لا اعتقد أن المطالبة بتدريس اللغة الهيروغليفية لتلاميذ المدارس مسألة تحتاج لتأويل أو تفتيش في نوايا من يطالبون بذلك لمعرفة ان كانوا من محبي الوطن أو اعدائه، ولا اعتقد ايضا أنها تحتاج لعشرين سنة من الطناش وعدم الرد بالقرار الايجابي القائم علي دراسة الفوائد التي من الممكن ان تعود علي التلاميذ والمجتمع من وراء ذلك ، فمن العيب والتقصير أن يسود الجهل بين احفاد المصريين بمباديء اللغة المنقوشة علي جدران المعابد والمقابر والبرديات التي تركها الاجداد للأحفاد والانسانية عامة، من العيب ان تدرس هذه اللغة للأجانب في شتي انحاء العالم بينما احفاد المصريين يجهلون كتابة اسمائهم علي اقل تقدير بتلك اللغة التي تؤدي معرفتها، مجرد المعرفة، إلي استنارة العقل ، والاعتزاز بالنفس، والقدرة علي فهم عظمة الاجداد، وتقدير التاريخ وكنوز الاثار التي تبهر العالم اجمع وتلفت انتباهه ولكنها لا تجد لدي العامة نفس الانتباه ونفس الاهتمام لأنهم يجهلون قراءة ما تحمله من لغة ومفردات. قد يقول قائل »هي ناقصة مواد اضافية حتي نثقل علي كاهل الطلاب«، وقد يفسر من يتمتعون بضيق الافق أن هذه المطالبة تحمل غرضا خبيثا يهدف لتجذير الروح المصرية الفرعونية التي تحمل في طياتها هدفا اخبث بالانسلاخ من العروبة والعوربة والامة المترامية من المحيط إلي الخليج، وربما نسمع ما هو أكثر من هذا لدي صناع نظرية المؤامرة، وكل هذا امر غير صحيح ولا نظن أو نعتقد أن يكون لدي أي احد ادني شكوك بأن د. زاهي حواس الامين العام للمجلس الاعلي للآثار من الخونة والعملاء، أو ممن يتآمرون علي الامة عندما طالب مجلس الشعب بتعليم الهيروغليفية بالمدارس بحيث يتمكن كل طالب من كتابة اسمه بحروفها، علي أن تكون دروسها جزءاً من مادة التاريخ المقررة علي الطلاب بالسنوات الأولي من الدراسة ثم يتم تكثيفها لهم بالمرحلة الثانوية، وقد اوضح د. حواس ان الحضارة المصرية القديمة تتمتع بزخم ثقافي يجعل من الواجب علي القائمين علي التعليم بمصر نقلها إلي الأجيال الصغيرة في أفضل صورة ممكنة، لم يطالب د. حواس بذلك شفاهة لأنه أكد أنه بدأ المطالبة بذلك من خلال إرسال خطابات رسمية لكبار المسئولين الحكوميين منذ 20 سنة ولم يتلق اي رد حتي الآن. لهذا عندما يعيد د. زاهي حواس تكرار الطلب للدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم بخطاب رسمي، فأتمني ألا يهمل هذا الامر، أو نتخوف منه، أو يسمع الوزير لأصحاب التأويل، وعتاة نظريات المؤامرة والظن والتخمين ، تذكروا ان ما يطالب به د. حواس يهدف إلي تعميق الانتماء منذ الصغر من ابناء مصر لحضارة اجدادهم، وتنمية الاهتمام بالاثار للحفاظ عليها من العبث واعتبارها ثروة موروثة عن الأجداد القدماء لا تُقدَّر بمال. إلي روح اخي الحبيب بدر الدين أدهم.. رفيق رحلة المعاناة في أرض النفاق.. سامحني لأن إرادتي لم تقو علي رؤية البدر الذي انطفأ شعاعه وهو يصارع وحش المرض الكاسر، سلام لك ونعم ما نلته من خلاص.. سلام لك إلي يوم اللقاء الحتمي المنتظر.