في الآونة الأخيرة تعالت الصيحات المنادية بتطوير منظومة التعليم بالدولة المصرية الحديثة وتصحيح المسار لأن التعليم ببساطة هو الأساس في تقدم الأمم. وكان علي رأس المنادين بهذا التطوير السيد رئيس الجمهورية. ونظرا لأنني كنت المسئول المباشر عن منظومة قطاع التعليم بوزارة التعليم العالي قرابة العامين وفي أصعب أيام الدولة المصرية فقد رأيت عن قرب كل ماينهش في جسد منظومة التعليم المصرية ووجدت أن الواجب الوطني يلزمني أن أطرح مشاكل التعليم ماقبل الجامعي والتعليم العالي والتعليم الفني والأسلوب الأمثل لعلاجه والذي يمكن أن يستغرق من عامين إلي ثلاثة أعوام من العمل الجاد والدؤوب. وتبدأ أهم ملامح مشاكل التعليم بالدولة المصرية أن كلا من وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والوزارات التي يتبعها التعليم الفني وهي كثيرة تعمل في جزر منعزلة، ويظهر هذا جليا في مشاكل الثانوية العامة ومشاكل التعليم الفني. يليها التشريعات المختلفة الحاكمة للتعليم بأنواعه المختلفة والتي مضي عليها أكثر من خمسين عاما. يلي ذلك من مشاكل غياب العمل المؤسسي في تلك الوزارات المكتظة بالموظفين والإداريين غير المختصين بشئون التعليم وتعتمد هذه الوزارات في عملها علي الوزير وعدد كبير من المستشارين والذين ينقضي عملهم مع تغيير الوزير. أما لو تحدثنا عن مشاكل كل وزارة علي حدة فهي كثيرة للغاية. ففي وزارة التربية والتعليم نجد مشاكل عديدة أبرزها الثانوية العامة بشهاداتها المختلفة والتي لم أر في حياتي ولم أر في أي دولة في العالم هذا الكم الهائل من الشهادات التي يتم الحصول عليها والالتحاق بها في الجامعات سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة. وإذا تطرقنا إلي مشاكل وزارة التعليم العالي فلن تختلف كثيرا عن مشاكل التربية والتعليم. ففي التعليم العالي هناك مشاكل جسام تواجه الجامعات الحكومية وعلي رأسها الكتاب الجامعي وعدم تجويد التعليم فيه وعدم تطوير نظم الدراسة والمقررات الدراسية ، فماكنت أدرسه منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما عندما كنت طالبا جامعيا مازال مستمرا في وقتنا الحاضر ، ثم تأتي مشاكل التعليم الخاص وهو بكل المقاييس يحتاج إلي وقفة وجرأة في اتخاذ قرارات جادة وحازمة من مسئولين ليس لهم هوي سوي مصالح الوطن. ففي الفترة من عام 2005 إلي عام 2012 تم إنشاء عدد كبير جدا من المؤسسات التعليمية الخاصة دون متابعة لتجويد العملية التعليمية فيها ودون رقابة حقيقية من وزارة التعليم العالي لدرجة أن عدد أعضاء هيئة التدريس في بعض من تلك المؤسسات لايتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ولكن لاينكر جاحد دور هذه المؤسسات الخاصة في حل مشاكل التعليم في مصر. أما التعليم الفني فحدث ولاحرج. تبدأ أولي مشاكل التعليم الفني أنه لاتوجد جهة وحيدة مسئوله عنه. وللأسف يأتي كل وزير ويكون التصريح الأول له فور توليه المهمة هو أن التعليم الفني هو قاطرة التنمية وسيكون اهتمامي الأول والأخير بالتعليم الفني ثم يخرج من الوزرارة دون زيارة واحدة لأي من مؤسسات التعليم الفني التابعة له ودون أن يعرف أماكنها ودون أن يعرف مشاكلها. لذلك يبدأ الحل بتجميع كل ماله علاقة بالتعليم من قريب أو من بعيد في بوتقة واحدة وأقترح أن تكون وزارة التعليم ويكون وزير للتعليم نائبا لرئيس مجلس الوزراء لشئون التعليم ويلزم أن يتوافر فيه عدة سمات أهمها الشخصية القوية وأن يكون له رؤية والأهم أن يكون مجردا من الأهواء الشخصية ولايضع نصب عينيه سوي مصالح الدولة المصرية ويكون ملزما بوضع برنامج زمني واضح لحل تلك الأزمات. ويعمل تحت مظلة وزير التعليم المقترح ( 4 ) وزراء أو وزراء دولة الأول للتعليم ماقبل الجامعي (التربية والتعليم حاليا) والثاني للتعليم الجامعي (التعليم العالي حاليا) والثالث للتعليم الفني والرابع للبحث العلمي ويكون وزير التعليم هو المسئول عن التنسيق المباشر بين الوزارات الأربعة ووضع استراتيجية محددة في تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي في الوزارات الأربعة كمرحلة انتقالية تستغرق مابين عامين أو ثلاثة أعوام. وحتي نكون مثلما العالم المتحضر وفرض سياسة العمل المؤسسي أري عدم السماح علي الإطلاق بوجود مايسمي بالمستشارين ويستبدل بهم نواب وزراء وليكن أربعة نواب لكل وزير كل منهم في فرع محدد من فروع كل وزارة. ويكون جميعهم من أساتذة الجامعات المتخصصين ويتم تعيينهم من رئيس الجمهورية أو من رئيس مجلس الوزراء.