كتب الدكتور عبد المنعم فؤاد الأحد 10 يوليو الماضي مقالا في هذه الصفحة بعنوان (عصفور والأزهر والقرآن) حول تصريحات نسبت للدكتور جابر عصفور يطالب فيها الأزهر بحذف آيات الجهاد من المناهج الدراسية حتي لا تكون سبباً في استقطاب التنظيمات الارهابية، وأن الأزهر لا يصح ان يعتبر نفسه سلطة دينية يسلط سيفه علي رقاب المواطنين خاصة المعارضين له. أولاً: ان التعريض بالدكتور جابر عصفور كناقد ومفكر كبير والاستهزاء بلقبه حين يقول عنه (لا يحق لأي عصفور أو نسر أو حتي غراب يبحث في الارض ان يتفوه بهذا) أمر لا يليق أن يصدر عن أستاذ يدرس العقيدة والفلسفة في الأزهر الشريف الذي يحرص علي القيم والاخلاق الحميدة التي بعث الله بها نبينا الكريم ليتمم مكارم الأخلاق، كذلك استخدامه لكلمات تعتبر سبا وقذفا وتحريضاً كاتهامه بالتدليس والمتاجرة باسم العقل واخفاء حقيقته ومذهبه ومنهجه أمر غير مقبول، ثم معايرته له بأنه غير متخصص في علوم الدين، وكأن علوم الدين حكر علي سيادته، ونسي أن بدوياً متواضعاً وأميا علمنا كيف يثبت وجود الخالق بتفكيره البسيط في بعيرته، وأن نبينا الكريم دعا كلاً منا أن يستفتي قلبه، لان ديننا دين الفطرة التي فطرنا الله عليها وليس دين المسترزقين بآيات الله ثمناً قليلاً والذين يتعيشون علي نصوص من سبقوهم دون أن يعملوا فكرهم أو يستفتوا قلوبهم، بل ويصادرون عقول الناس ولا يعطون لهم فرصة للتفكير دون وصاية عليهم. ثانيا: أثار المقال قضيتين أولاهما الدعوة لحذف آيات الجهاد من المقررات الدراسية وهذا أمر لا غبار عليه لأنه ليس حذفاً من القرآن حاشالله، بل حذف من المناهج التي لا تتناسب وظروف المجتمع والأخطار التي تحيط بوطننا وهذا شيء طبيعي ان تختار آيات وفق مناسباتها ولا نختار غيرها، بل ان آيات القرآن نفسها نزلت وفق مناسبات وأسباب نزولها، ولنتذكر ان الأزهر نفسه هو من كان يمارس مثل هذا الاختيار أو هذا الحذف، وذلك عندما كنا نحارب ونقاتل من يعتدون علينا كان مشايخ الأزهر في جميع المساجد يختارون آيات الجهاد وحينما تنتهي الحرب يستبدلونها بآيات المهادنة والجنوح للسلم. كذلك الحال في المقررات الدراسية ففي المراحل الاولي ندرس للتلاميذ ما يتناسب من آيات البر والاحسان والخلق القويم ولا ندرس لهم قضايا الميراث والنكاح والطلاق، كما نحتار لهم قصص الانبياء والصالحين ولا ندرس لهم قصة يوسف وأمرأة العزيز أو قوم لوط. يا سيدي الدكتور حنانيك ... نحن كما تري وتسمع نعاني من نار الارهاب الذي يحاصرنا، بل انه يعيش تحت جلودنا وداخل بيوتنا من اقربائنا وجيراننا المعتنقين لفكر الجماعات الارهابية الذين يمكن أن تفاجأ بأحدهم يفجر نفسه ليقتلنا باسم الجهاد خصوصا وأن أفكارهم تكفرنا وتتهمنا بالجاهلية مسترشدين في ذلك بأيات الغزو والجهاز التي لا يفهم مقصدها أبناؤنا الطلاب الذين يعتقدون أن هذه الجماعات تنفذ آيات الله التي تدعو لقتل الكفرة اعداء الدين، وفقا للآية التي تستخدمها جماعة الإخوان كشعار في رايتهم الخضراء حيث يرسمون المصحف الشريف بين سيفين وتحتها كلمة (وأعدوا) اشارة الي آية (وأعدوا لهم ما استطعتهم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) فإذا قلت لهؤلاء الطلاب أن هذا كان ضد كفار مكة والمشركين ولم يعد هناك ما يبرر ذلك، قال المغرضون منهم والمغرر بهم حتي وأن لم يكن هناك كفار ومشركون، فهناك الشق الأخير من الآية التي تقول (وعدوكم) أي عدو الإخوان، ونحن في ظنهم أعداؤهم وبالتالي يطبقون علينا العمليات الارهابية التي يقومون بها بدعوي ان الارهاب مذكور في هذه الآية. وهذا بالفعل ما نفذه طلاب الأزهر المغرر بهم حين احرقوا مبني جامعة الأزهر ومدينته الجامعية وأهانوا اساتذته وعمداءه وشيخه الاكبر. ثالثا: اما عن القول بأن الأزهر ليس سلطة دينية أو كهنوتية فهو حقا ليس كذلك كما قال شيخه وأمامنا الجليل محمد عبده، وليس للأزهر من الأمر الا التذكرة وفقا للآية الكريمة (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) بل ان الأزهر كان يربأ بنفسه طوال تاريخه عن الادعاء بأنه سلطة او سيف مصلت علي أحد، وكان يفخر بكونه معهد علم تنطبق عليه قوانين المعاهد والجامعات العلمية العريقة، الأمر الذي جعله دائماً منارة للعلوم الانسانية والحضارية، اما ما قد يحدث فيه من تجاوزات بعض رجاله فمن حقنا ان نقومهم بالفكر فليسوا هم افضل من أبي بكر رضي الله عنه الذي طلب من عامة البسطاء وليس العلماء ان تقومه إذا أخطأ أو تجاوز. بهذا نحفظ للأزهر دوره العلمي العلمي في البحث والاجتهاد وتجديد الخطاب الديني في مواجهة المغرضين الذين يريدون تجميد فكره داخل النصوص والحواشي والمتون. إن الأزهر حتي الآن لم يكفر الدواعش والارهابيين الذين يسفكون دماءنا عيانا بياناً فكيف بربك يا دكتور تجرؤ أن تقول في ختام مقالك ان الأزهر لم يكن سيفا مصلطا الا علي رقاب المرجفين باسم التنوير أو التزوير؟ يا سبحان الله..الأزهر لا يكفرالقتلة من الإخوان والارهابيين.. وأنت وبالفم المليان تحض الأزهر علي قطع رقاب المفكرين المسالمين.. أهذا تجديد للخطاب الديني الذي يطالبنا به رئيس الجمهورية.. أم خطاب التكفير؟