تطوير 27 محطة حكومية.. وخطة للوصول بالإنتاج إلي 77 % العام المقبل جاء إعلان وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن إعادة إحياء مشروع البتلو من أجل خفض أسعار اللحوم الحمراء في السوق، ليفتح الباب مجددا حول الثروة الحيوانية في مصر ومشاكلها وأسباب تراجعها والحلول المطروحة لمحاولة إعادتها إلي سابق عهدها.. ليست المرة الأولي التي يتم فيها الإعلان عن إحياء مشروع البتلو، حيث إن ذلك يحدث مع كل وزير زراعة بعد أيام من توليه مهام منصبه، وتمر الأيام ولا أحد يدري ماذا يحدث لهذا المشروع والذي ساعد في فترة ما علي وقف استيراد اللحوم بشكل كامل. ومؤخرا أعلنت وزارة الزراعة انخفاض نصيب الفرد من اللحوم الحمراء إلي 18 جراماً يومياً خلال العام الحالي، إلي ما يقرب من 7 كيلو جرامات في العام، وهو المعدل الأقل عالمياً، حيث يفترض أن تتراوح حصة الفرد من 24 إلي 25 جراماً يومياً، وأكدت الوزارة أن إجمالي الإنتاج يصل إلي 650 ألف طن سنوياً.. وأكد التقرير أن هذا التراجع يعود إلي انتشار الأمراض المعدية والوبائية بين الماشية مع عدم كفاية اللقاحات البيطرية، والاعتماد علي استيراد الأعلاف الأمر الذي رفع تكاليف الإنتاج، وعدم وجود حصر دقيق للثروة الحيوانية، وارتفاع أسعار مستلزمات التشخيص وإنتاج اللقاحات، مشيرًا إلي أن انخفاض دور قطاع الإنتاج الحيواني في زيادة نصيب الفرد من اللحوم الحمراء هو الذي دفع الدولة إلي تنفيذ خطط لإحياء مشروع البتلو لزيادة إنتاج اللحوم للسيطرة علي ارتفاع أسعار اللحوم. أكد عدد من الخبراء أن النهوض بالثروة الحيوانية يقتضي إيجاد خطة عمل محكمة قابلة للتنفيذ علي عدة سنوات مع تغير الوزراء علي أن تقوم بنود هذه الخطة بشكل أساسي علي توفير الأمصال واللقاحات لمكافحة الأمراض والأوبئة الحيوانية بالكميات التي تتناسب مع أعداد المربين التي عادة ما تصل إلي 5 أمراض أشهرها الحمي القلاعية والوادي المتصدع وتفاجئ وزارة الزراعة كل عام، بالإضافة إلي التوسع في تقديم القروض لصغار المربين والمنتجين للماشية والدواجن، وزيادة كميات الأعلاف المتوافرة محليا من خلال التوسع في زراعة الذرة الصفراء بدلا من الاستيراد، وكذلك حظر ذبح عجول البتلو وتسهيل الحصول علي قروض بنكية لتسمينها لتحقيق طفرة في المعروض من اللحوم. استراتيجية التنمية قالت د.مني محرز، نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والداجنة والثروة السمكية، إن تطوير الثروة الحيوانية جزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الزراعية 2030، للوصول بالإنتاج إلي نسبة 77% من الاستهلاك عام 2018 و93% عام 2030، مؤكدة أن معدلات نمو الثروة الحيوانية وصلت إلي 25% في بعض المحافظات، من خلال التوسع الرأسي الذي يعتمد علي الاهتمام بتحسين وجودة صحة وسلالة وغذاء الحيوان من خلال الأبحاث العلمية، بدلا من التوسع الأفقي الذي يحتاج لمساحات شاسعة من المراعي غير المتوفرة لدينا بسبب محدودية الرقعة الزراعية. وقالت إن هناك عدداً من الكيانات في قطاع الثروة الحيوانية تعرضت لهزات شديدة نتيجة الإصابة بالأمراض الوبائية خلال أعوام مضت، مما أبطأ من خطاها نحو تحقيق زيادة ملحوظة في الإنتاج، مشيرة إلي أن الظروف الاقتصادية المتلاحقة علي مستلزمات الإنتاج، أيضاً كانت لها أثر سلبي علي بعض الكيانات. وأشارت إلي أن تنمية قطاع الثروة الحيوانية من الأهداف الرئيسية للوزارة خلال الفترة المقبلة لذلك تم البدء في تأسيس الإنشاءات الخاصة بمشروع المليون رأس ماشية في النوبارية بمحافظة البحيرة، كما تم الاتفاق خلال زيارة وزير الزراعة الألماني للقاهرة مؤخرا علي الاستفادة من 3 سلالات ألمانية في مشروع المليون رأس ماشية، تتعايش مع المناخ المصري وتعمل علي زيادة الإنتاج من اللحوم والألبان، بالإضافة إلي أن أول مزرعة إنتاج حيواني في مشروع ال 1.5 مليون فدان ستكون بخبرة ألمانية. تطوير المحطات من جانبه قال د. عبد الكريم زيادة، رئيس قطاع الإنتاج بوزارة الزراعة، إن قطاع الإنتاج بالوزارة بدأ منذ فترة خطة شاملة لتطوير كافة محطات الإنتاج الحيواني التابعة له التي يصل عددها إلي 27 محطة علي مستوي الجمهورية، مشيرا إلي أن التطوير بسواعد العاملين في هذه المحطات وبأقل الإمكانيات حيث تم تجديد جميع المحطات والتي يصل عدد رءوس الماشية الموجودة بها إلي 10910 رءوس من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز باعتبارها مسئولة عن توفير اللحوم الحمراء طوال العام بمنافذ القطاع بأسعار مناسبة في ظل سياسة وزارة الزراعة لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وتوفير بيض المائدة لمشروع تغذية المدارس، فضلا عن توفير الأضاحي من العجول المسمنة والخراف وعرضها بمزارع القطاع خلال عيد الأضحي. وأضاف أنه تم إنشاء مظلات وأماكن للإيواء، ذلك لزيادة القدرة الاستيعابية، كما تمت الاستعانة بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني لوضع المقررات الغذائية لتغذية الحيوانات، بالإضافة إلي استخدام التقليح الاصطناعي في بعض محطات الإنتاج الحيواني، مشيرا إلي أنه تم توفير طلائق لتحسين السلالات من معهد بحوث الإنتاج الحيواني، كما تم إقامة محالب حديثة مع تطوير المحالب القديمة بالتعاون مع معهد بحوث الهندسة الزراعية وشراء وحدات حليب آلي ونصف آلي متنقلة، وحصر الأبقار والجاموس والنعاج الفرزة سواء إنتاجية أو تناسلية والعجلات الفرزة غير صالحة للتربية وتجميعها بمزارع القطاع المخصصة للتسمين للدفع الغذائي لها لبيعها عن طريق المزاد. استراتيجية 2030 فيما قال د.خالد توفيق، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة السابق بوزارة الزراعة، إن مشكلات قطاع الثروة الحيوانية في مصر تراكمت منذ سنوات طويلة وبالتالي لا يمكن حلها بشكل عشوائي، مشيرا إلي أن استرتيجية الوزارة 2030 تضمنت حلولاً عديدة لأزمات هذا القطاع وتم اعتمادها من قبل الوزير السابق وعرضت علي مجلس الوزراء وتم اعتمادها أيضا. وأضاف أن مشروع البتلو الذي أعلنت الوزارة مؤخرا عن إعادة إحيائه من شأنه أن يساهم في تشغيل أعداد من شباب الخريجين وصغار المربين، إلا أن مساهمته في سد الفجوة من اللحوم الحمراء لا تتعدي ال20 % في حالة عمله بأقصي طاقة ووصول عدد الرءوس التي تتم تربيتها إلي 750 ألف رأس سنويا، مشيرا إلي أن هناك خلطاً بين مشروعي تسمين الجاموس ومشروع البتلو، فكل منهما له مخصصاته وأهدافه، كما أن المشكلة الرئيسية في الإثنين هي توفير التغذية. وأشار إلي أن هناك ثلاثة حلول أساسية يمكن من خلالها زيادة معدلات الإنتاج الحيواني في مصر، أولها إنتاج الأعلاف محليا وهو ما يتحقق من خلال تفعيل قانون الزراعة التعاقدية الذي تم اعتماده من قبل الرئيس والحكومة، إلا أن هناك بعض القوي ليس من مصلحتها عدم اتخاذ هذه الخطوة ويأتي علي رأسهم مستوردو الذرة الصفراء وفول الصويا، حيث إن 70 % من تكاليف عملية الإنتاج الحيواني قائمة علي التغذية والتي يتم استيراد أغلب مكوناتها من الخارج وهي تخضع لبورصات عالمية وبالتالي تتقلب الأسعار وهو ما يؤدي إلي تغيير السعر بشكل دوري، وأشار إلي أنه مع انخفاض سعر الجنيه زادت أسعار مدخلات عملية الإنتاج. وأشار إلي أن تفعيل قانون الزراعة التعاقدية في هذا الحل يكون من خلال عقود ثلاثية الأطراف بين المزارع أو المربي الصغير واتحادات المنتجين وروابط المنتجين والتعاونيات والطرف الثالث هو الحكومة كي تلعب دور الحكم بين الطرفين السابقين، علي أن يتم وضع سعر استرشادي مجزٍ للمزارع ومجزٍ لاتحادات المربين والتعاونيات. وقال إن الحل الثاني هو تقليل حلقات التداول الوسيطة بين المزرعة والمستهلك النهائي، حيث إن المقارنة بين سعر المزرعة للمنتج الحيواني وسعر الوصول للمستهلك تؤكد وجود فارق كبير، وبالتالي يجب التوسع في منافذ البيع الخاصة بالوزارات بالتعاون مع شركات التسويق عن طريق الاتحادات المنتجة. وأوضح أن الحل الثالث هو تخصيص مساحات في مشروع المليون ونصف المليون فدان لزراعة مساحات أكبر من الذرة الصفراء وفول الصويا من أجل تقليل الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية وهو ما يؤدي إلي الاعتماد علي الزراعة المحلية وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج وهو ما سيؤدي بدوره في النهاية إلي تراجع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق. ضعف الإنتاج ومن جانبه قال محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إن أسعار اللحوم معرضة للارتفاع مجددا بسبب ضعف الإنتاج وقلة عدد رءوس الماشية التي تتم تربيتها داخليا، حيث إننا نلجأ إلي الاستيراد من أجل سد النقص في اللحوم الموجودة بالسوق المصرية، وبالتالي فإن رفع سعر كيلو اللحم يعتبر شيئاً خارجاً عن نطاق إرادة التجار، مشيرا إلي أن ارتفاع أسعار اللحوم أصبح من الأمور صعبة الحل، حيث إن التجار لا يمتلكون »عصا سحرية» لخفض أسعار اللحوم، وأضاف أنه قدم للمسئولين بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي علي مدار السنوات الماضية ومع اختلاف الوزراء والمسئولين عن قطاع الثروة الحيوانية عدداً من المذكرات يمكن من خلالها العمل علي زيادة إنتاج الثروة الحيوانية والتي ستؤدي فيما بعد إلي خفض أسعار اللحوم، إلا أن هذا الأمر يحتاج وقتاً ولن يحل بين ليلة وضحاها. وأضاف أن من لا يستطيع شراء اللحوم البلدية يمكنه شراء اللحوم المستوردة وهي موجودة بشكل كبير في الأسواق، مؤكدا أنه يجب علي وزارة الزراعة أن تقوم بدورها في توفير اللحوم البلدية بكميات أكبر من الموجودة الآن لأنه بدون ذلك لن يحدث أي جديد في سوق اللحوم، حيث إن سبب وصول سعر كيلو اللحم إلي أكثر من 90 جنيهاً، هو عدم وجود اهتمام بتنمية الثروة الحيوانية التي بدورها تؤثر علي عملية الإنتاج. وأضاف أن معدلات استهلاك مصر من اللحوم شهدت تراجعا خلال سنوات الماضية نتيجة الزيادة المضطردة في عدد السكان، والتي لم يقابلها نمو مواز في الثروة الحيوانية يحافظ علي مستوي نصيب الفرد، فضلا عن ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن ارتفاع تكاليف أعلاف الماشية ومن بينها الذرة الصفراء والفول الصويا والردة عملت علي تراجع الثروة الحيوانية، خاصة أن تكلفة الإنتاج تفوق العائد من تربية وتسمين الحيوان، فضلا عن محدودية الرقعة الزراعية التي لا تكفي لسد احتياجاته الزراعية. وأكد وهبة استمرار عمليات تهريب العجول من مصر إلي ليبيا وغزة، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة علي توافر رءوس الماشية الحية في الأسواق مما يؤثر في الأسعار، كما أن تصدير العجول إلي بعض الدول منها السعودية وقطر وإيطاليا ودول أخري يؤثر بصورة كبيرة علي توافر الثروة الحيوانية في السوق المصري، لأن العجول المصدرة »بلدي» وليست تربية مزارع - أي مستوردة وتمت تربيتها بمصر - وكذلك تصدير عجول الجاموس.