام الخصخصة.. وبيع أراضي الدولة بالملاليم ورأت ان الخصخصة نتيجة لسياسة الانفتاح الاقتصادي التي حدثت في السبعينيات. د.عائشة راتب أول امرأة يتم تعيينها معيدة بكلية الحقوق.. وثاني امرأة ترأس وزارة الشئون الاجتماعية.. وأول سفيرة لمصر بالخارج »الدانمارك« ولكنها تسعد بكونها استاذة جامعية وأول استاذ للقانون الدولي ورأست قسم القانون الدولي بكلية الحقوق.. وتسعد بتلامذتها بعد ان اصبحوا من كبار المستشارين واساتذة القانون بمصر أكثر من سعادتها بكل الألقاب السابقة. وقد نالت د.عائشة راتب العديد من الجوائز وأهمها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 5991.