هو الفوز الأعلي والأغلي في التاريخ، بعد مباراة استمرت 18 يوما متصلة، بين نظام وصل إلي أعلي درجات الفساد والظلم وكبت الحريات، وبين شباب واعد متحمس نقي انضم إليه جموع الشعب المصري. انتصر شباب 25 يناير علي نظام »عجوز« في مواجهة غير متكافئة، بعدما امتلك فريق »ميدان التحرير« ثقافة الفوز، والإصرار علي المكسب، واللياقة البدنية العالية.. بدون وجبات فراخ! في المقابل جاء أداء »مبارك وفريقه« مرتبكا متخبطا بطيئا في تحركاته وقراراته. في مباراة الشعب ضد الرئيس السابق..انتصرت مصر08 مليون/صفر! ألم نقل إنه الفوز الأعلي والأغلي في التاريخ! الكابتن هادي خشبة نجم مصر السابق، ومنسق كرة القدم بالنادي الأهلي؛ أحد المشاركين في ثورة 25 يناير، يرصد "التفسير الكروي للثورة"، ويحدد أسباب نجاحها من منظور كرة القدم. في البداية، كيف تري الثورة المصرية باعتبارك أحد المشاركين فيها؟ المصريون قاموا بثورة عظيمة ، اتسمت بالنواحي السلمية، شارك فيها كل أطياف المجتمع، حيث بدأها الشباب ثم احتضنهم كل الشعب المصري، وكان إسقاط النظام السابق »هدف« الجميع، في كل محافظات مصر، وليس في ميدان التحرير فقط، وقد حدثت الثورة نتيجة تراكمات سنوات طويلة من التضييق علي الحريات وانتشار البطالة وتدني الخدمات الصحية والتعليمية، فضلا عن الخلل السياسي الرهيب الذي بلغ ذروته في انتخابات 2010 وحملات التشويه المنظمة علي كل الأصوات المعارضة من إخوان وأحزاب وكفاية وحركات احتجاج شبابية وخلافه. بلغة كرة القدم.. في رأيك، ما أسباب فوز فريق الثوار بميدان التحرير علي فريق النظام السابق؟ ذهبت إلي ميدان التحرير أكثر من مرة ولفت نظري أن الناس علي قلب رجل واحد، من كل الأعمار والانتماءات، واختفت فيما بينهم الخلافات والنزاعات، والكل تنازل عن مصلحته الشخصية، وظهر بينهم »روح الفريق« وأكثر ما لفت انتباهي أن كل من كانوا في الميدان كانوا »مبسوطين« جدا، تجدهم يهتفون، ويغنون، ويضحكون، روحهم المعنوية عالية، لديهم إصرار عجيب علي تحقيق المطلب الأساسي الذي خرجوا من أجله وهو »الشعب يريد إسقاط النظام« كذلك »لياقتهم البدنية« مرتفعة للغاية، لا يتعبون ولا يكلون ولا يملون. في المقابل كان فريق الخصم في أضعف حالاته النفسية والبدنية والذهنية، تفكيره متأخر وقراراته بطيئة وأداءه عشوائي متخبط، كما أعتقد أن الدعاية المضادة التي حدثت من التليفزيون الرسمي لوأد الثورة، وكذلك الخطابات الرئاسية المتأخرة للغاية ساهمت أيضا في النتيجة التي توصلنا إليها، وكانت كمن يحرز أهدافا في مرماه، أي أن »فوز« فريق التحرير جاء لقوة الصف الداخلي، وضعف الخصم في آن واحد! أما عن »الجمهور« إن جاز التعبير فقد عبروا عن مشاعرهم خلال يومي 10 و11 فبراير، فبعدما أصابهم من اكتئاب وغضب شديدين يوم تفويض السلطات لنائب رئيس الجمهورية السابق، بقدر ما كانت فرحتهم عظيمة وكبيرة يوم »جمعة التنحي« وهو ما ظهر في مسيراتهم الاحتفالية وهتافاتهم السعيدة الصاخبة. لاقي تفاعل نجومك الكرة مع الثورة استياء الكثيرين، خاصة في ظل تأييد أسماء بارزة للنظام السابق، ما ردك؟ نجوم الكرة منقسمون إلي ثلاث مجموعات الأولي شاركت بقوة وفعالية في الثورة من أمثال نادر السيد وسيد عبدالحفيظ ووائل رياض وغيرهم، والمجموعة الثانية كانت لهم وجهة نظر معارضة للثورة ومناهضة للمتظاهرين ومؤيدة لنظام مبارك، وهؤلاء ألتمس لهم العذر لأن الصورة لم تكن واضحة لهم علي حقيقتها، أما الأغلبية العظمي من الرياضيين لم يشاركوا بالسلب أو الإيجاب وظلوا لفترة منغلقين علي أنفسهم حتي يفهموا ما يجري حولهم، وأحب أن أكشف أن معظم هؤلاء النجوم تلقوا طلبات من الإعلام الرسمي للظهور علي التليفزيون المصري لتأييد نظام مبارك لكنهم رفضوا، وقد يكون ذلك »أضعف الإيمان«. ومن النجوم من أرادوا النزول إلي الميدان لكنهم لم يستطيعوا، وأخص بالذكر النجم محمد أبو تريكة الذي نزل إلي ميدان التحرير بالفعل في جمعة التنحي، لكن لدواع أمنية طلبت منه قوات الجيش مغادرة الميدان بعد تجمع أعداد غفيرة من المتظاهرين حوله. ما رأيك في »قوائم العار« التي أطلقها البعض ضد النجوم الذين هاجموا الثورة؟ فكرة قوائم العار مرفوضة تماما، بل تتناقض مع مباديء ثورة 25 يناير، وتقسيم الرياضيين بين مؤيدين للثورة ومعارضين لها، ثم مؤيدين للتعديلات الدستورية أو رافضين للتعديلات، كل ذلك ليس مطلوبا ولا مفيدا، فنحن في مرحلة إعادة البناء.. ولا مانع من قيام البعض بمراجعات وإعادة تقييم لمواقفهم.. فنحن كنا في مرحلة »فتنة كبيرة« ولا نريد أن نقيم محاكم تفتيش للنوايا. بمناسبة التعديلات الدستورية.. كنت أحد الذين أعلنوا موافقتهم عليها.. لماذا؟ أعلنت موافقتي علي التعديلات الدستورية رغم أنني كنت أرحب بأي قرار توافق عليه الأغلبية، أنني أري أن الأولوية في المرحلة الحرجة الحالية لإقامة مؤسسات الدولة، واستعادة الاستقرار، وتجنب الفراغ السياسي والدستوري، خاصة أن التصويت ب »نعم« كان يضمن أيضا إعداد دستور جديد، وعدم العمل بدستور 1971 المعيب، وأعتقد أنه آن الأوان أن نترك أي جدل حول التعديلات بعدما قالت الأغلبية كلمتها، والالتفاف حول مصلحة الوطن. ألا يزال يطاردك الاتهام بالانتماء للإخوان المسلمين؟ أنا أحترم جماعة الإخوان المسلمين جدا.. وأقدر تضحياتها خلال السنوات السابقة، خاصة في ظل ما تعرضوا له علي يد النظام السابق من محاكمات عسكرية ظالمة، واعتقالات مستمرة، ومصادرة لأموالهم وشركاتهم، كما أنهم أظهروا أداء وطنيا راقيا للغاية في ثورة 25 يناير، وأصبح من المعلوم للجميع أن شباب الإخوان ساهموا بقوة في الدفاع عن ميدان التحرير في موقعة الجمل الدامية.. كل ذلك أضعه في اعتباري عند تقييم موقف الجماعة، إلا أنني أشدد علي أنني أفضل أن يكون انتمائي للوطن. شهدت الفترة الماضية إقبالا كبيرا من نجوم الكرة علي الترشح للبرلمان خاصة علي قائمة الحزب الوطني، هل تعتقد أن تلك التجربة ستستمر في الانتخابات المقبلة؟ البعض كان يريد تحقيق مصلحة شخصية من وراء الحصول علي مقعد مجلس الشعب، وكان فريق ثان يهدف إلي »الشو الإعلامي« والحفاظ علي الشهرة والنجومية، والقلة كانت تعمل علي خدمة الناس والعمل علي مصلحة البلد، لكن الفترة القادمة لا تتحمل إلا أن يتقدم للترشح للبرلمان إلا الصنف الأخير وخدمة البلد بدون أي مصالح شخصية أو شهرة زائفة. وبالنسبة لهادي خشبة.. هل سنجده مرشحا للبرلمان القادم أم تفضل العمل المدني؟ لم أتخذ قرارا في هذا الشأن، ولم أفكر فيه، لكنني أعتقد أنني أفضل العمل الأهلي من خلال جمعيات العمل المدني التطوعي.. ونحن الآن بصدد تأسيس »الجمعية الرياضية لتنمية المجتمع- هدف« بالمشاركة مع العديد من نجوم كرة القدم في مصر مثل محمد أبوتريكة وأحمد حسن ومحمد رمضان وربيع ياسين وحازم إمام، وغيرهم، وسيكون الغرض من جمعية »هدف« دعم الفقراء والأسر البسيطة والمحتاجين وتحسين مستوي معيشتهم من خلال نشر الرياضة مدعومة بالأخلاق القويمة والاهتمام بالصحة العامة والحفاظ علي الجانب الجسماني للشباب، ومن الجهات المتعاونة معنا من أجل هذا الهدف جمعيات صناع الحياة مع الدكتور عمرو خالد.