رسول الله يا منظومة المثل.. حباك الله ما لم يَحْبُ إنسانا من الأخلاق.. حتي صرت أخلاقا مجسمة رسول الله في رجل. حماك الله من شرك الهوي كما تصير نموذج الإنسان في أعلي ذري الإنسان معصوما من الزلل. كيف تصبح.. كيف تمسي.. كيف ترضي.. كيف تغضب.. كيف ترقد.. كيف تمشي.. كيف تأكل.. كيف تشرب.. كيف تفرح.. كيف تحزن.. كيف تمنح.. كيف تمنع.. هكذا راحت يد التاريخ تكتب دونما كلل. كأن بدفتر التاريخ عدسة آلة التصوير.. أشرطة المسجل.. صرت فينا يا رسول الله حيا.. كلما احتجنا إليك.. تطل نورا نستعين به علي الظلمات.. حضنا نستدير إليه في الأزمات نبعا نرتوي منه.. طبيبا نستجير به من العلل. ولم يحدث رسول الله أنك غبت عنا ذات حادثةٍ.. فحكمك في جميع أمورنا فصل.. وقولك حاضر أبدا.. وفعلك بيننا جاري.. ورأيك غير مرتجل. هو القرآن مرجعه.. كلام الله.. قانون الهدي.. دستورنا الأزلي. رسول الله.. أنت القمة الشماء.. نسعي من سفوح قصورنا البشري.. نرجو زهرها المغروس بين الحلم والأمل. عظيم أن يكون المرء أقرب ما يكون إليك: صدقا.. واحتراما للعهود.. أمانة.. حلما.. وإيثارا.. ندي.. شجاعة في القول والعمل. عظيم أن يكون المرء أقرب ما يكون إليك: نبلا.. والتزاما بالسجايا.. موقنا بالحق.. والعدل المنزه عن نزوع النفس والأهواء.. عن عصبية الأعراق.. عن تركيبة الطبقات والنحل. عظيم أن يكون المرء جنديا بجيش يهزم الطاغوت.. يفتح ملك كسري في ضمير الكبر.. يفتح قصر قيصر في فؤاد التيه والتأليه.. جنديا بجيش رسولنا البطل. عظيم أن يكون المرء أقرب ما يكون إليك.. مقتديا بسنتك الحميدة سيدي يا خاتم الرسل. رسول الله يا ترنيمة الصبر.. ويا تسليمة لله بالأمر.. بلوت الحزن أحداثا مكدسة.. وأقدارا مكرسة.. وأنت بأول العمر. فمات أبوك »عبدالله« والعينان ما اكتحلت برؤياه.. وحضنك لم تدفئه حناياه.. وماتت عنك »آمنة« وشمسك بعد مازالت تعالج غبشة الفجر. فهل من بعد فقد الأم للطفل الذي يحسو الأسي في اليتم من بشر. ومات الجد حتي صرت في الأيتام درتهم.. وصار اليتم موقوفا علي الدرِّ. بلوت مرارة الآلام غض الغصن.. ثم بلوتها شابا بعام الحزن.. ثم دعوت ربك.. تشتكي ضعفا.. وقلة حيلة.. وهوان أمر يا حبيب القلب رحت لرحمة الرحمن تشكو وطأة القهر. وممن؟!.. من جموع الناس.. جئت لهم.. أجل.. بخلاصهم من قبضة الظلمات بالأمل المضئ.. بأصدق الكلمات.. بالفعل الجرئ.. بكامل الخير.. فهل هذا جزاؤك يا حبيب القلب أن ترتد مكروبا.. جريح الروح.. ثم تقولها الله مطعونا من الإنسان في الظهر وقلبك نازف: إن لم يكن بك سيدي غضب عليّ فلا أبالي.. حينذاك حبيب رب الناس تبرأ من جراح الناس.. تشفي من أساك.. ومن هواك سيدي حاشاك.. يا من قدره علم علي القدر. فديتك يا حبيب القلب من شاك.. ومن باكٍ.. فديتك يا رسول الله من إحساسك المر. فديتك.. كل أيامي أصف شموسها شمعا علي شباكك المغسول مثل الزهر بالعطر. وفيما بين روضتك الشريفة.. أسفح العبرات أنهارا.. وبين رخامة القبر. رسول الله.. يا عمراً من الصدق. علي قدمين.. دب الصدق فوق الأرض.. فيما بين عام الفيل.. والعام الذي ودعت فيه حجيج بيت الله مرضيَّ الضمير.. وقد أتم الله نعمته علي الخلق. علي قدمين دب الصدق فوق الأرض معتمدا علي ساقي رسول الله.. جوابا دروب الناس والأسواق.. مشتملا ببردته.. مشيرا إن أشار بكفه.. ومحدثا بلسانه النبوي عن شرف المحبة. عن صوفيةالعشق. ووحي الله يقطر سوسنا وقرنفلا وبنفسجا في صدره.. فيمجه مثل الشذي والعطر والعبق.. من الحلق.. فلا نطقت شفاهك عن هوي أبدا رسول الله أو حادت عن الحق. وفدت عليهم والأمر مختلف عليه.. فقيل هذا الصادق القرشي يحكم بيننا.. فبسطت ثوبك.. وانحنيت عليه بالحجر الكريم.. وقلت هذا حملكم.. ووضعته بيديك موضعه.. فكنت الصدق مدعوا.. وكنت الرأي يسطع في دجنة الاحتيار كومضة البرق. صدقت.. صدقت في خبر السماء.. يقولها »الصديق« حين يواصل اللاغون لغوهمُ.. وأنت تصف بيت المسجد الأقصي أمام عيونهم.. عمدا وأبوابا.. وناصية وأجنابا.. وتأخذ عيرهم في الوصف بالسبق. رسول الله.. يا قلبا تطهر من هوي الدنيا.. وزيف الأمنيات.. الصدق في شريانه خفق مع الخفق. وصدقك يا رسول الله سيف ناطق بالحق يطلب نصله الماضي »مسيلمة« الكذوب.. وكل حنجرة يطل الكذب من أوتارها وشما علي العنق. رسول الله.. جئت بصدقك النبوي تنقذ عالما مستعبدا في كذبه يصبو إلي العتق. نريدك يا رسول الله.. نرجو وجهك النبوي في شغف وفي لهف.. وفي شوق وفي توق. لزمنا الكذب أحقابا.. تخذنا الكذب ألقابا.. صحبناه علي الطرقات.. ثم به تسللنا إلي الحجرات.. ثم إلي طوايا النفس.. حتي صار مثل الريق سيالا علي الشدق. نغالبه ويغلبنا.. ويكسب كل معركة مع النطق. نريدك يا رسول الله تأخذنا من الكذب الذي قد صار فينا سيدي جزءا من الأجزاء في إنساننا الغربي.. أو عضوا من الأعضاء في إنساننا الشرقي.