كنت قد سارعت باصدار تصريح عاجل مني شخصيا أعلن فيه انني ابحث الأمر بنفسي شخصيا وسوف اتخذ ما أراه متوافقا مع القانون لتصحيح أي خطأ قانوني أو سياسي يكون قد وقع لو كنت وزيرا للداخلية لتصرفت وتصرف معي رجال الشرطة بطريقة مختلفة في الكثير من المواقف التي تستوجب دورا تقوم به الشرطة، أو تكون فيه الشرطة طرفا، وآخر هذه المواقف ذلك الموقف الخاص بإلقاء القبض علي الزميلين الشابين عمرو منصور بدر رئيس تحرير بوابة يناير ومحمود السقا الطالب والمتدرب في تلك البوابة من داخل مبني النقابة تنفيذا لطلب من النيابة بضبطهما وإحضارهما. وحتي لا يتسرع أحد ويفهمني خطأ فإنني أبادر وأقول إنني مع تطبيق القانون علي الجميع بلا استثناء، ولا اعتبر أي أحد سواء كان صحفيا أو غير صحفي علي رأسه ريشة تصوغ استثناءه من تطبيق القانون عليه.. أيضا لا ألوم الشرطة إذا قامت بتنفيذ قرارات النيابة تجاه أي إنسان اصدرت النيابة قرارا بضبطه وإحضاره.. كذلك أنا مع احترام أي قانون قائم حتي ولو كنت أرفضه واعترض عليه، فأي قانون يتعين تطبيقه حتي يتم تغييره وطريق تغيير القوانين معروف وهو طريق السلطة التشريعية التي تملك وحدها تغيير أي قانون قائم. ولكنني أتحدث هنا عن أسلوب تطبيق القانون مع علمي بأن القانون لا يمنح أي مبني سواء كان مبني لنقابة أو لمؤسسة سيادية حصانة خاصة تعفيها من تطبيق القانون أو تحول دون دخول رجال الشرطة إليها لتنفيذ القانون أو تحديدا لتنفيذ قرار ضبط وإحضار صادر من النيابة بحق أي مواطن أو مواطنة. لو كنت وزيرا للداخلية لوجهت رجال الشرطة الذين أقودهم للتصرف بطريقة مختلفة في هذا الموقف أو هذه الواقعة.. كنت طلبت منهم فور علمهم بوجود الزميلين في مبني نقابة الصحفيين قبلها بيوم أن يبادروا أولا بالاتصال المباشر أو التليفوني بنقيب الصحفيين أو سكرتير عام النقابة ويمنع أيضا بكل اعضاء مجلس النقابة إن أمكن، وابلاغهم أن الشرطة لديها علم بوجود زميلين تطلب النيابة ضبطهما واحضارهما، وأنهم يمنحون إدارة النقابة فرصة من الوقت «ساعة أو بضع ساعات»، أما لاقناع الزميلين بتسليم نفسيهما أو أن رجال الشرطة سوف يضطرون لدخول المبني لتنفيذ طلب النيابة بالضبط والاحضار. هنا كانت الشرطة قد وضعت إدارة النقابة أمام مسئوليتها بخصوص تطبيق القانون والامتثال لتنفيذ طلب صادر للنيابة.. فإذا تحملت إدارة النقابة هذه المسئولية واقنعت الزميلين بتسليم نفسيهما سوف يعفي ذلك الداخلية ووزيرها من كل ردود الأفعال الغاضبة في الوسط الصحفي، والقابلة للاستثمار من كل الذين لا يروق لهم استعادة الشرطة دورها لتحقيق الأمن في المجتمع.. أما إذا تقاعست إدارة النقابة عن أداء مسئوليتها ولم تفعل شيئا أو حتي ماطلت ثم دخل رجال الشرطة لتنفيذ أمر النيابة بالضبط والاحضار الخاص بالزميلين كانت الداخلية ووزيرها سيتجنبان الكثير من اللوم الذي تعرضت له منذ مساء أمس الأول، والذي وصل إلي حد مطالبة الوزير بالاستقالة أو مطالبة الرئيس باقالته. وهنا لا أجد عذرا في سلوك مثل هذا التصرف من قبل الداخلية ووزيرها، بدعوي أن إدارة النقابة تعرف منذ وقت بأن الزميلين المطلوب القاء القبض عليهما موجودان داخل مبني النقابة منذ الليلة السابقة، ولم تفعل شيئا اللهم سوي اتصالات.. كما قال النقيب- مع بعض الجهات السيادية وعدد من نقباء النقابات المهنية الاخري.. فحتي لو كانت الداخلية متأكدة بأن إدارة النقابة وأعضاء مجلس ونقيبا علي علم بوجود الزميلين بداخل مبني النقابة، فقد كان الأوفق إبلاغ إدارة النقابة مسبقا بقدوم رجال الشرطة لتنفيذ أمر الضبط والاحضار، ليس لأن القانون يلزمها بذلك، ولكن لان ذلك كان سيجعلها في موقف أقوي ويجنبها الكثير من ردود الأفعال الغاضبة. وحتي بعد أن تم ما تم فلو كنت مكان وزير الداخلية لتصرفت أيضا بطريقة مختلفة. كنت قد سارعت باصدار تصريح عاجل مني شخصيا أعلن فيه انني ابحث الأمر بنفسي شخصيا وسوف اتخذ ما أراه متوافقا مع القانون لتصحيح أي خطأ قانوني أو سياسي يكون قد وقع.. وايضا كنت أمرت بإعادة النظر في ذلك البيان الذي اصدرته وزارة الداخلية متأخرا مساء أول أمس وبعد انتظار غير مبرر أو مفهوم لبعض الوقت.. فهو بيان يغيب عنه التوفيق سواء في المضمون أو الصياغة ولا يسهم في احتواء غضب وإنما يزيد هذا الغضب أو يمنح فرصة لمن يريدون استثمار هذا الغضب لتحقيق مآرب سياسية خاصة لا علاقة لها بإعادة بناء دولتنا العصرية والديمقراطية الحديثة، أو لتنفيذ أجندات ومخططات أجنبية هدفها اجهاض عملية بناء هذه الدولة العصرية والديمقراطية الحديثة. باختصار.. لو كنت وزيرا للداخلية لاتخذت منهجا مختلفا أو أسلوب مغايرا وأنا أؤدي عملي أنا وكل مؤسسة الشرطة وكل رجالها.. منهجا يعلي الاعتبارات السياسية والظروف المجتمعية بما لا يعطل أو يمنع تطبيق القانون علي الجميع، وإنما تطبيق القانون بالطريقة المقبولة مجتمعيا والتي تتفادي ردود الأفعال السلبية.. وأسلوبا يضع في اعتباره أن المجتمع كله شريك مع الشرطة في تطبيق القانون، والالتزام به.. المجتمع بكل مؤسساته.. وهذا المنهج المختلف وهذا الأسلوب المغاير سوف يضمن لمؤسسة الشرطة رضاء مجتمعيا عليها وعلي ما تقوم به وهي تنفذ القانون وتحمي الأمن وتواجه الجريمة، خاصة الجريمة الإرهابية. أقول ذلك وأنا للعلم لم يكن من طموحاتي يوما أن أكون وزيرا، ناهيك أن أكون وزيرا للداخلية تحديدا.. وأقصي حلم لي كان هو أن أكون صحفيا منحازا لجموع الشعب، ومدافعا عن كل القيم الطيبة.. قيم الحق والخير والجمال والعدل