كتبت أمس الأول عن عودة الإطلالة القوية للفكر السلفي، ممثلة في فتاوي، وآراء، وإجراءات، يتسابق بعض شيوخ هذا الفكر علي إصدارها والمطالبة بتطبيقها. أحدهم رفع دعوي قضائية ضد د. يحيي الجمل علي تصريحات نسبت إليه! والثاني سمعناه يصف الاستفتاء ب »غزوة الصناديق« وأضاف:» البلد بلدنا.. ومن لا يعجبه يهاجر إلي كندا أو أمريكا«! وثالث طالب بإلغاء السجون تخلصاً من أعبائها المالية واقترح تطبيق »الحد« علي اللصوص والمنحرفين والقتلة. وآخرون في قنا قاموا بتنفيذ »الحد« علي مواطن مسيحي وقطعوا أذنه، وأحرقوا سيارته وشقته! وأسعدني أن الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أدان ما حدث، وصرح بأن »مسألة قطع الأذن والاعتداء علي المواطنين بهذه الصورة جريمة بكل المقاييس«. وقال الدكتورأحمد كريمة أستاذ الشريعة بالأزهر »لو صح ما قيل فهذا برهان علي فوضي ضاربة في المجتمع، وهذا هو المنتظر من تطور التيار السلفي الدعوي إلي سلفي جهادي إرهابي«. وتعليقاً علي ما كتبت تلقيت رداً من القارئة السيدة/ أميرة محمد.. هذا نصه: [.. إبراهيم سعده [اطلعت علي مقالتك »إطلالة قوية للسلفيين« أمس الأول وحقيقة تعجبت كثيراً وأرجو أن تعذرني في ذلك. أولاً من تأييدك لكلام الدكتور يحيي الجمل حول فتاوي أصحاب الفكر السلفي وأنها »ليست من الإسلام في شيء«. و القول بأن هذا ليس جديداً وسبق لملايين المسلمين الإجماع عليه! إن السلفي هو من يتبع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح. أظن أنه لا خلاف علي اتباع الكتاب والسنة. يقول الله تعالي:» وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً«. ما قضي الله ورسوله مثبت بالقرآن والسنة الصحيحة فوجب اتباعهما ومن الثابت أنهما مصدرا التشريع وقسما الوحي لكل مسلم.. ولا خلاف علي ذلك. كيف وصل إلينا الكتاب، وكيف وصلت إلينا السنة بصحيحها وضعيفها؟ من خلال الصحابة ثم التابعين وتابعي التابعين من بينهم الأئمة الأربعة أصحاب المدارس الفقهية التي لا نزال نتبعها حتي اليوم. فتوي الشيخ الفاضل والخاصة بقطع يد السارق والالتزام بما أسميته أحكام السلف، وهي في الواقع أحكام إلهية ثابتة لا يجوز مخالفتها من الأساس. في سورة المائدة تقول الآية 38 : »والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم«. وفي سورة النور تقول الآية2:»الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين«. والأدلة كثيرة يا أستاذ إبراهيم. و أدلة وجوب إتباع أوامر ونواهي الله ورسوله صلي الله عليه وسلم في الكتاب والسنة الصحيحة أكثر]. واختتمت الأستاذة أميرة محمد القاهرة ردها قائلة: [لا أعلم ديناً علي الأرض تسقط شريعته بالتقادم وبدعوي أننا صرنا في القرن الحادي والعشرين فمبلغ علمي أن الله عالم الغيب والشهادة لم يحدد مدة لهذا التشريع وأن رسالة النبي هي الخاتمة والمشهود بصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهذا أمر بديهي لأن المشرّع هو الله سبحانه وتعالي وهو أعلم بما يصلح البشر دون غيره، ولا يحتاج شرعه المؤكد إلي تنقيح وتعديل والعياذ بالله استناداً إلي حقوق وضعية للإنسان، فالله عز وجل بنص القرآن لا يظلم أحداً بل نحن من نظلم أنفسنا وغيرنا. بقي أن أقول إن باب الاجتهاد مفتوح في كل ما لم يرد فيه نص من أجل التعايش مع مستجدات كل عصر، ولكن هذا شيء وما تكلمت حضرتك عنه من إسقاط شريعة ثابتة غير محددة المدة شيء آخر تماماً. أعتذر للإطالة وأرجو أن تلقي رسالتي اهتماماً«. أميرة محمد القاهرة